توفير المياة النقية بطرق اقتصادية واستخدام الطاقة البديلة للمناطق الصحراوية لها منافع متعددة في استصلاح الاراضي القاحلة الغير مستخدمة. والذي بدوره يضمن وفرة المياة المقتصدة للاستخدام الزراعي والحيواني ويساهم ذلك في الاكتفاء الذاتي في جميع أوقات السنة خاصة في فترات الجفاف.
إن استخدام الطاقة الشمسية يعتبر نقلة نوعية لتعزيز الاستفادة من الطاقة المجانية والمتوفرة لنقل المياه من الآبار إلى الخزانات بسهولة وبطاقة كهربائة مجانية. حيث أن ذلك قد يساهم بتقليل تكلفة الوقود والملوثات الصادرة من المولدات التي تستخدم الديزل.
إضافة إلى أن استغلال الطاقة الشمسية لتحلية مياة الآبار المالحة بواسطة وحدات التحلية التي تعمل بخاصية التناضح العكسي أو الأسموزية المعاكسة (Reverse Osmosis) من الممكن أن يساهم في توفير الامكانيات للمشاريع الصغيرة الزراعية وتربية المواشي والاستفادة الاقتصادية من المياة المكررة والتي كانت تعتبر بالأمس القريب ذات تكلفة باهضة للقطاع الزراعي.
وتشير الدراسات الجديدة إلى توفير المياه المقتصدة بواسطة تقنية استخلاص الماء أو الرطوبة من الهواء (dehumidification) عن امكانية توفير كميات من المياه يومياً صالحة للشرب أو للاستخدام الزراعي الذي يعتمد على الري المقنن. علما بأنه في حالة استخدام هذه التقنية لتجميع الماء من الهواء في الاراضي القريبة من المناطق الصحراوية ذات الطقس الرطب يتم ترشيح كمية أكبرمن المياه مقارنة بالمناطق الصحراوية ذات الجو الجاف. حيث أفادت تجارب على البيوت الزراعية التي تعتمد على الري بالتنقيط عن امكانية توفير 5 الى 10 متر مكعب من الماء وهذه تعتبر كمية كافية لتغطية استهلاك المياه في البيوت الزراعية في المناطق التي تخلو من الآبار أو مصاد رالمياه الأخرى باستخلاصها من الهواء. وهذه الوحدات قد نجدها في الاسواق العالمية كالوحدات المقدمه من شركة هيندركس الصينية لاستخلاص الماء أو الرطوبة من الهواء والتي تعمل بالطاقة الشمسية أو الرياح بطاقة 12 كيلووات إلا أن هذه الوحدات باهظة التكلفة في الوقت الحالي.
التكوينات الداخلية توضح أهمية المراوح المعكوسة من تدفق الهواء والمكثفات لتقنية استخلاص الرطوبة من الهواء. المصدر: https://airwater.co.za/how-it-works
ويمكن استخدام توربينات الرياح المجانية أوالطاقة الشمسية لانتاج الكهرباء لتشغيل وحدات تنقية الهواء لاستخلاص الماء أو الرطوبة، وهذا سوف يكون حافزا رائعا لتوفير المياه للمجمعات السكانية والزراعية باحجام مختلفة وبطاقة كهربائية مجانية حيث سيوفر ضخ كافي للمياه عند استخدامها. وفي المستقبل من الممكن أن تقل التكلفة التصنيعية لهذه الوحدات لتجميع المياة عن طريق مساهمة المهندسين والفنيين من الفئة الشبابية الصاعدة في تطويرالتصاميم الميكانيكية والكهربائية الحالية الحديثة بأقل تكلفة لتجميع المياه من الهواء بواسطة استخدام مجموعات من صفائح ومرشحات بولي كربونيت المصفوفة ولها أسطح تلامس الهواء بما يفوق 50-300 متر مربع وبتشغيل المراوح والمكثفات الحديثة التي تعمل بواسطة التيار المباشر (DC) مما يقلل من استهلاك الطاقة الكهربائية. وتساهم هذه التطبيقات في تصنيع هذه الوحدات بكلفة أقل بـ 50-70% من القيمة الاساسية لهذه الوحدات.
ويُتوقع في المستقبل أن تكون تقنية تحلية مياة البحر والمياة المالحة الأقل تكلفة في توفير المياه المستدامة للمناطق ذات الأمطار القليلة وسوف تنتشر القبب الشمسية داخل الشواطئ البحرية المغلقة لتوفير المياه. وتعتمد هذه القبب على مرور أشعة الشمس لتبخير الماء وتكثيفه في جوانب القبب وتجميعها بواسطة المضخات المائية الجديدة التى تعمل بالطاقة الشمسية. إن طريقة تحلية المياه بالحرارة باستخدام القبب الشمسية يمكن أن توفر حوالي 1-4 مترمكعب من المياه المكررة لكل 1000 متر مكعب من المياه المالحة أو مياه البحر في اليوم الواحد. و سوف تساهم هذه التقنية في المستقبل أيضاً في تبخيرالمياه في المناطق البرية لتنقية المياة المالحة من الآبار والاستفادة منها. حيث أن تصنيع هذه القبب الشمسية يتم من مواد قليلة التكلفة وتشغيلها بمضخات نقل من الآبار المالحة إلى الخزانات وتعمل بالتيار المباشر وبعدد قليل من ألواح الطاقة الشمسية ولذلك فإن كميات المياه المكررة من الماء المالح سوف تكون كمياتها مقتصدة في المناطق الصحراوية التي لايوجد فيها ماء نقي.
بالتأكيد سوف نرى في المستقبل العديد من الأبحاث التطبيقية والهندسية الطموحة لإنشاء مشاريع للقبب الشمسية أقل تكلفة لتجميع المياه، وسوف يتم تطوير كفاءاتها باضافات جديدة كتدعيم تصاميم القبب الشمسية بالأنابيب عالية الحرارة من الطاقة الشمسية لزيادة عملية التبخير للمياة المالحة أو بواسطة زيادة مساحات الانابيب وحرارتها في وسط القبب الشمسية.
مشروعات افتراضية لتحلية مياة البحر بواسط قبب حرارة الشمس وتجميع المياة النقية
وكذلك إضافات أخرى مثل معدات المراوح لزيادة عملية التبخير أو إضافة المكثفات التي تعمل على الطاقة الشمسية لزيادة انتاج الماء من عملية التبخير لكل متر مكعب من المياة المالحة. وهذا بالتأكيد سوف يزيد من انتاجية المياه بشكل فعال قد يصل إلى حوالي 10-100 متر مكعب من الماء المكررة لكل 1000 متر مكعب من المياة المالحة. وهذا التقدم الفني والهندسي في تجميع وتصفية المياه سوف يكون له مردود ايجابي لتوفير المياه النقية بكميات مقبولة للإستهلاك والاستخدام الزراعي والمشاريع الصحراوية.
رسم تقريبي لتقطير الماء من الشمس (المصدرWater 2019, 11(9), 1860)
*دكتوراه في الهندسة الكيميائية