من منا لا يغريه المشي والحركة في فصلِ الخريف الذي نحن فيه أو في فصلِ الشتاء القادم؟ امشوا وتحركوا ولكن حذار من المشي القاتل! ولعلكم تظنون أنَّ في العنوانِ مزحة أو تشويق، لكنه ليس كذلك، فالمشي القاتل هو ما نراه كلَّ يومٍ في الطرقات وعلى الخصوص في الصباح، مع طلوع الشمس، حين يتسابق المشاة لقطع الشوارع والانتقال من ضفةٍ إلى أخرى، ليس من أمامِ السيارات المتوقفة ومن التقاطعات المخصصة لهم، بل المراوغة من بين السيارات التي تهم بالوقوف أو من أمام السيارات القادمة والمسرعة، أو المشي على حواف الطرقات!
إن كنتم تظنون أن السائق سوف يراكم ويعطيكم فرصةً للعبور فأنتم مخطئون؛ هو في أغلبِ الأحيان يحمل كوبَ القهوةِ في يد وفي الأخرى يمسك بهاتفه النقال، وهي تكمل التبرج والزينة في مرآةِ السيارة قبل الوصول لمكان العمل، كل ذلك وأنتم تظنون أنهم يرونكم ويَلحظونكم؟ كلاَّ، إنها – السيارات – تسير وفق قاعدة: سيري وعينُ الله ترعاك، وقاعدة: شركة التأمين سوف تتحمل تكلفةَ الحادث.
ما يفعله – بعض – المشاة عندنا من قطعِ الشوارع من المنتصف، وليس من التقاطعات المخصصة لهم هو مخالفة ومسؤولية تحملهم عقوبة مالية في بعض البلدان ويسمى “Jaywalking”، وهو من أخطر المخالفات التي مع الأسف يفقد الكثير من الناس بسببها حياتهم دهساً في أنحاءِ العالم كلَّ يوم، مع أن الانتظار لحين خلو الشارع من السيارات والعبور من النقطةِ الآمنة لا يستغرق أكثر من ثوانٍ أو دقائق معدودات!
في كلِّ الأحوال، دعوا هذا الجو المعتدل الحرارة يغريكم بالخروج والحركة وشم النسيم العذب خارج سجنِ المنازل والدور، وحذار أن تثقوا بمن يجلس خلف مقود السيارة، رجلاً كان أو امرأة، بل اعبروا الشوارعَ من النقطةِ الآمنة، فقد نهاكم ربكم وقال: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة}.
ولكي يكون للحديث مصداقية، فقد ذكرت منظمة الصحة العالمية أن عدد من يموتون في الطرقات عالمياً من المشاة يفوق ٢٧٠٠٠٠ ألف شخص كلَّ عام وأغلبهم بين عمر الخامسة والتاسعة والعشرين سنة من الذكور والإناث. ألا يكفي هذا الرقم إذاً أن نجعل مشينا متعة وصحة وسلامة في آنٍ واحد؟