الشاطئ و”الكرنيش” من أكثر الأماكن التي يرتادها الناس جاذبية ، إما لقضاء وقت ممتع أو لممارسة الرياضة اليومية من جري ومشي. شاطئ البحر من أكثر الأماكن متعة وخاصه في أوقات اعتدال الجو. ولا تتحقق هذه المتعة إلّا إذا كان الشاطئ نظيفا وآمنا. ولكن ، وللأسف أن هذا المكان أكثر الأماكن المعرضة للتلوث العبثي من قبل الناس ، فبالإضافة الى التشوه البصري ، هناك الكثير من الأضرار الصحية الناتجة عن ذلك التلوث العبثي سواء كان تلوثاً بيئياً يؤثر على الحياة الفطرية البحرية ، أو تلوثا سلوكيا يؤثر على حياة الانسان. لذا كان لزاما علينا جميعا كأفراد و جماعات بالإضافة الى الجهات الرسمية المحافظة على نظافة الشاطئ وجعله مقصداٌ ممتعاٌ.
وكوني أحد الرواد للشاطئ او الكرنيش حيث أُمارس رياضة المشي بشكل يومي ، لاحظت الكثير من الممارسان الغير لائقة والخاطئة من قبل الكثير من الرواد والتي تتسبب في تلوث الشاطئ والبيئة بشكل عام وتتلخص ملاحظاتي كالتالي:
- قيام بعض مرتادي الشاطئ من العوائل برمي الكثير من النفايات من أكياس وبقايا المأكولات على مرئى من أطفالهم وذويهم بالرغم من وجود حاويات القمامة على بعد أمتار معدودة من أماكن وجودهم ، ودون أخذ الاعتبار من اتخاذ أطفالهم لهم قدوة ويصبح رمي النفايات عادة في كل مرة يرتادون فيها الشاطئ. فينبغي بدلا من ذلك أن يحرص أولياء الامور على حمل أكياس قمامة وتقوم كل عائلة بتنظيف أماكن جلوسها وإعطاء فرصة للعوائل الاتية بعدهم بالتمتع بالشاطئ في بيئة نظيفة خالية من القمامة ومن العبث البيئي.
- رمي بعض العوائل والافراد ما تبقى من مخلفات الطعام في البحر وبالأكياس ظنا منهم أنهم يُحسنون صنعا في إطعام الأسماك غافلين عن “أن المواد البلاستيكية ممكن أن تضر بالحياة البحرية”، وقد تتسبب في نفوق الأسماك والاحياء البحرية الأخرى مما ينتج عنه ضرر بيئي لا يحمد عقباه.
- رمي بعض من ممارسي الرياضة والمشي قناني المياه في الممشى مما يخلف أكواما منها ، وبعضها تجد طريقها الى البحر بسهولة فترى أكواما من القناني والاكياس عائمة وتطفو على سطح مياه البحر ، وهذا يساعد على دمار البيئية والنتيجة لا تحمد عقباها ، وحتما ستجد هذه النفايات طريقها الى بطوننا عندما نأكل الأسماك الملوثة مما يؤدي الى أمراض سرطانيه ومزمنة بالإضافة الى نفوق الكثير من الطيور والاحياء البحرية.
- قيام بعض صيادي الأسماك بنصب شباك صيد وتركها في البحر عندما تكون غير صالحة مما تؤدي الى نفوق الكثير من الأسماك والسلاحف والطيور العالقة وتصبح فخا خطيرا حتى تٌزال.
- رمي الكثير من خيوط الصيد المتقطعة في مضمار المشي من قبل بعض هواة الصيد مما يؤدي الى عرقلة المشاة وخاصة الأطفال الذين جِيء بهم كي يمرحون ويلعبون ويتمتعون في بيئة آمنة.
كل هذه الممارسات التي لاحظتها (وغيرها الكثير) يجب أن تتوقف ويكون كل منا له دور مسؤول في الحفاظ على النظافة والبيئة. فمسؤولي المحافظة يقع على عاتقهم المراقبة ، و سَن قوانين و غرامات رادعه لكل من تسول له نفسه العبث في البيئة. ورب الأسرة المرتاد للشاطئ عليه مسؤوليات كبيرة ، أهمها حث جميع أفراد أسرته بترك أماكنهم نظيفة ، و إعطاء الفرصة للعوائل القادمة بعدهم للتمتع ببيئة نظيفة. فلو أن كل عائلة مرتاده للشاطئ حملت معها كيس قمامة و أمَرتْ كل فرد من أفراد العائلة بتنظيف مكانه ، وكان الوالدين قدوة لأبنائهم في مثل هذا العمل لما وصلنا الى ما وصلنا اليه من تدمير للبيئة وعدم احترام المكان والإنسان.
على الجميع أن يتحرك في هذا الإتجاه: في المدارس على المربين والأساتذة حث طلابهم وتوعيتهم بأهمية المحافظة على البيئة و النظافة في منازلهم و في الأماكن العامة ، وعلى مسؤولي التعليم استحداث مناهج تعليمية بدأً من الصفوف التأهيلية (ما قبل الإبتدائية) لخلق مجتمع مسؤول يعي حق البيئة وحق الآخرين. وليكن كبارنا قدوة لصغارنا ونبني مجتمعا مؤمنا راقيا متحضرا. لقد حثنا ديننا على النظافة و قَرَنَ النظافة بالأيمان ، أو ليس العبث بالبيئة نوع من الفساد حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا ۚ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ) “الآية (56) سورة الأعراف” ، وقال الله تعالى: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) “الآية (41) سورة الروم”.