كشف أسرار النوم بمساعدة التصوير بالرنين المغناطيسي – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

MRI helps unravel the mysteries of sleep
(جامعة البولتيكنيك الفدرالية في لوزان – EPFL)

حالة وعينا تتغير بشكل ملحوظ أثناء مراحل نومنا العميق، تمامًا كما يحدث في حالة الغيبوبة أو تحت التخدير العام. لطالما اعتقد الباحثون – ولكن لم يكونوا متأكدين – أن نشاط الدماغ ينخفض ​​عندما ننام. تُجرى معظم الأبحاث على النوم باستخدام تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، وهي طريقة تنطوي على قياس نشاط الدماغ  بواسطة أقطاب كهربائية موضوعة على طول فروة رأس الشخص. ولكن، أنجالي تارون (Anjali Tarun)، طالبة دكتوراه في مختبر معالجة الصور الطبية التابع لكلية الهندسة في جامعة البولتيكنيك الفدرالية في لوزان (EPFL)، قررت دراسة نشاط الدماغ أثناء النوم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI).

وفقًا لديميتري ڤان دي ڤيل (Dimitri Van De Ville)، الذي يرأس المختبر، “مسوحات التصوير بالرنين المغناطيسي تقيس النشاط العصبي بجس استجابة ديناميكا الدم (1) لبنويات في كل الدماغ، وبالتالي تزودنا بمعلومات مهمة بالإضافة إلى المعلومات التي يوفرها تخطيط كهربية الدماغ”. خلال هذه التجارب، اعتمدت تارون على تخطيط كهربية الدماغ لتحديد متى يغلب النعاس على المشاركين في الدراسة وينامون، وتحديد مراحل النوم المختلفة. ثم قامت بفحص صور التصوير بالرنين المغناطيسي لوضع خرائط مكانية للنشاط العصبي وتحديد حالات الدماغ المختلفة.

صعوبة الحصول على بيانات / معلومات

المشكلة الوحيدة هي أن عملية اجراء الفحص بالرنين المغناطيسي للدماغ لم تكن بالعملية السهلة على المشاركين حينما يكونون نائمين. الآلات تصدر ضوضاء قوية، مما يصعّب على المشاركين الوصول إلى حالة النوم العميق. ولكن بالعمل مع البروفسورة صوفي شوارتز من جامعة جنيڤ والبروفسور نيكولاي أكماشر (Nikolai Axmacher) من جامعة الرور في بوخوم (Ruhr-Universität Bochum)، استطاعت تارون الاستفادة من بيانات التصوير بالرنين المغناطيسي و التخطيط الكهربي للدماغ (EEG) من حوالي ثلاثين شخصًا. استغرق أخذ بيانات نشاط الدماغ ساعتين تقريبًا حين كان المشاركون نائمين في جهاز التصوير بالرنين المغناطيسي. “ساعتان تعد فترة طويلة نسبيًا، مما يعني أننا تمكنا من الحصول على مجموعة من البيانات النادرة والموثوقة” كما تقول تارون. “تم اجراء التصوير بالرنين المغناطيسي حينما كان المشارك يؤدي مهمة معرفية / ذهنية (2)  والتي  عادة ما تستغرق حوالي 10 الى 30 دقيقة”.

نشاط الدماغ أثناء النوم

بعد التحقق من جميع البيانات وتحليلها ومقارنتها، ما وجدته تارون كان مفاجئًا. وقالت الباحثة تارون: “حسبنا بالضبط عدد المرات التي أصبحت فيها الشبكات، المكونة من أجزاء مختلفة من الدماغ،  نشطة خلال كل مرحلة من مراحل النوم”. و”اكتشفنا أنه خلال المراحل الخفيفة من النوم – أي بين حين يغلبه النعاس وحتى يدخل في حالة النوم العميق –  ​​نشاط الدماغ بوجه عام ينخفض. لكن التواصل بين أجزاء / مناطق مختلفة من الدماغ يصبح أكثر ديناميكية. نعتقد أن هذا بسبب عدم استقرار حالات الدماغ خلال هذه المرحلة”. أضاف ڤان دي ڤيل: “ما أدهشنا بالفعل في كل هذا هي المفارقة الناتجة. خلال المرحلة الانتقالية من النوم الخفيف إلى النوم العميق، زاد نشاط الدماغ في منطقة دماغية (نشاط محلي) وانخفض التفاعل المتبادل بين اجزاء / مناطق الدماغ الأخرى. هذا يشير إلى عدم قدرة شبكات الدماغ على مزامنة نشاطها”.

دور شبكات الوضع الافتراضي (3) والمخيخ

الوعي عمومًا مقترن بالشبكات العصبية التي قد تكون مرتبطة بعمليات الاستبطان (4) والذاكرة العرضية (5) والفكر التلقائي / العفوي (6). “لقد رأينا أن الشبكة بين مناطق الدماغ الأمامية والخلفية قد تعطلت، وأصبح هذا واضحًا بشكل متزايد مع زيادة عمق النوم” كما يقول ڤان دي ڤيل. “كما لوحظ تعطل مماثل في الشبكات العصبية في المخيخ ، وهي في العادة مقترنة بالتحكم الحركي (7)”. في الوقت الحالي، لا يعرف الباحثون بالضبط لماذا يحدث ذلك. لكن النتائج التي توصلوا إليها هي الخطوة الأولى نحو فهم أفضل لحالة وعينا أثناء النوم. “تُثبت نتائجنا أن الوعي هو نتيجة لتفاعلات بين مناطق الدماغ المختلفة، وليس في نشاط دماغ محلي [في منطقة واحدة]”. “من خلال دراسة كيف تتغير حالة وعينا خلال مراحل مختلفة من النوم، وما يعنيه ذلك من حيث نشاط شبكة الدماغ، يمكننا أن نفهم ونفسر بشكل أفضل مجموعة واسعة من وظائف الدماغ التي تميزنا نحن كبشر”. نشرت الدراسة في دورية (Iscience) (انظر 8).

مصادر من داخل وخارج النص:
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/ديناميكا_الدم
2- “المهام المعرفية هي تلك المهام التي تتطلب من الشخص معالجة المعلومات الجديدة ذهنيًا (أي اكتساب وتنظيم المعرفة / التعلم) وتسمح له بتذكر واسترداد تلك المعلومات من الذاكرة واستخدام تلك المعلومات في وقت لاحق في نفس الموقف أو مواقف مشابهة . (أي تحويل المعلومات)”. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://link.springer.com/referenceworkentry/10.1007%2F978-1-4419-1428-6_225
3- “تعريف شبكة الوضع الإفتراضي في الدماغ: في علم الأعصاب ، شبكة الوضع الافتراضي (DMN) ، أو الشبكة الافتراضية أيضًا ، أو شبكة الحالة الافتراضية ، عي عبارة عن شبكة دماغية واسعة النطاق  في مناطق الدماغ  التفاعلية المعروفة أن لها نشاطًا يرتبط ارتباطًا وثيقًا ببعضها البعض ومتميزة عن الشبكات الأخرى في الدماغ. ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.m.wikipedia.org/wiki/Default_mode_network
4- “الاستبطان (أو مطالعة النفس) هو تأمل باطني ينصب على ما يجري في عالم الشعور، ومنه الاستبطان التجريبي، وهو منهج نفسي يتلخص في أن يوضع شخص تحت اختبارات معينة ليصف شعوره في أثناء هذه التجربة. تعتمد عملية الاستبطان في علم النفس حصريًا على ملاحظة المرء لحالته العقلية، بينما قد تشير في السياق الروحي إلى فحص روح الشخص. يرتبط الاستبطان بشكل وثيق بالتأمل الذاتي البشري ويتناقض مع الملاحظة الخارجية. يقدم الاستبطان بشكل عام ميزة وصول الشخص إلى حالاته الذهنية الخاصة دون وجود وساطة من مصادر المعرفة الأخرى، وبالتالي تعتبر الخبرة الفردية للذهن فريدة من نوعها. يمكن للاستبطان أن يحدد أي عدد من الحالات الذهنية بما في ذلك: الحسية والجسدية والمعرفية والانفعالية وما إلى ذلك. كان الاستبطان موضوعًا للنقاش الفلسفي طوال ألآف السنين. يتسائل الفيلسوف أفلاطون، لم لا ينبغي علينا مراجعة أفكارنا الخاصة بصبر وهدوء، ومن خلالها نفحص ونرى حقيقة تلك المظاهر الموجودة فينا؟ وبينما يُطبق الاستبطان على العديد من جوانب الفكر الفلسفي، فربما يُعرف جيدًا بسبب دوره في الإبستمولوجيا؛ ويُقارن الاستبطان غالبًا في هذا السياق مع الإدراك الحسي والتفكير والتذكر والشهادة بوصفها مصدرًا من مصادر المعرفة.” مقتبس من نص ورد علي هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/استبطان_(علم_النفس).
5- “الذاكرة العرضية (بالإنجليزية: Episodic memory)‏ هي ذاكرة أحداث السيرة الذاتية (الأوقات والأماكن، والعواطف المرتبطة بها، وغيرها كمعرفة من، ماذا، متى، أين، لماذا). وهي مجموعة من التجارب الشخصية السابقة التي وقعت في وقت معين ومكان معين. على سبيل المثال، إذا قام أحد بتذّكر عيد ميلاده السادس فإن هذا هو الذاكرة العرضية. فهذه الذاكرة هي ما يسمح للفرد أن يعود مجازيًا بالوقت المناسب لتذكر الأحداث التي وقعت في ذلك الوقت والمكان المحدد.” مقتبس من نص ورد علي هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/ذاكرة_عرضية.
6- “الفكر العفوي / التلقائي: ،عرّف الفكر العفوي / التلقائي بأنه حالة ذهنية / عقلية ، أو سلسلة من الحالات الذهنية / العقلية، تنشأ بحرية نسبيًا بسبب غياب القيود القوية على محتويات كل حالة وعلى التحولات من حالة ذهنية إلى أخرى.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان: https://www.nature.com/articles/nrn.2016.113
7- “التحكم الحركي (بالإنجليزية: Motor control)‏ هو تنظيم الحركة لدى الكائنات التي تحتوي على جهاز عصبي، ويشمل التحكم في المنعكسات (reflexes) والحركات الإرادية معا” ، مقتبس من نص ورد علي هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/تحكم_حركي
8- https://www.cell.com/iscience/fulltext/S2589-0042(20)31120-2?_returnURL=https%3A%2F%2Flinkinghub.elsevier.com%2Fretrieve%2Fpii%2FS2589004220311202%3Fshowall%3Dtrue

المصدر:
https://actu.epfl.ch/news/mri-helps-unravel-the-mysteries-of-sleep/

الأستاذ عدنان أحمد الحاجي

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *