كيف يغير التصميم المعماري الصديق حياة الأطفال من ذوي التوحد – ترجمة عدنان أحمد الحاجي

How autism-friendly architecture can change autistic children’s lives
بقلم – جوان سكوت لوف – محاضرة أولى في التصاميم المعمارية الداخلية ، جامعة ليدز بيكيت
مراجعة وتدقيق الدكتورة أمل حسين العوامي ، استشارية طب نمو وسلوك الأطفال

تخيل إنك ترتدي سماعة أذن، التي تساعد على السمع (التي يستخدمها الصم)،  مضبوطة على أعلى وضع حجم للصوت ولا تستطيع أي تعديل على الصوت.  يمكنك سماع كلام الشخص المجاور لك – لكن بنفس حجم الصوت ، تسمع أصوات الطيور من خلال نافذة مفتوحة ، وأزيز مكيف الهواء فوق الرؤوس ، وطنين حركة مرور السيارات من الخارج.  لا يمكن تنقية الفرق في طبقات الصوت مما ينتج تنافراً في الأصوات.  أضف ذلك مع بعض حواسك المصاحبَةَ (١) أو المشوشة ، التي تشبه خط اتصال هاتفي رديء ، مما يجعلك تبدأ بإدراك كيف يواجه بعض الناس الذين لديهم طيف التوحد محيطهم (٢).  لا عجب أن التدريس الفعال للطفل الذي لديه توحد يمثل تحديًا.

داخل أجوائنا المعيشية ، نتلقى جميعًا مجموعة من المدخلات الحسية المحفزة – الصوت والرائحة واللمس والذوق والحركة – وطوفان لا ينتهي من المعلومات المرئية.  الكثير من الأشخاص يتمكن من تصفيتها والتعامل معها ، لكن الأشخاص الذين لديهم  توحد يواجهون محيطهم بطريقة مختلفة.  الصعوبات الحسية قد تسبب فرط حساسية (الإحساس بأكثر من اللازم) أو نقص حساسية (الإحساس قليل جدًا) ، أو توليفة من الإثنين معا (٣).  تصبح البيئة مكانًا مربكًا عند محاولة معالجة “الكثير من المعلومات” (٤).  تسبب التغييرات غير المتوقعة القلق ، الذي يصعب إدارته ، ويمكن أن يؤدي مستوى المثيرات الحسية إلى قلب التوازن رأساً على عقب ، مما يؤدي إلى فرط في الإحساس ، وأحيانًا يُساء تفسيره على أنه نوبة غضب.

تعد بيئة التعلم المثالية أمرًا حيويًا لكل طفل (٥).  بالنسبة للأطفال الذين لديهم توحد ،  أهمية البيئة تكون مضاعفة  ، وكذلك الفوائد التي يمكن تحقيقها من خلال التصميم المعماري والبيئي المناسبين.

على مدار السنوات الخمس الماضية ، أجريتُ أبحاثًا (٦) على كيف يُدرس تصميم بيئات التوحد لمصممي المستقبل ، مع ثمان مدارس وكليات لدراسة الحالة.  حدد البحث عددًا من الطرق التي تتمكن للمدارس بها ضبط المساحات المكانية لمساعدة الأطفال والشباب الذين لديهم توحد على التعامل مع محيطهم ، وبالتالي ، يتعلمون بشكل أكثر فعالية.

كيف يمكن للمدارس أن تساعد

على وجه الخصوص ، قبل أي نشاط, وأثناء التحضير, التوصيات تأخذ بعين الإعتبار القيمة المضافة بالنسبة للأشخاص الذين لديهم توحد ، حيث يتيح ذلك معالجة المعلومات على الوتيرة التي يحتاجها كل شخص.  هذا يعطي الأطفال الوقت لفهم ما هو متوقع منهم.  كما أنه يقلل من القلق ، ويوفر الشعور بالطمأنينة ويعزز تقبل التعلم.

 ١. وفر أماكن لأخذ برهة من الوقت

استفد إلى أقصى حد من أي مظلات أو استراحات.  إخل أي مساحات صغيرة “تحت الدرج” أو في منطقة خارجية ، فهذا يوفر  فرصة للتنحي جانباً ومعالجة المعلومات وإعادة التوازن.  قد يعني ذلك إزالة باب من خزانة غير عميقة أو تحديد مكان خيمة “تفتح تلقائياً”.  هذا مهم بشكل خاص عند الإنتقال من مبنى إلى آخر – عندما يكون الفرق بين البيئات معتداً به.

