كتاب أبحاث التوحد يضم بين دفتيه مجموعة قيمة من المقالات العلمية المتعلقة باضطراب طيف التوحد، قام بترجمتها عدنان أحمد الحاجي (أبو طه)، وهي مقالات ملهمة وذلك لأهمية موضوعها أولا، ثم لأنها تفتح مجالاً للتفكر والتعمق في فهم ومعرفة هذا الإضطراب الغامض كما يسميه البعض، كما أنها تثير تساؤلات كبيرة حول هذا الموضوع الحيوي والمهم، وتولد لدينا رغبة ملحة في التعرف عليه أكثر.
هذه المقالات – إضافة إلى قيمتها العلمية – تنوعت في مضامينها لتغطي عدة جوانب متعلقة بالتوحد ، وفي مراحل عمرية مختلفة، فمنها ما يبحث في ما قبل الحمل، واهتمام الأم بغذائها، والبكتيريا الحميدة لديها، ومدى تأثير ذلك على الجنين، في حين أن بعضها الأخر يسلط الضوء على العلامات المبكرة للتوحد، ومحاولة معرفة أعراضه، وأسباب الإصابة به في سن الطفولة المبكرة، وكذا تبدل الأعراض أو تغيرها عند الرشد، وهناك أبحاث تتناول مشاكل الجهاز الهضمي، وتأثير تغيير نوعية الغذاء وطبيعته، أو إضافة المكملات الغذائية على أعراض التوحد، أو المشاكل المصاحبة له من هضم وإخراج .
ورغم صعوبة فهم بعض المصطلحات المتعلقة ، إلا أن المترجم بما يملكه من قدرات علمية، وتمكن ممتاز من اللغة، إضافة إلى ما لديه من رغبة ملحة وصادقة – لم يجعل ذلك مانعا له من القيام بترجمة هذه البحوث والدراسات، ومحاولة إخراجها بهذه الحلة التي تمتاز بتنوع وعمق المعلومات، وسلاسة الطرح، وجمال السبك، وجودة الأسلوب، ليكون ذلك من أهم عوامل نجاح هذه الترجمة.
إن هذا الكتاب يعتبر إضافة قيمة إلى المكتبة العربية التي تفتقر كثيرا إلى مثل هذا النوع من الدراسات المهمة، والتي هي محل حاجة المجتمع، وكل من سيقرأ هذا الكتاب – سواء كان يعتني بطفل لديه توحد أو خال منه سيخرج منه بفائدة كبيرة، وسيثريه بمعلومات هي في غاية الأهمية عن هذا الإضطراب الغامض ، من شأنها أن تساعده على تثقيف نفسه وأسرته ومجتمعه، كما أنها ستفتح للجميع آفاقا واسعة من المعرفة عن (التوحد) وكيفية التعامل مع من لديهم هذا الإضطراب، والطرق الصحيحة لدمجهم بزملائهم في المدرسة والمجتمع وسوق العمل… وغير ذلك من مجالات الحياة.