من أحد الأسباب التي دعتني لكتابة هذا المقال؛ سؤال أحد الإخوة عن منتج موجود في أحد مواقع التسوق الالكتروني حينما استشارته سيدة أرادت استعماله؛ لأن مسوقوه يزعمون أنه يساعد على تخفيض الوزن. ولكنها أرادت الاستشارة قبل الشراء من السوق الالكتروني، وكان في ظنها أنه فعال وآمن، ولكن لم يكن الواقع كما كانت تظن ، والحمد لله أنها استشارت قبل أن تشتريه وتستعمله، فقد كان المستحضر يحوي مواد كيميائية متعددة وخطرة على الصحة، قد ترفع من ضغط الدم وتسبب سرعة في ضربات القلب وتنبيه مفرط للجهاز العصبي المركزي، وهذه التأثيرات قد تكون قاتلة عند بعض المرضى.
تتناول هذه المقالة بعض العناوين والمعلومات المهمة عن هذه المكملات الغذائية والأعشاب الطبية والهدف هو التوعية والتثقيف الصحي للمستخدمين الحاليين والمحتملين.
لمحة عن سوق المكملات الغذائية والأعشاب الطبية
بلغت القيمة السوقية للمكملات الغذائية والأعشاب بأنواعها حول العالم عام ٢٠١٨ حوالي ١٢٥ مليار دولار. محلياً، قدرت بعض المصادر حجم هذه السوق في عام ٢٠١٩ بحوالي ٨٧٠ مليون ريال. وهذا مؤشر واضح على تزايد انتشار استعمال هذه المستحضرات بين الناس مؤخراً، وأحد أسباب ذلك هو سهولة شرائها من الأسواق الإلكترونية والتي توفر خدمات التوصيل للمنازل، مما يوفر الكثير من الوقت والجهد والمال ويعطي خيارات كبيرة للمستهلك ربما تكون غير متوفرة محلياً.
ولكن تطور هذه الخدمات نتج عنه مشكلة جديدة، وهي الارتفاع الفاحش في استهلاك هذه المستحضرات دون وعي كافٍ من الناس بالآثار الجانبية ، وبإمكانية تسببها في مشاكل صحية للبعض. وكأمثلة واضحة على هذه المستحضرات، الفيتامينات والمعادن والأعشاب الطبية ومستحضرات التخسيس والمكملات الغذائية للرياضيين والعناية بالبشرة والتجميل وغيرها.
جانب آخر من الجوانب التي تزيد عملية تجارة هذه المستحضرات تعقيدًا وخطورة هي معاناة هذه السوق عالمياً من عدم وجود قوانين كافية تحكمها، مما يعرض المستهلك للغش والتلاعب، ويؤدي بِه الى سوء الإستعمال وهذا يشكل مصدراً كبيراً من مصادر الخطر على الصحة العامة.
بعد هذه المقدمة البسيطة ، اتضح لنا وجود مشاكل عديدة مرتبطة بالمكملات الغذائية والأعشاب الطبية، سأذكر أهمها:
١/ الاختلاف بين الأعشاب والمكملات وبين الأدوية الصيدلانية من ناحية السلامة والفعالية
بسبب عدم اعتمادها من قبل هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أو السعودية ونتيجةً لعدم خضوعها لاشتراطات الهيئة، فإن مصنعي المكملات الغذائية والأعشاب الطبية غير مطالبين بإثبات أنَّ هذه المُكمِّلات آمنة أو فعَّالة، وبذلك، لم تُجرَ عليها إلا دراسات قليلة وعلى عدد قليل فقط منها لضمان سلامتها أو فعاليتها. فالبعض، للأسف الشديد، يتوهم أن كل منتج غير دوائي إذا كان مصدره طبيعيًا أو عشبيًا فهو آمن تماماً، فإذا لم ينفع فلن يضر وهذه مغالطة قد تكون نتائجها خطيرة. فالأعشاب والمكملات الغذائية مركبات فعّالة حيوياً قد تسبب أعراضاً جانبية وسمّية. فكثير من النباتات يُستخرج منها أدوية وصفية في غاية القوة والفعالية لأغراض علاجية وتستخدم كأدوية، بل أن كثيراً من الأعشاب سامة وقد تقتل من يتناولها عن طريق الخطأ.
٢/ الادعاءات العلاجية غير المثبتة للمكملات والأعشاب
يطلق مسوّقو كثير من المستحضرات من مكملات وأعشاب وغيرها، ادعاءات عديدة كونها تفيد في حالات مرضية مختلفة، بلا أي دليل علمي يثبت دعواهم.
مثلاً، يُشاع بين الناس أن الفيتامينات ضرورية لبعض المرضى، مثل مرضى السكري أو مرضى القلب ولكبار السن وغيرهم. للأسف فإن معظمها ادعاءات غير مثبتة علمياً (unproven claims) ولا تدعمها الدراسات الاكلينيكة الموسعة. مثل هذه الادعاءات هي خلاف شروط وقوانين هيئة الغذاء والدواء. فمجرد تسجيل المستحضر من قبل الهئية، فأن ذلك لا يعني أن الهيئة موافقة على الادعاءات العلاجية التي تصحب إعلان التسويق عادة، وتعتبر هذه الإدعاءات غير المثبتة مخالفة، تعاقب عليها قوانين الهيئة وقد تصل العقوبة الى إلغاء تسجيل المستحضر ومنع تداوله حسب الأنظمة المنصوص عليها من قبل الهيئة.
٣/ وجود بعض المواد المشكوك فيها والمحرمة أو غير المعتمدة في المكملات الغذائية
وهذا يكثر في المستحضرات التي تحتوي على البروتين، فغالبية البروتينات تأتي من مصادر حيوانية، وهذا يطرح مسألة مصدر البروتين على المحك من حيث الحلية والحرمة الشرعيتين.
كذلك قد تحتوي بعض المستحضرات على مواد مشبوهة أو مشكوك في حليتها، وقد تكون بعض المواد لها أكثر من مصدر حيواني أو نباتي مثل الليسيثين المستخدم في الأغذية بكثرة، وقد يكون من مصدر نباتي، من الصويا، مثلاً، وقد يكون من مصدر حيواني ، وهذا يزيد من مسؤولية المستهلك في التدقيق عن المحتويات قبل شرائها.
٤/النَّقاوة والدقة في بيان المحتويات
خلافًا للأدوية، فإنه قد لا يتمُّ ضبط المكملات الغذائيَّة للتأكُّد من نقائها أو مما تحتويه من مُكوِّنات أو مقدار المادة الفعَّالة التي تدَّعي وجودها من ضمن المكونات. ونتيجةً لذلك، قد تحتوي المكملاتُ الغذائية على مواد أخرى. مثلاً قد يضاف دواء الزانتاك، وهو الدواء الوصفي للحموضة، إلى العسل والادعاء بأنه علاج لقرحة المعدة، أو قد يضاف دواء الفياغرا والادعاء بأنه علاج للضعف الجنسي.
أجريت دراسة في أمريكا على عشر مكملات غدائية ، يدّعي مسوقوها أنها تحسّن الذاكرة والقدرات الإدراكية، وبعد الفحص وجد الباحثون أدوية وصفية غير معتمدة في أمريكا بجرعات وصفية في بعضها وجرعات أعلى من المسموح به، وهذا يعطي فكرة عن الخطورة الكامنة في هذه المستحضرات التي لاتخصع للرقابة الكافية لضمان سلامتها.
وقد تضاف الى الأعشاب والمكملات موادًّ سامة وخطرة كالزئبق والرصاص بهدف الغش. كما حصل في غش الكركم في بنغلادش قبل سنوات، عندما غمرت الفيضانات الهائلة المحصول وجعلت نسبة الرطوبة فيه عاليةً ، مما أثر بشكل كبير على لونه، ولذا أضيفت كرومات الرصاص، وهي صبغة صفراء صناعية شائعة الاستخدام للتلوين في الصناعة لجعلها صفراء فاقعة اللون، مما أدى لحالات تسمم خطيرة.
وقد تحفظ الأعشاب والنباتات بطريقة بدائية وغير نظيفة مما يعرضها للتلوث بالحشرات والقوارض وفضلاتها، فضلاً عن التلوث بالفطريات (Aspergillus flavus) التي تفرز سمومًا فطرية (aflatoxins) مسببة للسرطان.
وكمثال على المشاكل الكبيرة المتعلقة بسلامة وأمان المنتجات العشبية، أجرى مركز الأبحاث التابع لمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، دراسة لتقييم جودة المنتجات العشبية في السوق السعودية ومدى إتباعها لشروط التصنيع الجيد، حيث أجريت الدراسة على ٢٤٧ منتجًا عشبيًا كمادة خام أو في هيئة صيدلانية حديثة كحبوب وكبسولات وكريمات ومشروبات.
وجدت الدراسة أن حوالي ٣٠٪ من المنتجات غير صالحة للاستخدام البشري ، لتلوثها بالميكروبات أو بالمعادن الثقيلة السامة أو بمواد عضوية سامة. وهذا يعطينا انطباعاً غير جيد عن مستوى السلامة والأمان في المنتجات العشبية عموماً.
٥/ التداخلاتُ بين الأعشاب الطبية وبين الأدوية والأمراض والتحاليل المختبرية
بخلاف الأدوية التي أجريت عليها دراسات عديدة لبحث التداخلات الدوائية فيما بينها (Drug-Drug interaction)، الا أن المكملات الغذائية لم تحظ بنفس الاهتمام والدراسة. إذ يمكن للمكملات الغذائية والأعشاب الطبية أن تتداخل مع الأدوِيَة الموصوفة وغير الموصوفة، أو حتى مع بعض الأمراض، مما قد يسبب في تفاقم حالة بعضها.
يمكن لهذه التداخلات أن تزيد أو تُنقصَ من فعاليَّة الدواء أو قد تُسبِّبَ ظهور آثار جانبيَّة خطيرة. لذلك، ينبغي استشارة الطبيب قبل استعمال المكملات الغذائيَّة حتى يمكن تجنُّب التعرض لمثل هذه التداخلات.
مثلاً، عشب البابونج قد يعيق امتصاص الحديد ويزيد من فاعلية أدوية مضاد التخثر مما قد يسبب نزيفًا. مكمل الثوم عالي التركيز قد يزيد من فعالية أدوية السكري مما قد يسبب في انخفاض خطير في سكر الدم وقد يؤثر في فعالية بعض أدوية الأيدز. الزنجبيل قد يزيد من سيولة الدم ويرفع كذلك من فعالية دواء الوارفارين مما قد يعرض المريض لنزيف خطير. عشب الجنكة (Ginko) قد يحد من فعالية دواء فينيتوين (phenytoin) المهم جداً في علاج الصرع، مكمل الجنسنغ قد يزيد من تأثير أدوية السكر مسبباً هبوطاً خطيراً في مستوى سكر الدم.
بل قد تتداخل بعض المكملات الغذائية مع نتائج تحاليل الدم، مثل مكمل البيوتين (Biotin) الذي تستعمله النساء بجرعات عالية للشعر والأظافر، قد يتسبب استخدامه في إعطاء قراءات خاطئة لفحص وظيفة الغدة الدرقية (TSH). لذلك على المريض ابلاغ الطبيب بجميع الأدوية والمكملات التي يتناولها لأن بعضها قد يتعارض مع التحاليل المختبرية.
٦/ قلة توفر المعلومات الموثوقة عن هذه المستحضرات
خلافاً للأدوية، فأن المعلومات التفصيلية المتوفرة عن الأعشاب الطبية أو المكملات الغذائية قليلة وغير كافية ، فمعلومات مثل الجرعة العلاجية والجرعة السامة غير واضحة، وكذلك المعلومات عن الحساسية والاحتياطات الهامة للمصابين ببعض الأمراض والتداخلات بين المكملات والأعشاب والأمراض والأدوية غير معروفة بالتفصيل، بل لا توجد دراسات إكلينيكية كافية تؤكد فعالية أوسلامة هذه المنتجات، وهذا الأمر عالجناه في مقال سابق (تجده على هذا الرابط):
https://qatifscience.com/2020/09/23/الأعشاب-الطبية-هل-هي-آمنة-وفعالة-كبدي
أمر آخر، يعاني الممارسون الصحيون والذين تقع عليهم مسؤولية تثقيف وتوعية الناس، من قلة الدراية والإلمام الكافي بهذه المستحضرات ، فالأطباء معلوماتهم عن الأعشاب والمكملات الغذائية بسيطة جداً، تكونت من خلال دراسة بعض كورسات التغذية التي لا تغطي الموضوع حقه بالشكل الكافي، وكذلك يعاني أخصائيو التغذية، فالمتخصص منهم في التغذية العلاجية لديه معلومات جيدة عن المكملات الغذائية، لكن تبقى مشكلة قلة الدراسات ونقص المعلومات. أما الصيادلة، فقد أجرى الدكتور خالد الخرفي في كلية الصيدلة بجامعة الملك سعود دراسة ميدانية لقياس مدى إلمام ومعرفة الصيادلة المجتمعيين بالمنتجات العشبية، توصلت الدراسة إلى أن جميع الصيادلة كانت معلوماتهم ضعيفة وغير كافية عن المنتجات العشبية ، وأظهر نصفهم قلقه من سلامة المنتجات العشبية، بينما اعتقد حوالي ٣٠٪ من الصيادلة أنه لايوجد ضرر من استخدام المنتجات العشبية، وهذا يؤكد الحاجة الكبيرة إلى تثقيف الصيادلة في هذا المجال الحيوي والمهم.
