أودع الله سبحانه وتعالى في باطن الأرض كنوزًا كثيرةً، ومنها الألماس وهو من الأحجار الكريمة الثمينة النادرة التي تتكون في باطن الأرض. وهو الحجر الوحيد من بين جميع الأحجار الكريمة المتكون من عنصر واحد، حيث يتكون في أعماق الأرض من عنصر الكربون فقط تحت الضغط والحرارة العاليتين وبظروف غير معلومة.
وبالرغم من أن الكربون هو أيضًا المكون الأساسي للغرافيت والفحم الحجري، إلا أن خصائص كل منهما تختلف عن الآخر بشكل كبير؛ هذا الاختلاف غير ناجم عن التركيب الذري وإنما بسبب الشبكة البلورية، حيث يؤدي الاختلاف في تركيب الشبكة إلى هذا الفرق الشاسع في الخصائص.
ويتشكل الألماس الطبيعي عادة على مدى مليارات السنين – كما يقول علماء الجيولوجيا – على عمق حوالي ١٥٠ كم في الأرض حيث توجد ضغوط عالية ودرجات حرارة أعلى من ١٠٠٠ درجة مئوية. ويستخرج معظم الألماس من الفوهات البركانية حيث تلقي به الحمم البركانية التي تحضره من أعماق الأرض البعيدة. وتقع معظم مناجم الألماس في وسط وجنوب أفريقيا، وهناك كميات لا بأس بها في كلِ من كندا وروسيا والبرازيل وأستراليا. ويستخرج ما يعادل ١٣٠ مليون قيراط، أو ٢٦٠٠٠ كيلوغرام، من الألماس سنويًا، وهو ما يعادل قيمته ٩ مليار دولار أمريكي.
ويصقل الألماس بعد استخراجه من مناجم الأرض، ويتم تقطيعه ليصبح حجرًا كريمًا لمَّاعًا يبهر الناظرين، وعنصرًا مهمًا في صناعة المجوهرات والحلي. ولتميزه بصفات فيزيائية كثيرة، أشهرها الصلابة والقساوة، أصبحت له استخدامات صناعية كثيرة مثل طلاء الحفَّار الذي يستخدم لحفر الصخور الصلبة في الآبار العميقة بحثًا عن البترول والغاز الطبيعي، بالإضافة إلى استخداماته في الأجهزة الإلكترونية والأجهزة الطبية والمعدات الصناعية وقص الزجاج وغيرها.
ويتميز الألماس بأربع خصائص وصفات هي: اللون، الوزن، الوضوح، والقطع، وهي بغايـة الأهمية وعليها يُقدَّر ثَمنُه وقيمتة الجمالية. وتعتبر هذه الخصائص مهمة لِقاطعي الأحجار عند الصقل والتشكيل، ومهمة أيضا لمُركِّب الأحجار عند تركيب أحجار ألماس فـي المجوهرات، ومهمة لتاجر الألماس فعليها يقدِّر ثمن الحـجر، وأيضا لِهواة جمع الأحجار الكريمة والباحثين عن الثراء.
وقد اجتهدت مراكز الأبحاث والشركات في انتاج الألماس الصناعي (يُشار إليه أيضًا باسم الألماس المزروع في المختبر، أو الألماس المصنوع في المختبر، أو الألماس المستنبت)، وهو ألماس مصنوع من نفس مادة الألماس الطبيعي: كربون نقي، متبلور في شكل ثلاثي الأبعاد مُوَحَّد الخواص. وهناك عدة طرق لإنتاجه، وتَستَخدمُ الطريقة الأصلية ضغطًا مرتفعًا ودرجة حرارة عالية. ولا تزال مستخدمةً على نطاق واسع بسبب تكلفتها المنخفضة نسبيًا. وتتضمن العملية مكابس كبيرة يمكن أن تزن مئات الأطنان لإنتاج ضغط ٥ جيجا باسكال عند ١٥٠٠ درجة مئوية. أما الطريقة الثانية، فباستخدام ترسيب البخار الكيميائي، حيث تخلق بلازما كربونية فوق ركيزة ترسب عليها ذرات الكربون لتشكيل الألماس. وهناك طرق أخرى تشمل التشكيل المتفجر (تشكيل الألماس النانوي التفجيري) وصوتنة (استخدام الطاقة الصوتية لتحريك الجسيمات) محاليل الجرافيت. ويتم إنتاج الألماس الاصطناعي بكميات تقارب أربعة أضعاف الكمية المستخرجة طبيعيًا، وذلك لسد الطلب المتزايد على الألماس الطبيعي وقلة المعروض وأسعاره فلكية.
ومؤخرًا ولأول مرة، تمكن فريق من العلماء من أستراليا والولايات المتحدة بقيادة البروفيسور جودي برادبي والبروفيسور دوجال ماكولوتش، في دقائق معدودة في المختبر وفي درجة حرارة الغرفة، من ابتكار نوعين من الألماس: الألماس العادي، ومرحلة شبيهة بالألماس تسمى لونسدايليت (توجد في الطبيعة في مواقع سقوط النيازك). هذه العملية – عادةً – تستغرق في الطبيعة مليارات السنين، وكميات هائلة من الضغط ودرجات حرارة عالية جدًا. ولا يزال هناك الكثير مما لا يُفهم حول كيفية تشكل الألماس، خاصة في درجة حرارة الغرفة وبدون محفزات.
واستخدمت في الدراسة الجديدة تقنيات المجهر الإلكتروني المتقدمة لالتقاط شرائح صلبة وسليمة من العينات التجريبية لإنشاء لقطات عن كيفية تشكل الألماس النانوي ولونسداليت الذي يحتوي على بنية بلورية مختلفة عن الألماس العادي، ومن المتوقع أن يكون أكثر صلابة بنسبة ٥٨٪. وخلصت الدراسة الى نتائج رئيسية قد تمكن من تصنيع الألماس وغيره من المواد النانوية المهمة تقنيًا بسهولة أكبر. وفي ظني، سوف لن يطول الوقت لنتمكن من شراء الألماس بأسعار معقولة، ويصبح الألماس أرخص الأحجار الكريمة.
المصادر:
[١] ويكيبيديا [٢] http://www.sci-news.com/physics/room-temperature-diamond-09069.htmlمصادر الصور:
- https://www.aleqt.com/2017/11/05/article_1278316.html
- https://www.facebook.com/141439029954739/posts/429520557813250/