“جيولوجية القطيف”
الماء والتربة
المسار الاقتصادي
يبدأ المسار الاقتصادي بوجود 1- المواد الخام الأولية ، يليها 2- عملية الإنتاج ، ثم 3- التجارة وأخيراً وليس آخراً 4- الاستهلاك. ولكل إنسان ومجتمع على وجه الأرض دور يساهم به في بناء اقتصاديات العالم. ويجب على كل واحد منا أن يفهم دوره ووظائفه في محاور الاقتصاد العالمية. وإذا لم يكن الأمر كذلك ، فنحن نساهم في فشل بناء نظام اقتصادي ننتفع به. ومن أهم المواد الخام الطبيعية الرئيسية التي كانت متوفرة في القطيف لدعم الاقتصاد على مر السنين الماء والتربة. ويكفينا ما قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في أهمية الزراعة: ” من وجد ماء وترابا ثم افتقر فأبعده الله ” (1).
يمكننا القول أن المواد الخام الرئيسية التي كانت متوفرة في القطيف لدعم الاقتصاد في ذلك الوقت هي: كميات وفيرة من المياه العذبة – أرض خصبة – الأسماك والمأكولات البحرية – اللؤلؤ – حجارة البحر – النخيل ومنتجاته من ثمر وجدوع وسعف – الرمل – بالإضافة إلى المزارعين المتمرسين في الزراعة والقوى العاملة الماهرة.
فلا غنى عن الماء للوجود البشري، فبالإضافة لكونه المصدر الرئيسي للترطيب وإبقاء الكائن الحي على قيد الحياة فهو ضروري لزراعة الطعام والاستحمام والتصنيع وخلق الطاقة ، من بين أشياء أخرى لا حصر لها. في الوقت نفسه ، تعد المياه موردًا محدودًا في جميع أنحاء العالم وأصبحت ثمينة بشكل متزايد. على مر السنين بقيت القطيف محبيه ومحظوظة وذات اهمية اقتصادية رفيعة المستوى وعالية المكانة وعظيمة الشأن بسبب وفرة الماء بشكل قل أن تجد له نظير في المناطق الصحراوية مما جعل منها واحة غناء على ضفاف ساحل الخليج العربي متشابهة في هذه المكانة مع شقيقتيها الأحساء والبحرين. ومع بزوغ فجر النفط انحسر هذا الفيض من نعمة الماء وتدنت جودته المناسبة للاستخدام البشري في هذه المنطقة من البلاد، وذلك لعدة اسباب تعرض لها الباحثون.
أهمية المياه للإقتصاد العالمي
تختلف الأنشطة التي يتم استخدام المياه من أجلها من بلد إلى آخر ، وخاصة فيما بين الدول المتقدمة إلى الدول النامية.(2).
في حالة الزراعة ، تميل الدول النامية إلى استخدام نسبة مئوية من المياه للري أعلى من الدول المتقدمة. أحد الأسباب وراء هذا الاتجاه هو أن الزراعة في الدول المتقدمة تستخدم تقنية أكثر دقة عندما يتعلق الأمر بالري الزراعي. على سبيل المثال ، تستخدم الهند والصين أكثر من 80٪ من استهلاك كل منهما للمياه في الزراعة ، بينما تستخدم كل من فرنسا والمملكة المتحدة أقل من 20٪ لكل منهما. العامل الآخر الذي قد يفسر هذه النسب المئوية هو أنه في البلدان النامية ، قد تكون المراكز الحضرية الميسورة الحال والمزارعون المؤسسون هم الوحيدون الذين لديهم وصول موثوق إلى شبكة المياه.
الصناعة الثانية التي تستخدم معظم المياه في جميع أنحاء العالم هي قطاعي الصناعة والطاقة. في البلدان ذات البنى التحتية المتطورة لمعالجة الطاقة ، تتطلب الطاقة من مصادر مثل الفحم والنووي والغاز والنفط كميات كبيرة من المياه لتعمل على النحو الأمثل. وغني عن الذكر أن مشاريع الطاقة المائية مثل السدود والتوربينات النهرية تستخدم موارد المياه العذبة أيضًا. ففي المناطق المتقدمة مثل أوروبا وأمريكا الشمالية ، يتم استخدام المياه في الغالب للطاقة والتصنيع والاستهلاك المحلي. وفي الوقت نفسه ، في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا ، يتم استخدام أكثر من 50 ٪ من المياه العذبة المتاحة في الأغذية والزراعة.
يجري تطوير تقنيات جديدة ، مثل تحلية المياه ، من أجل مواجهة الطلب العالمي المتزايد على المياه العذبة. ومع ذلك ، فإن معظم هذه التقنيات لا تزال باهظة الثمن أو غير فعالة. في نهاية المطاف ، تظل الحقيقة أن الإدارة الفعالة والسليمة للمياه ستكون تحديًا رئيسيًا خلال القرن الحادي والعشرين.
جيولوجية القطيف ومصادر المياه
تقع القطيف المدينة الساحلية المطلة على الخليج العربي في الطرف الشرقي للرصيف الرسوبي لشبه الجزيرة العربية. وتتكون الطبقات السطحية والقريبة من السطح في منطقة القطيف من رسوبيات فتاتية وجيرية ومتبخرات منذ عصر الايوسين قبل 50 مليون سنة وحتى البليستوسين قبل حوالي 11 الف سنة حيث انتهى فيه آخر عصر جليدي.
