المؤرخ عبد الرسول الغريافي

أنواع بساتين القطيف ومسمياتها – عبد الرسول الغريافي

لا نقصد بهذه المسيات أسماء العَلم التابعة لبساتين النخيل فمن المعروف أن لكل بستان في القطيف إسم خاص به تماما كما يحمل كل شخص إسمه الخاص به وهو إسم عَلم (proper noun). ويصل عدد مسميات بساتين القطيف إلى الآلاف وذلك بعدد بساتين نخيل القطيف فلكل بستان إسمه في جميع أرجاء القطيف. ومن أشهرها -مثلا لاحصرا- الهمال والعماره والعوام والحطيبي والعياشي وهذا الأخير يطلق على مجموعة بساتين، وهناك أيضا المسعوديه وأم الجزم والشماسيه والطف الذين تحولوا إلى آحياء سكنيه، فكل هذه أسماء بساتين نخيل خاصة لكل بستان منها إسم مختص به، ولكن هنا ليس هذا هو المقصود بأسماء العَلم للبساتين القطيفيه، وإنما نقصد هنا بإسم النوع الذي يطلق على أي بستان اجتمعت فيه مواصفات معينه عامه وحسب هذه المواصفات يصنف من أي نوع هو، وهي أسماء عامه (common noun) ، أسماء يميزها الفلاحون وبعض الملاك لتلك البساتين طبقا لمعرفتهم لتلك المواصفات. وجدير بالذكر أن كلا من إسم البستان ونوعه يكتبان في الصك أو الاوراق الخاصة به، وفي هذه الأيام يكتب إسم كل بستان نخل (مما تبقى منها) على بوابته حسب توصيات الجهات المختصه.
فمن أشهر أصناف تلك البساتين:

النخل: وهو أكثر الأسماء شيوعا وهو إسم يطلق على كل بستان يحمل المواصفات القياسية العامه فأغلب أشجاره النخيل بالإضافة لبعض الأشجار المحليه كاللومي والموز والبوبي واللوز والبمبر والكنار وغيرها، وهو إسم يطلق على كل بستان نخيل بشكل عام.

المزرعه: أرض زراعية يزرع فيها الشجيرات الموسميه الحوليه كالبطيخ والطماطم وسائر الخضار وتزرع بعض النخيل القليله حول أطرافها وأحيانا في وسطها.

البديعه: جاء في معجم اللغة العربية المعاصر معنى بديعة: عجيبة ورائعة والبديعة عند أهالي القطيف هي قطعة أرض على جنبات بساتين النخيل وفي العادة ليست كبيرة جدا، تحتوي على أشجار متنوعه كاللوز والموز والرمان والعنب وغيرها بالإضافة إلى النخيل، والزرع فيها دائم التجديد.

الداليه أو الدالوه:
لفظة الداليه أو الدالوه عند أهالي القطيف تعني بستان نخل صغير في داخل الحي أو القريه وفي وسطه يبني صاحبه بيته. والدالية لا تؤجر (أو تؤكر)، وعادة من يمتلك الدالية هم وجهاء وأعيان الحي و القريه وكذلك أثرياؤهم. ويستعمل أهالي الأحساء هذا المصطلح أيضا وأما عند أهل البحرين فيستخدمون صيغة الجمع دوالي ويحرفونها للدواليب أحيانا.
والداليه هي من أصل عربي حيث يذكر المعجم الغني الداليه: يقال تدلت عناقيد العنب من الداليه وهي شجرة الكرم، وأيضا، منزل به داليه وعناقيدها تثمر عنبا. ويذكر معجم الرائد الداليه جمع دوالي وهي شجرة الكرم ويذهب معجم الفقهاء الى أنها جمع دوالي وهي شجرة الكرم.

البقشه:
والبقشة عند أهالي القطيف هي بستان نخل صغير ويكون جديد عهد في النشأة ويتسم بالتنظيم والنظافة وله عروش جميله مرتبة، والبقشة تشبه ماتعرف بالإستراحة هذه الأيام.
وجاء في تاج العرب أن البقش هو شجر يقال له بالفارسيه خوش ساي أي الطيب الظل ، وقال إبن دريد ليس من كلام العرب الصحيح بل هو مولد (أي مستعار من لغة أخرى).

الغرسه: وهو بستان كانت نخيله في الأصل عالية جدا وكبيره في السن فاجتثت وأزيلت واستبدلت بنخيل جديده صغيره (ابچوس)، كما وقد استبدلت فيه أيضا سائر الأشجار القديمه بأشجار صغيره.

المعامره: وإسمها مشتق من العمار، والعمار في في لهجة أهالي القطيف تعني الحرث فالمعامرة صيغة مبالغة تدل على كثرة العمار أي الحرث. والمعامرة تعنى عند أهل القطيف الأرض الزراعية الجديده التي استصلحت لتصبح نخلا وعادة ماتكون نخيلها جديده (ابچوس: مفرد بچسه) أي النخلة الصغيره. وهذا دليل على أن أهالي القطيف كانوا يحولون الأراضي البور والمنازل إلى بساتين وهناك أدلة أخرى أثبتت ذلك أيضا فعند حرث بعض البساتين أو حفرها تظهر آثار بناء قديم من الجص والطين والحجارة البحرية وهذا يدل على تحويل المنازل إلى بساتين في العصور الماضيه على عكس مانحن عليه الآن!

