تعال واجلس معنا على بساط “أحمدي”، فالدنيا لا تستاهل حمل كل هذا الغم. وإذا حضر الأكل فخير الطعام ما تكاثرت عليه الأيدي، وطعام الواحد يكفي اثنين وكلما كثر الجمع ازدادت البركة فالمثل المصري يقول: “إذا صفيت النية لقمة تكفى مية”. اغسل يديك وكل دون ملعقة أو شوكة حتى تشبع!
جاء في دراساتٍ غربية حديثة إن الأكل باليد له فوائد كثيرة لخصتها تلك الدراسات في أربع مميزاتٍ نفسية وبيولوجية من أهمها المحافظة على الرشاقة، وهذه هي الفوائد:
١. اليد نظام مناعي
في الجسم بكتيريا نافعة تعمل على حماية الجسم من البكتيريا الضارة، وهي متواجدة بكثافة في الأمعاء والحنجرة والفم ومناطق أخرى من الجهاز الهضمي، وكذلك في اليد، وهذا يعني أن الغذاء يتم تطهيره بملامسته لليد من قبل البكتيريا النافعة الموجودة فيه. وطبعاً لا يتم ذلك دونَ غسل اليدين بشكل جيد، لإبقاء المنافع الصحية، والوقاية من الأضرار.
٢. الحميمية
تجعل الملاعق الأكلَ عمليةً آلية وميكانيكية خاليةً من أية ألفة، بينما الأكل باليد يكون علاقةً نفسية أسلم وأكثر طبيعية، ما يولد مزيداً من المتعة واللذة.
٣. نظام حمية
من أسباب السمنة طبياً، عدم الوعي بكمية الأكل التي تلج إلى الجسم قبل أن يرسل الدماغ رسالةَ الشبع إلى الجسم، والأمر يصبح أصعب عند استعمال الملاعق، لهذا يساعد تناول الطعام باليد على الإحساس أكثر بمحتوى الأكل، وكميته التي تدخل إلى الجسم.
٤. نظام إنذار
لمس الأكل باليد قبل وصوله إلى الفم، يبعث برسائلَ عصبية إلى الدماغ تحمل معلومات عن طبيعة المواد المصنوع منها، وصلابتها وكثافتها ونسيجها وحرارتها، فيرسل الدماغ بدوره رسائل إلى الجهاز الهضمي من أجل تجهيز العصارات الهضمية، والأنزيمات الملائمة. كما لا يمكن إغفال أن اكتشاف حرارة الأكل مبكراً يقي من إصابة الفم بحروق.
كان أصدقائي يستغربون مني حين أحمل معي ملعقتي الخالصة فكنت أقول لهم أن يدي التي أغسلهَا عدة مرات في اليوم ولا يستخدمها غيري هي أكثر نظافة من الملعقة التي لا يغسلها النادل إلا مرةً واحدة في اليوم، وهي تدخل في أفواه ما لا يحصى من الناس غيري! وقبل عصر المدنية، الذي أصبح فيه كل فرنجي برنجي، كان الأكل بالأيدي إحدى عادات عدد كبير من الشعوب العربية والشرق الأوسطية، حيث تستخدم هذه الشعوب الخبز بدلاً من الشوك والملاعق. بالإضافة إلى ذلك استخدمت العديد من الحضارات القديمة نفس الطريقة، حيث اتبعها الفراعنة واليونانيون وغيرهم.
أولمنَا ذاتَ مرة في الظهران ودعونا صديقاً غربياً وعلمناه أن يأكل بيده، ولكنه حرمنا تقريباً من تلك الوليمة حين صار يجول ويصول بيده في الصحنِ طولاً وعرضاً، فتمنينا أن بقي يأكل بملعقته!