الموارد المائية الطبيعية بالقطيف
كانت القطيف وتوأمها الاحساء من اهم واحات الجزيرة العربية على الخليج العربي. وكانتا تعتمدان على المياه الجوفية في جميع احتياجاتها اليوميه من شرب وغسيل للانسان والحيوان وري الاراضي الزراعية. وقد كان هذا الوضع مستمر منذ فجر التاريخ حيث سكن الانسان القطيفي هذه المنطقة وبنى حضارته معتمداً على آبار القطيف ومياهها الجوفية.
مع اكتشاف النفط في المنطقة وتزايد عدد السكان في المنطقة الشرقية وما جاورها جغرافياً زاد حفر آبار المياه واستهلاكه بشكل مطرد مما ادى إلى إنخفاض شديد في مستوى المياه الجوفية وزيادة ملوحتها وجفاف كثير من العيون و الآبار التي كان يستخدمها القطيفي سابقاً. فحجم الاستهلاك السنوي للمياه يفوق مئات أو آلاف المرات حجم التغذية الطبيعية بواسطة مياه الامطار في الزمن الحالي. و لسد حاجات السكان من المياه أنشأت الدولة محطات لتحلية مياه البحر وتوصيلها عبر شبكات انابيب المياه إلى معظم المناطق السكانية.
مكامن المياه الجوفية في القطيف
تكمن المياه الجوفية في منطقة القطيف في عدة طبقات صخرية تنحدر بميل من الغرب إلى الشرق حيث تنكشف هذه الطبقات في منطقة الرياض ويتم تغذيتها من سقوط الامطار في تلك المناطق وتختفي تحت السطح في منطقة القطيف والاحساء لتكون خزانات طبيعية للمياه الجوفية. وقد تنكشف بعض هذه الطبقات فوق السطح كما في مرتفعات أو جبال الظهران.
وصنفت هذه الطبقات من الأعلى (الاقرب من سطح الارض) إلى الاسفل (الاكثر عمقاً و بعداً عن سطح الارض) كالتالي:
- الدام وهو متكون صخري من الحجر الجيري وتعد هذه الطبقة مصدر رئيسي للمياه الجوفية في المنطقة.
- الهدروك (هدروخ). توجد به طبقة من الحجر الرملي وهي مخزن جيد للمياه الجوفية القليلة الملوحة.
- العلات وهو عضو صخرية من متكون الدمام. يتكون العلات من الحجر الجيري الدلوميتي وهو مصدر اخر للمياه الجوفية في المنظقة.
- الخبر وهو عضو صخري من حجر الدولميت، وهو مصدر اخر للمياه الجوفية في المنطقة.
- أم الرضومة وهي اقدم واعمق خزان للمياه الجوفية في المنطقة وتتكون من الحجر الجيري مع بعض طبقات الملح، لذا فمياه هذه الطبقة مالحة وغير صالحة للشرب.
خصوبة التربة
- خصوبة التربة هي قدرة التربة على الحفاظ على نمو النبات ، من خلال توفير المغذيات النباتية الأساسية والخصائص الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية الملائمة كعوامل لنمو النبات.
- يمكن أن تؤدي الإدارة غير الملائمة لخصوبة التربة إلى مخاطر معاكسة من حيث انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتلوث التربة والمجاري المائية.
- تساهم التربة الخصبة في الأمن الغذائي ، وتحقيق غلات جيدة للمزارعين والتنمية الاقتصادية للبلدان.
- التربة الخصبة قادرة على إنتاج غذاء صحي يحتوي على جميع العناصر الغذائية الضرورية لصحة الإنسان (3).
تربة القطيف الزراعية
تتكون تربة القطيف ذات الاصل الرسوبي من خليط من فتات الصخور:
- الفتاتية مثل الرمل والطين.
- الجيرية ذات الاصل البحري المختلط ببقاية الكائنات البحرية.
وتعد تربة القطيف ذات جودة منخفضة مقارنة بالترب السلتيىة او تربة الدلتا.
لكن الفلاح القطيفي بحنكته تمكن من تخصيب تربته بمواد عضوية طبيعية مثل روث البهائم والاسماك الصغيرة وفضلات الاسماك الاخرى.
المراجع:
- بحار الأنوار – الجزء 103 ، الطبعة الثالثة المصححة – 1403هـ ، مروي عن الإمام الصادق عن أبيه (عليهما السلام).
- لمزيد من الإطلاع حول أهمية المياه للاقتصاد العالمي ، راجع هذا الرابط:(https://farmfolio.net/articles/importance-water-global-economy/)
- لمزيد من المعلومات حول خصوبة التربة، راجع هذا الرابط: http://www.fao.org/global-soil-partnership/areas-of-work/soil-fertility/en/
أحسنتم أبا حسن . فعلا المياه ضرورية لدفع عجلة الاقتصاد وخصوصا الإنتاج الزراعي .
من استراتيجيات المدن ان تحتفظ بمواردها الطبيعيه لاستدامة اقتصادها وبالتالي مكانتها بين المدن الاخرى ولكل ميزته ولاتذوب في خضم التمدن بل تحافظ على هويتها كمنطقه ذات امكانيات لها صفة الاستدامه عبر التاريخ ونقل هذا كله عبر الاجيال بحيث لا تتغير استراتيجية تلك المنطقه وندعوا الله ان يكون للمخلصين عونا وسندا ليحافظوا على ماتبقى. ويسلم اخينا العزيز ابو حسن على الالتفاته الجميله ومايتحفنا به دائما