بلدة السويجة (الشويكة) هي مكان ولادتي وهي واحدة من بلدات واحة (محافظة) القطيف الضاربة في القدم ،،، كانت النخيل، حتى ما قبل 60 سنة، تفصل بلدة السويجة عن مركز واحة القطيف (أو ما يعرف حاليا بمدينة القطيف) حيث كانت النخيل تفصلها عن الدبيبية (الدبابية) من جهة الشمال الغربي وكذلك عن الجويجب (الكويكب) من جهة الشمال الشرقي وكانت المقبرة الواقعة بينهم في وسط مدينة القطيف محاطة بالنخيل من كل الجهات.
كلمة السويجة تعني المكان المحاط بسياج أو سور بسيط وهو كما يبدو سبب تسميتها ومعنى سويج في معجم المعاني الجامع –
سَوَّجَ: (فعل)
سوَّجَ / سوَّجَ على يسوِّج ، تسويجًا ، فهو مُسوِّج ، والمفعول مُسوَّج
سوَّج المكانَ/ سوَّج على المكان: أقام حوله سُورًا من أسلاك أو حجارة أو غيرهما
سُوج: (اسم)
سُوج : جمع سياج.
ويوجد حي شمال شرق بلدة أم الحمام بالقطيف باسم السويجية وكان مفصولا عنها غير أنه أصبح جزءا منها مع التمدد العمراني. كذلك يوجد في العراق قرية تحمل نفس الاسم “قرية السويجة” كما ورد في موقع ويكيبيديا وهي تتبع مدينة هبهب وتقع في محافظة ديالى شرق العراق.
أما كيف تغير اسمها من السويجة إلى الشويكة فأعتقد أنه بسبب أن البعض من الناس بدأ بقلب حرف الجيم في السويجة إلى كاف ظنا منهم أنه الأصح عند نطقه وتلى ذلك قلب حرف السين إلى شين فتحول الإسم إلى الشويكة ما جعل الأغلب يظنون أن الإسم جاء من تصغير شوكة.
تنقسم السويجة قديما إلى ثلاثة أحياء رئيسية: حي الديرة وهو أصل السويجة وأقدم أحيائها وهي المنطقة المحصورة بالنخيل (المسعودية) شمالا وغربا وجنوبا ويخترقه شارع الملك عبدالعزيز شرقا وأهم معالم هذا الحي العين الإرتوازية الواقعة جنوب الحي وهي مساحة مسورة وفيها قسمين للرجال (يحتوي على مسبح وعدد من المراحيض الشبيهة بمراحيض حمام أبو لوزة التاريخي) وللنساء (يحتوي على مسبح ومسجد للنساء) وفائض ماء هذه العين يغذي المزارع القريبة وفي الزاوية الشمالية الشرقية من العين يقع مسجد الديرة والذي يعرف بمسجد الشيخ رضي المحروس رحمه الله تعالى، كما يمر ساب أبو خمسة على حدودها الجنوبية الغربية، حيث يقع مسجد الديرة الغربي، قادما من الغرب ومتجها شرقا إلى البحر.
– حي الفريق: ويقع شمال شرق الديرة وأهم معالمه مسجد الشيخ أمان رحمه الله وجنوب الفريق وشرق الديرة توجد أرض تسمى كربلاء وهي ساحة تقام عليها كل عام تمثيلية واقعة الطف واستشهاد الإمام الحسين عليه السلام وقد عايشت تلك الفترة من الزمن.
– حي العمارة: ويقع شرق الفريق وأهم معالمه مسجد الخضر.
حي الديرة وحي الفريق نظام موجود في كثير من قرى وأحياء القطيف ولكنه طمس في أغلب القرى بسبب اتصال الحيين ببعضهما فلم يعد موجودا إلا في قليل من القرى مثل السويجه وحلة محيش وأم الحمام، وعادة الديره تكون هي المركز.
ومع الطفرة العمرانية اتسع العمران في السويجة شمالا حيث تكون حي جديد في نخل المسعودية، الذي خطط بطريقة حديثة بمقاييس ذلك الزمن، ومن أبرز سكان هذا الحي المغفور له سماحة الشيخ علي بن الشيخ منصور المرهون حيث انتقل إليه من مقر سكنه في الدبيبية وأسس فيه مسجدا عرف لاحقا باسمه وأصبح أحد معالم السويجة الذي يقصده للصلاة أهالي القطيف عموما. وكذلك اتسع العمران جهة شمال وجنوب حي الفريق والعمارة وكذلك جنوب حي الديرة في نخيل الدوارة والقسيم والسدوجي والشبيبي وباقي النخيل المجاورة واصبحت السويجة ملتصقة تماما وجزءا من مدينة القطيف الحالية.
يقطن السويجة مجموعة من العوائل تتداخل مع باقي عوائل محافظة القطيف خصوصا واقليم البحرين التاريخي (القطيف والأحساء وجزيرة اوال او مملكة البحرين حاليا) بشكل عام. ومهن وحرف أهل السويجة القديمة مثلها مثل مهن وحرف عموم محافظة القطيف في التنوع فمنها الحرفية مثل الزراعة وصيد الاسماك وأعمال البناء والقلافة والغوص والتجارة. ومن الحرف أيضا الحياجة (الحياكة) ويؤكد ذلك الباحث في التاريخ والتراث الأستاذ عبد رب الرسول الغريافي حيث يشير إلى أن جزء من حي الفريق يطلق عليه اسم فريق الحياجه … ولازال بعض الناس ممن عايش ذلك الزمان يعرفونه وموقعه مواجه للجويجب، وكما أشار إلى ذلك أيضا الأستاذ محمد علي صالح الشرفاء في كتابه شخصية المنطقة الشرقية.