نخيل العيچه: (بالچا الثقيله مثل ch), وهذه بساتين قليله وليس مسمى عام وإنما يطلق هذا المصطلح على نخيل في موقع معين في القطيف تكون لها ميزة معينه وهي بساتين النخيل التي تطل على عيچه البحر في طريق الدستور كالبساتين التي هي شرق العياشي وشرق البحاري والقديح وما تلاهم من الشمال الشرقي. والعيچه في لهجة أهل القطيف تعني الشاطئ البحري الرملي الذي يليه الطين، فهي نخيل تطل على البحر. ولعل أصل كلمة (عيچه) هو العيك ومفرد عيكه حيث يقلب أهالي القطيف الكاف إلى چا، وقد جاء في كل من لسان العرب وتاج العروس أن العيك والعيكه هو الشجر الملتف ولعل أهالي المنطقه يقصدون بمسماها منطقة شجر المنجروف أي الشورى (القرم) لأنه يعقب المنطقة الرملية هذه. ولعلها من أصل كلمة (العكه) وهذه أقرب لأن كلمة عكه كما جاءت في معجم الرائد أنها رملة حاره، وفي الوسيط أيضا بمعنى الرملة التي أحمتها الشمس.

المغرفه: وهو بستان نخيل أرضه زراعيه منخفضه، لذا تكثر فوق أرضه المياه في كل مكان من أنحائه ولا تجف على مدار العام والسبب في ذلك هو أن انخفاض الأرض عن المستوى العام، فلا يستطيع أي مصرف مائي أن يسحب مافضل بها من ماء (من الأسفل إلى الأعلى) كما أنه حتى مع حفر مايعرف بالسيبه أو المرمى (خنادق عميقه مختومة الطرفين) والتي تمتص الماء لايمكنها أن تقوم بوظيفتها لأنها سرعان ما تمتلئ ولم تعد تستوعب بقية المياه. كانت مثل هذه البساتين في الماضي تستغل لزرع الأرز الأحمر. وعند بلوغ نبتة الأرز الأحمر مرحلة الإستغناء عن الماء تنقل شتلاته الى أراض اخرى أقل جفافا.

العياشي: سبق ذكر العياشي أعلاه على أنه إسم علم كأي إسم يطلق على أحد البساتين، ولكن هناك ثمة أشياء تميز العياشي فتصفها في مصف المصنفات كإسم عام، فإسم العياشي من جهة يطلق على عدة بساتين ومزارع لا بستان واحد ولكنها كلها في بقعة واحده حيث تبدأ من مخرج القطيف الجنوبي بعد الشويكه والسد وتمتد على الجانبين من طريق الملك عبد العزيز إلى بداية عنك من جهة اليسار ومدخل طريق قرى المحيط من جهة اليمين. وتشتهر مزارع العياشي بجودة البطيخ القطيفي الذي تنتجه وبكبر حجمه وطعمه وكذلك بجودة الطماطم و (الطروح) وهو القثاء أو الفقوس، وكل مزرعة من هذه المزارع يطلق عليها إسم عياشي وبإسم مالكيها كعياشي طه وعياشي الحمالي، كما وقد اشتهرت حماماتها الإرتوازية بخصوصيتها لاستحمام المعاريس. لذا فإن هذا المسمى واقع بين إسم العلم والإسم العام كماهو الحال بالنسبة لنخيل (العيچه) فالإسمان يطلقان على مجموعة نخيل معينه مجتمعة في موقع واحد.

الطف: وهي على عكس المغرفه فهي أرض زراعيه مرتفعة عن سطح الأرض المحيطة بها وبها نخيل وأشجار أخرى، وعادة لاتعرف بالألف واللام وإنما تعرف بالإضافة فيقال أرض طف أي مرتفعه. علما بأن هناك في القطيف بساتين نخيل تحمل إسم الطف كأسماء علم وفي هذه الحالة تعرف بالألف واللام: (الطف).

البستان: وهو عادة نخل كبير جدا تتنوع فيه الأشجار بالإضافة إلى النخيل وعادة مايحتوي على أشجار يندر زرعها في المنطقه فتنمو وتثمر رغم اختلاف المناخ والتربه الملائمين لها وذلك لشدة العناية بها من تسميد وري. وملاك البستان عادة هم من يباشرون خدمته والعناية به وذلك لأنهم هم من يستفيدون من منتوجاته وثماره مباشرة حيث يدار شؤونه بواسطة فلاحون يعملون فيه بالأجر اليومي لأصحاب هذا البستان.

رغم أن بساتين القطيف ومزارعها لاتزال تحمل نفس مسمياتها حتى أيامنا هذه إلا أن مسميات أنواعها المذكورة هذه لم تعد تطلق عليها ولم تعد تعرف، فقد تساوت جميع البساتين والمزارع في صفاتها كما أن الجيل الجديد لم يعد يهتم بهذه التصنيفات إلا النادر منهم، إلا أنه لايزال هناك بعض البساتين تحمل تلك الصفات كالداليه مثلا فهي إن كانت موجوده فهي لاتزال في وسط الحي أو القريه بالإضافة إلى ماتبقى من مسميات تفصيليه في بعض الصكوك، كما أن المزارع الحديثة كلها تحمل مواصفات ذات طابع موحد مشترك.

تعليق واحد

  1. ازدنا من هذه المواضيع كي يستفيد منها الاجيال القادمة ازاد الله في عمرك ومتعك بالصحة والعافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *