الفواكه والحيوانات البحرية تُلهم المهندسين لصناعة أول مادة غير قابلة للقطع. هذه المادة الجديدة ، والتي يمكن استخدامها في الصناعات الأمنية والصحية ، لها القدرة على مقاومة أداة القَطع.
وهي مادة خفيفة الوزن – مصنعة من الخزف والألومنيوم (كريات من الخزف مغلقة داخل هيكل من الألومنيوم) ، قوية جدا لا يمكن قطعها بكل أدوات القَطع المعروفة من مثاقب حديدية ومناشير فولاذية وحتى بإستخدام القَطع بالماء تحت ضغط عالي. وتم إطلاق إسم بروتيوس (Proteus) على هذه المادة المصنعة الجديدة وتعني إله البحر في الثقافة اليونانية القديمة.
تمكن فريق البحث (من جامعة دورهام ببريطانيا ، ومعهد فراونهوفر للأدوات الآلية وتكنولوجيا التشكيل (IWU) بألمانيا) من التوصل الى محاكاة القشر القاسي “لفاكهة الجريب فروت” والأصداف لبعض الحيوانات البحرية المقاومة للكسر مثل سفط السمك وصدف الرخويات.
وقد لاحظ فريق البحث أن أصداف المخلوقات البحرية تمتلك مواد عضوية صلبة مترابطة بمادة هلامية حيوية تجعلها متماسكة ومقاومة للكسر، فتم إستبدال المواد العضوية الصلبة بالخزف الصناعي (السراميك) والمادة الحيوية الرابطة برغوة معدن الألومنيوم.
المادة الجديدة المصنعة قوية وخفيفة وغير قابلة للقطع. يقول الباحثون: أنه يمكن استخدامها لصنع أقفال الدراجات ، ودروع المقاتلين خفيفة الوزن ، ومعدات واقية للأشخاص الذين يعملون في مهن خطرة.
التجارب الأولية على هذه المادة الجديدة أثبت قوتها وقدرتها على التفاعل مع آلات القَطع وتعطيلها ، وكأنها كائن حي وهي تستجيب ديناميكيا لمقاومة مختلف أدوات القَطع.
المادة مصنوعة من هياكل ألومنيوم مجهرية تحوي بداخلها كريات خزفية ، وهذا سر قوة المادة الجديدة ، إذ أنها إذا ما قُطعت بمثقاب أو منشار مهما كانت صلابته ، فإن الاهتزازات الناتجة عن الكريات الخزفية داخل غلاف الألومنيوم تؤثر على منشار أو مثقاب الحفر ، وتكون إتصالا متشابكا بين الكرات الخزفية وأداة القطع مستمراً لا ينتهي ، مانعةً أي تقدم في الحفر.
وبحكم هذا الإهتزاز تتآكل أدوات القَطع تدريجيًا ، وتصبح غير فعالة في نهاية المطاف ، فتضعف وتتهالك مهما كانت قوية. والفضل يرجع الى حبيبات الخزف التي كلما حاول المثقب إختراقها تجزأت ومَلئت هيكل الألومنيوم أكثر من ذي قبل ، فتزداد المادة قوة وتصمد أكثر وأكثر ، وتتصدع آلة القَطع.
التجارب تؤكد أن القَطع بالماء تحت ضغط عالي غير فعال أيضا لقطع المادة الجديدة لأن الأسطح المنحنية للكرات الخزفية تُشتت قوة دفع الماء مما يؤدي الى إضعاف سرعتها وقدرتها على القَطع.
رئيس فريق البحث الدكتور ستيفن (Stefan Szyniszewski) ، الأستاذ المساعد للميكانيكا التطبيقية في قسم الهندسة بجامعة دورهام يقول: “لقد انبهرنا كيف يمكن لقشرة فاكهة الجريب فروت أن تمنع تلف الفاكهة ، وكيف تتمكن البنية الصدفية التي تعلو الرخويات أن تحمي المخلوقات في الداخل ، على الرغم من كونها مخلوقة من كتل عضوية ضعيفة نسبيًا.
ويضيف: “لقد تعلمنا من هذه الهياكل الطبيعية المبدأ الأساس الذي يُمكِّن الكرات الخزفية المتناهية الصغر من العمل داخل الهياكل المعدنية ، والذي يعتمد على التفاعل الديناميكي (الحركية بين الكرات الخزفية) لتكون الهياكل قوية التحمل ، المبدأ الذي يجعل من قَطع أي شي هلامي (متحرك ومتجانس) غير فعال ، تماما كما يقاوم كيس الرمل الرصاصة القادمة بسرعة عالية ويوقفها”.
“نحن لا نعلم بوجود أي مادة غير قابلة للقطع حتى الآن (والقول للدكتور ستيفن) ، ويمكننا الإستفادة من هذه المادة بشكل واسع وفي مجالات شتى مثل: أبواب الحراسة ، الأطراف الصناعية ، ملابس الحماية ، وغيرها من صناعات الأمن والسلامة”.
وفي نهاية المطاف يأمل الباحثون من الحصول على براءة إختراع تمكنهم من العمل مع شركاء مصنعين لهذه المادة وبيع منتجاتها في الأسواق قريبا.
فيديوهان قصيران يبينان مقاومة المادة المصنعة الجديدة التي لا يمكن قطعها:
*تمت الترجمة بتصرف
المصادر:
- https://scitechdaily.com/proteus-technology-new-material-is-strong-light-and-non-cuttable
- https://www.newscientist.com/article/2249275-material-that-cannot-be-cut-would-make-the-ultimate-bike-lock