كيف نتجنب تربية جيل يستسلم بسهولة ولا يملك الشجاعة أو التصميم لإنهاء المهمة التعليمية – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

How Not to Raise a Generation of Quitters
Lessons from The Learning Habit Study

مراجعة وتقديم: البرفسور رضي المبيوق ، منسق برنامج التطوير المهني للمدرسيين، جامعة شمال أيوا

مقدمة البرفسور رضي حسن المبيوق:

التلميذ الأول: “هل هذه المعلومات ستأتي في الإمتحان، يا أستاذ؟” 

التلميذ الثاني: “يا أستاذ، لو تلطفت أن تشرح لي هذه النقطة التي لم أفهمها بعد!”

بحسب المعطيات أعلاه ، فالتلميذ الأول يتعلم من أجل الحصول على علامة أفضل (grade oriented) ارتكازه على الدرجات ، مقارنة بالتلميذ الثاني والذي يتعلم من أجل التعلم (learning oriented).

كلا النمطين من التعلم قابل للإكتساب، فبإمكان التلميذ الأول أن يكتسب شغف التعلم من أجل العلم وإكتساب مهارات جديدة ، بالإضافه إلى حصوله على درجات عالية ، وهذا ما ركز عليه عنوان المقال المترجم أدناه.  كلمة “تربية” الواردة في المقال هي كلمة مركزية نستطيع من خلالها ادراك مغزاه بإعادة صياغة عنوانه بالشكل الآتي: ” كيف نربي جيلًا يحب المخاطرة (risk-taking) ويتعلم من أجل التعلم.

الجيل الذي لا يستسلم بسهولة أمام التحديات، التي هي جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية، يكتسب هذا النمط الأخير من التعلم عبر المبادئ الأساسية الثلاثة للتربية التمكينية التي ركز عليها المقال الذي ستقرأون أدناه. 

فهناك طرق أخرى أهمها التشجيع وإتاحة الفرصة للطلبة/الطالبات للتعلم من الأخطاء وهذا يتطلب من المعلم/المعلمة خلق جو آمن في الصف الدراسي (حتى لو كان الصف صفًا افتراضيًا كما هو الحال خلال هذه الجائحة) ينظر الى الأخطاء كجزء مهم من عملية التعلم. وعلى المعلم ان يكون قدوة بإنتهاج سلوكيات صادقة ترحب بالأخطاء وتعتبرها فرصة للتعلم. وهنا يتعين على المعلم / المعلمة إنتقاء الكلمات المناسبة لإعطاء التغذية الإرتجاعيةfeedback  في وقتها ومكانها المناسبين لكي يستطيع الطالب / الطالبة التعلم من الخطأ.

والطريقة الثانية التي تساعد على تربية جيل لا يتردد في الإقدام على المخاطرة (risk-taking) هو تجنب المعلم مقارنة الطلبة ببعضهم البعض، وإنما  يرصد مستوى تعلم الطالب عبر السنة الدراسية ويقارن ، مثلًا،  مستواه  الآن قياسا بما كان عليه قبل ذلك.

من ناحية أخرى، فإن ما يساعد على التعلم الفعال والمنتج هو أن تعتمد  البيئة التعليمية في الصف التربية التمكينية، وبذلك فسنجد بأن نمط التعلم سيختلف وسيتمظهر بأشكال متعددة منها:

  1. استخدام مهارات واستراتيجيات تعلم فعالة.
  2.  التعلم الذكي من الأخطاء.
  3. تغيير استراتيجيات التعلم غير الفعالة.
  4. عدم التردد في طلب المساعدة عند الحاجة.

الموضوع المترجم 

في الولايات المتحدة ، 36٪ على الأقل من الأطفال في سن المدرسة لن يحاولوا القيام بمهمة صعبة أو شاقة (1). علاوة على ذلك ، أفاد أولياء الأمور أن هؤلاء الأطفال يستسلمون بسهولة أو لا يملكون الشجاعة أو التصميم لإنهاء المهام الصعبة بالنسبة لهم “في معظم الأوقات أو كلها”. في البلدان التي فيها  معايير أكثر صرامة من تلك التي تفرضها الولايات المتحدة حاليًا ، أفاد أولياء الأمور أن الأطفال هناك أقل احتماًلا لهذا الاستسلام والترك.

 كيف نجنب بلادنا تنشئة جيل من طلاب يستسلمون بسهولة ولا يملكون الشجاعة أو التصميم لإنهاء المهمة التعليمية؟

الإجابة على هذا السؤال في بحث بعنوان: “دراسة فائقة” على ما يقرب من 50 ألف مشارك (1) ، أجرته كلية الطب بجامعة براون ، وجامعة برانديز Brandeis، والمركز الطبي الوطني للأطفال ، ومركز نيو إنغلاند لعلم نفس الأطفال. وجدت الدراسة ثلاث عناصر لأسلوب التربية (2) التي تؤثر على ما إذا كان الأطفال يستسلمون بسهولة ولا يملكون الشجاعة أو التصميم لإنهاء مهمة شاقة أو صعبة أم لا يستسلمون بل يثابرون.

نموذج التربية الجديد عبارة عن فلسفة “هجينة” (3) تسمى ب”التربية التمكينية” (4) وقد تكون كافيةً في مساعدتنا  في تربية جيل كامل من الطلاب الناجحين.

حدد الباحثون ثلاثة مبادئ أساسية للتربية التمكينية:

1. بناء عادات من خلال قواعد وأطر معقولة  

علي النقيض من أساليب التربية التقليدية ، فإن الأطفال الذين يُعطون روتينيات تعليمية منظمة أو أطرًا لأنشطة كالواجبات المنزلية تفوقوا على أقرانهم. هؤلاء الأطفال لم يُسمح لهم، على سبيل المثال ، باستخدام هواتفهم أثناء الدراسة أو تغيير المدة التي الزموا بها أنفسهم بالروتين الأكاديمي. لقد كرسوا نفس القدر من الوقت كل يوم للمجهود الأكاديمي ، حيث كان الغرض هو التعلم – وليس بالضرورة إكمال واجب من الواجبات المدرسية.  فقد تعلم هؤلاء الأطفال العمل بكفاءة أكبر لأنهم أدركوا أنه لا يُسمح لهم إلا بقدر معين من الوقت لأداء الواجبات المنزلية.

لاحظ أولياء الأمور الممكِنون أن الأطفال لم ينخرطوا في التفاوض (مناقشة والديهم أو الشكاوي [بخصوص ما طلب منهم من عمل]. أثبتت الأبحاث أن القيود (الحدود) المفروضة عليهم بشكل مستمر تساعد في خلق شعور بالأمان والسلامة لدى الأطفال.

2. تمكين الأطفال من خلال الخيارات

من الصعب حقًا السماح لطفلك بفعل شيء تعتقد أنه سيسبب إزعاجًا أو إحراجًا لا داعي له (5). لقد مررنا جميعًا بذلك: تخيل أن السماء تمطر والخيار المتاح هو بين ارتداء معطف واق من المطر أو التبلل بالمطر. ومع ذلك يصر طفلك على أن شكل المعطف الواقي من المطر هذا قبيح أو غير مريح – ولأي سبب قد يبدو غريبًا – يرفض طفلك ارتداءه.

بحسب أساليب الترلبية التقليدية ، سيصر أحد الوالدين على أن يرتدي طفلهما المعطف الواقي من المطر.

والمثير للدهشة، السماح للطفل بالاختيار (في هذا السيناريو سيكون الخيار إما أن يتعرض الطفل “لتبلل بالمطر” أو يرتدي معطفًا “قبيحًا”) سيزيد من احتمالية تعلم الطفل اتخاذ الخيارات المناسبة.  ربما ليس اليوم ، ولكن بالتأكيد في المرة القادمة. وعلى العكس من ذلك ، فإن إجبارهم على فعل شيء ما دون إعطائهم فرصة لاستيعاب اختيارهم هو أمر عديم الفائدة في الأساس. قد يجعل أولياء الأمور يشعرون بالرضا ، لكن له تلازم سلبي بالتعلم والنجاح.

هذا صعب. من الصعب حقًا معرفة أن أشخاصًا آخرين يراقبون ويحكمون على اسلوب تربيتك – ربما لا يكون ذلك بعبارات متملقة للغاية. أولياء الأمور الذين يستخدمون أساليب التمكين لا يخشون من السماح لأطفالهم بارتكاب الأخطاء ، لأنهم يتفهمون أن هذه هي الطريقة التي نتعلم بها. الأطفال لا يُنتشلون من أخطائهم في حكمهم / رأيهم (خذ كمثال والد /  والدة مفرط في الدلال، راجع 6 للمزيد من المعلومات) ولا يُدانون / يشجبون على ذلك ؛ ويُدعمون في التعلم. و يؤسسون لعادة التعلم.

 3) تشجيع الأبناء من خلال الثناء على المجهود المبذول.

كيف يمكننا منع أطفالنا من الإستسلام  بسهولة وترك العملية التعليمية عندما تصبح الأمور صعبة؟ كيف يمكننا أن نتوقع منهم الامتثال للقيام بعل الواجب المدرسي إذا لم يفهموه؟ الجواب ، ضمن نموذج التربية التمكينية، هو أن نمدح أطفالنا على عملهم الجاد وجهدهم. تذكر ، هذا ليس سباق إلى القمة. ربما تكون أفضل طريقة يمكن أن نساعدهم بها ليصبحوا متعلمين طوال الحياة هي إقناعهم بأننا نقيّم ونقدر مثابرتهم ومحاولتهم الجادة ، بغض النظر عن النتيجة قصيرة الأجل. التركيز على التريية التمكينية هي جزء من السردية الكبرى.

لاحظ الباحثون والأطباء نوعَا واحدًا من الثناء والذي هو سحري في تأثيراته الإيجابية والمستمرة طوال الحياة على الأطفال. الثناء على محاولة الطفل عمل  شيئ جديد. هذا الثناء اسلوب بسيط ولكنه استراتيجي

يُشجع الأطفال على اتخاذهم قدرًا معقولًا من المخاطرة وأن يحاولوا شيئًا جديدًا؛ ومن ثم يُثنى على محاولتهم عمل المهمة الجديدة فقط. لقد شاهدت تغييرات هائلة في سلوك الإعتزاز بالذات (7)، وإظهار الإحترام والتشاعر. لا يهم ما إذا كانت المهمة، أو اللعبة، أو المفهوم قد تم تنفيذها بالتمام؛ ما يهم هو أن الطفل يشعر بالرضا حيال محاولته. وبهذه الطريقة من الثناء، سيستمر الأطفال في المشاركة.

البحث الذي أجرته عالمة النفس الدكتورة كارول دويك (dweck) من جامعة ستانفورد يستخدم مصطلح العقلية (الذهنية) المنفتحة (ذهنية النمو، 8) لتفسير لماذا الناس الذين يعتقدون بأنهم يتمكنون من أن يدركوا إمكاناتهم يقومون بذلك، في حين لا يستطيع أخرون يتمتعون بنفس السمات القيام بذلك.

وتشير كارول إلى أننا نتمكن من الواقع من تقوية أدمغتنا من خلال تحديه؛ وأن نتمكن من الإستمرار في العمل على تنمية قدراتنا المعرفية / الإدراكية، وبراعتنا الرياضية (9)، وغيرها من المهارات. أولياء أمور الأطفال الذين التقينا بهم يُصدمون في كثير من الأحيان من التغييرات الإيجابية والنمو الذي يشهدونه في أطفالهم بعد أسابيع قليلة فقط من الثناء على الجهد، لا على الإنجاز بحد ذاتهالأطفال أصبحوا أكثر سعادة و أكثر نشاطا و أكثر إيجابية في استشرافهم، وحسن تصرفهم وسلوكهم.

مصادر من داخل وخارج النص:
1-http://goodparentinc.com/learninghabit-studies/
2-https://www.psychologytoday.com/us/basics/parenting
3-https://www.psychologytoday.com/us/basics/philosophy
4-https://www.amazon.com/Empowerment-Parenting-Resilient-Children-Self-Reliant/dp/1796015598
5-https://www.psychologytoday.com/us/basics/embarrassment
6- “أبوة مفرطة (ويطلق عليهم أيضًا الآباء المدلِلون أو فقط المدلِل) هم الآباء الذين يولون اهتمامًا شديدًا لتجارب ومشكلات أطفالهم خاصة عند اختيار المدارس. يُطلق عليهم أيضًا اسم الآباء الهليكوبتر (بالإنجليزيةHelicopter parent)‏ وقد صيغ المصطلح في الأصل بواسطة فوستر كلاين وجيم فاي؛ ويُقصد من الاسم أنهم يُشبهون طائرات الهليكوبتر التي تحوم فوق الرؤوس”.  اقتبسناه من تص ورد على هذا العنوان : https://ar.wikipedia.org/wiki/أبوة_مفرطة
7- https://www.psychologytoday.com/us/basics/empathy
8-http://www.hodaalquran.com/books.php?sec=10&s=69a05a0c8bb8d51d5fa2b32547110897&mn=1
9-https://www.psychologytoday.com/us/basics/sport-and-competition

آلمصدر الرئيسي:
https://www.psychologytoday.com/us/blog/school-thought/201408/how-not-raise-generation-quitters

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *