السعي البشري لتحقيق السعادة هو أحد أكثر عمليات البحث الانساني شيوعًا، ولكنه يميل إلى أن يكون هدفًا بعيد المنال أيضًا. لحسن الحظ بالنسبة لنا، يمكن أن تأخذ تجربة “السعادة” العديد من الأشكال والأنماط وتنتج عنها مجموعة متنوعة من السلوكيات ومن ظروف الحياة المختلفة. كما أن الأبحاث تشير لنا الآن إلى طرق ملموسة يمكننا من خلالها إيجاد أو تطوير هذه الأشكال المختلفة من السعادة في حياتنا.
الشكل الأول – الفرح والبهجة:
شعور الفرح يأتي عندما تركز في حب نفسك في اللحظة الحاضرة ثم تقدر وتشكر بما لديك من نعم مختلفة، مادية منها ومعنوية. إنه شعور سريع الزوال لأنه يمكن أن يتسلل إليك وأحيانًا قد يختفي إذا حاولت تحليله كثيرًا. يمكن الحصول على هذا الشعور أيضًا عند ممارستك السلوك الصحيح للمواقف والنظرة الصحيحة للأحداث، لذا فهو شكل من اشكال السعادة يسهل الوصول إليه نسبيًا.
أسهل طريقة للعثور على الفرح هي المشاركة في الأنشطة التي تعرفها وتجيدها، وهي التي عادة تجلب لك السعادة. وتتعدد هذه الأنشطة من ممارسة اليوغا إلى الذهاب الى المتنزهات أو إلى سماع الموسيقى المفضلة لديك. ومن المهم أيضًا تجربة أو ممارسة بعض الأشياء الجديدة من أجل العثور على سبل وطرق جديدة للبهجة والفرح.
الشكل الثاني – النشوة والحماس:
على الرغم من أنها قد تستمر لفترة أطول من الفرح، إلا أن هذه المشاعر تشكل لحظة عابرة الى حد ما، وقد تختفي بشكل سريع – ويمكن أن تتحول إلى شعور بالضيق وعدم الرضا. ومع ذلك، يمكن أن تكون هذه المشاعر عاملا محفزا. يمكن لنشوة الحماس حول وظيفة جديدة، على سبيل المثال، أن تحفزك على العمل بجدية أكبر، ونشوة الحماس حول علاقة جديدة يمكن أن تحفزك على بذل المزيد من الجهد في العمل حتى في غمرة الصعوبات.
يمكن لنشوة الحماس أن تساعدك أيضًا على التغلب على دائرة التوتر المحيطة بك. وإذا أخبرت نفسك أنك متحمس أكثر من إنك قلق أو عصبي، فان الدراسات تشير أنه يمكنك تحويل الطاقة السلبية إلى نشاط بناء.
يمكن لنشوة الحماس أيضًا أن تمدد المشاعر الإيجابية التي تحصل عليها من نشاط ما. إذا ركزت في توقعاتك على مشاعرك الحماسية، فقد تمتد متعة الإجازة إلى أيام وأسابيع قبل مغادرتك. نشوة الحماس ليست صعبة المنال، وهي من أسهل الأمور تحققا. ومن بعض الأمثلة لتحقيق ذلك: ١) تبنى مواجهة التحديات الجديدة، ٢) احتفظ بقائمة الامنيات، ٣) اسمح لنفسك بالتمتع وانت تتوقع بقدوم حدث كبير وعظيم.
الشكل الثالث – العرفان والإمتنان:
يمكن لمشاعر الإمتنان أن تتبدد وتضمحل إذا لم تركز بإحساسك عليها بشكل نشط ومتواصل، ولكن هذه المشاعر تبقى أيضًا شكلا مهم من أشكال السعادة. أولئك الذين يشعرون بالإمتنان بشكل منتظم تميل مشاعرهم أكثر سعادة وصحة من أولئك الذين هم أقل عرضة لهذه المشاعر النبيلة، وفقا لأحد الأبحاث.
علاوة على ذلك، فإن إحساس الإمتنان هو من أبسط الأمور التي تنمو وتترعرع. يمكنك استخدام سجل يومياتك بالإمتنان، أو ممارسة التأمل بالعطف والمحبة، أو حتى إخبار الأشخاص المحيطين بك بأنك تقدرهم وتحترمهم، ومارس هذه المشاعر النبيلة بكثرة. إن زراعة بذور مشاعر الإمتنان أثبتت أنها تقاوم المشاعر السلبية ومنها مشاعر الإكتئاب. قد يبدو الأمر أقل وضوحًا، لكن هذا الشكل من الشعور بالسعادة يمكن أن يخطر على البال مرارًا وتكرارًا.
الشكل الرابع – الفخر والعزة:
في حين أن الاعتداد بالنفس أو الكبرياء يمكن أن تكون شيئًا سلبيًا، إلا أن مشاعر الفخر بإنجازاتك قد تكون شكلاً من أشكال الامتنان التي تتحول إلى داخل النفس وتشكل شكلاً رائعًا من السعادة الغامرة. يمكنك أن تفخر بعملك وعائلتك ومنزلك وشخصك، وفي أي شيء بذلت فيه جهدا، أو رعاية، أو حبا للآخرين.
يمكنك تنمية شعور صحي بالفخر من خلال تضمين الإنجازات الشخصية في سجل يومياتك بالامتنان أو الاحتفاظ بقائمة من “الإنجازات” في نهاية كل يوم. هذا ليس نوعا من أنواع المفاخرة أو “التضخم الذاتي”، فأنت لا تزعم بأنك أفضل من الآخرين بسبب إنجازاتك، ولكنك تعلن بأنك في أحسن حالات نفسك، وأنت بذلك تقدر هذه الحقيقة.
الشكل الخامس – التفاؤل:
تربط الدراسات أيضًا التفاؤل بنتائج عظيمة في الحياة. يميل المتفائلون إلى التركيز على الإمكانيات المحتملة ويتمتعون بممارسة مختلطة بالامتنان والإعتزاز. إنهم دائما يظهرون عظيم امتنانهم لكل ما تقدمه الحياة لهم من إمكانات، ويفخرون بقدراتهم على تسخير هذه الموارد، ولديهم إيمان راسخ بأنفسهم وقدراتهم على القيام بالمحاولات تلو المحاولات في أي أهداف يسعون لتحقيقها.
يميل المتفائلون، عندما يواجهون بخيبة أمل، إلى عدم تضخيمها، ومن ثم تحديد كيفية قيامهم بعمل أفضل في المرة القادمة، ويستعرضون العوامل الضعيفة التي أدت إلى نتائجها السلبية. عندما ينجحون، يمنحون أنفسهم الفضل ويعتبرون ذلك بمثابة علامة تفاؤل على أمور أفضل قادمة. يميل التفاؤل إلى أن يكون طريقة شاملة للوجود، وهو يسير بخطى أقل سرعة من الأشكال الأخرى للسعادة.
الشكل السادس – الرضا والقناعة:
القناعة تعني أن تكون سعيدًا بما لديك. أولئك الذين يشعرون بالرضا والقناعة أقل تثبيطا في مواجهة عقبات الحياة ويشعرون بأنهم محظوظون لأن لديهم ما لديهم بالفعل من نعم مادية ومعنوية في حياتهم.
يسعى الناس بجدية للشعور بهذا الشكل من السعادة، ويمكن أن يتحقق هذا الشعور في التركيز على الامتنان على ما لديك من نعم مادية ومعنوية، بالإضافة إلى الشعور بأنك ارتقيت منزلة عالية وتستحق التمتع بالمكافآت التي تستحق هذا الجهد. إن التمتع بإنجازاتك وبكل شيء تملكه أو حصلت عليه يمكن أن يحقق لك القناعة، لذلك التركيز على ما في يديك ماديا أو معنويا هو وسيلة رائعة للحفاظ على قناعة مستدامة.
الشكل السابع – الحب:
يقال أحيانًا أن الحب والسعادة قابلان للتبادل، وأن الحب هو مصدر لا متناهي للسعادة، وأن السعادة بحد ذاتها هي شكل من أشكال الحب. ومع ذلك تنظر لكلاهما كأمر حيوي ومصيري في حياتك.
الحب الأسطوري هو صعب المنال، ولكن في الواقع، يمكن العثور على الحب من كل الجهات من حولك. يمكن أن تكون العائلة والأصدقاء والزواج الرومانسي وحتى الحيوانات الأليفة، كلها مصادر للحب، والتركيز على كل هذه العلاقات يمكن أن يثري حياتك بشكل كبير. هذا هو شكل من أشكال السعادة الذي يمكن أن يمتد وبلا نهاية.
على الرغم من أن العلاقات العصيبة يمكن أن تبعدنا عن السعادة، إلا أن العلاقات الصحية والداعمة يمكن أن تجلب سعادة عظيمة ودائمة. التركيز على مهارات بناء العلاقات، وقضاء الوقت مع الأحباب، والتركيز أيضا على طرق أخرى في تنمية هذه العلاقات يساعد على الحفاظ على هذا الشكل الجميل من أشكال السعادة في حياتك.