في عالم متغير وبسرعة فائقة، حيث رأينا الكثير من الأشياء تتلاشى، من الهواتف الدوارة القديمة إلى الآلات الكاتبة الكهربائية إلى أشرطة الموسيقى القديمة ذات ثماني مسارات.
ولكن هناك تقليد قديم جدا ويبدو أنه لازال متماسكا وهو: كلمة “شكرا لكم” مكتوبة باليد في قصاصة ورقية.
بالنسبة للبعض، قد يبدو الأمر قديمًا بشكل مثير للضحك أن تكتب ملاحظة بخط اليد، وأن تودعها في صندوق شركة البريد وتأمل أن يحصل عليها المستقبل بعد بضعة أيام. في إحدى الدراسات التي أجرتها شركة التوظيف أكونتيمبز Accountemps وجدت أن ٢٤٪ فقط من المتقدمين للوظائف هذه الأيام ينزعجون من كتابة رسائل تحمل “شكرا لكم”.
ولكن هنا تكمن المشكلة: ٨٠ في المائة من مديري الموارد البشرية الذين شملهم الإستطلاع يشعرون بأن هذه الأنواع من الرسائل كانت مفيدة في تقييم التعيينات المحتملة.
المحبون لتدوين “الشكر لكم” كثيرون ومثقفون – وأقسموا أن هذه الملاحظات تساعد كثيرا في تسهيل الشؤون التوظيفية والمالية، فضلاً عن العلاقات الشخصية. لمسة شخصية مكتوبة بأناملك ليست مسألة رصينة فحسب، بل مسألة تميزك بنشاطك المختلف عن الآخرين.
تعرف السيدة كريستينا كوكمان من مدينة مانهاتن كل شيء عن القوة الخفية لتدوين كلمتي “شكرا لكم”. وتعلم أن بعض المدربين التنفيذيين يرسلون ما يقارب ٢٠٠ رسالة “شكرا لكم” مكتوبة بأيديهم في كل عام.
وأضافت السيدة كوكمان: “إن القضية المهمة بالنسبة لهم هي أنها تستغرق فقط خمس دقائق من وقتك، و٥٠ سنتًا يعني نصف دولارا”. “لا أستطيع أن أتخيل أن أي شخص يحصل على تدوينة رصينة ومكتوبة بخط اليد أن يشعر بخيبة أمل من أي وقت مضى. لذلك حتى لو لم تكن المكافأة مباشرة وملموسة، فأنت على الأقل تقوي علاقتك بالآخرين “.
حصل مدير الموسيقى السيد كلايتون ديورانت على شراكة مشتركة بفضل كتاباته لملاحظات “شكرا لكم”. أبرم السيد دورانت، رئيس إدارة الفنانين والعلامة التجارية في شركة كاد الادارية CAD Management، إتفاقًا مشتركًا للعمل مع السيدة أشلي روز، ومؤلف الأغاني الشهير السيد روك نيشن ورئيس علامة الموسيقى المعروفة ذا كود The Code.
كيف بالضبط حصل ذلك؟ بطاقات “شكرا لكم” من الطراز القديم، تم إرسالها بعد إكمال العمل في الشركة لإحدى الأسطوانات (التسجيلات) الموسيقية لأحد الفنانين.
قال السيد دورانت: “عندما سألت السيدة آشلي عن سبب شعورها بالإرتياح لأن الشركة الناشئة هي أول مشروع مشترك لها، فذكرت بمفعول وتأثير بطاقات “شكرا لكم” التي أرسلناها إلى كل العاملين في شركتها من منتجين وكتاب وموظفين”.
الإعراب عن التقدير
ومن المفارقات أن أكبر مردود هو تأثير بطاقات الشكر على المرسل نفسه. في عام ٢٠١٦م، نشر أساتذة جامعة إنديانا كل من جويل وونج وجوشوا براون دراسة لطلاب الجامعات الذين طلبوا إستشارة حول المشاعر الشائعة مثل القلق والإكتئاب.
وأفاد أولئك الذين تلقوا النصيحة لكتابة رسائل “شكرا لكم” على أن صحتهم النفسية كانت أفضل بعد شهر واحد وأيضا بعد ثلاثة أشهر، وربما أطول مدة من ذلك. كما خلص الباحثون بالقول: “إذا لم تكن قد كتبت خطاب “شكرا لكم” من قبل، فنحن نشجعك على تجربته.”
السؤال: كيف تقتنص الفرصة “لكتابة تدوينة صحيحة” تعرب فيها عن إمتنانك وتعزر بها حياتك المهنية وشبكة علاقاتك في نفس الوقت؟ وهنا اليك بعض النصائح:
النصيحة الأولى – إكتبها في أوقات غير متوقعة:
بطاقات “شكرًا لكم” هي بطاقات روتينية ومتوقعة في لحظات معينة من الحياة، على سبيل المثال، ردًا على هدايا الزفاف. هذا جيد وجميل، لكن إذا قمت باختيار وتشخيص بعض المناسبات الفريدة، فيمكنك مضاعفة تأثير هذه البطاقات بصورة أكثر تميزا.
النصيحة الثانية – إجعلها شخصية بقدر ما تستطيع:
إذا واجهت مشكلة في تدوين ملاحظة، وبعدها قمت بتدوين الرسالة بشكل عام، وكانك كتبتها كرسالة تصلح لأي شخص، فان بعملك هذا ضيعت مسار البوصلة. وهذا هو السبب في حرص فيه السيد دورانت على التأكيد من أن كل رسائله كانت موجهة مباشرة وبشكل شخصي إلى كل كاتب ومنتج وموظف في الشركة المذكورة أعلاه. وأضاف السيد ورانت: “وبهذه الطريقة استطعنا التواصل بسهولة وبشكل متكرر للحديث عن الاعمال الحالية وأي أعمال قادمة للفنانين الجدد”.
النصيحة الثالثة – سارع في رسم بصمة:
بالتأكيد “رسالة شكرا لكم” التي ترسل عبر البريد الإلكتروني سيكون لها وقعها، ولكن إذا كنت تبحث عن إحداث لمسة شخصية حقيقية، فإن الرسالة الورقية هي مفتاح الحل. وقال السيد باتريك تايلور، وهو “من المعجبين كثيرا”، ومن كبار المهتمين برسائل “شكرا لكم”، وهو مؤسس شركة ميديا٥٩ للعلاقات العامة ونائب الرئيس السابق للإتصالات لشركة ميريديث: “عندما تصل كلمة “شكرا لكم” مكتوبة بخط اليد، فإن هذا يمثل الغاية القصوى لمفهوم اللمسة الشخصية”..
النصيحة الرابعة – إجعلها مقتضبة:
يتم تخويف العديد من الأشخاص حول بطاقات الشكر لأنهم يتخيلون أنه يتعين عليهم كتابة مدونة كبيرة مثل الرواية الأمريكية العظمى. والأمر ليس كذلك على الإطلاق. حيث توصي السيدة كوكمان بأن تكون الرسالة تحتوي على حوالي أربع جمل – توضح كيف تجاوز شخص ما الى أبعد من قدرته، ومقدار مستوى تأثير ذلك على شخصيته. وختمت السيدة كوكمان بنصيحة: “إجعل الأمر بسيطًا قدر الإمكان”.