قراءة سريعة ومختصرة لكتاب “إشكالية النظرية والتطبيق في العمارة التقليدية” وهو عبارة عن مجموعة أبحاث مقدمة في ندوة تحمل نفس العنوان بتنظيم من جمعية المهندسين البحرينية وبدعم من الهيئة البلدية المركزية بالبحرين والذي أقيمت بين 16 و 18 يناير عام 1995م.
يتجاذب العمارة التقليدية إتجاهان متناقضان الأول بإسم ((الأصالة)) وحتمية العودة للعمارة التقليدية بأصولها وقيمها ومحاولة الاستفادة منها وتطبيقها في عمارتنا الحديثة …حيث تغلب النوازع الرومانسية على معتنقي هذا الإتجاه ، فهم مشدودون إلى القديم بكل مايحمله هذا القديم من روح التاريخ وأصالة الحضارة ، فهو موروث اجتماعي كما أنه تراث حضاري نملكه ويجب أن نحافظ عليه ونضيف ليصل للأجيال القادمة.
ويقابل هذا التوجه إتجاه آخر بإسم ((الحداثة)) يدعو إلى التحرر من القديم ، والواقعية المعمارية هنا تحتم النظرة المستقبلية واستحالة العودة للماضي ، نحترمه ، ولكن نتخطاه ، ويعزز هذا الاتجاه الدعوة إلى التطور في اطار المتغيرات الحادثة في العالم من حولنا وسرعة التطور التقني على كافة المستويات ، وفي المجالات الانشائية بشكل خاص ، التي قفزت قفزات سريعة في تطورها وتقديمها إلى المعماري أنماطاً وتقنيات حديثة لم يعرفها المعماري القديم ، ولذلك يدعو هذا الاتجاه إلى أن يتحمل معماري اليوم مسئولية في تقديم وابداع الجديد ، كما قدم معماري الأمس ، دون أن يتمسك بما قدمه من قبله.
وبين هذين الإتجاهين تبرز قيمة إشكالية العمارة التقليدية بين معطيات وامكانيات العصر ، دون أن ترفض أو أن ((تخسر ملامح الأمس)) بكل ماتحمله من جذور حضارية تربط الإنسان بمجتمعه وتاريخه ، ومنها يكسب هويته وانتمائه.
وعليه أن لايسقط هذا التراث العريق من حساباتنا في ميدان النشاط المعماري وأن نعطيه حقه في الحياة والتطور ، ونتمسك بهذا التراث اذا كان قابل للتطوير واستخلاص مافي هذا التراث المعماري من قيم بناءة فكرياً وخلقياً واجتماعياً واقتصادياً وهي قيم حية لاترتبط بالماضي وحده وبهذا نزيل الحيرة التي تسود الوسط الهندسي المعماري فيما يتعلق بهذا الميراث المعماري ، ونتوجه للابداع الذي يحمي مكاسبنا ويكسب عمارتنا الحديثة هويتها وانتمائها.
(هذه القراءة المتواضعة)
موجهة للمعنيين وخصوصاً المكاتب الهندسية والمهندسين والمهتمين بالشأن المعماري
(الهدف من هذه القراءة)
مؤخرا تبرع أحد الصالحين الخيرين من أبناء القطيف بتكلفة إعادة بناء مصلى ومغتسل بالقطيف، فوددت لو شُكلت لجنة تهتم بالتراث العمراني كي تشرف على وضع المخططات الإبتدائية ومراعاة الطابع المعماري القديم لوصل الماضي بالحاضر. أتمنى تشكيل هذه اللجنة والتي سيكون لها أثر كبير على ملامح المنشأت بالمنطقة.