joshallan.com

المَلَكات القيادية وحاجة الشباب اليها (الجزء الثاني) – علي الجشي

تطوير القيادة

يلعب تطوير مهارات القيادة القوية دورًا مهمًا في نجاح أي مؤسسة. فليس بالإمكان بناء مشروع تجاري ناجح دون وجود المواهب المناسبة، وفي مقدمتهم القادة. وفي مرحلة من مراحل الحياة ستجد نفسك في موقع قيادي، وستكتشف أنك في حاجة ماسة إلى أن تتعلم كيفية القيادة لتثق بنفسك قبل أن تجعل الآخرين يثقون بك.  فالإنسان حين وُجد لم يوجد تاما كاملا من أول وهلة بل وجد لينموا ويزداد علما {وقل رب زدني علما} فالقيادة تتدرج الى الكمال مثلها مثل سائر الأمور الروحية الانسانية الادراكية التي لها ارتباط بقوتي العلم والإرادة. لذا قم بتطوير نفسك على الفور، وفي يوم من الأيام ستجني ثمار ما تغرسه الآن وكن كما قال أبن المقفع “فإذا جدّ الجِدُّ فهو اللّيثُ عادِيًا”.  وسواء أكانت لديك قدرة طبيعية كبيرة على القيادة أم لا، فتقدمك وتطورك فيها سيحتاج في الأغلب لمراحل أربع:

المرحلة الأولى – فكر دائمًا في نفسك كقائد:

معظم الناس لا يستوعبون قيمة القيادة وأهميتها في حياتهم. سيحفزك هذا التفكير في السعي الى التعرف على مفاهيم القيادة ومحاولة اكتساب مهاراتها، مما سيمنحك في النهاية القدرة على التأثير في الآخرين.

motivationaldiaries.com

المرحلة الثانية – تعلم كيفية القيادة:

ستكون النتيجة الانضباط الذاتي والمثابرة. القادة الناجحون يتعلمون والتعلم عملية مستمرة فكما جاء في الأثر “اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد”. هذا الإجراء سيضع حجر الزاوية في تطوير قيادتك، ومنه ستنطلق الى عالم القيادة. ادراكك انك لست على علم تام بكل الحقائق وأنك ممكن أن تتعلم لتصبح من تريد، يشكل اللبنة الأولى في طريقك نحو نجاحك في القيادة.

ما لفضلٍ إلا لأهلِ العلمِ انهم  @@@ على الهُدَى لِمن استهدى أدلاء

وقيمةُ المرءِ ما قَد كانَ يُحسنُهُ @@@ والجاهلونَ لأهلِ العلمِ أعداء

فقم بعلمٍ ولا تطلُبْ بهِ بدلاً @@@ فالناسُ موتى وأهلُ العلمِ أحياء 

المرحلة الثالثة – الانضباط اليومي للنمو الشخصي في القيادة:

هنا سيبدأ مفهومك للأشياء يتبلور تبعاً لخبراتك ليجعل منك شخصية قيادية نامية متطورة. فعالم القيادة يحتاج إلى جوانب عديدة غير ملموسة من مهارات التعامل مع الأشخاص، والاحترام، والقوة العاطفية، والانضباط، والرؤى، والزخم، وحسن التوقيت وإلى ما ذلك من مهارات تكتسبها مع مرور الوقت. عندما تكون في هذه المرحلة، يمكنك أن تكون قائداً فعالاً، ولكن هذه المرحلة ستفرض عليك التفكير والتريث في كل خطوة تقوم بها.

المرحلة الرابعة – النضج القيادي:

عندما تصل إلى هذه المرحلة من النضح، ستصبح قدرتك على القيادة تلقائية تقريبًا. ويكون عائدك مما استثمرته في تنمية ذاتك كبير. لكن الطريقة الوحيدة للوصول إلى هذا المبتغى هو الصبر والمثابرة على تعلم فنون القيادة واكتساب مهاراتها. وتشمل خصائص القيادة الفردية التي يستخدمها المختصون لتقييم اداء الزعماء: الإقناع العام؛ وقيادة الأزمات؛ والإدارة الاقتصادية؛ والسلطة الأخلاقية؛ والعلاقات العامة؛ والمهارات الإدارية؛ والرؤية؛ وتكوين الأجندة المناسبة؛ والسعي لتحقيق العدالة والمساوة للجميع؛ والأداء الفعال.

optionseyecare

القيادة فن وعلم

إضافة لكون القيادة الفعالة فن، نظرًا لأنها تعني أشياء مختلفة للأشخاص المختلفين، يبقى العلم قريباً منها، فالقيادة تمازج بين الفن والعلم. العلم قد لا يزودنا بتعريف واضح لماهية القيادة، الا إن ثوابته تكون رافداً مهماً لتطوير اداء القادة وزيادة فعالية دورهم القيادي.  ساعد التطور العلمي على بروز العديد من التخصصات التي تصقل قدرات القادة وتكسبهم نظرة ثاقبة تجعلهم أكثر فاعلية من الآخرين وذلك بفضل الاكتشافات العديدة في مجالات علم النفس التنظيمي وعلم الأعصاب التي تُمكِن من فهم أفضل اللمسات والسلوكيات البشرية لقيادة المنظمات والمجموعات المختلفة بطرق فعالة.

للتفوق في مناصبهم، يحتاج القادة الى استخدام استراتيجيات تتقاطع بين الفن والعلم تساعدهم على العمل بفاعلية مع الظروف المختلفة في المواقع المختلفة.  فنحن عندما نأخذ بعين الاعتبار جميع المتغيرات المؤثرة في صنع القرار، لا يمكننا اتباع أسلوبًا واحدًا للقيادة فليس هناك اسلوب واحد يناسب جميع الحالات ويعمل بشكل أفضل في جميع الظروف.

فلربما نجد قائداً عظيماً في أحد المواقع لكنه يكون خائباً في موقع آخر إذا لم يستخدم استراتيجيات تناسب الظروف المختلفة – فلكل مقام ما يناسبه، والأمثلة كثيرة. القادة الفعالون لا يُقِصرون أفقهم على المتطلبات المباشرة لحل القضايا، بل يذهبون إلى ما هو خلف الستار فيهتمون بالمؤثرات الخارجية الأخرى مثل الثقافة والبيئة والمجتمع، فالقائد الناجح هو من يوازن بين ثقافة القيادة ومبادئها من جهة والمزاج العام للجمهور ومتطلباته من ناحية أخرى.

وما إن فاز أكثرنا علوما *** ولكن فاز أسلمنا ضميرا 

إتقان فن القيادة

إتقان فن القيادة يحتاج إلى مَلكة وتدريب. اما الملكة فهي الطاقة الفطرية في الإنسان التي تلعب بيئته التي تربى فيها دوراً اساسياً في ابرازها بالدرجة التي تكسبه من القدرات ما يستثمر بها امكانياته ومن الوعي ما يوظف به قدراته لبناء كفاءاته واكتساب ميزات تنافسية في عالم لا يُقدِر إلا المتميزين فيه. فعلينا الا ننتظر أن تُوهبَ لنا القيادة فنونها، بل علينا أن نتدرب ونتعلم، فالقيادة فن علينا أن نتقنه وعلم يحسن بنا استيعابه. وبغض النظر عن المكان الذي يبدأ منه القائد ويصل إليه، سيجد الكثير من الفرص التي يمكنه الاستفادة منها لإتقان فن القيادة. فالقادة يحتاجون إلى الكثير من الثقافة والخبرة ليكونوا فعالين وأبطالًا في الميدان. والميدان هو المكان الذي يتم التعرف فيه على القادة حيث تتبين قدراتهم تحت الأضواء الكاشفة، ويُتفحصهم الجمهور تحت عدسة المجهر. وهم لا يصبحون ابطالاً في الميدان ويبرزون فيه الا بالصبر على طلب العلم والمعرفة واكتساب الخبرة.

 ومن لم يذق مُر العلُّمِ ساعةً *** تجرع ذُل الجهلِ طُول حياتِهِا

صبِر عَلى مُرِّ الجَفَا مِن مُعَلِّمٍ *** فَإِن رُسُوب العِلمِ في نَفَراتِهِ

وستكشف لك ملاحظة وتفحص سلوك القادة الناجحين إنهم يتشاركون في الشغف بالتعلم واكتساب أفكار ومهارات جديدة. القادة الناجحون لا يتوقفون عن التعلم، سواء عن طريق قراءة الكتب أو الاطلاع على المجلات الأكاديمية أو التجارية، وهم يتعلمون من موظفيهم أو أقرانهم ويحرصون على اتخاذ نماذج من القادة الآخرين يحتذون بهم لصنع نموذجهم القيادي.

فخذوا العلمَ على أعلامِهِ *** واطلُبوا الحكمةَ عندَ الحكماءِ.

(GARY WATERS—IKON IMAGES/GETTY IMAGES (fortune.com

القيادة معادلة مركبة

بعض الناس عندهم مواهب قيادية طبيعية أكثر وأكبر من غيرهم، الا إن القيادة ليست معادلة بسيطة: 1+1=2، بل هي معادلة تتكون من عدة عناصر مركبة. فإضافة الى امتلاك الفرد للملكات الطبيعية في القيادة وسعيه لتعلمها والاطلاع عل متطلباتها نظرياً، تتطلب اكتساب مهارات القيادة تجارب عملية كالتدريب على رأس العمل والاقتراب من القادة الفاعلين الناجحين والاختلاط بهم.  وإذا اردت أن تعرف كيف يتطور القائد ليصبح زعيماً، تابع سلوك القادة وانظر إلى روتينهم اليومي وتفحص ما يقومون به من ترتيب وإعداد بشكل مستمر ليطورا انفسهم. فمن أفضل الطرق لكسب الخبرة هي التقرب من القادة المرموقين والتعلم منهم والعمل معهم ودراسة اساليبهم ، تجاربهم وتطورهم في مجال القيادة.

تلقطْ شذورَ العلمِ حيثُ وجدتَها *** وسلْها ولا يخجلْكَ أنكَ تسألُ 

الأستاذ علي الجشي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *