النمط الغذائي الصحّي – صبري مهدي الغاوي*

يُعرف نمط الحياة الصحّي بأنه: أسلوب حياة شامل يغمر الإنسان بالطاقة والنشاط ويساعده في الوقاية من الأمراض. و لكي يصبح نمط الحياة صحيا، لابد أن يرتكز على عناصر الحياة ، وهي:

الحياة الاجتماعيّة و العلاقات، بيئة المنزل، الطبخ المنزلي، الغذاء الصحي المتنوع والمتوازن ،النشاط الجسدي والرياضة ، الصحة، المعرفة والتعلّم، المهنة والأمور الماليّة، الابداع، والسعادة بشكل عام.

والنمط الغذائي الصحي يشمل:

  • تنظيم أوقات وأحجام الوجبات:

عمليات هضم الطعام وتخزين الغذاء تكون أكثر فعالية بكثير حين تكون الوجبات منتظمة (في نفس الوقت تقريباً كل يوم)، ومن دون التغيّب عن أي وجبة منها. التغيّب عن وجبة واحدة مثلاً يدفع الجسم إلى تخزين الدهون والسكّر ثم يدفعنا إلى تناول وجبة أكبر يقوم الجسم بتخزينها بدل هضمها كردّة فعل على الجوع السابق. أحجام الوجبات أيضاً مهمة، بحيث يُفضّل ألا نتناول الطعام حتى التخمة لان التخمة تعني أننا دفعنا إلى جسمنا أكثر بكثير مما يحتاجه من طعام. بعض الحميات الرياضيّة تشجّع على تناول ما بين ست وسبع وجبات صغيرة في اليوم لتشجيع الجسد على حرق الدهون باستمرار. ورغم أن تناول ست وجبات قد يدفع البعض للتفكير ان ذلك يكسبه وزناً إلى أن هذه الحمية في الواقع تخفّض نسبة الدهون والوزن بشكل عام في أحيان كثيرة.

  • اتّباع حمية غذائية متنوّعة ومتوازنة:

اتباع حمية غذائية متنوعة ومتوازنة هو أمر يزداد صعوبة يوماً بعد يوم، خاصة بالنسبة للشباب الساكنون بمفردهم من دون مهارات طبخ واعداد الطعام. في جميع الأحوال يجب أن نحاول قدر المستطاع أن تكون حميتنا الغذائية متنوّعة (فيها الخضار والفواكه والبروتين والأجبان والألبان) وألا تشكّل الأطعمة السريعة مثل البرغر والبيتزا والسندويتشات سوى استثناء صغير (وجبة او وجبتين فقط في الأسبوع على الأكثر).

simplemost.com
  • الامتناع عن (أو تخفيف) الأطعمة المضرّة والعالية الدهون:

هذه الأطعمة تشمل كل السكريات والشيبس والمشروبات الغازية والوجبات المقليّة (خاصة البطاطس) والأطعمة المشبعة بالملح والزيت مثل الوجبات السريعة. يمكن الحصول على سكّر متوازن وبكميات معتدلة من الفواكه كما يمكن استبدال العديد من الوجبات المضرّة بوجبات أكثر صحّية مثل استبدال البطاطس المقليّة بالبطاطس المسلوقة. يمكن أيضاً تخفيف الأطعمة الغنية بالنشويات للمساعدة في خسارة الوزن؛ مثلاً الخبز العربي والمعجّنات والرزّ والمكرونة او استبدالها بمنتجات مصنوعة من الطحين الاسمر. لكن في جميع الأحوال، ليس من الضروري الامتناع النهائي عن هذه الأطعمة، إذ يمكن تناولها من وقت لآخر خاصة إن كان الجسم استعاد قدرته على حرق الدهون.

