الفرق بين الغريزة والحدس
(Instincts and Intuition)
الاختلاف بين الغريزة والحدس
تتشارك كل من الغريزة والحدس في عملية صنع القرار، وغالبًا ما يتم استخدامهما بالتبادل. ظاهريًا، قد يبدو أنهما يعنيان الشيء نفسه، لكن في الواقع هناك اختلافات كبيرة بينهما. هذا الاختلاف مرجعه الصلة بالدماغ ومعالجة البيانات ونوع الاستجابات والمنطق:
الصلة بالدماغ:
الغريزة هي رد فعل تلقائي “تحكمه الأجزاء القديمة من الدماغ، الموجودة في جذع الدماغ والجهاز الحوفي” 1 (P105)، بينما يرتبط الحدس بالأجزاء الجديدة من الدماغ، مثل القشرة المخية الحديثة 1 (ص 105) وهو “يعتمد على وصول العقل الباطن للفرد إلى المعلومات المخزنة فيه من التجارب السابقة والقدرة على التعرف على الأنماط المختلفة منها. وجذع الدماغ هو الجزء البعيد من الدماغ الذي يتكون من الدماغ المتوسط والجسور والنخاع المستطيل. كل مكون من هذه المكونات الثلاثة له هيكل ووظيفة فريدة خاصة به. لكن في مجموعها تساعد هذه المكونات الثلاثة في تنظيم التنفس ومعدل ضربات القلب وضغط الدم والعديد من الوظائف المهمة الأخرى.
معالجة البيانات:
الغريزة هي “قدرة طبيعية تجعل الكائن الحي يتصرف بطريقة معينة دون الحاجة إلى تعلمه أو التفكير فيه” 1 (ص 105) ، وتُفهم عمومًا على أنها الجزء الفطري من السلوك الذي يظهر دون أي تدريب أو تعليم 1 (P105). بينما يشتمل الحدس على قدر من المعرفة والوعي. أثناء العمليات البديهية، تأخذ عقولنا كميات هائلة من المعلومات، وتعالجها بشكل شامل وسريع، لدرجة أننا لا نستطيع ادراك ما يجري خلال هذه العملية التلقائية، لكننا نحصل في النهاية على نتيجة هذه العملية. فالحدس يتم اكتسابه من خلال الخبرة ويمكن تعزيزه من خلال التدريب أما الغريزة فتبقى ذاتية المنشأ.
الاستجابات:
ترتبط الغريزة بالاستجابات التلقائية تحت المستوى الواعي 1 (ص 107). وهي تحدث بشكل طبيعي دون تفكير بينما تستند استجابة الحدس إلى عملية دقيقة تتم فيها معالجة البيانات اللاواعية وتقديمها على أنها حدس أو رؤى أو تفاهمات واعية.
الاستدلال:
الغريزة تصنع استجابة معقدة ومحددة للمحفزات البيئية دون إشراك العقل ، فهناك غرائز أساسية مهمتها الحفاظ على الذات. بينما تتضمن الاستجابة البديهية الحدسية “معالجة البيانات الغريزية باستخدام التفكير المنطقي والتحليلي” 1 (P105).
الاستفادة من قوة الحدس
يوجه الحدس قراراتنا إلى طريق النجاح. إذ يمكن للفرد أن يتعلم اتخاذ قرارات بديهية وأن يصبح شديد التكيف في عالم التغيرات السريعة. يستغرق التفكير العقلاني وقتًا أطول لإدراك الفرص واغتنامها بينما يمنحنا الحدس ما نحتاجه بشكل أسرع ويدفعنا بشكل أسرع إلى النجاح من خلال اقتناص الفرص فور ظهورها. يستخدم قادة الأعمال الكبار والمتميزون عقلهم البديهي والعقلاني معًا. لقد وصف العديد من الأفراد الناجحين جدًا في مجال العلوم والأعمال والسياسة والرياضة مدى استفادتهم من الحدس في نجاحاتهم 1 (ص 114). فالحدس يجعلنا نسمع صوت الحذر من داخلنا، ويساعدنا على تغيير منهجنا لحل المشكلات بسرعة. ويمكن أن يبعدنا استخدام الحدس عن المتاعب والوقوع في الشرك وأن يجلب لنا السلام والسعادة.
تمرين البوصلة البديهية*
يساعد هذا التمرين الأفراد في البقاء على “مسار التدفق والتزامن” 1 (P121) ، بمعنى أن الأحداث في الحياة تجري في مسارات معينه ولكن ظهورها يتزامن مع وقائع تتسبب في ظهورها. هذا المسار تم تصميمه لمساعدة الأفراد على متابعة المجريات الطبيعية في الحياة وبالتالي امتلاك قدرة البقاء على المسار الصحيح. فالبوصلة البديهية هي نهج لصنع القرار وحل المشكلات يساعد على العمل بشكل أفضل للوصول إلى الذكاء البديهي وتطبيقه بأساليب نموذجية تعتمد على التحليل والمنطق ، فهو يقسم عمل العقل وعملية صنع القرار إلى عدة مكونات واضحة.
ممارسة هذا التمرين تساعد على جعل الفرد “ذكيًا بشكل حدسي”، فيصبح أكثر ذكاءً في اختياراته، واستغلاله للوقت، وتَفهُم الأشياء الغريبة، وتطوير نفسه بشكل أسرع. يوفر هذا التمرين تدريبًا منهجيًا للوصول الى خيارات ذات معدلات نجاح أعلى للتغلب على الصعوبات. وهو يتضمن استخدام الخبرات السابقة للتكيف مع الظروف والتحكم في الرغبات والمخاوف. ويمكن لهذا التمرين أن يعزز القدرة على إدراك نتيجة الاختيارات بشكل حدسي وتحقيق حياة أكثر سعادة. فهذا المسار يتبنى مواءمة الطاقة مع الغرض الذي نسعى اليه من خلال استغلال طاقتنا بصورة صحيحة.
*تمرين البوصلة الداخلية هو تطوير الإتصال مع نفسك. وبإختصار هو تحويل إنتباهك عن الآخرين والتركيز على نفسك بعدة طرق مثل: التفكر بأن لديك بوصلة داخلية – حاول إكتشافها – إسأل نفسك هل شعورك وقلقك يتوافق مع بوصلتك الداخلية؟ – توقف إذا اكتشفت أن سبب القلق هو بشأن ما يفكر به الآخرون – عد الى نفسك مجددا وإسألها: ما الذي يجعلني أشعر بالإرتياح؟ ما الذي يجعلني قلق ومشتت؟