مباني السويچة القديمة مثلها مثل مباني عموم محافظة القطيف حيث تتنوع المباني التي يربط فيما بينها أزقة ضيقة يتراوح عرضها من متر إلى مترين في الغالب وقليل منها مسقوف (الساباط) إلى جانب بعض الزرانيق وهي بعرض حوالي نصف متر. بعض مباني السويجة مبنية بالحصى والطين وتتكون في الغالب من دور أو دورين. كما توجد فيها المندبيات وهي مباني من دور واحد جدرانها من الحصى والطين وأسقفها من جدوع وأوراق الأشجار. وكذلك توجد العشش وهي أيضا من دور واحد وجدرانها وأسقفها من جدوع وأوراق الأشجار وخصوصا سعف النخيل.
وقد ازدانت السويجة في عام 1387 هجرية 1968 م بإفتتاح مستشفى القطيف العام والذي أصبح يعرف بمستشفى السويجة والذي بقى سنين طويلة واستمر حتى بعد تأسيس مستشفى القطيف المركزي في الجش ولكن تم إزالته لاحقا ليحل محله مستوصف السويجة للرعاية الأولية.
تنويه: (تمت إضافته بتاريخ 18 فبراير 2021)
بخصوص الإسم وهل الأصل هو: “السويجة” كما هو متداولا على ألسنة الآباء والأجداد وموجودا في بعض الوثائق، أم “الشويكة” كما هو الإسم الرسمي الحالي.
وقد تواصل معي الجار العزيز والأخ الفاضل الأستاذ عبد الإله التاروتي ودخلنا في نقاش علمي وتاريخي مدعم بالوثائق حيث تبين أن هناك الكثير من الوثائق القديمة تثبت أصل الإسم ألا وهو “الشويكة”، وأقدمها ما ورد في وثيقة قانون نامه والمؤرخة أوائل رجب سنة 959 هجرية والتي ذكرت قرية تابعة للقطيف تسمى شويكة.
خلاصة القول: الأصح والمرجح بناء على ما وصلني من وثائق أن إسم البلدة هو “الشويكة”، إلا أنه شائع على ألسنة الناس وفي بعض الوثائق على أنه “السويجة”. ومن باب الأمانة العلمية جرى التنويه هذا والله أعلم.
*عبد العظيم حسن مهدي الخاطر مهندس معماري وعضو المجلس البلدي سابقا. له عدة مقالات هندسية وإجتماعية جمع بعضها عام 1432هـ في كتاب ” التخطيط العمراني …. آراء وأفكار “.
عرض جميل وشيق ومقالة رائعة يُشكر كاتبها ، مع ملاحظة أن إسم الكويكب هو الإسم الأصلي كما هو مدون في الوثائق القديمة وإليها يُنسب ساكنوها فيُقال فلان الكويكبي، ولكن بسبب اللهجة الدارجة تعود الناس على قلب الكاف جيماً مخففة فينطقونها الجويجب كما في سؤالهم عن الثمن في الشراء فيقولون بدلاً من كم جم بالجيم المخففة.
شكرا ابامحمود على تسليطك الضوء على تاريخ قرية السويكه . وهذه مساهمه ممتازه في توثيق التراث.
مقال رائع وجميل. تشكر ابو محمود على هذا الجهد المتميز. وآمل أن تتواصل مثل هذه المقالات عن باقي احياء ومناطق القطيف الحبيبة.
مقال ولا اروع من المهندس الخلوق/ عبدالعظيم الخاطر…. تاريخي واعادة ذكريات الماضي لمن ادركها اواطلاع عليها من المتأخر عنها … شرحا مفصلا سهل فهمه وسريع استيعابه…. اتمنى ممن له مقدرة على ابراز معلومات ماضية عن بلدة ان يقوم بنفس اخراج المهندس عبدالعظيم له….
شكرا ابومحمود على هذا الجهد الرائع بالتعريف بحي الشويكه وخصوصا للأجيال الموجوده والقادمه ونرجوا ان تتواصل الجهود بالتعريف عن باقي أحياء القطيف وقراها من الناحيه الجغرافيه والتاريخيه فهو بلا شك اثراء لتاريخ وتراث المحافظه والحفاظ عليه
فعلا لفته جميله تظهر فيها تاريخ وثقافة المنطقه لتعرفها الاجيال الحاليه التى لم تعرف عنها وللمستقبل..
شي جميل ابا محمود
السلام عليكم مقال رائع وجهد تشكر عليه ابو محمد واعتقد سبب عدم معرفة الاسم الصحيح ووقوع اللبس في التسمية (شويكة ام سويجة.) سببه عدم الرجوع للوثاثق القديمة. لو راجعنا الصكوك القديمة في الحقبة العثمانيه مثلا سيساعدنا على معرفة الاسم الصحيح.
سلم يراعك ابا محمود
انه عبق التاريخ وانت العبق
دمت بخير