.
ختاماً، ينبغي لمستهلك هذه المستحضرات أن يتحلى بالثقافة والوعي الكافيين؛ بحيث يتمكن من اختيار المستحضر الذي يلائمه بشكل مستنير وبدون أن يسبب له ضررًا، ولذلك يجب عليه التحقق والتحري بدقة عن محتويات المستحضر الذي ينوي شراءه والقراءة عنه بالتفصيل، وسؤال من له خبرة في هذا المجال من أطباء وصيادلة وأخصائيي تغذية، فقد يؤثر ذلك المستحضر سلباً على حالته الصحية أو يتعارض مع الأدوية الني يتناولها أو حتى مع بعض التحاليل المختبرية.
*الدكتور غسان علي بوخمسين ، صيدلاني أول ، مستشفى جونز هوبكنز.
مصادر الصور:
- https://www.efsa.europa.eu/en/topics/topic/food-supplements
- https://nourzibdeh.com/pills-vs-food-to-supplement-or-not/
- http://www.mind.uci.edu/fda-issues-warning-to-dietary-supplements-making-unproven-claims/
- https://www.researchgate.net/figure/Aspergillus-flavus-strains-of-112-a-and-104-b_fig3_305366388
- https://www.cncahealth.com/supplement-savvy-part-1-understanding-food-and-supplement-labels/
يسأل عن نوع من الحبوب التايلندية تباع بطريقة غير شرعية
وتعمل علي تسمين منطقه معينة من الجسم
فهل ممكن تكون مصنوعة من الخنزير لان لحم الخنزير هو معروف عنه اذا كان الإنسان دايما بياكل لحم منطقه معينة في الخنزير تسمن نفس المنطقة في جسده
لاتوجد لدي معلومات محددة عن هذا المنتج، لكن في المجمل يغلب على هذه المنتجات العشوائية وغير المسجلة لدى الجهات الرسمية، الغش والتحايل وعدم ذكر المحتويات بدقة، فضلاً عن احتمال احتوائها على مواد مشبوهة ومحرمة وغير معتمدة.
لذلك يبقى الوعي والتحرز والفحص الدقيق قبل الشراء هو المعيار الذهبي على الدوام.
د. غسان ماهو النوع الامن من اوميقا3
مع الشكر لهذا المقال الهام والثري بالفائدة
توجد عدة أنواع جيدة من omega 3 يمكن شراؤها في الصيدليات ومواقع الشراء الالكتروني ، الأفضل اختيار النوع الذي يحتوي على مقدار كافي من DHA / EPA من زيت السمك وليس من مصدر نباتي . حيث أن omega3 من المصدر النباتي أقل كفاءة وفائدة من المصدر الحيواني . للمعلومية أقرت fda الأمريكية قبل عام نوعاً خوصاً من omega 3 للحماية من أمراض القلب للمرضى الذين يعانون من ارتفاع الدهون الثلاثية ويصرف بموجب وصفة طبية –
( icosapent ethyl (Vascepa
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شنو افضل نوعية اقراص كولاجين تنصح فيهم ؟ وهل واقعاً حبوب الكركم والكركمين جيده ؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الكولاجين مصدره بروتين حيواني، فأفضل وأسلم نوع هو من السمك ذات الفلس ، حيث انه كولاجين ذو نوعية جيدة وحلال.
الكركم او الكركمين وهي المادة الفعالة في الكركم ، توجد دعاوى طبية علاجية كثيرة بشأنه، والدراسات عليه ايضاً كثيرة ، لكن معظم هذه الدعاوى غير دقيقة والدراسات غير حاسمة.
قد يحصل غش في الكركم كما ذكرت في المقال، او حصول تعارض بينه وبين الأدوية ، ولا ننس ان الجرعات العالية من الكركم مؤذية للمعدة .