bonnsustainabilityportal.de

تغير المناخ تسبب في انهيار غابات المانغروف في عمان – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Climate change caused mangrove collapse in Oman
(Provided by University of Bonn – بواسطة جامعة بون)

قبل ٦٠٠٠ عام ، كانت أشجار المانغروف (القرم) منتشرة في عمان. اليوم ، لا يزال هناك نوع واحد فقط من أشجار المانغروف القوية بشكل خاص ، وهذا موجود في مواقع قليلة فقط. مصدر الصور: فاليسكا ديكر / جامعة بون

اختفت معظم غابات المانغروف على سواحل عمان منذ حوالي ٦٠٠٠ عام، ولم يكن سبب ذلك واضحًا تمامًا حتى الآن. وتلقي دراسة حديثة أجرتها جامعة بون الألمانية، ونُشِرت نتائجها في مجلة “البحث الرباعي” (Quaternary Research) ، الضوء على اختفاء هذه الغابات، اذ تشير إلى أن التغيرات المناخية  كانت سبب انهيار النظم البيئية الساحلية. وفي المقابل، من غير المحتمل أن تكون الأسباب هي انخفاض مستوى سطح البحر أو الإفراط في استخدام البشر. وقد كانت سرعة انقراض غابات المانغروف هائلة، أدت الى فقد العديد من كتل المانغروف بشكل لا رجعة فيه في غضون بضعة عقود.

المانغروف عبارة عن أشجار تحتل مكانًا بيئيًا خاصًا جدًا، فهي تنمو في ما يسمى نطاق المد والجزر، أي المناطق الساحلية التي تكون تحت الماء عند ارتفاع المد، والجافة عند انخفاض المد. المانغروف تحب المناخ الدافئ ، ولا تتحمل معظم أنواعه درجات حرارة سطح البحر التي تقل عن ٢٤ درجة مئوية. إنها تتحمل الملح، ولكن فقط حتى حد التحمل الذي يختلف من نوع إلى آخر. وتوضح فاليسكا ديكر (Valesk Decker) من معهد علوم الأرض بجامعة بون، المؤلف الرئيسي للدراسة: “هذا هو السبب في أننا نجدهم (غابات المنغروف) في الوقت الحاضر في الغالب في المناطق التي تسقط فيها أمطار كافية لتقليل تملح التربة”.

تثبت الاكتشافات الأحفورية أنه كان هناك العديد من أهوار (او بحيرات) المانغروف على ساحل عمان. ومع ذلك، اختفت هذه فجأة إلى حد كبير منذ حوالي ٦٠٠٠ عام، وكانت أسباب ذلك موضع خلاف سابقًا. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سافرت ديكر عدة مرات إلى أقصى شرق شبه الجزيرة العربية لمتابعة هذا السؤال من أجل أطروحة الدكتوراه. وبدعم من البروفيسور غوستا هوفمان، المشرف عليها في مرحلة الدكتوراه، جمعت العديد من النتائج الجيوكيميائية، والرسوبية، والاكتشافات الأثرية في صورة عامة. وتقول: “من وجهة نظرنا، يشير كل شيء إلى أن انهيار هذه النظم البيئية له أسباب مناخية”.

أجزاء كبيرة من عمان جافة للغاية اليوم؛ ربما كان هطول الأمطار السنوي أعلى بكثير منذ حوالي ٨٠٠٠ عام. مصدر الصور: فاليسكا ديكر / جامعة بون.

تحول حوض الضغط المنخفض إلى الجنوب

يوجد على طول خط الاستواء حوض منخفض الضغط، منطقة التقارب المداري (مداري السرطان والجدي)، والتي تقع في الشمال أو الجنوب قليلاً حسب الموسم. فعلى سبيل المثال، ترتبط الرياح الموسمية الصيفية الهندية بهذه المنطقة. ويُعتقد أنه منذ حوالي ١٠٠٠٠ عام كانت هذه المنطقة شمالًا أكثر بكثير مما هي عليه اليوم، مما يعني أن الرياح الموسمية أثرت على أجزاء كبيرة من شبه الجزيرة العربية. وتحول حوض الضغط المنخفض هذا إلى الجنوب منذ أكثر من ٦٠٠٠ عام بقليل، لكن سبب ذلك ومدى السرعة لا يزالان غير واضحين تمامًا.

وتوضح ديكر: “لقد تم توثيق هذه الحالة جيدًا لعدة سنوات، وتشير نتائجنا الآن إلى أن هذا التغير المناخي كان له تأثيران: من ناحية، تسبب في تملح التربة، مما وضع غابات المانغروف تحت ضغط شديد؛ ومن ناحية أخرى، انخفض الغطاء النباتي في المناطق المتضررة بشكل عام بسبب الجفاف الأكبر”. وإثر هذه التعرية المتزايدة، حملت الرياح كميات كبيرة من التربة الجرداء إلى الأهوار (البحيرات)، وقد تم طمرها وجفافها على التوالي. وقد حدث كل شيء بسرعة مفاجئة: “ربما اختفت النظم البيئية في غضون بضعة عقود” ، تؤكد ديكر. ووفقًا للدراسات السابقة، كانت التغيرات البيئية تدريجية، وقد كافحت النظم البيئية لأشجار المانغروف حتى تم الوصول إلى عتبة معينة ثم انهارت في غضون عقود.  أشجار المانغروف الوحيدة في عمان في الوقت الحاضر هي تلك الأنواع القوية بشكل خاص، ولا توجد إلا في أماكن قليلة.

قامت فاليسكا ديكر وزملاؤها بالتحقيق في عدد من ملامح الرواسب للدراسة. هذه تجعل من الممكن، على سبيل المثال، استخلاص استنتاجات حول التغيرات في مستوى سطح البحر. مصدر الصور: فاليسكا ديكر / جامعة بون.

وكانت ديكر قادرة على استبعاد الأسباب المحتملة الأخرى لاختفاء غابات المانغروف في دراستها. فعلى سبيل المثال، لم يجد الباحثون أي دليل على حدوث انخفاض في مستوى سطح البحر قبل ٦٠٠٠ عام يمكن أن يؤدي إلى انقراض غابات المانغروف. وتضيف: “تتحدث الاكتشافات الأثرية أيضًا ضد كارثة بيئية من صنع الإنسان”. وتابعت: “صحيح أن هناك بشرًا يعيشون في المناطق الساحلية استخدموا أشجار المانغروف كحطب، ولكنهم كانوا من البدو الرحل الذين لم يبنوا مستوطنات دائمة، وهذا يعني أن حاجتهم إلى الخشب كانت منخفضة نسبيًا – منخفضة بما يكفي لاستبعاد الإفراط في الاستخدام كسبب”.

وتريد ديكر وزملاؤها الآن إجراء مزيد من التحقيق في مدى تغير هطول الأمطار السنوي، وما هو تأثير ذلك على المنطقة. وتحقيقا لهذه الغاية، يخطط الباحثون لدراسة حبوب اللقاح التي استمرت في رواسب الهور (البحيرة) لآلاف السنين. كما يريدون معرفة كيف تغير الغطاء النباتي نتيجة للجفاف. ويمكن أن تكون النتائج مفيدة أيضًا بالنسبة لنا (في جمهورية ألمانيا)، حيث يتغير المناخ بوتيرة مثيرة في العديد من مناطق العالم. وقد عانت ألمانيا بشكل متزايد من فترات جفاف طويلة في السنوات الأخيرة، لذلك يخطط علماء الغابات (الأحراج) بالفعل لزراعة أنواع أكثر مقاومة للجفاف في هذا البلد؛ ويأتي هذا نتيجة لتغير المناخ الذي قد يترك علامات طويلة الأجل في تاريخ الغطاء النباتي.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://phys.org/news/2021-01-climate-mangrove-collapse-oman.html

لمزيد من المعلومات: فاليسكا ديكر وآخرون، Collapse of Holocene Mangrove Ecosystems on the Coast of Oman، Quaternary Research (2020) DOI: 10.1017 / qua.2020.96

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *