مع تنامي الفجوات الإجتماعية والإقتصادية بين المجموعات ، وتراجع الحراك الإجتماعي ، فقد تراجعت الروابط التي تربط الناس ببعضهم البعض ، داخل الأسر أو المجتمعات، بمرور الوقت.
في الوقت نفسه ، يبدو أن الديمقراطية قد تعثرت. فقد وُبخت شركة فيس بوك Facebook لدورها في فضيحة كامبريدج اناليتكس Cambridge Analytica ، والتي يُعتقد أن الأساليب الإحصائية المتقدمة قد استخدمت للتأثير على نتائج كل من الإنتخابات الأمريكية وإستفتاء بريكست Brexit في عام ٢٠١٦. فقد اُتهمت كامبريدج اناليتكس باستغلال نقرات clicks ولايكات likes وتفضيلات الناس لتوجيه مستخدمي ال Facebook نحو وجهة نظر معينة من خلال الإعلانات المستهدفة ، لأن عدم تجانس الأخبار المزيفة تركتهم غير قادرين على فرز الخبر الصادق من الكاذب .
هذه الشركات وشركات أخرى مثلها تستثمر حقيقة أن سلوكياتنا تتأثر بمن حولنا – ما يقومون به وما يقولونه وما يفكرون فيه وما يشاركون به على وسائل التواصل الإجتماعي – والتي ، إذا أُخذت جميعاً ، هي من علم “التأثير الإجتماعي”.
نعم ، الأمور قاتمة. لكن في كتابنا الجديد ، الفراشات الإجتماعية (١) ، أقمنا الدليل على أن هناك سببًا للأمل.
في نفس الوقت الذي تم فيه وضع مشاكل العالم عند باب الفيس بوك Facebook و كامبريدج اناليتكس Cambridge Analytica في عام ٢٠١٨ ، كانت ال بي بي سي BBC تقوم بتصوير فيلم وثائقي في إحدى مدارسنا الثانوية القديمة في جنوب غلوسيتيرشاير South Gloucestershire ، لتتبع التراجع في ميزانية المدرسة والأداء على مدى فترة من الزمن، وآثارهما على الموظفين والطلاب على حد سواء .
بعد بث الفيلم الوثائقي ، توجه العديد من الطلاب السابقين إلى وسائل التواصل الإجتماعي ، ليس فقط لرفع معنويات معلمي المدرسة ، ولكن لتنسيق الجهود للتبرع بالوقت والمال لإحداث تغيير حقيقي في المدرسة – وهو أمر لا يمكن لأن يحدث على هذا النطاق دون التنسيق بين الناس في جميع أنحاء العالم عبر الفيس بوك Facebook.
وكزات إجتماعية
هذا يبين أن التأثير الإجتماعي – على وسائل التواصل الإجتماعي أو غيرها – يمكن أن يكون قوة من أجل الخير وكذلك للشر، لكنه يتطلب عملاً. هذا هو إستنتاجنا الرئيسي من الدراسة التي قمنا بها نحن وزملاؤنا السابقون في فريق الرؤى السلوكية Behavioral Insights Team (٢)، وهي شركة ذات هدف إجتماعي منبثقة عن حكومة المملكة المتحدة في عام ٢٠١٤ وتعرف باسم أول وحدة “وكزة” في العالم. لقد طبقنا علم السلوك لجعل هذه السياسة (الوكزات) أكثر فاعلية ، مقرونة باختبارات علمية صارمة. والآن ، وجدنا أن فئة معينة من الوكزات – وهي الوكزات الإجتماعية – تبشر بخير.
منذ بداية عمل فريق الرؤى السلوكية ، كان من الواضح أنا كنّا متفاعلين مع الآخرين. على سبيل المثال ، رُفع من معدلات سداد الضرائب بإخبار الناس بأن تسعة من كل عشرة أشخاص قد دفعوا ضرائبهم بالفعل (٢). منذ ذلك الحين ، تعلمنا المزيد عن الغرائز الإجتماعية ، وكيف يمكننا إستخدامها لبناء وتعزيز رأس المال الإجتماعي – وهي العلاقات التي بيننا والتي تساعدنا على تسهيل مسلكنا في الحياة .
على سبيل المثال ، أحد العوائق التي تحول دون الإلتحاق بجامعة إنتقائية (لا تقبل طلاب إلا بشكل إنتقائي) للشباب من خلفيات “غير تقليدية” هو أنهم لا يعرفون أي شخص ذهب ، وتخيل بيئة على أنها حصرية واستبعادية. إن عدم القدرة على رؤية أنفسنا ، أو أي شخص مثلنا ، في مؤسسات كهذه هو سبب ونتيجة لرأس مال إجتماعي منخفض ، وهو أحد الأسباب وراء عدم حضور شباب من هذه الخلفيات من ذوي الدرجات العالية في كثير من الأحيان لهذه الجامعات ، أو الإلتحاق بجامعات أقل تميزاً بالمقارنة مع قدراتهم (٣).
من الذي تحترمه
للتصدي لهذا الأمر ، عملنا مع وزارة التعليم في المملكة المتحدة ، وكلفنا طلاباً من خلفيات متشابهة بكتابة رسائل إلى أطفال في سن ال ١٦ عامًا حصلوا على درجات جيدة ولكنهم، بحسب البيانات، من غير المرجح أن يلتحقوا بالجامعة. لقد اختبرنا تأثير هذه الرسائل باستخدام تجربة منضبطة معشّاة (انظر ٤ للتعريف) – باختيار طلاب عشوائيًا في بعض المدارس إستلموا رسائل ، والبعض الآخر لم يستلموا رسائل. إن مجرد إستلام رسالة من نموذج يحتذى به (قدوة) – كشخص فاز بجائزة من الذين حققوا قفزات في تلك البيئة – زاد من معدل التقديم على الجامعة الإنتقائية وزاد من معدل قبول الطلاب عزض الجامعة الإنتقائية لهم بنسبة ٣٥ ٪.
نظرت دراسات أخرى في التأثير على معدلات النجاح عندما يرشح الطلاب مؤيدين (داعمين) لهم من شبكتهم (الإجتماعية) ، كصديق أو أحد أفراد الأسرة أو أخصائي إجتماعي. عندما تم إرسال رسائل لهؤلاء المؤيدين في الدراسة لحثهم على تشجيع المتعلم الذي رشحهم (٥) ، فقد إرتفعت معدلات النجاح للأشخاص الذين رسبوا بالفعل مرة في إمتحاناتهم بنسبة تقارب ٥٠ ٪ ، وقللت عدد المتسربين من الكلية بمقدار الربع ، وساعدت الناس على تكوين صداقات عبر طبقات إجتماعية.
ليس فقط في التعليم حيث أن هذه الوسائل “الإجتماعية” يمكن أن يكون لها تأثير. فقد أظهرت الأبحاث (٦) أن أجهزة تتبع اللياقة البدنية القابلة للإرتداء لا تفعل الكثير لزيادة النشاط. ومع ذلك ، إستخدمنا مزيجاً من التكنولوجيا والتأثير الإجتماعي لحمل الناس على الحركة (٧)، من خلال وضعهم في منافسة مع فرق أخرى من نفس الشركة – وأخبرناهم بعدد خطوات المشي التي يحتاجون إليها للفوز على منافسيهم. و نجحنا في ذلك – حتى وصلنا إلى زيادة بنسبة ٨٪ في عدد الخطوات – لكن التأثير كان أكبر بالنسبة للأشخاص الذين كانوا أقل نشاطًا في البداية ، وكانوا في أمس الحاجة إليه.
هذه مجرد أمثلة قليلة لما بدأنا أن نراه عندما بدأت الخطة تقتنص الفرصة المطروحة من قبل طبيعتنا الإجتماعية. أهم إستخدامات التأثير الإجتماعي حتى الآن قد تكون سلبية ، ولكن المستقبل مشرق.
مصادر من داخل وخارج النص:
١-https://books.google.co.uk/books?id=ZJyRDwAAQBAJ&pg=PT6&dq=social+butterflies&hl=en&sa=X&ved=0ahUKEwiwkpzxvNfhAhVbVBUIHaKhD9QQ6AEIMzAC#v=onepage&q&f=false
٢-https://www.bi.team/
٣- https://theconversation.com/bright-poor-students-less-likely-to-get-into-elite-universities-28560
٤-https://ar.m.wikipedia.org/wiki/تجربة_منضبطة_معشاة
٥-https://www.bi.team/publications/retention-and-success-in-maths-and-english-a-practitioner-guide-to-applying-behavioural-insights/
٦-https://jamanetwork.com/journals/jama/article-abstract/2553448
٧-http://www.behaviouralinsights.co.uk/wp-content/uploads/2016/09/BIT-Update-Report-2015-16.pdf
المصدر الرئيسي:
We’re all influenced by people in our networks – how to make this a force for good
April 24, 2019
Michael Sanders
Reader in Public Policy, King’s College London
Susannah Hume
PhD Candidate, King’s College London
https://theconversation.com/were-all-influenced-by-people-in-our-networks-how-to-make-this-a-force-for-good-114883