٢. المداخل المتعددة تساعد

قد يكون المدخل الرئيسي مشغولًا جدًا ، لذا وفر مدخلاً جانبياً أكثر هدوءًا.  يمكن للمدارس أيضًا المساعدة بإنشاء طريق أطول وبطيء من الملعب إلى الفصول الدراسية ، بالإضافة إلى طريق قصير سريع – مما يتيح مرة أخرى الخيار والوقت لمن لديهم توحد للمعالجة الذهنية المعلومات.

وبالمثل ، التخفيف (التلطيف) من حدود المساحة الداخلية إلى المساحة الخارجية يمكن أن يساعد أيضًا.  المظلة الخارجية ، على سبيل المثال ، يمكن أن توفر  مساحة تعليمية مثالية في الهواء الطلق للمساعدة في خفض القلق الذي يحف بالتغير الحسي المفاجئ.

٣. النوافذ يمكن أن تمنح  الشعور بالطمأنينة (بالأمان)

يعاني بعض الأطفال من القلق وسلوكيات طقوسية للشعور بالإطمئنان  ، وقد يرغبون في قضاء بعض الوقت في العودة إلى مكان كانوا فيه للتو.  إذا تم توفير فتحات ذات موقع استراتيجي ، فلن يحتاجوا إلى العودة فعليًا إلى هذا المكان للشعور بالطمأنينة  ، فبإمكانهم النظر إلى الخلف من مسافة قصيرة.  هذا يتيح لهم المزيد من الوقت للتعلم في الفصول الدراسية.

٤. وصل النقاط معاً

ينبغي أن تنظر المدارس أيضًا في تقديم أنشطة تحاكي مهام الحياة الحقيقية ، لأن ذلك سيساعد الأطفال الذين لديهم توحد على رؤية الأنماط والإرتباط بالأشياء.  يمكن لنموذج مصغر لدكان بسيط ، على سبيل المثال ، داخل الفصول الدراسية وخارجها في الملعب ، أن يساعد الأطفال على تعلم كيفية تعميم مهارة مقايضة المال بالبضائع عبر بيئات مختلفة.

تجربة تعليمية أكثر ثراءًا

ما يُعرف باسم “مساحات التذوق ” هي أيضًا فكرة رائعة ، حيث يمكن أن توفر للأطفال مساحة لقضاء بعض الوقت في المشاركة في نشاط مسبق يساعدهم على استكشاف جزء من نشاط أكبر بطريقة أصغر.

يمكن أن يساعد ذلك الأطفال على الإستعداد للنشاط النهائي – مثل النقر (العزف) على الجدار ، قبل العزف على آلة موسيقية ، أو تجربة بقناة مائية قبل الإرتماس في بركة السباحة. كما توضح هذه الأفكار ، فإن الحاجة إلى تشجيع تجربة تعليمية أكثر ثراءً ، في بيئة منظمة ومتفاعلة ، هي أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأطفال والشباب الذين لديهم توحد (٧).  أحد الإعتبارات الأساسية هو أنه لا يوجد شخصان لديهما توحد يحسّان ببيئتهما بالطريقة نفسها ، لذلك لا توجد مقاربة أو حل واحد للقضايا الحسية.  لكن التعديلات الصغيرة التي تهيأ بشكل فردي  (مثل تلك المذكورة أعلاه) يمكن أن تحدث فرقًا ملموسًا ، وتساعد فعلاً في تحسين التعلم ونوعية حياة الأطفال الذين لديهم  توحد وعائلاتهم.

مصادر من داخل وخارج النص:
١-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/حس_مرافق
٢-https://youtu.be/Lr4_dOorquQ
٣-http://integratedtreatmentservices.co.uk/blog/sensory-hyper-hyposensitivity-autism/
٤-https://www.autism.org.uk/get-involved/campaign/tmi.aspx
٥-http://eprints.leedsbeckett.ac.uk/5436/1/SENSORY%20SPACES%20SENSORY%20LEARNINGPV-JL.pdf
٦-http://eprints.leedsbeckett.ac.uk/5753/
٧-https://strathprints.strath.ac.uk/67403/

المصدر الرئيسي:
How autism-friendly architecture can change autistic children’s lives
July 31, 2019
Joan Scott Love. Senior Lecturer in Interior Architecture, Leeds Beckett University
https://theconversation.com/how-autism-friendly-architecture-can-change-autistic-childrens-lives-120516

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *