يستهل الشاعر السيد عدنان العوامي في محاضرة له بعنوان “مشهد الوئام الطائفي في القطيف في الوثائق المحلية”* بقوله: يدرك الرسامون التشكيليون قيمة الألوان لجمالية لوحاتهم الفنية ، إذ بدونها لا يكون جمال ، ولا فن من دون جمال، بل إن الحياة ذاتها لن تكون – بدون الألوان – الا متاهةً وعماءً……(الى أن يقول): والسماء ، كيف تبدو لو لم تكن مطرزة بالزرقة والبياض والحمرة واللازورد؟ ….. (وينتهي السيد العوامي في مستهل مقدمته مؤكدا أن): تلك هي بديهة الفطرة التي فطر الله الوجود عليها ، وهي بديهة لا جَرم أن تصدق على المجتمعات البشرية ، فهي – أيضا – لوحات تشكيلية تكمن روعةُ جمالها في تعدد ألوانها ، وتباين أشكالها ، واختلاف عناصرها.
ما ينطبق على الرسام التشكيلي وغيره ينطبق تماما على الحرفي الفنان. الفنانون الحرفيون يدركون أهمية إضافة الجمال للجدران والنوافذ والأبواب ، فالعمارة يكمن جمالها في تعدد ألوانها ، وتباين أشكالها واختلاف عناصرها.
فبالإضافة الى هذه البديهية ،اختلفت التفسيرات والتأويلات حول الدوافع التي حركت الحرفي الفنان في عمارة و زخرفة المباني وعناصرها المختلفة ، فكانت هناك الطقوس والقصص والأحداث التي تشكلت على الجدران ، وهناك الرغبة في ملىء الأسطح الفارغة ، وهناك محاولة لتحقيق المتعة للمشاهد من خلال الزخارف ، وغيرها من الأهداف التي دفعت الحرفي الفنان إلى اللجوء للزخرفة.
وعندما جاء الإسلام دفع المعماري والفنان المسلم إلى أن يتجه إلى مجالات أخرى لاتتعارض مع قيم وتعاليم الدين الإسلامي ، وتفي بالغرض المطلوب من العناصر المعمارية ، وصناعة الجمال هي إحدى وظائف الفن الإسلامي ، وتعد الزخرفة واحدة من الوسائل المهمة التي تصنع هذا المتعة البصرية ، وهنا يلتقي شكل العمل الفني بمضمونه ليكونا وحدة متماسكة لصنع الجمال.
الحرفي الفنان يمزج ثلاث وجوه من الفن في قالب واحد ، فن الشعر وفن الخط وفن المعمار ، فهو يكتب الشعر على الجدران والأبواب ويهيئ لعناق يبقى طويلا بين الزخارف والأدب.
* من كتاب “رحلة يراع” للشاعر والمؤرخ السيد عدنان السيد محمد العوامي – ص 235
ما شاء الله تبارك الله
ابو مصطفى نعم العاشق الوفي لجمال تراث وطنه 🌹