لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه نصيحةً طبية ناجحة ومفيدة وشافية لمرضٍ ما من شخصٍ لا علاقةَ له بالطب سوى حب الشهرة وإن على حساب صحة وحياة الآخرين، وإن أحسنَّا الظنّ به فهي تجربة فردية وخاصة نجحت في حالته، ولا يستحسن أن يجربها غيره ويعتمدها ويترك الدواءَ ورأي الطبيب فتزداد حالته سوءًا، أو يموت.
نصائح عن كميةٍ من هذه العشبة أو هذا الغذاء أو الشراب واخلطه، ثم ملعقة في الصباح والمساء، وتشفى بإذن الله وشارك هذه الوصفة من تحب! هذه الوصفات العشوائية التي تستهدف المرضى والأصحاء على حدٍّ سواء نجدها لكلِّ شيء؛ تجميل الوجه وإعادة الطاقة، وأخطرها مرض السكري والضغط والسرطان والكلى – حمانا الله وإياكم – فالذي يهمل الدواءَ أو يغير في مقاديره دونَ استشارة الأطباء المختصين حتماً تصيبه أضرارٌ مهلكة على المدى البعيد.
صاحب المرض المزمن قد يمل من الدواء ويبحث عن القشة التي تخلصه من تناوله كلَّ يومٍ دون انقطاع، فلا يجوز وصف الأمل البائس والدواء الخاطئ له فليست صحة الناس، وعلى الخصوص من كبر في السن أو لا يدرك خطورةَ التجارب الفردية، محط تسلية أو تجميع شهرة.
ليس غريباً أن يكون في بعض الخلطات والأعشاب دواء محتمل، لكن كيف ومتى وكم ولماذا؟ هي أسئلةٌ من المفترض أن تستثمر فيها شركاتُ الأدوية زمناً طويلاً وأموالاً كثيرة وتجارب عدة، وبعدها تجني هذه الشركات الربحَ الوفير وتنشر نتائجها وأبحاثها في نشراتٍ عالمية معروفة، ومع ذلك قد يكون لبعض الأدوية مساوئ لا تظهر إلا بعد عشرات السنين وبعد أن يتناولها عددٌ كبير من المرضى. كذلك طورت بعضُ المجتمعات وصفاتٍ محلية تنفعها، جربها كثيرٌ من الأجيال وليس فردًا واحدًا، وبعد كل هذه التجارب أصبحت – تقريباً – دواء متعارفا عليه، ولا بديل عنه.
حذارِ من هذه الوصفات والاغترار بها دون معرفتها الكاملة، أو مراجعة أصحاب الاختصاص، فبعضها قد يضاعف المرضَ مرات، أو يُنشئ أمراضاً جديدة، على الخصوص من رحمهُ الله وابتلاه بأمراضِ القلب والكلى والضغط والسكري والسمنة، وغيرها من عوارض الجَسد. وإن بعضها نجح معك وحصلت على فائدة فلا تشاركها غيرك بعشوائية وعدم انضباط، وإن بحسن نية.