يميل معظم الناس إلى إستشارة الدكتور جوجل غالبًا قبل أن يتواصلوا مع الخبراء والأطباء الحقيقيين عندما يواجهون تشخيصًا فعليًا أو محتملاً للسرطان. للأسف الشديد، الدكتور جوجل لا يعرف دائمًا ما هو الأفضل.
في الأعوام السابقة، كان المرضى يعتمدون إلى حد كبير على إستشارات الأطباء حول أفضل الطرق للتعامل مع المرض مثل مرض السرطان. في زمننا الحاضر يعتمد الكثير على شبكة الإنترنت، والمليئة بموجات تسونامي إفتراضية ومتلاطمة من المعلومات التي يتم تقديمها من جميع أنواع المصادر المختلفة، من خبراء مجهزين بالوقائع المبنية على الأدلة إلى الأشخاص الذين يبيعون المنتجات أو الذين يجيدون الدجل الصريح. يكمن الذكاء هنا في معرفة الفرق بين الغث والسمين، خاصة وأن الإرشادات المتباينة فيما بينها يمكن أن تصبح مسألة حياة أو موت.
أخبرتني الدكتورة ليديا شابيرا، طبيبة الأورام في المركز الطبي بجامعة ستانفورد، وتعمل أيضا كمحررة لموقع موثوق للغاية، ويمكن الرجوع عليه تحت اسم (cancer.net)، يوفر معلومات واضحة ومدروسة علميا عن السرطان وعلاجه للمرضى وعائلاتهم وأصدقائهم، حيث تقول إنه “من السهل على الناس أن ينجذبوا الى موقع مليء بالمعلومات الخاطئة والتي تقودهم إلى إتخاذ قرارات قد لا تكون في مصلحتهم الفضلى”.
كطبيب متخصص في سرطان الثدي، عالجت الدكتورة ليديا شابيرا النساء اللواتي يرفضن العلاج بعد العملية الجراحية بعقار مثل عقار تاموكسيفين أو مثبط أروماتاسي لأنهن قرأوا على الإنترنت أن هذه العلاجات ضارة، على الرغم من الدراسات المكثفة التي تثبت أن هذه الادوية يمكنها أن تساعد في منع تكرار سرطان الثدي. وقالت: “الإقتناع بالضرر هو رد فعل عاطفي، ولكن من الصعب للغاية على الطبيب أن يتحدث عن الحقائق من خلال العواطف”.
كما تحذر جمعية السرطان الأمريكية بأن: “المعلومات الخاطئة يمكن أن تؤذيك عندما يتعلق الأمر بالسرطان. تتراكم كميات كثيرة من المعلومات المتعلقة بالسرطان على الإنترنت من الآراء، وفن البيع، والشهادات، ولا يستند معظمها إلى علم دقيق، حيث يمكن لأي شخص وللأسف الشديد من نشر أي نوع من المعلومات عبر الإنترنت وبدون رقابة، وقد يمر بعض الأشخاص بمعلومات محدودة أو غير دقيقة أو خاطئة تمامًا. حتى أن البعض منهم يحاول الخداع والإحتيال”.
هل أنت قلق من أعراض مرضية غير واضحة؟ يقدم الإنترنت مواقع كثيرة تعرض “التدقيق في الأعراض وتشخيص الأمراض”، ويمكن للمرضى أن يخدعوا أنفسهم من خلال البحث في الإنترنت عن أعراضهم ويكتشفوا بأنفسهم أن السرطان أحد الأسباب المحتملة. الأعراض متعددة ومختلفة وتشمل من السعال المستمر إلى الإمساك المزمن، وكل ذلك يمكن أن يكون سببه هو السرطان حسب بعض مواقع الإنترنت…!!، وهذا التشخيصات غير دقيقة حيث يمكن للطبيب المؤهل إستبعاد مرض السرطان بسهولة مع فحص طبي مناسب بالإضافة الى مراجعة تاريخ المريض الشخصي والعائلي.
في العام الماضي وفي مركز “هارتفورد كورانت”، التقى الدكتور ديفيد وولباو، طبيب العائلة في مدينة مانشستر، بولاية كونيتيكت، برجل في العشرينات من عمره، يعاني بحكة في الحلق إستمرت أسابيع، والذي قام بنفسه بإجراء بحث على الإنترنت واعتقد أنه مصاب بسرطان الفم. وبعد فحص الطبيب تبين أنه لا توجد لديه أي عوامل من خطر الإصابة بمرض السرطان، وأظهر الفحص أن المريض لديه نزلة من البرد، لا أكثر ولا أقل…!
كتب الدكتور وولباو: “لا ينبغي أن يتوقع الناس إن موقعًا إلكترونيًا سوف يحل محل طبيبهم”. وأضاف: إن الطبيب الذي أكمل سنوات عديدة من التعليم والخبرة العملية، قادر على معرفتك، ومعرفة تاريخك الطبي، وتاريخ عائلتك، ومعرفة عوامل الخطر… إلخ، وهو أفضل بكثير من الرجوع الى مواقع الإنترنت”. بالإضافة الى ذلك، كتب الدكتور وولباو: “يمكن أن تبدو لك المواقع في ظاهرها وبطريقة ذكية أنها جديرة بالثقة حتى عندما تقوم هذه المواقع بنشر معلومات غير مدعومة بالأدلة العلمية”.
