أوضح صوره للصكه!
الصكه؟
أي صكه تعني؟
الصكه العوده؟
أم صكة الحريه؟
لنلقي لمحة تعريفية سريعة على كلمتي سكة وصكه قبل الولوج في التعليق على هذه الصوره؛ فالصكه باللهجه القطيفيه -وكذلك البحرينيه- هي من أصل كلمة سكه حيث تقلب السين إلى صاد حسب اللهجة الدارجه محليا فتعطيها تفخيم وأيضا تمييز عن معناها المباشر -وهو الطريق- فبالرغم من تفخيمها إلا أنها أخف في النطق من لفظة (سكه)، فالفرق بينهما إذاً أن الصكه بلهجة أهل القطيف والبحرين تطلق خصيصا على صفين طويلين متقابلين متوازيين من الدكاكين، وأما باللهجة الخليجيه وفي بعض الدول العربيه تأتي كلمه (سكه) بمعنى طريق، وكما قالت المغنيه صباح أيام الوحده في الخمسينات:
أنا عارفه السكه لوحديه
من موسكي لسوق الحميديه
وهي تقصد بالسكة هنا الطريق ولايفوتنا أيضا أن نعرف بأن كلا من موسكي وسوق الحميديه هما أيضا سوقان: الأولى في مصر والثانيه في سوريا وفيهما الدكاكين متقابله بنفس طريقة سكك القطيف. وجاء في معجم اللغة العربيه المعاصر: السكه طريق مستو، وأيضا: عباره عن خطين متوازيين من الحديد يسير عليهما القطار، وفي الرائد: طريق مستو ، وصف من الشجر ، وخطان متوازيان يسير عليهما القطار، وفي المعجم الوسيط: السطر المصطف من الشجر والنخيل ، والطريق المستوي ، وسكة الحديد، وفي معجم الفقهاء: السكة جمع سكك وهي الطريق المصطفه من النخيل ومنه دار السكه. ولعل أهالي القطيف والبحرين أطلقوا عليها السكة او الصكة تأثرا بالمصطفه من النخيل وهو طريق بين صفين من النخيل. لذا ستجدني هنا أحيانا اكتبها بالسين وأحيان بالصاد فلا تكترث.
انتشرت في هذه الأيام على السوشيال ميديا صورة رائعة لأحد معالم القطيف المنقرضه بتفاصيل واضحه من أرشيف مكتبة زيورخ والمنسوب تصويرها لجيولوجي سويسري يدعى أرنولد هايم إلتقطها عام 1924 وهي لإحدى سكك القطيف وقد علق عليها البعض بعبارة: (أوضح صوره للصكه)! عرفها بأل وكأنه اكتفى بأل التعريف لأنه -يبدو في نظره- لايوجد غير الصكه المعهوده التي ذاع صيتها وهي الصكه العوده أو صكة التجار، إذ أن الكثير وخصوصا من الجيل الحديث لايعرفون سوى السكة التي امتدت سابقا فوق جزء من شارع الملك عبد العزيزي اليوم وذلك بين الإشارتين من الشمال الى الجنوب والمحصورة بين حي المدارس والصبخه وحي مياس غربا وبين الشريعة وسوق الجبله شرقا، والتي يقابل مدخلها الشمالي بعض الأسواق كسوق القفافيص والدروازة الجنوبيه للقلعه المعروفه بدروازة السوق، ومن الجنوب يقابل مدخلها دروازة حي الكويكب الشماليه الواقعه غرب مبنى المنصوريه.
وأما الواقع فهو بخلاف مايظنه الكثير من الجيل الحديث إذ أن هناك سكة أخرى تقع عند النهاية الجنوبيه للصكه العوده من جهة الغرب (على يمين من يخرج من هذه السكه وهو متجها إلى الجنوب) وتقع بمحاذاة امتداد الواجهة الجنوبية لمياس – من شرقها إلى غربها، ومكانها اليوم الشارع المتقاطع مع شارع الملك عبدالعزيز والذي كان يعرف بشارع جعفر الخطي وبعدها تغير إلى شارع بدر (هذه الأيام) حيث تنتهي عند التقاطع لتليها سوق الجبلة والمنصوريه وسوق السمك واللحم والخضره حاليا، هذه السكة يعرفها الجميع بأنها سكة الحريه والصورة المنتشرة عبر وسائل التواصل الإجتماعي هي ليست صورة الصكه (العوده) المعهوده وإنما هي صورة لصكة الحريه.
وقبل التحدث عن صكة الحرية لابد من التنويه إلى أن هناك العديد من التفرعات للصكه العوده أو صكة التجار فبعضها من الجهة الغربيه يتجه إلى سوق الجبله ويتخللها دكاكين صغيره متقابلة ومقاهي لتشكل سكيكات صغيره وبعضها يتجه لحي الشريعه حيث سوق دهن البقر والحبوب. كما أن بعض أزقتها المتفرعه تتجه إلى الغرب حيث أسواق مياس المتخصصة في بيع الملابس والكماليات منذ القدم، وكذلك إلى أسواق السبخه التي تضم سوق الخضار والفواكه و اللحم والسمك والعومه وذلك قبل أن تنتقل إلى مقراتها الحالية بدءا من نهاية الخمسينات و بداية الستينات من قرن العشرين الماضي.
وعودا إلى سكة الحريه (موضوع هذه اللقطه) فمن الواضح من تسميتها بهذا الإسم أنه يدل على تنوع خدماتها العامه فهي تحتوي على دكاكين ومحلات للتجار والحرفيين من صفارين وحدادين ونجارين وكماجين ومقاهي ومحلات بها تلفزيونات للمشاهدة في زمن ماقبل الكهرباء حيث تعمل على الماطور لتستقبل أقدم قناة في الخليج العربي (قناة 2 و 13 الظهران).
كما يوجد في هذه السكة مصانع السيارات القطيفيه الخشابيه (الباصات) المشهورة خليجيا! أعني مصانع الصناديق التي تثبت على شاصيهات سيارات الشفر الطويله التي تستورد بدون صناديق فتصمم لها محليا صناديق صالحة لأن تكون حافلة للركاب وناقلة لحمل البضائع في آن واحد، ولأن صناعة الخشابي القطيفي متميز عن كثير من صناعات مناطق الخليج لذا يفد الكثير من ملاك هذه السيارات بسياراتهم الى القطيف من الكويت والاحساء والدمام والخبر والجبيل ليحظوا بتثبيت هذه الصناديق المتميزة على سياراتهم (مع طلب مواصفات خاصه). وإلى الجنوب من زاويتها الجنوبيه الغربيه (بين السكه وبين مدرسة القطيف الثانيه الابتدائيه- زين العابدين حاليا) تقع بينهما سوق القت (البرسيم) الصغيره.
إن مايسهل إيجاد الفرق (في الصوره) بين السكه الكبيره وسكة الحريه للتمييز بينهما هو أن سكة الحريه أغلب دكاكينها فتحت في صفين متقابلين من المنازل التي يتكون بعضها من دورين أو ثلاثة أدوار، فلو كبرت الصورة من الجهة اليسرى لأدركت هذا الأمر، بينما سكة التجار العوده مكونه من صفين متقابلين من الدكاكين المتلاصقة المكونه من الدور الأرضي فقط. كما ويتخلل صكة الحريه منافذ جنوبيه إلى سوق القت وإلى أحد المقاهي والى بعض المناجر وكذلك إلى حي الكويكب، أما من الواجهة الشماليه فيتخللها مدخلان الى حي مياس أحدهما هو الغربي والذي تقع فيه عين فتخوه وهي إحدى عيون السيح الثلاث التي تقع في قلب القطيف والتي يظن البعض أنه لايوجد سوى عين الدبيبيه، وأما الثالثه فهي تقع داخل دالية آل شرف الساده في أقصى الزاوية الشماليه الغربيه لحي الكويكب ولا تبتعد عن عين العوده بالدبيبيه وعين فتخوه إلا بعدة أمتار.
لقد تم إزالة صكة الحرية بشكل تدريجي وعلى مراحل بدءا من نهاية الخمسينات و بداية الستينات من القرن الماضي.
سلمت أيها الأستاذ الفذ، معلومات ثرية أتحفتنا بها
شكراً لك وتقبل تحياتي
الله الله جميل أبا محمد أتحفتنا بهذا المقال الثري
شكرا لك 🌹🌹🌹
في الحقيقة ننتظر منك كتابا ثريا يوثق تراث القطيف . ترجوا أن لا تتأخر علينا به .
ابشر ان شاء الله
يعطيك العافيه ابو محمد رجعتنا الى آخر ايام السبعينيات اللي لحقنا فيها على آخر رمق للصكه و الجبله و اتحفتنا بهذه المعلومات الجميله كعادتك بالاسلوب السلس الراقي .. احسنت
الله يعافيك..
عام ٦٥ و ٦٦ و إنا عمري ٦ إلى ٧ سنوات، كنت اروح منجرة الوالد رحمه الله و اسمعه و غيره يقولون شارع الحرية و أيامها ، اذكر سوق القت و متجر الدهان (حجي حسن رحمه الله و حجي علي الله يحفظه) و منجرة الوالد على الجهة الجنوبية. اما الجهة الشمالية فكان هناك العديد من المحلات من محل الحاج ابو علي بن سماح شرقا إلى محل السيد جعفر الماجد رحمهما الله و بينهما شركة الكهرباء (دبكو) و البنك العربي و غيرهم.
صدقت وكانت منجرة ابوك رحمه الله اكبرهم و معه نجارين آخرين الخراري والدهان والمديفع المشهور بنقش الأبواب ومن جهة الشمال هناك نجار واحد وهو السيد شبر المسحر (القلاف) وفي الداخل مقابل سوق القت منجرة السيد رضا المسحر رحمهم الله اجمعين.
الله يسلمك عزيزي وشكرا لك جزيلا
ما شاء الله ابو محمد استاذنا الغالي
ننتظر موسوعة مطبوعة عن القطيف تكون مرجعية للباحثين في المستقبل