Artificial intelligence finds surprising patterns in Earth’s biological mass extinctions
(معهد طوكيو للتكنولوجيا – TOKYO INSTITUTE OF TECHNOLOGY)
تقديم ومراجعة: عادل عبدالله البشراوي، باحث في علم الإنسان القديم
مقدمة عادل عبد الله البشراوي
هناك توازن في ترتيب وتوزيع الأشياء لن نخطيء مراقبته في كل شيء حولنا. ففي مجمع تجاري، سوف نلاحظ عددًا ونوعية معينة من مطاعم ونوعياتها، وعدد محلات بيع ملابس وأحذية ومجوهرات وأجهزة إلكترونية. ولو حدث أن تعثر محل وقرر صاحبه إغلاقه، فمن المرجح أن يقوم باستئجار المحل شخص آخر يبيع نفس السلع التي كان يبيعها سابقه.
سوف نلاحظ أيضًا في منطقة زراعية أن المحلات التجارية هناك تتوزع بحسب سلعها لتخدم وتراعي احتياجات المزارعين، وبطريقة تراعي هذه الاحتياجات وفق أعداد معينة لمحالات أدوات الزراعة ومواد مكافحة الحشرات والأسمدة. وسوف تبقى أعداد المحلات التي تقدم سلعها المختلفة مادامت المزارع مستمرة في العمل وبوتيرة مستقرة – واستمرار الوتيرة هنا له أهمية محورية سوف نتبينها لاحقًا.
هذا لا يعني أبدًا أننا سوف نجد أن كل المناطق الزراعية والمجمعات التجارية تتشابه في عدد وتوزيع المحلات، لأن لكل منطقة زراعية محاصيلها الخاصة بها، ولها طبيعة تربة ونظام ري قد تختلف فيهما عن المناطق الأخرى. وكذلك فإن لكل مجمع تجاري نوعية من الزبائن لهم أسلوب حياتهم الخاص وهم يتوقعون أن يجدوا حاجياتهم المفضلة في المجمع.
هنا يجب أن نتنبه لحقيقة مهمة مفادها أن توزيع وترتيب هذه المحلات ليس بالضرورة مخططًا له من قبل المستثمر الذي بنى المجمع التجاري، فهو وإن حاول في البداية فرض طابعًا خاصًا للمجمع، فإن حاجة السوق سوف تلعب الدور في غربلة المحلات لتبقي على تلك التي توفر سلعًا محددة وبأعداد معينة، سواء شاء المستثمر أم أبى.
هذان مثالان للتعريف بمصطلح البيئة، وهو مصطلح نستطيع دراسة عناصره أيضا في الشركات الصناعية والتجارية والخدمية، وفي المعروض من السلع والخدمات. ولكنه مصطلح له تجلٍ أوسع في الحياة الفطرية.
التقرير المترجم أدناه يتعرض لنواحٍ غاية في التعقيد تتعلق بمصطلح البيئة، وهو يأخذنا إلى آفاق تحاول التوفيق بين آثار حالات الإنقراض العظمى (Mass extinction events) وظواهر التشعبات التكيفية (Adaptive radiation) التي جرى التوفيق بينهما – ولو عقليًا – إثر دراسات عديدة على أهم كوارث الأرض التي طرأت في تاريخها، وقد تناولنا أهم هذه الكوارث في مناسبات سابقة ولذا فلن نستطرد في سرد تفاصيلها.
من خلال دراسة كوارث الأرض العظمى التي عادة ما ينشأ عنها حالات انقراض تقارب أحيانا خانة الفناء العام، ككارثة حقبة البرمي (Permian extinction) قبل حوالي 250 مليون سنة، فقد لاحظ العلماء بروز تنوع فطري أكثر رقيًا وأسرع انتشارًا بعد كل كارثة عظمى، وهو مايعنيه مصطلح التشعب التكيفي (Adaptive radiation) ، ويعبر عن الظاهرة بالتدمير الإبداعي (creative destruction)، وعليه فقد جرى الربط بين تأثيرات الكارثة وبين ظهور هذا التنوع الراقي في الحياة الفطرية بعد جلائها.
