فليسامحني أنصار التبغ من الرجالِ والنساء، كل مضاره معروفة ومتوقعة، لكن الأسوء أن رائحته النتنة طاردٌ جيد للرومانسية والتودد بين الأزواج!
رائحةُ صديقي تشبه رائحةَ المداخنِ في الشتاء، كلما التقيته فاحت من فمهِ رائحةُ دخان السجائر، فهو لا يكاد يصبر عنها مقدار ساعة إلا ويشعل أخرى. والصديق الآخر الذي يظن أنه لن يصابَ بالشيخوخة لأنه سوف يموت باكرًا، ولديه أصدقاء كثر لأنه كلَّ يومٍ عند طبيب جديد، ولا يدخل اللصوص بيته لأنه يسعل طوال الليل، ولا يزوره الناس والأقرباء كثيرًا لأن رائحته كريهة ومقززة، فأردت أن استفهم منهما التالي: ماذا لو كانت الزوجة تدخن وتَنام مع الرجل في فراشٍ واحد، ويشم منها رائحةَ الدخان، ما هو صانع؟
سؤالٌ سألته لكثيرٍ من المدخنين، وبعضهم من الشباب – الذكور – في عمر الزواج والرومانسية، وأسمعوني إجاباتٍ عنيفة يرفضون فيها أن تدخن زوجاتهم أيَّ نوع من التبغ، حتى أن بعضهم قال: أطلقها إذا اعتادت التدخين. بينما الكثير منهم يدخن ويُشم منه رائحة السيجارة عن بعد! بالطبع، لم أكن مرتاحًا لأن يفترق محبان من أجلِ رائحة سيجارة!
لكن أجوبةَ الرجال بدا لي فيها نوع من الظلم لشَريكهم في الفراشِ والرومانسية، وكذلك النساء اللاتي يدخن، وهي مع الأسف عادة قديمة تجددت، تخفف وزنَ المحفظة المالية، وتفسد الصحة، وتقضي على متعةِ القرب بين الأزواج. فالتدخين الذي نراه ظاهرةً يعتبرها الشباب امتدادًا للرجولة وكبار السن يجدون فيها راحةً نفسية، فى الحقيقة ليس له علاقة بالرجولة – أو الأنوثة – بل يترك رائحةً مقرفة ويسلب قدرةَ المدخنين على ممارسة حياة صحية طبيعية في الرومانسية والزواج والإنجاب.
طبعًا، من المستحيل أن يقلع هذا الصديقان عن التدخين وقد عرفتهما يدخنان التبغ منذ منتصف الثمانينات من القرنِ الماضي، حين كان التدخين غير ممنوع في مقر عملنا، في الظهران، وكان الدخان المتطاير يحشر حجرةَ الاجتماع في ساعاتِ العمل، ويبقى السؤال: لماذا يبدأ الآن الشباب هذه العادة، مع أضرارها المادية والصحية؟ إلا أن يشككوا في أضرارِ التدخين!
حيث تذكر منظمة الصحة العالمية أن التبغ يقتل نصفَ من يتعاطونه تقريبًا. ويودي بحياة أكثر من ٨ ملايين نسمة سنوياً، من بينهم أكثر من ٧ ملايين يتعاطونه مباشرةً ونحو ١،٢ مليون من غير المدخّنين يتعرّضون لدخانه لا إرادياً. ويعيش نحو ٨٠٪ من المدخّنين البالغ عددهم ١،٣ مليار شخص على الصعيدِ العالمي في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، كما يقول المثل: حشفًا وسوء كيل!