How cells ‘eat’ their own fluid components
(Tokyo Institute of Technology – بواسطة: معهد طوكيو للتكنولوجيا)
ملخص المقالة:
الالتهام الذاتي هو عملية خلوية أساسية تلتقط وتحلل بها الخلايا مكوناتها المختلة وظيفيًا أو غير الضرورية من أجل إعادة تدويرها، وتلعب دورا رئيسيا في صحة الانسان. ونال الالتهام الذاتي اهتمام علماء الاحياء الخلوية ومنح أحدهم (البروفيسور يوشينوري اوهسومي) جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب لعام 2016 على عمله في الكشف عن هذه العملية. وقد كشفت الأبحاث الحديثة أن للقطرات المنفصلة مجموعة من الوظائف المهمة في الخلايا. كما كشف التعاون الدولي بين الباحثين الألمان والنرويجيين واليابانيين عن الآليات التي تقوم عليها كل من كيفية التقاط هذه القطرات من خلال الالتهام الذاتي، وكذلك كيف يمكن للقطرات أن تعمل كمنصة تنشأ منها الهياكل التي تسهل الالتهام الذاتي الخلوي. وقد نُشرت نتائج الفريق الدولي في عدد 21 يناير 2021 من نشرة “الطبيعة” (Nature) .
ويوفر عمل الباحثين الدوليين منظورًا جديدًا تمامًا في فهم آلية الالتهام الذاتي، بالإضافة إلى دور القطرات والمبادئ الفيزيائية مثل الترطيب في الخلايا. ويضع هذا الفهم الأساس لمجموعة من الدراسات الجديدة حول آثار القوى الفيزيائية في بيولوجيا الخلية، بالإضافة إلى توفير أدلة جديدة من شأنها أن تساعد في فهم كيفية مشاركة الالتهام الذاتي في الأمراض التي لا يمكن علاجها بسهولة، مثل الأمراض التنكسية العصبية (الخرف والشلل الرعاشي، الخ) والسرطان.
(المقالة)
الالتهام الذاتي هو عملية خلوية أساسية تلتقط وتحلل بها الخلايا مكوناتها المختلة وظيفيًا أو غير الضرورية من أجل إعادة تدويرها. وقد كشفت الأبحاث الحديثة أن القطرات (droplets) المنفصلة طورًا، لها مجموعة من الوظائف المهمة في الخلايا. وكشف التعاون الدولي بين الباحثين الألمان والنرويجيين واليابانيين عن الآليات التي تقوم عليها كل من كيفية التقاط هذه القطرات من خلال الالتهام الذاتي، وكذلك كيف يمكن للقطرات أن تعمل كمنصة تنشأ منها الهياكل التي تسهل الالتهام الذاتي الخلوي.
عالَمَان يلتقيان
اجتذب الالتهام الذاتي، وهو مسار تحلل خلوي حرج يلعب دورًا رئيسيًا في صحة الإنسان، انتباه علماء الأحياء الخلوية لعقود، وبلغت ذروتها في منح جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب لعام 2016 إلى أستاذ معهد طوكيو للتكنولوجيا (طوكيو تك) المعين خصيصًا البروفيسور يوشينوري اوهسومي (Yoshinori Ohsumi) في عام 2016 لعمله في الكشف عن آليات هذه العملية. وفي الآونة الأخيرة، لوحظ أن الالتهام الذاتي يؤدي الى تحلل قطرات السائل التي تتشكل عن طريق فصل الطور والتي تم تعريفها كمكونات هيكلية مهمة للخلايا في بحث سريع التقدم. لكن كيف يحدث هذا “الأكل” لقطرات السائل، غير معروف.
ودفع هذا السؤال البسيط والمهم الدكتور رولاند كنور في جامعة طوكيو إلى تجميع فريق دولي من الباحثين من جوتنجن (ألمانيا) وأوسلو (النرويج) وطوكيو (اليابان) ، بما في ذلك الدكتور ألكسندر آي ماي من معهد البحث الابتكاري في توكيو تك، وشرعت هذه المجموعة في فهم العملية البيولوجية لعزل قطرات البلعمة الذاتية، واكتشاف أن آلية فيزيائية معقدة تكمن وراء العلاقة بين الالتهام الذاتي والقطرات. وتمثل نتائجهم، التي نُشرت في عدد هذا الأسبوع (21 يناير) من نشرة “الطبيعة” (Nature) ، تقدمًا كبيرًا في فهمنا لكيفية التقاط الالتهام الذاتي للمواد الخلوية وكيف تتحلل القطرات في الخلايا. وتعد هذه النتائج بإبلاغ الدراسات العلاجية التي تستهدف الالتهام الذاتي والتراكم غير الطبيعي لمواد القطرات التي لوحظت في الأمراض التنكسية العصبية وغيرها من الأمراض.
قضمة واحدة في كل مرة
في الخطوة الأولى من الالتهام الذاتي، ينمو غشاء العزل، وهو هيكل وظيفي رئيسي للالتهام الذاتي يتكون من غشاء دهني مزدوج الطبقات على شكل كرة تنس مسطحة إلى حد ما، وينحني ليشكل شكلًا يشبه الكأس، ويشكل في النهاية الهيكل الكروي المعروف باسم البلعمة الذاتية (Autophagosomes) التي تلتقط العصارة الخلوية والمواد الخلوية الأخرى مثل القطرات، وعزل هذه البضائع من بقية العصارة الخلوية، وبعد ذلك يتم تقسيم البضائع وأجزائها البنائية المعاد تدويرها من قبل الخلية. وركز الباحثون على عزل القطرات، والتي وجدوا أنه يمكن فهمها من حيث المبادئ الفيزيائية الأساسية والبسيطة بشكل مدهش.
وتكون القطرات كروية بسبب تأثير التوتر السطحي الذي يعمل على تقليل مساحة سطح القطرة. ويتم تعريف مدى قوة القطرة في مقاومة التشوهات من الشكل الكروي من خلال التوتر السطحي للقطرة، والتي تعكس قيمتها مدى قوة تنافر القطرة والعصارة الخلوية المحيطة بها. وبشكل حاسم، يمكن للأغشية الدهنية أن تستقر عند السطح البيني بين القطرة والسوائل الخلوية، وهي ظاهرة تُعرف بالترطيب. ويعتمد الترطيب على مدى قوة الغشاء في تفضيل التفاعل مع القطرة والعصارة الخلوية، بالإضافة إلى التوتر السطحي للقطرة.
وقد طور الباحثون نموذجًا نظريًا يفسر هذه القوى الفيزيائية لشرح كيفية تفاعل أغشية الالتهام الذاتي مع القطرات والتقاطها. ووجدوا أن شكل زوج غشاء عزل القطرة يخضع لمنافسة بين مقاومة القطرة للتشوه وميل غشاء العزل للانحناء. ويشرح الدكتور ماي كيف تحدد القوى الفيزيائية نتيجة تفاعلات غشاء عزل القطرات: “خلال المرحلة الأولية من الالتهام الذاتي، تكون أغشية العزل على القطرات صغيرة، مما يعني أنها لا تمتلك سوى ميل ضعيف للانحناء. ولكن مع نمو منطقة الغشاء، تصبح هذه الأغشية أكثر عرضة للانحناء – تزداد طاقة الانحناء. يحدد التوتر السطحي للقطرة مقاومتها للتشوه، وإذا كان التوتر السطحي منخفضًا بدرجة كافية، فيمكن الوصول إلى نقطة حرجة حيث تتغلب طاقة الانحناء للعزلة على توتر سطح القطرة. وفي هذه الحالة، يتم “قضم” قطعة من القطرة والتقاطها داخل البلعمة الذاتية. وإذا لم يتم الوصول إلى هذه النقطة الحرجة مطلقًا و “فاز” التوتر السطحي للقطرة بهذه المنافسة بالتغلب على طاقة ثني الغشاء، فإن العزل يجعل الغشاء يستمر في النمو على طول سطح القطرة، وفي النهاية يبتلع القطرة بأكملها. وبالتالي يمكن اعتبار الالتهام الذاتي للقطرة نوعًا من لعبة شد الحبل بين التوتر السطحي للقطرة وطاقة الانحناء لغشاء العزل”.
ومع توقع النموذج بهذه المقايضة بين الالتهام الذاتي “الجزئي” و “الكامل”، شرع الفريق في تأكيد هذه النتائج في الخلايا الحية. واستخدم الباحثون مزيجًا متطورًا من التألق والفحص المجهري الإلكتروني لمتابعة أجزاء القطرات التي تثري بروتينًا يسمى بي62 (p62) أو اس كيو اس تي ام 1 (SQSTM1). وكما هو متوقع من خلال نمذجة ظروف توتر القطرات السطحي المنخفض، فإن توطين أغشية العزل الصغيرة على سطح القطرة تُبِع بـ “قضم” قطعة من القطرة. لكن الفريق احتاج إلى تطوير وسيلة مبتكرة للتحكم في التوتر السطحي للقطرة لتأكيد تأثير خصائص القطرات على العزل.
الالتهام الذاتي عند الطلب
لمعالجة هذا السؤال، ابتكر الباحثون نظامًا تجريبيًا تخليقيًا ضئيلًا يزيل تعقيد البيئة داخل الخلايا. وباستخدام هذا النهج، لاحظوا التجميع الذاتي للهياكل العازلة الشبيهة بالغشاء من الأغشية الموجودة مسبقًا على سطح القطرات ذات التوتر السطحي العالي. وسمحت الطبيعة القابلة للضبط لهذا الترتيب التجريبي للباحثين لتقليل توتر سطح القطرة، وبالنتيجة اختبار تأثير هذا في التقاط القطرة. وكما تنبأ النموذج، لاحظوا أن أغشية العزل المفلطحة تتحول عبر شكل يشبه الكوب الوسيط إلى بنية شبيهة بالبلعوم الذاتي، وبالتالي تأخذ قضمة من القطرة. وتؤكد هذه النتائج معًا صحة النموذج وتوضح أن الترطيب هو الآلية الفيزيائية التي تحكم تكوين البلعمة الذاتية عند القطرات.
وتشير هذه النتائج إلى أن علماء الأحياء لا يزالون يستكشفون فقط قمة جبل الجليد عندما يتعلق الأمر بأهمية فصل الطور في الالتهام الذاتي. ويثير الاهتمام والفضول، ودراسة أخرى، نشرت في نشرة “الطبيعة” في العام الماضي التي شارك في تأليفها الدكتور اوهسومي والدكتور كنور والدكتور ماي، أظهرت أن موقع جسيم بلعمي ذاتي التشكيل في خلايا الخميرة هو في الواقع قطرات السوائل التي لم يتم التقاطها أبدًا. وذكر الدكتور كنور: “لقد كنت منبهرًا جدًا لاكتشاف القطرات على أنها بنية أساسية جديدة للبلعمة الذاتية. الآن، أردنا أن نفهم الآلية الكامنة وراء ملاحظتنا أن بعض أنواع القطرات تتحلل بفعل البلعمة الذاتية، مثل بي62 ، لكن البعض الآخر ليس كذلك، بما في ذلك موقع تكوين البلعمة الذاتية”.
تبديل الأشياء
تفترض المنافسة البسيطة بين ثني غشاء العزل والتوتر السطحي للقطرات الموصوفة أعلاه أن خصائص غشاء العزل لا تتغير عندما يلتصق بسطح القطرة. هذا غير محتمل لأن كل جانب من غشاء العزل يرطب سائلين مختلفين للغاية أثناء البلعمة الذاتية للقطرات: القطرة أو العصارة الخلوية. وتوسع الفريق في نموذجهم لحساب ذلك، ووجدوا أن عدم التناسق الجوهري المشتق من الترطيب لأغشية العزل يحدد اتجاه الانحناء، وبالتالي المواد الملتقطة للتحلل: إما القطرة عبر المسار الجزئي، أو العصارة الخلوية من خلال نمو الغشاء العازل بعيدًا عن القطرة. والنتيجة هي أن التركيبة الخاصة من أغشية العزل وخصائص القطرات وحالة العصارة الخلوية تتحد لتحديد القطرة كهدف للالتهام الذاتي أو – على نحو غير متوقع – كمنصة تمكن البلعمة الذاتية للعصارة الخلوية المحيطة.
ولاختبار ذلك، قام الباحثون بتعديل البروتين بي62 ليفتقر إلى عنصر محدد معروف بتفاعله مع البروتينات في غشاء العزل، وبالتالي إضعاف ارتباط غشاء العزل بالقطرة. وكان لهذا التلاعب تأثير جذري: بينما لوحظ في البداية أن أغشية العزل تنمو على طول قطرات بي62 في خلايا من النوع البري (غير معدل) ، فإنها تنحرف بدلاً من ذلك لالتقاط العصارة الخلوية، تاركة القطرة سليمة تمامًا. ولذلك فإن التغييرات الصغيرة في خصائص القطرات لها آثار حاسمة على طريقة الالتهام الذاتي في الخلايا الحية، وتحديد ضميمة القطرات الجزئية أو الكاملة، وحتى التقاط المواد العصارية الخلوية.
ويوفر توضيح الأساس المنطقي المادي الأساسي الذي يمكّن هذا التبديل منظورًا جديدًا تمامًا في فهمنا لآلية الالتهام الذاتي، بالإضافة إلى دور القطرات والمبادئ الفيزيائية مثل الترطيب في الخلايا. ويضع هذا الفهم الأساس لمجموعة من الدراسات الجديدة حول آثار القوى الفيزيائية في بيولوجيا الخلية، بالإضافة إلى توفير أدلة جديدة من شأنها أن تساعد في فهم كيفية مشاركة الالتهام الذاتي في الأمراض التي لا يمكن علاجها بسهولة، مثل الأمراض التنكسية العصبية [١] والسرطان.
المصدر:
https://phys.org/news/2021-01-cells-fluid-components.html
More information: Jaime Agudo-Canalejo et al, Wetting regulates autophagy of phase-separated compartments and the cytosol, Nature (2021). DOI: 10.1038/s41586-020-2992-3
لمزيد من المعلومات: جيمي أغودو-كاناليجو وآخرون، Wetting regulates autophagy of phase-separated compartments and the cytosol, Nature (2021). DOI: 10.1038/s41586-020-2992-3
الهوامش:
[١] مرض الزهايمر وأمراض الخرف الأخرى، داء باركنسون والاضطرابات المتعلقة بالداء، داء بريون، أمراض العصبة الحركية، مرض هونتيغتون، رَنَحٌ نُخاعِيٌّ مُخَيخِيُّ المَنْشَأ، وضمور العضل النخاعي. المصدر: https://www.neurodegenerationresearch.eu/ar/what