  •   تناول الطعام قبل موعد النوم (ب 3-4 ساعات):

هذه النصيحة عادة تكون الأصعب في التطبيق. معظمنا معتادون على تناول الطعام ليلاً، خاصة تلك الغنيّة بالأملاح والسكّر كالحلويات ورقائق البطاطس والمشروبات الغازية وغيرها. ما يجب أن نعرفه هو أن عملية حرق الدهون في الجسم بعد حلول الساعة السابعة مساءً وخلال الليل تكون في نصف فعاليتها خلال النهار. بتعبير آخر، إن تناولنا لوحاً واحداً من الشوكولاتة في الليل فهو كأننا تناولنا لوحين خلال النهار.

wilsonchiros.com
  • اشرب الكثير من المياه (8-12 كوب):

المياه مهمّة جداً من أكثر من ناحية، فهي تساعد في عملية حرق الدهون كما أنها تساعد على التغلّب على الجوع ومنع الجفاف. الرياضيين الجدد اللذين يجدون صعوبة في الامتناع عن تناول الطعام ليلاً يُنصحون عادة بشرب كوب من الماء كلّما شعروا بالجوع. من الأفضل استبدال كل أنواع المشروبات، خاصة تلك الغازية الغنيّة بالسكّر، بالمياه. مع مراعة تعليمات الطبيب للأشخاص المصابين ببعض الامراض.

  • تجنّب التوتّر: 

التوتّر يضاعف من مستويات هرمون الكورتيزول في الجسم، الذي يؤدي بدوره إلى إبطاء عمليّة حرق الدهون وتخزين الدهون بشكل أكبر و عام، والتأثير على مستويات السكّر في الدم، ما قد يشجّع الشخص على تناول المزيد من الطعام أو تناول الاطعمة الغنيّة بالدهون والسكّر. في بعض الحالات يؤدي التوتر إلى تخفيض الوزن، لكن هذا الانخفاض ناتج عن أضرار صحّية لا العكس. هنالك طرق كثيرة لتخفيف التوتر، أهمها معالجة مصادر التوتّر نفسها (العمل، الاطفال، المنزل، الشريك…)، ومنها ممارسة الرياضة، التأمل، والابتعاد من وقت لآخر من كل شيء في رحلات ترفيهية.

  • مارس الرياضة:

هذه النصيحة كان يجب أن تكون الأولى وهي جوهرية لدرجة أنه لا يوجد شيء يمكن أن نكتبه لنَصف أهميّتها. النصائح الغذائية السابقة تساعد الجسم على اكتساب التوازن الغذائي والصحّي المطلوب، لكن من المستحيل تخفيض الوزن أو تحسين صحّة الجسم من دون ممارسة الرياضة. ممارسة الرياضة هي دعم صحّي هائل للجسم، وهي أيضاً تساعده على التنحيف لا فقط على المدى القصير (من خلال حرق الدهون خلال ممارسة الرياضة)، بل أيضاً على المدى البعيد لأن الرياضة المنتظمة تحسّن العمليات الداخلية للجسم لدرجة كبيرة بحيث يصبح أكثر كفاءة بكثير في حرق الدهون مقارنة مع الجسم غير الرياضي. وهنا لا نتحدّث عن المشي البطيء لنصف ساعة مرّة أو مرّتين في الأسبوع (رياضة الكسولين)، بل نتحدّث عن الرياضة المنتظمة (اربعة تمرينات في الأسبوع على الأقل مدّة كل واحدة منها بين 30 و 60 دقيقة)، والتي تتضمن التعب وتسارع دقّات القلب. الرياضة الأكثر فعاليّة هي تلك التي نتحدّى فيها أنفسنا وندفع من خلالها لياقتنا وقدراتنا إلى مستويات غير مسبوقة.

cdn.tinybuddha.com

خاتمة: 

القيام بهذه التغيّرات ليس مسألة بسيطة أو سهلة؛ والانتقال إلى هذا النمط من الحياة قد يأخذ أشهراً أو حتى سنوات. هنالك الكثير من الصعوبات في حياة كلّ منّا التي قد تؤجّل أو تصعّب الالتزام بواحدة من هذه النصائح، مثل دوام العمل، توفر الطعام الصحّي، عادة تناول الغذاء ليلاً والقدرة البدنية على القيام بالرياضة. لكن التحوّل ليس مستحيل، ونتيجته تستحقّ المحاولة لأنه لا يوجد شيء على الصعيد الشخصي أهم من صحّتنا ورضانا الذاتي عن أنفسنا.

*أخصائي التغذية 

 

 

تعليق واحد

  1. مقال جميل ومفيد جداً . اشكرك على طرحه ومشاركتنا هذه المعلومات القيمة والمشجعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *