ازرعوا هذه الشجرة – هلال الوحيد

عندي شجرة دبق “بمبر” حملت في العامِ الماضي ثمراً أكثرَ مما كنا نستطيع أكله نحن والجيران والاصدقاء. فقلت بعد انتهاء الثمر أقطعها لعلها تعطي ثمراً أقل. الآن تدلت أغصانها وحملت ثمراً أكثرَ وأغزر وصارت أغصانها ساجدةً متواضعةً نحو الأرض مثل سنابلِ القمح مما حملته وكأنها تقول قطعتني فجدتُ عليك بأكثرَ وأطيبَ مما لو تركتني.

 

هكذا هي الأشجار الأصيلة التي تتحمل القطيعة والأرض والمناخ، فقط لو كان فينا البشر شيئاً من طبعها أن نقابلَ الإساءةَ بالإحسان والحرمانَ بالعطاء. هي أقل شجرة أعتني بها، زرعتها ضعيفةً نحيفة، وها هي بعد سنتين أعلى من ستة أمتار أظل وأبهج شجرة أجد فيها تذكارَ طفولتي عند تجوالنا للتطفل والتسكع في البساتين القديمة التي استحالت أحياءً سكنية اسمنتية، وغالبا ما كان البمبر والتين واللوز موجوداً وشاهداً على كرمِ وسخاء أرضنا.

أظنها سوف تبقى بعد حياتي تثمر وتعطي لأنها تبقى عشرات السنين تنضح بالفاكهة الصفراء التي يغمق لونها وتُخالطه حمرة وردية كلما نضجت، في داخلها سائلٌ لزج كأنه صمغٌ شفاف في طعم السكر، لابد أن فيه بطبيعة لونه ومذاقه وقلة حاجاته للمواد والمعالجات الكيميائية أنواعاً عديدة من الفيتامينات المفيدة. ثمرٌ استخدمه القدامى في علاج كثيرٍ من الأمراض والعلل التي يعالجها الطبيب اليوم في حقناتٍ وحبوب وسوائل مصنعة، مع نفعها قد تعطي ضررا جانبيا لا تعطيه فاكهة البمبر. ومن أزهارها أيضا يقتات النحل ويَصنع العسل.

تسمح بيئتنا مع قساوتها من ملوحة ماء وفقر تربة وارتفاع حرارة ورطوبة بزرع كثيرٍ من الأشجار المستجدة التي تعطي ثمراً وظلا، ولعل الناس في الجيل الحاضر استحسنوا الجديد من الأشجار وعافوا شجرة البمبر لكثرة عطائها وتساقط ثمارها وتجدد أوراقها أكثر من غيرها. لكنهم في الواقع لو زرعوها في الحدائق الواسعة سوف يعتادون على جمع أوراقها المتساقطة ودسها في التراب ليصير سمادا عضويا من جديد. أما كبار السن من الرجال والنساء فهم دون شك يتذكرون طعم ثمارها وظلالها في البساتين القريبة، تستظل تحتها المواشي في الظهيرة وملاك البساتين في مختلف الفصول وسكناً لحَمام القمري.

 ازرعها إن كانت عندك مساحة تكفيها ولا تخشى من تساقط أوراقها وثمارها على بلاط أرضك، سوف تسرك كثيرا ويسعد بها جيرانك. أما أنا سوف أجازيها في هذه السنة بقطع رأسها بعد انتهاء الثمر، قبل الخريف، فهي لابد تعطي أكثر في السنة القادمة دون حاجة إلى سلالم وتعب لقطف ثمارها.

2 تعليقات

  1. عبدالله حسن الخميس

    نحمد الله أننا ننعم بشجرة بمبر في بيتنا و بالنظر لعدم وجود مكان لزرع أخرى فقد غرسناها في نصف برميل بلاستيكي و نشد على يدك و نضم صوتنا لصوتك و نسأل الله أن يصل صوتك للجميع يا أبا علي

  2. آه
    انتظر ثمرها بفارغ الصبر
    اذهب يوميا المزرعة لالقي عليها التحية واسألها متى ناكل من ثمارك الطيبة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *