لهذا المفهوم أهمية كبرى ومحورية في علم الإيكولوجي والأحياء، وله تعلق كبير في التعبير عن قوى الطبيعة التي تدفع الأحياء لتطوير أعضائها وأجهزتها الحيوية لتواكب متطلبات البيئة.
يذكر أن للمفهوم جذور تاريخية تناولها الفلاسفة عبر التاريخ، ومن حيث ارتباطه بمصطلح الصراع من أجل البقاء فهو ضمن المفاهيم التي وردت في نقاشات قديمة عبر الحراك الفكري المتعلق بمفهوم التطور إجمالا.
السلسلة الغذائية هي عبارة عن خطوات وراوابط تنتقل ضمنها الطاقة الغذائية عبر الكائنات بين صانعة Producers ومستهلكة Consumers ومحللة Decomposers في بيئة معيشية معينة. هذه السلسلة توضح كيفية ارتباط كائنات البيئة مع بعضها عبر هذه السلسلة.
وكلمة سلسلة هنا هي تعبير رمزي للمسرى الذي ينتقل خلاله الغذاء (الطاقة) من أول صنعه من مواده الأولية في التربة والدورة التي يسلكها في أجسام وخلايا الأحياء إلى أن يعود ثانية إلى التربة بعد موتها وتحللها.
تبدأ السلسلة الغذائية بالكائنات الصانعة وهي النباتات والطحالب التي تصنع الغذاء من مكونات الأرض الطبيعية الموجودة في التربة وتستفيد من الشمس كمصدر للطاقة في هذه العملية أو بما نسميه بعملية التمثيل الضوئي Photosynthesis.
تأتي بعدها الكائنات المستهلكة وهي على أكثر من مرتبة, تبدأ بالحيوانات العاشبة Herbivores ثم المفترسة Carnivores ثم المحللة Decomposers.
وفي تفصيل مختصر، فالنباتات والطحالب تصنع الغذاء (الطاقة) من مكونات طبيعية كالمعادن لتقتات عليها الحيوانات العاشبة، وبدورها فإن هذه الكائنات العاشبة تكون غذاء لحيوانات أخرى تفترسها.
من هذا الكلام نستطيع القول بأن الحيوانات سواء العاشبة أو المفترسة لاتستطيع صنع الغذاء (الطاقة)، فهي تأخذه جاهزا من النبات والطحالب.
يأتي بعد ذلك دور الكائنات المحللة Decomposers كالبكتيريا والفطريات والديدان لتحلل هذه الطاقة (العضوية) إلى مكوناتها الطبيعية لتعود في دورة لامتناهية. وتتم هذه العملية في الطبيعة بعد موت الحيوان وحين تبدأ مادته بالتحلل عبر هذه الكائنات المحللة.
إلا أننا نستطيع أن نوضح ولو بشيء من تفصيل فنقول بأن هذه السلسة قد تشتمل على أكثر من مستوى من الكائنات المستهلكة. فهناك حيوانات تجمع بين العاشبة والمفترسة وتسمى Omnivores كحيوان الدب مثلا، وأن الحيوانات المفترسة تتدرج في تراتبيتها ليتربع على عرشها حيوان مفترس يقع في قمة هرمها.
فعلى سبيل المثال، نجد في السفانا الإفريقية تنوعا كبيرا للسلسلة الغذائية يضم الكثير من الحيوانات العاشبة والمفترسة ليتربع الأسد على عرش هذه السلسلة بينما يقع تحته ترتيبا النمر الإفريقي والفهد الصياد والضبع وغيره من الضواري.
كما أنه ضمن هذه السلسة توجد مرتبة نستطيع ادراجها ضمن الكائنات المستهلكة وهي الحيوانات القمامة Scavengers كحيوان الضبع والنسر الإفريقي وهي الحيوانات التي تقتات على الجيف فتسهل من مهمة البكتيريا والفطريات في عملية التفكيك والتحليل.
هذا فيما خص هيكيلية السلسلة الغذائية في الطبيعة، أما عن أهميتها وهو محور حديثنا في كونها من أهم القوى الدافعة لتطور الكائن، فنستطيع تمثيل أهميتها بالهيكلية الإدارية لأي مؤسسة وشركة.
فالمؤسسات والشركات تقوم على هيكيلية تتسق حسب التدرج الوظيفي لكل منسوبيها. تبدأ بأصغر عامل وتنتهي بالمدير. فالمركز الذي يشغله العامل لايصح أن يكون شاغرا، وكذلك كل المراكز صعودا إلى أن نصل إلى المدير.
فإذا حصل أن تغيب العامل سوف يحدث عطلا بنشاط المؤسسة، وكذلك أي مكون آخر بها. لكل دوره وفي كل مرحلة ورتبة يجب أن تستمر سلسلة العمل وإلا تعطلت. وكذلك لو أن الموظفون زادوا عن عددهم المطلوب أو أن المدير جيء له بمدير آخر سوف يربك عمل المؤسسة ويهدد نجاح أدائها.
وهذا تحديدا مايحدث في السلسلة الغذائية في الطبيعة. فعندما يزداد عدد الحيوانات العاشبة بما لاتستوعبه المراعي، أو يزداد عدد الحيوانات المفترسة بحيث تتنافس بشكل أكبر على الفرائس يحدث إرباكا في السلسلة.
هنا تتدخل قوى الطبيعة لمحاولة إصلاح الإرباك الحاصل. والتدخل يكون تلقائيا من قبل الأحياء التي تنتظم ضمن السلسلة، فتحاول بعض الحيوانات العاشبة في حال التنافس على المراعي التحول إلى أشكال أخرى من الغذاء مهما كانت غير سائغة لذائقتها، فهي تحاول هنا فقط سد جوعها.
في هذه الحالة وعلى مر فترات طويلة من السنين يبدأ الكائن في التكيف مع غذائه الجديد فيتغير لديه نظام الأيض Metabolism وقد يتغير فكه وأسنانه وأعضاء وظيفية أخرى تزيد من موائمته مع غذائه الجديد.
هذه المتغيرات الطفيفة التي تظهر على الكائن الحي هي جزء مما نعنيه بالتطور. وهي تجري كما أوضحنا استجابة لمتطلبات البيئة. ولولا هذه المتطلبات لما احتاج الكائن للتغير. ونحن نلاحظ أن العديد من الأحياء لم تتغير كثيرا رغم قدم وجودها على الأرض.
وفي النهاية، فالتكاملية التسلسلية لانتقال الطاقة من الأرض ورجوعا إليها هي الحاكم في الطبيعة وهي مايشار إليها بالـ Echo System.
*باحث في علم الإنسان القديم
من تكون لدي الوعي. و انا اعيش بالصحراء. بدوي. ارعى الغنم و الإبل (الجمال). من عمري ٨ سنوات. حتى سن ٢٣ سنة. لم ارا (بعير) إبل. أو (عنمة) عنم. يأكل من الجيف.بل كنت ارا أن (الإبل) و (الغنم) تترك العشب، الذي حول الجيفة. لا تأكله، البتة. أي طيلة ال٢٣ سنة. لكن بعد ذلك رأيته بأم عيني. وليس قول عن قول. ومن نوعي الحيوانات. إبل و عنم. وهذا يدل على ما ذكرت من التكيف الغذائي للحيوانات.