ولكن الربط بين الحالتين لم يتم بطريقة استقصائية علمية قادرة على إعطاء تمثيل واقعي للظاهرة، وإنما مجرد استنتاج عقلي. ولنكن واقعيين، فالقدرة على القيام بعمليات إحصائية في هذا الجانب تقارب المستحيل نظرًا لطول الفترة التي يجب أن تغطيها الدراسة، والتي يجب أن تبدأ مع ظهور بذرة الحياة قبل قرابة 4 مليار سنة، وأكثر من ذلك، في صعوبة العثور على عينات (أحافير) لها صفة تمثيل تعكس الواقع لإتمام عملية الإحصاء.
أضف إلى ذلك أن فترات ماقبل الكامبري (Precambrian) (أي قبل 550 مليون سنة) تميزت بكائنات قليلة القدرة على ترك بصمات أحفورية. وهذا يعني أننا لا نتوفر على عينات من قرابة 75% من الفترة المراد دراستها. وعليه فإن نتائجنا مهما قاربت الواقع فإنها قد تصدق على فترة مابعد الكامبري أي منذ 550 مليون سنة وإلى العصر الحالي، ولكن ماقبل هذه الفترة فهو خارج عن التمثيل.
أهم ما بنى عليه علماء الأحافير القديمة (Paleontologists) استنتاجاتهم العلمية هو تلك الدراسات التي تناولت الكوارث العظمى. حيث درسوا ظاهرة انفجار الكامبري (Cambrian explosion) – ويعنى “بالإنفجار” هنا هو الإنفجار السكاني الطاريء لتنوع الحياة الفطرية غير المسبوق، وكذلك الإنتشار الغامر للنباتات الخشبية في العصر الفحمي (Carboniferous) والمسماة بانتشار العصر الفحمي (Carboniferous expansion) الذي يشكل هذا العصر الممتد منذ 360 إلى 300 مليون سنة – أي 60 مليون سنة فقط – قرابة 90% من مخزون الفحم الذي تحتويه الأرض، وذلك لتوافر هذه الأخشاب على ظروف حفظ لم تتوفر للنباتات الخشبية في الفترات اللاحقة، كعدم قدرة البكتيريا والطحالب المحللة حينها من تطوير انزيمات تساعدها على تحليل مكونات مادة الخشب، وكذلك للطبقات الطينية الفقيرة بالمواد المساعدة على التأكسد والتي حبست فيها الأخشاب.
وعبر العلماء عن هاتين الظاهرتين بأنهما أفضل تعبيرًا عن التشعب التطوري (اevolutionary radiation) الذي يتمظهر بانتشار غامر للأحياء في فترة قصيرة جدًا نسبيًا.
بين الكوارث العظمى التي تناولوها هي كارثة نيزك خليج المكسيك والمعبر عنها بـ (Cretaceous-Tertiary extinction event) لوقوعها بين العصر الطباشيري (Cretaceous) والعصر الباليوجيني (Tertiary) وتحديدًا قبل 66 مليون سنة. وهي الكارثة التي يعزى لها التسبب بانقراض الديناصورات غير الطائرة (non-avian dinosaurs) حيث أن أنواعًا كثيرة لقريباتها الطائرة لا تزال تجوب الأجواء ممثلة بالطيور.
تمثل هذه الكارثة نموذجًا للتشعب التكيفي من حيث أنه تسبُب الكارثة في إزاحة النوع الحي المهيمن (الديناصورات) أوجد ثغرات في التراتبية الطبقية للنظام البيئي (ecosystem) والذي يعبر عنه بمصطلح السلسلة الغذائية (food chain).
فمنذ ظهور الديناصورات مع بدايات العصر الباليوجيني (Triassic Period) قبل حوالي 240 مليون سنة وتوافرها على أفضل تجهيز بين الفقاريات (vertebrates) وخصوصًا مع حلول العصر الجوراسي (Jurassic Period) بدأت هذه الكائنات بالهيمنة على الأرض فضيقت الخناق على باقي الفقاريات وتحديدًا أقربائها الثدييات التي ظلت مختبئة في الجحور وفي ثنايا الأشجار وعلى فروعها، وأخذت تطور من حواسها وتركيبها التشريحي المتفوق وأجهزتها التكيفية، كنظام درجة حرارة الدم الثابتة التي تمكنهما من التكيف مع أشد الأجواء قسوة.
واستمرت الديناصورات في الهيمنة إلى أن حلت كارثة النيزك فكانت هي الأكثر تضررًا لضخامة أجسادها وعلو مراتبها في السلسلة الغذائية التي جعلتها الأكثر تعرضًا لآثار الكارثة.
بعد جلاء الكارثة خرجت الأحياء التي تمكنت من الإختباء في المكامن والجحور، واستفادت الثدييات من تجهيزها الفيسيولوجي المتطور، وكانت الأجواء حينها متوافرة على كل شيء سوى المنافسة، حيث أن الأرض سرعان ما استرجعت استقرارها، وعادت مراعيها وثمارها سانحة للقطف. ومع غياب المنافسة وفي نظام بيئي مفتوح، وخانات في السلسلة الغذائية متاحة للحجز، انطلقت الأحياء وفي مقدمها الثدييات لسد مواطن الشغور البادي في السلسلة.
ورغم الإرباك الذي شهدته فورة الإنطلاق والذي أتاحه غياب التنافس، إلا أن الحال أخذ تدريجيًا في الإتساق حين اهتدى كل كائن لخانته الملائمة لتجهيزه الفيسيولوجي، وبعد أن أعيد تكيف الأجهزة الحيوية كأنظمة الأيض لملاءمة ذات الخانة وذات الحيز في النظام البيئي. وتثبتت الثدييات في الصدارة، وملأت خانات السلسلة بحيث أصبحت لا تنازع في رأس هرم أغلب الأنظمة البيئية على الأرض.
لو أردنا تمثيل الحال بعد جلاء الكارثة باستخدام نموذج المجمع التجاري الذي بدأنا بذكره في هذه المقدمة، فنستطيع أن نتمثل المجمع وهو يتعرض لأمر تتوقف فيه جميع أنشطته جراء حالة طواريء طويلة كافية لإجبار أصحاب المحلات لتركها. وبعد زوال حالة الطورايء هذه، سوف يعاد افتتاح المجمع وتعرض محلاته للإيجار، وسوف يأتي مستثمرون جدد بسلعهم المختلفة التي لن تكون منسجمة تمامًا مع طبييعة الزبائن مهما تحلى صاحب المجمع وأصحاب المحلات بالفطنة والدراية التسويقية. لأن ما سوف يحدد ترتيب وتوزيع المحلات وتنوعها هو نوعية الزبائن الجدد الذين قد يختلفون في ذائقاتهم التسوقية عن زبائن المجمع ماقبل حالة الطورايء. وأن حالة من الإرباك سوف تسود المجمع في شهوره الأولى، وقبل أن تبدأ المحلات أخيرًا في إظهار استجابة واقعية لظروف السوق ومتطلبات الزبائن. وسوف تستمر المحلات هكذا مستقرة وإن بوتيرة ديناميكية، تستجيب لظروف السوق المتغيرة ولكن دون إرباك يذكر.
يعود التقرير ليتناول مصداقية الربط بين ظاهرتي الإنقراض العظمى والتكيف التشعبي، ليطرح استغلال مجموعة من الدارسين لمعارف الذكاء الإجتماعي التي سوف تسهل عليهم مهمة استقصاء البيانات الهائلة والتي تتطلبها الدراسة. فيتناول استخدامهم لتطبيق حديث مبني على تقنيات تعلم الآلة (machine learning)، والذي من خلاله سيتمكنون من التعامل مع هذا الكم من البيانات بشكل مقروء. حيث سيتكفل التطبيق بمهام الإحصاء والمقارنات ومواطن الإرتباط والإفتراق بين الظاهرتين.
وهو ماسوف تتابعون قراءته في التقرير المترجم، ولكني سوف أتوقف هنا لكي أتفكر معكم في القدر الذي نستفيده من خلال استغلالنا لمعارف الذكاء الإصطناعي اليوم، وفي المستقبل، لاستقراء البيانات الهائلة التي نستقيها من المستحاثات، ومن العينات الجوفية الأسطوانية لترسبات التربة، وقيعان البحار، وكتل الجليد التي بقيت متجمدة طيلة مئات الآلاف من السنين، وإحالة كل هذه البيانات إلى صيغ مقروءة وسهلة الدراسة. كيف ستسهل علينا هذه المعارف تصميم برامج محاكاة لمتغيرات تشكل الصخور والآثار التي تتعرض لها لتستحيل إلى صخور متحولة؟
وكيف نستطيع أن نراقب محاكاة حية لتحول ذرات نظائر بوتاسيوم 40 إلى نظائر آرغون 40، وهي العملية التي تأخذ نصف عمر يصل إلى 1.3 مليار سنة؟
وكيف نتمكن من رؤية تمثيل واقعي لاحتباس الشمال المغناطيسي للذرات في المكونات الصخرية؟
بل كيف سوف نستفيد منها في صياغة برنامج محاكاة شامل لتطور أول دماغ من جبل إرهود في المغرب قبل 320 ألف سنة إلى دماغ بشر حديث اجتاز مرحلة ثورة الإدراك؟
“الدراسة المترجمة”
فكرة أن الانقراض الجماعي يسمح للعديد من الأنواع الجديدة بالارتقاء (التطور) هو مفهوم من المفاهيم المركزية في مسألة التطور، لكن دراسة جديدة تستخدم الذكاء الاصطناعي لاستكشاف السجل الأحفوري وجدت أن هذا نادرًا ما يكون صحيحًا، لذلك ، لا بد أن يكون هناك تفسير آخر.
كتاب تشارلز داروين التاريخي، أصل الأنواع ، ينتهي بخلاصة جميلة لنظريته عن التطور، “هناك عظمة في هذه النظرة للحياة ، بقدراتها المتعددة، وسواء تشكلت في عدة أشكال أو في شكل واحد؛ ذلك، في حين أن هذا الكوكب قد استمر في الدوران وفقًا لقانون الجاذبية الثابت، فمن البداية البسيطة جدًا، الأشكال اللامتناهية الأكثر جمالًا والأكثر روعة، ما زالت تتطور”. في الواقع، الباحثون يعرفون الآن أن معظم الأنواع التي كانت قط موجودة قد انقرضت. انقراض الأنواع قد تمت موازنتها بشكل عام تقريبًا بنشأة أنواع جديدة على مدار تاريخ الأرض ، مع وجود بعض حالات عدم التوازن الرئيسية المؤقتة التي يطلق عليها الباحثون أحداث الانقراض الجماعي. لطالما اعتقد الباحثون أن الانقراضات الجماعية تخلق فترات منتجة من تطور الأنواع، أو “التشعبات التطورية”، وهو نموذج يسمى “التدمير الخلاق”. دراسة جديدة بقيادة باحثين تابعين لمعهد علوم الحياة الأرضية (ELSI) في معهد طوكيو للتكنولوجيا استخدما التعلم الآلي لاستكشاف التواجد المتزامن للأنواع الأحفورية، ووجدت أن التشعبات التطورية والانقراضات الجماعية نادراً ما تكون مترابطة، وبالتالي نادراً ما يسبب الانقراض الجماعي تشعبات تطورية على مقياس مماثل.
التدمير الخلاق هو محور أساسي في مفاهيم التطور الكلاسيكية. يبدو من الواضح أن هناك فترات مفاجئة تختفي فيها فجأة العديد من الأنواع، وتظهر فجأة العديد من الأنواع الجديدة . ومع ذلك ، فإن التشعبات التطورية (1) على المقياس المماثل للانقراض الجماعي، والتي بالتالي تسميها هذه الدراسة، التشعبات التطورية الجماعية ، قد حظيت بتحليل أقل بكثير من أحداث الانقراضات. قارنت هذه الدراسة آثار كل من الانقراض والتشعبات التطورية أثناء الفترة التي توفرت فيها الأحافير، والتي تسمى بدهر الحياة الظاهرة (البشائر) (Phanerozoic) (انظر 2). دهر الحياة الظاهرة (من المعنى اليوناني “الحياة الظاهرة”) ، يمثل فترة ال 550 مليون سنة الأخيرة من إجمالي تاريخ الأرض البالغ 4.5 مليار سنة، وهو مهم لعلماء الأحافير القديمة: قبل هذه الفترة كانت معظم الكائنات الحية الموجودة ميكروبات والتي لم تكوّن أحافير بسهولة، لذلك من الصعب رصد السجل التطوري السابق لها.
تشير الدراسة الجديدة إلى أن التدمير الخلاق ليس وصفًا جيدًا لنشأة الأنواع أو انقراضها خلال دهر الحياة الظاهرة (2)، ولذلك اقترحت أن العديد من الأزمنة الأكثر بروزًا للتشعبات التطورية حدثت عندما دخلت الحياة مسارح تطورية وايكلوجية جديدة ، كما حدث من انتشار واسع للتنوع الحيواني الذي نتج عن ظاهرة الانفجار الكامبري وامتداد مناطق الغابات النباتية في العصر الكربوني. ما إذا كان هذا صحيحًا بالنسبة إلى الثلاث مليارات سنة السابقة التي سادت فيها الميكروبات، فهذا غير معروف، لأن ندرة المعلومات المسجلة عن هذا التنوع القديم لم تكن كافية لإجراء تحليل مماثل.
علماء الآحافير القديمة تعرفوا على بعض من أكثر أحداث الانقراض الجماعي شدة في سجل أحافير دهر الحياة الظاهرة. وتشمل هذه بشكل أساسي الانقراضات الجماعية الخمس الكبرى، مثل الانقراض الجماعي في نهاية العصر البرمي، حيث يُقدر أن أكثر من 70 ٪ من الأنواع قد انقرضت. أشار علماء الأحياء أننا قد ندخل الآن في “الانقراض الجماعي السادس” ، والذي يعتقدون أنه ناتج بشكل رئيسي عن النشاط البشري بما في ذلك الصيد وتغيرات استخدام الأراضي الناجمة عن التوسع في الزراعة. أحد الأمثلة الشائعة “للخمس الانقراضات الجماعية الكبرى” السابقة هو الانقراض الطباشيري-الباليوجيني (عادةً ما يُختصر باسم “K – T” أو عصر الدايناصورات، انظر 3 للمزيد من المعلومات) ، باستخدام التهجئة الألمانية للعصر الطباشيري) والذي يبدو أنه حدث عندما ضرب نيزك من النيازك الأرض منذ حوالي 65 مليون سنة، وقضى على الديناصورات غير الطائرة. برصدهم السجل الأحفوري، توصل العلماء إلى الاعتقاد بأن أحداث الانقراض الجماعي خلقت تشعبات تطورية منتجة بشكل خاص. على سبيل المثال، في الانقراض الطباشيري – الباليوجيني للديناصورات، كان من المفترض تقليديًا أن يترك أرضًا قاحلة، مما سمح لكائنات،كالثدييات، بإعادة استيطانها ومواجهتها لحالة من التشعب التطوري، مما سمح بتطور كل أشكال أنواع الثدييات الجديدة، مما مهد في النهاية لظهور البشر. بعبارة أخرى، لو لم يقع التدمير الخلاق الذي أحدثته كارثة العصر الطباشيري-الباليوجيني، فربما لن نكون هنا لمناقشة هذا السؤال.
بدأت الدراسة الجديدة بمناقشة عَرضية في أغوررا “Agora” في معهد علوم الحياة الأرضية ELSI، وهي غرفة مشتركة كبيرة حيث غالبًا ما يتناول علماء وزوار ال (ELSI) الغداء فيها ويعقدون مناقشات جديدة. اثنان من مؤلفي الورقة، باحثة الأحياء التطورية جينيفر هويال كوثيل Jennifer Hoyal Cuthil)) (الآن زميلة باحثة في جامعة إسيكس Essex في المملكة المتحدة) والفيزيائي / خبير التعلم الآلي نيكولاس غوتنبرغ (الآن باحث في كروس لابس (Cross Labs) يعمل بالتعاون مع شركة GoodAI)) في جمهورية التشيك) ، كلاهما باحثان في مرحلة ما بعد الدكتوراه في ELSI عندما بدأت الدراسة، كانا يدوران حول مسألة ما إذا كان يمكن استخدام التعلم الآلي لتصور وفهم السجل الأحفوري. خلال زيارة إلى ELSI ، قبل أن تبدأ جائحة كوفيد-19 في تقييد السفر الدولي، عملا بجهد لتوسيع نطاق تحليلهما لاستكشاف العلاقة بين الانقراض وأحداث التشعبات التطورية. سمحت لهما هذه المناقشات بربط بياناتهما الجديدة باتساع نطاق الأفكار حول الانقراضات الجماعية والتشعبات التطورية. سرعان ما اكتشفا أن الأنماط التطورية التي توصلا اليها بمساعدة التعلم الآلي تختلف بطرق رئيسية عن التفسيرات التقليدية.
استخدم الفريق تطبيقًا جديدًا للتعلم الآلي لاستكشاف التواجد المتزامن للأنواع في سجل أحافير دهر الحياة الظاهرة، واستكشاف أكثر من مليون إدخال في قاعدة بيانات عامة ضخمة منسقة تضم ما يقرب من مائتي ألف نوع.
قالت المؤلفة الرئيسة الدكتورة هوال كوثيل ، “من أكثر الجوانب صعوبة في فهم تاريخ الحياة هي المدى الزمني الهائل وعدد الأنواع المعنية. التطبيقات الجديدة للتعلم الآلي يمكن أن تساعد بإتاحة الفرصة لنا لتصور هذه المعلومات في شكل يمكن قراءته من قبل الإنسان. هذا يعني أنه يمكننا، إذا جاز التعبير، الاحتفاظ بنصف مليار سنة من التطور تحت أيدينا، واكتساب رؤى جديدة مما شاهدناه “.
باستخدام أساليبهما الموضوعية ، وجدا أن أحداث الانقراض الجماعي “الخمسة الكبرى” التي تعرف عليها علماء الأحافير القديمة سابقًا تم التعرف عليها من قبل أساليب التعلم الآلي على أنها من بين أعلى 5٪ من الاختلالات الكبيرة التي تجاوز فيها معدل الانقراض معدل التشعبات التطورية والعكس بالعكس، كما هو الحال بالنسبة للانقراضات السبعة الجماعية الإضافية، ولمجموع حدثي الانقراض الجماعي – التشعبات التطورية، وخمسة عشر حدث تشعب تطوري جماعيًا. من المثير للدهشة، بخلاف الروايات السابقة التي شددت على أهمية تشعبات ما بعد الانقراض، هذا العمل البحثي وجد أن التشعبات التطورية والانقراضات الجماعية الأكثر قابلية للمقارنة نادراً ما تقترن في الزمن المناسب، مما يدحض فكرة وجود علاقة سببية بينهما.
قال المؤلف المشارك الدكتور نيكولاس غوتنبيرغ، “النظام الإيكلوجي ديناميكي، لا يتعين عليك بالضرورة أخذ جزء منه حتى تسمح لشيء جديد بالظهور”.
وجد الفريق كذلك أن التشعبات التطورية قد تسبب في الواقع تغييرات كبيرة في النظم الإيكلوجية الحالية، وهي فكرة يسميها المؤلفون “التدمير الخلاق”. ووجدوا أنه خلال دهر الحياة الظاهرة، في المتوسط ، اختفت جميع الأنواع التي شكلت نظامًا ايكلوجيًا في زمن ما انقرضت كلها تقريبًا بعد 19 مليون سنة. ولكن عندما تحدث انقراضات جماعية أو تشعبات تطورية جماعية ، يكون معدل التحول هذا أعلى بكثير.
وهذا يعطي منظورًا جديدًا لكيفية حدوث “الانقراض السادس” الحديث. شهدت الفترة الرباعية، التي بدأت قبل 2.5 مليون سنة، اضطرابات مناخية متكررة، بما في ذلك التناوب الدراماتيكي للجليد، الأزمنة التي كانت فيها مواقع خطوط العرض العليا على الأرض مغطاة بالجليد. هذا يعني أن “الانقراض السادس” الحالي يضعف التنوع البيولوجي المضطرب أصلًا، ويقترح المؤلفون أن الأمر سيستغرق 8 ملايين سنة على الأقل حتى يستأنف متوسط الفترة الزمنية الطويلة الأمد البالغة 19 مليون سنة. تعلق الدكتورة هوال كوثيل قائلةً: “كل انقراض يحدث في الوقت الذي نكون فيه مسؤلين يمحو نوعًا ربما كان موجودًا منذ ملايين السنين حتى الآن، مما يصعب من عملية التعويض التلقائية للأنواع المفقودة بأنواع جديدة.
للمزيد من المعلومات يمكنكم مشاهدة الفيديو:
https://youtu.be/HGvXRx5qc0k?t=265
مصادر من داخل وخارج النص:
1-https://ar.wikipedia.org/wiki/تشعب_تطوري
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/دهر_البشائر
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/انقراض_العصر_الطباشيري-الباليوجيني
المصدر الرئيسي:
https://eurekalert.org/pub_releases/2020-12/tiot-aif120720.php