علاقة القائد بالجمهور
العلاقة بين القائد وأتباعه لا بد أن تكون علاقة إنسانية، تتمحور حولها عمليات القيادة {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران 159).
فنجاح القادة في التأثير على تابعيهم لا يعتمد على موقعهم في سلم القيادة ولا مركزهم الاداري بقدر ما يعتمد على وشائج العلاقة التي تربط القائد بتابعيه. فمهمة القائد ودور الأتباع نظام تكاملي، ذلك لأن دور القائد لا يمكن أن يقوم به الكل من الجمهور والقائد لا يمكنه تأدية دوره دون دعم ومساندة الجمهور [ألا وإن لكل مأموم إمام يُقتدى به، ويستضيء بنور علمه؛ ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه، ومن طُعمه بقرصيه، ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفة وسداد] (نهج البلاغة – من رسالة إلى عثمان بن حنيف الانصاري).
وهذه دعوة مفتوحة الى التحلّي بالصفات والخصال الحسنة لنكون افراداً ناجحين ومفيدين في المجتمع. فأمير المؤمنين، الإمام علي عليه السلام، يدعو كل فرد لأن يتحمل مسؤوليته من خلال إعانته كقائد ملهم ونموذج للشخصية المتكاملة والناجحة، في تطبيق بنود أربعة تشمل الورع والاجتهاد والعفّة والسداد وهي منظومة من المناعات وصمامات أمان، يمكننا اتباعها لتحسين واقعنا كأفراد وجماعات وبالتالي تحقيق تقدم وتطور مجتمعنا ومن ثم المساهمة في تغيير واقع الامة والعالم إلى ما هو أفضل.
اتخاذ القرار
يحتاج القادة إلى النزاهة والشفافية والتحلي بالعدالة والصدق والتعاطف في جميع الأوقات لكي يتمكن من اتخاذ القرار الصائب والفعال الذي يقبله الجمهور. فعلى القائد أن يكون عادلاً في معاملته ويمتنع عن المحاباة لمجموعات معينة أو التحيز لها ضد مجموعات أخرى لأن غياب العدالة سيؤدي الى رفض نتائج القرارات ، ومقاومة التغيرات المقترحة ، والبحث عن طرق بديلة لتحقيق التوازن في مقاييس العدالة.
كما يجب على القائد التعاطف مع اتباعه وتقديم الرعاية المناسبة لهم للتخفيف من أي آثار سلبية للقرار المتخذ وخاصة عندما لا تكون نتائجه في صالحهم. فالتعاطف مع المتضررين من الناس في جميع الأحوال نافع ومفيد وعلى القائد الناجح أن يتفهم ما يترتب على قراره من انعكاسات مالية ونفسية واجتماعية حتى لا تحدث “ولاءات ذاتية” و “عقد نفسية” تقود إلى ثقافة عدائية وسلوكيات غير سوية تؤثر على المجتمع سلباً في المدى البعيد.
وعلى القائد العمل لجعل الناس أكثر قبولاً للتغيرات والتحديات التي قد يحدثها اتخاذ القرار. وهذا القبول يمكن تحقيقه باشراك المتأثرين بنتائج القرار في عمليات واجراءات اتخاذه وجعلهم مجموعة أساسية وداخلية من الحراس ضد أي تحيز قد يمارس في صنعه من خلال معارضتهم لأي حلول سيئة ، والمساعدة في التوصل إلى حلول أفضل ، وبالتالي كسب ثقتهم وتأييدهم للقرار المتخذ. ففهم الناس للتحديات التي يحدثها التغيير المصاحب للقرار الذي شاركوا في اتخاذه يمنحهم إحساسًا بالسيطرة والشعور بالملكية النفسية لأي تغييرات تخصهم.
وعلينا الا نخشى من الخلاف والتوتر الذ قد يحصل مع أو بين أعضاء المجموعة بسبب إشراكهم في عملية اتخاذ القرار، فهذه المشاركة يمكن أن تكون ايجابية وتؤدي إلى فهم أعمق للمشاكل وتسهيل ايجاد حلول لها. فالتحليلات النقدية للمجموعة ستجعل القرار أفضل. لكن علينا أن ندرك أيضاً إن النقاش يمكن أن يكون مدمرًا إذا جعلناه شخصيًا أو متسرعاً أو محابيا. ولضمان أن يكون الصراع مثمرًا، يجب التركيز على الأفكار والعواقب والنتائج والفوائد ومناقشة الخلافات بناء على حيثياتها وليس اصحابها. قد ندرك أن المشكلة سببها شخصي، ولكن تأطيرها في حيثياتها المادية سيعطي نتائج مثمرة.
خدمة ومساعدة الآخرين
يتوق القادة الجيدون بطبعهم إلى تحقيق الأفضل للآخرين وهم مستعدون لتحمل المصاعب لخدمة ومساعدة المحتاجين برغبة حقيقية.
لَن يَنالَ العُلى خُصوصاً مِنَ الفِت *** يانِ مَن لَم يَكُن نَداهُ عُموما
ربما يشعر المرؤ أحياناً إن أداء الآخرين لعملهم بصورة جيدة سيكون سبباً في اخفاقه، وهذه ردة فعل بشرية طبيعية لما قد يشعر به من تهديد ، وبالتالي خلق شعور بالرغبة في الامتناع عن تشجيع ومساعدة الآخرين. القادة الواعين ينتبهوا لهذه النقطة ويفهموا بأن هذا الأمر غير صحيح. المهم هو أن يجتهد الأنسان في عمله ويتقن ادائه ليكون النجاح حليفه، اما نجاح الآخرين فلن يؤثر سلباً عليه بل على العكس سيكون نجاحهم حافزاً له لبدل المزيد من الجهد والمثابرة لتحقيق نجاحه كما أن مساعدة الآخرين ستجعله محبوب أكثر، وبالتالي تقوية علاقته بالناس مما سيحسن فرصه في النجاح وأن يصبح قائدا طبيعياً لأن الناس بطبيعتهم يثقون بمن يسعى لتحقيق العدالة والمساواة بينهم وخدمتهم، ويميلون للأشخاص الذين يشجعونهم ويأنفون المحبطين الأنانيين.
في بيئة العمل، يمكن ملاحظة هذا التأثير في المعاملة من خلال أعمال اللطف أو الإيثار التي يتسم بها بعض القادة. فالقادة المحبوبين على سبيل المثال لا يقفون مكتوفي الأيدي إذا شعروا إن العدالة لا تأخذ مجراها بل يهبون للتدخل لوضع حد للمشكلة فهم لا يهابون ولا يجبنون عن نصرة المظلوم حتى وإن كانت الأمور غير مواتية لهم.
كما يلاحظ إن هذا النوع من القادة يساعدون زملائهم في حل مشاكلهم والوقوف الى جانبهم في المهمات الصعبة والتهدئة من روعهم اثناء المصادمات وتقديم الأفكار الجيدة لهم ومساعدتهم على تخطي الصعاب وتحقيق النجاح. ويمكن للقائد بث هذه السلوكيات وتعزيزها بتشجيع التعاون وابراز قيم الايثار كصفة من صفات القادة الخيرين.
صنعُ الجميلِ وَفعلُ الخيرِ إِنْ أُثِرا *** أبقى وَأحمد أَعمال الفتى أَثَرا
بَلْ لستُ أَفهم معنى للحياة سوى *** عن الضعيفِ وإنقاذ الذي عثرا
والناسُ ما لم يواسوا بعضَهمْ فهمُ *** كالسائماتِ وَإِن سمَّيتهمْ بشرا
دور المعلم
لا شك إن للمعلم والمربي دور مهم وأساسي في تنشئة القادة الصالحين اللذين يحتاجهم العالم إبتداء من الأطفال الذين يقودون إخوتهم واقاربهم اثناء اللعب والمرح، وزملائهم في مراحل الدراسة، إلى المديرين التنفيذيين رفيعي المستوى في المؤسسات والشركات، ووصولاً الى الشخصيات السياسية في المحافل الدولية على مستوى العالم الذي يحتاج الى قادة صالحين يسهمون في المحافظة عليه من الخراب والدمار وعواقب الأشرار ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران -104) مصداق لهذا المطلب.
ويكمن دور المعلم في تنمية مواهب الطالب ومهاراتهم المتعددة ومساعدتهم في تحصيل العناصر الثقافية الضرورية لنمو شخصيته القيادية التي يحتاج إتقان فنونها ومعرفة علومها ليكون قادرًا على تحقيق النجاح في الحياة عبر بناء العلاقات السوية، والإعداد الجيد، والسلوك الحسن، والقيادة الفعالة. فالوطن يقوم على كاهل ثلاثة: “فلاح يغديه وجندي يحميه ومعلم يربيه”.
إن استغلال المعلمين والمربين لفرص تنمية مهارات التلاميذ في الإتجاه الصحيح وتشجيعهم ومساعدتهم وتمكينهم في عمل وانجاز المناسب من المنتجات الموائمة لقدراتهم وطموحاتهم، سيمكنهم مستقبلاَ أن يكونوا قادة مقتدرين وفعالين في عالم هو أحوج ما يكون للاستفادة من قدراتهم. فتقدم المجتمعات يحتاج الى القادة المهرة الشجعان لتغيير الأشياء إلى الأفضل وبدون قيادة واعية فاعلة سيظل المجتمع جامداً ومتداعي للسقوط. فدعونا نسعى جاهدين لمنح تلاميذنا الاهتمام والتشجيع من خلال تنمية مهاراتهم القيادية ليتمكنوا من مواجهة تحديات الغد.
وإذا كان للبيت أثره الايجابي فذاك مكسب مهم لا يستهان به. الا إنه يبقى محدود الأثر كماً وكيفا وعادة ما يكون مقتصراً على مستوى شريحة محدودة من المجتمع لا تشمل شرائحه العريضة لاختلاف امكانيات الأهالي وقدراتهم. ومن هنا يأتي دور المعلمين المثقفين الذين عليهم الاستثمار بوعي ودون كلل في إعداد طلابهم للإزدهار في عالمهم المستقبلي وتشجيعهم على أن يكونوا من نوع القادة الذين يريدهم ويحتاجهم العالم. ويكمن دور المعلم في النقاط التالية:
1- الملاحظة المنهجية
استثمار المعلمين في تطوير القدرات القيادية للطلبة، سيؤدي الى تراكم خبراتهم وبمرور الوقت ستكون النتيجة الحتمية هي نمو فكرهم القيادي. هذا الاستثمار يمكن أن يبدأ بالملاحظة المنهجية للتلاميذ وتخصيص سجل لكل منهم ليسهل معه تحديد ميزات التلميذ وتعزيزها والاضافة اليها.
هذا النهج سيمكن المعلمين من معرفة اولئك الذين يمكن أن يصبحوا قادة عظماء في المستقبل وبالتالي التركيز على تنمية قدراتهم القيادية وفي نفس الوقت استثمارهم في خلق الروح القيادية عند زملائهم. وتعد المشاريع الجماعية وتفاعل الطلبة مع بعضهم البعض والرحلات الطلابية والأنشطة الغير صفية والفرق الرياضية وفرق الكشافة طريقة مفيدة لمراقبة خصائص القائد في مجموعات الطلاب.
2- اكتشاف الصفات القيادية
على المعلمين أن يحرصوا على استكشاف الصفات القيادية في جميع طلابهم دون استثناء وتنبيههم إليها وإذكاء جذوتها ومتابعة تنميتها وتطويرها. كما أن عليهم أن يخلقوها في اولئك الذين لا تكون واضحة عندهم ومساعدتهم في التغلب على العوائق والعقد والمخاوف التي تمنعهم من ابراز انفسهم والتصرف كقادة أو يترددون في لعب ادوار قيادية عند قيامهم بإنجاز المهام التي توكل اليهم.
3- غرس روح التعاون
ومن المهارات المهمة التي يحتاج المعلمون العمل على تنميتها عند الطلاب وتدريبهم عليها وغرسها فيما بينهم ليصنعوا من انفسهم قادة، مهارة التعاون. هذه المهارة لها قيمة اخلاقية كبيرة كما أنها تتضمن مجموعة من سلوكيات التسامح والمرونة والمودة؛ ومجموعة من المهارات مثل التقييم والتحليل والقدرة على الاستنتاج؛ والتعلم باستغلال نقاط القوة والتغلب عل نقاط الضعف؛ ويستطيع المعلمون استغلال الأنشطة اللاصفية لتعليم الطلاب مهارة التعاون.
تسمح الأنشطة اللامنهجية للطلاب بالقيادة ويمكن الاستفادة منها لهذا الغرض. يستطيع المعلم تكوين مجموعات صغيرة من الطلاب، وتشجيعهم على تطوير القيادة في هذه المجموعات المدرسية التي تجتذب الطلاب اصحاب المهارات القيادية. كما يمكن للمعلمين إنشاء نوادي تخصصية في المواضيع المختلفة مثل التاريخ والجغرافيا أو الرياضيات والتكنولوجيا أو حتى المواضيع ذات الصلة بثقافة الفرد والاهتمامات الشخصية كصيد الأسماك والرحلات، فالمهم هو إعطاء الطلاب فرص القيادة لإدارة الاجتماعات والتخطيط للمشاريع.
4- التدريب على اتخاذ القرار
مساعدة المعلم لطلبته وتدريبهم على كيفية اتخاذ القرارات الصائبة أمراً بالغ الأهمية لتنمية قدراتهم الادارية. فصنع القرار الجيد مهارة أساسية لأمور القيادة وهناك حاجة ماسة لصناع القرار الجيدين في عالم اليوم. عندما يحسن الطلاب مهاراتهم في اتخاذ القرار، فإنهم سيزيدون من قيمتهم بين أقرانهم وفي أسرهم ومجتمعاتهم وفي وظائفهم المستقبلية. يمكن للمعلمين في المدرسة ملاحظة امتلاك الطلبة القيادين القدرة على نقل أفكارهم إلى زملائهم بطريقة مقنعة. فإذا كانت لديهم فكرة عن كيفية عمل شيء، فإنهم يعرضون اقتراحاتهم بطريقة منفتحة وذات صلة بالموضوع ويجعلون كلامهم مقصودًا ليكون مؤثراً، فهم لا يطلقونه جُزافًا على عواهنه ليكون خبط عشواء، فيخطئ هدفه.
وإن كلام المرء في غير كنهه *** كالنبلِ تهوي ليس فيها نصالها
5- التعود على الصدق والأمانة
الصدق وقول الحقيقة من الفضائل المهمة التي يستوجب عل المعلم غرسها في الطلاب ليتعودوا على ممارستها منذ سن مبكرة. والصدق لا يعني مجرد تجنب الكذب، بل يعني النزاهة وتجنب الخداع والصراحة وعدم المواربة. المدرس بخبرته وحكمته وقربه من الطلاب يستطيع التعرف على مصداقيتهم والتنبه لها وتشجيعهم على الثبات عليها حتى يغرس فيهم هذه القيمة وهي من أهم قيم القيادة الأخلاقية.
الصدق يعقد فوق رأ *** س حليفه بالصدق تاجا
والصدق يقدح زنده *** في كل ناحية سراجا
6- تنمية الحس القيادي
عندما يقوم المعلم بتقييم طريقة تعامل الطلاب مع المسؤولية بشكل إيجابي، يمكنه معرفة الطلبة اصحاب الحس القيادي والذين يملكون القدرة على التفكير بسرعة تحت الضغط ويقومون أولاً بتقيٍّيم الموقف الذي يُوضعون فيه ويجتهدون للتوصل إلى نتيجة منطقية حول أفضل مسار للتعامل مع هذا الموقف ومن ثم يتخذون قرارهم من واقع الإحساس العالي بالمسؤولية ويكون لديهم شعور قوي لكيفية اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
وبناء عليه يستطيع المعلم وضع هؤلاء الطلاب في موقع المسؤولية بإشراكهم في فرص القيادة في الفصل الدراسي – بدءًا من إدارة مناقشة الدرس وحتى توزيع الأوراق. كما يمكن للمعلم أن يطلع على بعض الأمثلة المفيدة عن القادة واقحامهم في مناقشات هادفة حول القيادة الجيدة – كنقاش سبب نجاح قائد مشهور أو حديث عن القيادة التي يجب على مدير المدرسة ممارستها أو تلك التي يمارسها والديهم في تربيتهم.
ويمكن للمعلم إشراك الطلبة في تحسين الثقافة المدرسية بتقمص دور القادة. ومن الأمثلة التي يستطيعون لعب أدوار مهمة فيها وتنمي مهاراتهم وقدراتهم القيادية: إيقاف التنمر، ورفع الوعي البيئي، وتعزيز فهمهم للثقافات الأخرى، وكتابة مواضيع عن التطوير الذاتي.
لاحظ أحد المعلمين الحرص الدائم لأحد طلابه على تدوين ملاحظاته بجدية فائقة، والاهتمام بدروسه إلى حد التفاصيل والمبادرة بالسؤال عما يشكل عليه أمره. المعلم لم يجعل هذه الملاحظة تمر مرور الكرام بل اتخذها كفرصة لتشجيع تلميذه على تنمية مهارته القيادية قائلاً له بأنه سيكون قائدًا عظيمًا خلال عشرين عامًا. نصح المعلم هذا التلميذ أن يستمر في تعلم فنون القيادة مدى الحياة بقراءة الكتب والاستماع إلى القصص بانتظام ومواصلة حضور الندوات وتدوين كلما يقع في يديه من اقتباسات مهمة بشأن القيادة أو أي تجربة يرى فيها بعداً مفيداً له في المستقبل. ومما لا شك فيه أن ما قام به هذا المعلم الفاضل من توجيه لتلميذه يمكن أن يقوم به جميع المعلمين الأفاضل.
سُبحانكَ اللهم خيرَ معلمٍ *** علّمتِ بالقلمِ القرونَ الأولى
أخرجتَ هذا العقل من ظُلُماتهِ *** وهَديتهُ النورَ المبينَ سبيلا
7- تقوية السلوك الإيجابي
ويمكن للمعلم تدريب التلاميذ على السلوك الإيجابي من خلال وجوده معهم كمتخصص في التربية لجعلهم يؤمنون بأنفسهم ويثقون بها ليكونوا ايجابيين. كما على المعلم تعليمهم المهارات اللازمة لبذل الجهد الفعال، ووضع الأمور في نصابها وحثهم على المزيد من الجد والاجتهاد ليؤدوا عملهم بشكل جيد ، فالقدرة على الأداء الجيد يساعد على تنمية الثقة بأن لديهم قوة عقلية كافية لإنجاز المهمات الصعبة بتفوق إذا ما بدلوا ما يلزم من جهد لفعلها. فإتقان العمل يولد الثقة والثقة تولد التفاؤل والتفاؤل يولد الإيجابية في التعامل مع الناس.
عندما يتم منح الطلاب فرص التدرب على القيادة ربما يتعرضون للفشل، فيكون دور المعلم دعمهم بالمساعدة في التخفيف من سلبية التعثر وتشجيع العودة للقيام بالمهمة المطلوبة.
8- زرع الثقة
ثقة الطلبة بأنفسهم تلهمهم التفاؤل وتجعلهم ايجابيين وإذا استطاع المعلم خلق جو عام من الإيجابية ترسخت في اذهانهم وصارت جزء من طباعهم الذي يرافق سلوكهم ويساعدهم على تنمية فعالياتهم لتحفيز الآخرين وتنميتهم من خلال آليات التمكين والمشاركة والتعاون للعمل الهادف.
كذلك يستطيع المعلم زرع الثقة في التلميذ الذي يخجل ولا يرغب في الوقوف امام زملائه باستدراجه واشراكه في مساجلات بسيطة للتحدث عن موضوع سهل محبب إليه وذلك لإزالة الرهبة منه وتعويده على التحدث امام الجمهور.
9- ترسيخ نقاط القوة
على المعلمين أن يسعوا الى ترسيخ نقاط القوة في طلبتهم ويستخدمونها لتقوية شخصياتهم، وفي نفس الوقت يقومون بترميم مواطن الضعف بعدما يجعلونهم واعين لها. من هنا سيتعلم الطالب كيف يكون قائداً جيداً بتسخير هذه الميزات لتحقيق الهدف. إدراك أن كل شخص لديه مواهب وقدرات وله نقاط قوة وضعف هو واحد من أهم مفاتيح القيادة.
فعلى سبيل المثال عندما يخاطب المعلم تلميذه يا هُمام “رسمتك للحصان في المرعى رائعة جداً، أنت فعلاً رسام ماهر. هللا تعاونت مع مجموعتك الفنية وشجعتهم لرسم لوحة فنية لقوارب الصيد الراسية على الشاطئ لنضعها على حائط المدرسة”.
10- تنمية الشغف
الطلاب القياديون يدركون هدف الدرس فيسعون الى فهمه ومعرفة دهاليزه لإتقانه ويكونوا مدفوعين للوصول إلى هدفهم بشغف. فهم يرغبون في النجاح الشخصي ولهم رؤية خاصة بأهدافهم قد تتجاوز ما حددها لهم المعلم مما يجعلهم يبدعون في دروسهم وبالعمل الذي يقومون. فتراهم يتقدمون باقتراحات بناءة ويأخذون زمام المبادرة للبدء في المهمة وإدارتها لتحقيق الهدف المنشود.
إذا مـــا طمحــتُ إلــى غايــةٍ *** ركــبتُ المُنــى ونسِـيت الحـذرْ
ومــن لــم يعانقْـه شـوْقُ الحيـاة *** تبخَّـــرَ فــي جوِّهــا واندثــرْ
تتبع فريق للأبحاث السلوكية من كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد عيِّنةً عشوائية من طلاَّب السنة النهائية، ولاحَظ الباحثون أن عشرةَ طلاَّب من مائة طالب وضَعوا أهدافًا محددة، مفصَّلة، مكتوبة، ووضَعوا خططًا لتحقيقها. وبعد مرور عشر سنوات تابع فريقُ الأبحاث أفرادِ العينة، فوجَدوا أن ما يملِكه الأشخاصُ العشَرة الذي حدَّدوا أهدافهم كتابةً يعادلُ (96%) من إجمالي الثروة التي يملِكها الآخَرون [2].
وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
وما أستعصى على قوم منال *** إذا الإقدام كان لهم ركابا
لدينا جميعًا الرغبة والاستعداد لنكون قادة ، فالقيادة تعطينا القوة والسلطة لتحسين اوضاعنا الشخصية والأسرية والمجتمعية على مختلف المستويات وفي جميع المحافل ، وهذه الغريزة الطبيعية والرغبة الأساسية مستمرة في بني الإنسان وعلينا تنميتها. من الطبيعي أن تكون القيادة صعبة وتتطلب التفاني لإتقانها، وعلينا ألا نتوقف عن التعلم لإتقان فنونها.
اولا تشكر ابو حسن لهذه السلسله من المقالات الايجابيه والغنيه بافكارها واهميتها وثانيا للقياده الدور الاكبر في الوصول للاهداف المراد تحقيقها واعتقد كاضافه اذا سمحتوا لي بان تكون للعائله دور في تهيئة افرادها ممن لهم فطرة القياده وزجهم في مهمات والاب والام لهم الدور الرئيس في اكتشاف وتطوير هذه الملكه من خلال نماذج حيه في البيت ومحيط الاسره وكيف تدار والمواقف المتخده حيال مواقف الحياه المختلفه. شكرا ابا حسن.