الناس الذين يبحثون عن أحدث ثورات زيت الثعبان سيجدونها بالتأكيد على شبكة الإنترنت.
توجيه واضح: يحذر مجتمع السرطان من نشر أي معلومات تدل على إدعاءات واهية مثل “إختراق علمي” أو “خلطة سرية” أو “علاج معجزة” أو علاج قديم “، أو الإعلان عن منتجات تقدم ضمانات إسترداد النقود، وتزعم أنها متوفرة من مصدر واحد فقط أو يقال إنها علاج لمجموعة واسعة من الأمراض.
ومع ذلك، يمكن للأشخاص الذين يواجهون مرض السرطان في كثير من الأحيان جمع المعلومات القيمة والحصول على الدعم عبر الإنترنت. وقالت الدكتورة ليديا شابيرا: “يمكن أن تكون الإنترنت وسيلة تتيح للناس إمكانية الوصول إلى المعلومات الجيدة التي يتم فحصها علميًا”. “وهذه المعلومات تمكن المرضى على الإستعداد بشكل أفضل للتشاور والنقاش مع الخبير والمختص. وبعد مثل هذا التشاور، يمكنهم التحقق من حكمة وجودة المشورة التي حصلوا عليها “.
تقترح الدكتورة ليديا شابيرا الإعتماد على المصادر والمواقع الخالية من الدعاية التجارية. بالإضافة الى المواقع التي تنشرها المؤسسات الطبية. وأيضا موقع (cancer.net) الذي أعده أعضاء الجمعية الأمريكية لعلم الأورام السريرية، وكذلك يمكن الإعتماد على المعلومات المقدمة من جمعية السرطان الأمريكية (cancer.org) والمعهد الوطني للسرطان (cancer.gov)، بالإضافة إلى ذراع المريض المجاني للموقع الذي يحمل اسم (UpToDate.com) والذي يستعرض أفضل المعلومات المتوفرة التي حصل عليها الأطباء.
يرى معهد السرطان أن الأحرف الثلاثة المرفقة باسم نطاق الموقع يمكن أن تعطي الأشخاص فكرة عن إستقلالية وصحة المعلومات التي يحتويها؛ الأفضل أن تختار (edu.) أو (gov.) أفضل من أن تختار (com.).
بالإضافة إلى توفير معلومات وإرشادات قيّمة لمصادر جديرة بالثقة، يمكن للإنترنت مساعدة المرضى في الحصول على الدعم النفسي والإجتماعي من خلال المجموعات عبر الإنترنت. في مراجعة لكتاب 170 دراسة للمرضى الذين يستخدمون تقنية المعلومات، وجدت في كتابها الباحثة دانييل جنتيل من معهد ليفين للسرطان في مركز أتريوم هيلث في مدينة شارلوت، بولاية نورث كارولاينا، أن مجتمعات التواصل الإجتماعي يمكن أن تكون مفيدة جدا لمرضى السرطان، وخاصة أولئك الذين يفتقرون إلى الدعم الإجتماعي الشخصي. يمكن لمرضى السرطان التحدث مع الآخرين، سواء كانوا مجهولي الهوية أو غير ذلك، حول القضايا العاطفية والروحية، كما يمكنهم الحصول على نصائح مباشرة مفيدة حول التعامل مع القضايا المتعلقة بالعلاج.
ولكن في حين أن بعض المجتمعات على الإنترنت “يتم تنظيم منشوراتهم من قبل المتخصصين في المجال الطبي، إلا أن البعض الآخر قد يتم نشر معلوماتهم من قبل أشخاص ليس لديهم معرفة علمية”، هذا ما حذرت منه الدكتورة ليديا شابيرا. واقترحت أيضا ألا يتم الضغط على المرضى للكشف عن السرطانات لديهم إلا إذا كانوا مستعدين عاطفيا وفكريا للتعامل مع المعلومات التي سيكتشفونها.
وقالت: “قد يكون من الأفضل السماح للآخرين بمراقبة الأمور”. “يحتاج الأشخاص المختلفون إلى معلومات مختلفة في أوقات مختلفة. بعض الأشخاص ليسوا على إستعداد لإستيعاب جميع المعلومات مقدمًا، وهذا طبيعي تمامًا. كما يرغب البعض في الحصول على المعلومات ولكنهم يتركوا القرارات للخبراء، بينما يريد آخرون أن يكون لهم يد في إتخاذ القرارات “.
لا تخف من مناقشة العلاجات البديلة مع الأطباء المعالجين لسرطانك، وتأكد من إخبارهم عن أي علاج من هذا القبيل تخطط لتجربته في حالة ما إذا كان يمكن أن يتفاعل مع جسمك بشكل سيء ضمن العلاجات المقررة. وقالت الدكتورة ليديا شابيرا إن جميع المراكز الطبية الرئيسية تقريبا لديها الآن أقسام للطب التكاملي، ويدرك اليوم علماء الأورام مدى تأثير العقل على رفاه الجسم.
جين برودي هي كاتبة عمود في الصحة الشخصية، منذ عام 1976. وقد كتبت أكثر من إثني عشر كتابًا بما في ذلك الكتب الأكثر مبيعًا “جين برودي كتاب التغذية” و “جين برودي كتاب الطعام الجيد”.