سمّيت عين الصَّبَخَة بهذا الإسم نسبة إلى النخل المعروف بـ « الصبخة» وتسمى أيضًا « عين الصبخة بيانان » كما عرفت العين باسم آخر:«عين الهدارة » وهي عين ارتوازية تقع بسيحة الدبَّابيَّة في وسط نخيل الهدارة ، وعلى الطريق يقع مسجد الهدارة الذي يعرف حاليًا بـ « مسجد الزهراء » وهو من المساجد القديمة في القطيف. وعلى امتداد الطريق تقع عين ياسين من الجهة الغربية.
قامت مجموعة من أهل الخير والعطاء بإعادة تجديد المسجد قبل عدة سنوات، والآن تقام فيه صلاة الجماعة بإمامة الشيخ علي حسن القطان من أهالي الخويلدية، والمؤذن الحاجّ حميد سلمان عبد الهادي الحبيب ~ أبو ممدوح – من أهالي الدبَّابيَّة.

وتعود ملكية نخل الصَّبَخَة إلى عائلة المانع من أهالي الأحساء، والمستأجر الحاّج مكي حسين آل جسّاس ~ أبو حسن- رحمه الله – من أهالي الخويلدية الذي اقترح عام (1375هـ) على مالك النخل بحفر بئٍر «عين» ارتوازيٍة تخدم نخل الصبخة والنخيل المجاورة لها، وقد استحسن المالك «المانع» الفكرة فأوكل مهمة حفر العين بالكامل إلى الحاجّ “مكي” من التخطيط والإشراف من البداية حتى النهاية.

وبعد وفاته عام (1424هـ) أخذ ابنه الحاجّ عبد الله ~ أبو علي – رحمه الله – مهمّة إدارة نخل الصبخة على عاتقه. وكانت مدة استئجار النخل من قبل عائلة آل جسّاس حوالي 50 عامًا. وقد استفاد من العين أغلب أهالي المنطقة من مزارعين وسكان ومارة وغيرهم، وصار المصلون يتوضؤن منها للصلاة في مسجد الهدارة، ومن روادها بعض الأطفال وأحيانًا الشباب للسباحة في فصل الصيف.

وقد زار بستان النخل المعروف بـ “الصَّبَحَة” مجموعة من العلماء الأعلام، منهم: العلّامة الشيخ علي منصور المرهون (1334-1431هـ)، والعلّامتان الشيخ عبد المجيد علي أبو المكارم (1344-1423هـ) والشيخ محمد علي آل أبو المكارم (1372-1438هـ) حيث تربطهم علاقة خاصة مع المرحوم الحاجّ مكي حسين آل جسّاس (… ـ 1425هـ)، وابنه الحاجّ عبد الله (…ـ 1445هـ) مستأجر نخل الصَّبخة المملوك لعائلة المانع [1].

وصف العين
وهي عبارة عن عين “بركة” صغيرة مفتوحة في الهواء الطلق ومبنيّة من الحجارة، وعلى منبعها قبة تقع في داخل الصَّبَخَة، وبعد سنوات طويلة صارت على طرف طريق الهدارة(3)، وتقدّر مساحتها الإجمالية 3×2 متر مربع تقريبًا، ومنها يكون مجرى مياه رئيسي واحد يخرج من العين مباشرة، يسقى منها بستان الصَّبخة وبساتين النخيل المجاورة لها.



عين الصَّبخة التي يسقى منها النخيل
بعد افتتاح عين الصبخة، تم قطع مياه عين ياسين عن بساتين النخيل التي كانت تسقيها وبدأت عين الصبَّخة بسقي بساتين النخيل المجاورة لها فقط، وهي: (الزريقانية العباس – والزريقانية الخنيزي – ونخل باب الفيد) بالإضافة إلى نخل صبخة بيانان العائد إلى عائلة المانع، ونخل أبو شليبي[2].

ردم العين
بعد جفاف أغلب عيون مدينة القطيف ومن ضمنها عين الصَّبخة الذي بدأ ماؤها في النضوب، فتم إغلاقها بشكل نهائي في عام 1417 هجرية.


الهوامش: –
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] المصدر: الحاجّ حسن علي أحمد آل جسّاس “أبو عيسى”.
[2] المصدر: الحاجّ حسن علي أحمد آل جسّاس “أبو عيسى”، والحاجّ عبد الكريم أحمد علي محمد السويكت “أبو عبد العظيم” حفظهما الله جميعًا.
ويقول الأستاذ/ حسن علي حمدون في مقال “العمارة السكنية في القطيف” المنشور في مجلة الواحة العدد السادس في شهر ربيع الثاني 1417هـ صفحة (63): ومن أسماء العيون القديمة في مدينة القطيف التي تساهم مساهمة كبيرة في ري مزارع هذه الواحة، منها: عين ياسين وعين الصبخة
[3] الهدارة: وتعني صوت هدير الريح.
كانت لنا ذكريات ، لا سيما فيما يتصل بفترة الدراسة في الصف السادس ومرحلتي المتوسطة والثانوية، كنا نحن الطلاب أهالي المنطقة وخصوصًا الدبابية والشويكة نجوب الطريق الترابي الذي يتوسطه مسجد الهدارة وينتهي بعين ياسين .. نجوبه ذهابًا وإيابًا ، وكان المسجد بمثابة محطة استراحة ومراجعة، عرفت هذا المسجد والطريق المظلل بالنخيل عندما كنت يافعًا ثم شابًا، ويعد الطريق الذي يفصل نخيل المنطقة ويتوسطه المسجد من أفضل الأماكن للمذاكرة، فبعض الطلاب في المراحل الدراسية المتقدمة نراهم هناك في معظم أيام السنة الدراسية، والبعض الآخر نراهم في فترة الإمتحانات فقط .
بعد تناول وجبة الغذاء احمل كتابي المدرسي واتجه إلى ذلك المكان الذي تتوفر فيه كل متطلبات الاستذكار والمراجعة .. في فضاء من الهدوء وبين أحضان الطبيعة والهواء الطلق، كنا لا نحفظ أو ترسخ الدروس جيدًا إلا في مثل هذه الأجواء الهادئة المريحة ، كنا ننشد النجاح بتفوق .. نعم بتفوق ..
لقد استقر ذلك المشهد في وجداني، كانت من أجمل مراحل العمر الراسخة في زوايا الذاكرة. وتعد مرحلة مفصلية في حياتي الدراسية .
اليوم يعيد لنا هذه الذكريات الجميلة ويستعرض ملامحها الباحث الأستاذ أحمد بن جواد السويكت دام عطاؤه، بعد أكثر من خمسين عامًا، نعم لا زالت صورة الممر الترابي والمسجد القديم وعين ياسين وعين الصَّبَخَة والنخيل التي تحيط بتلك المعالم التاريخية في الذاكرة .. سرد تاريخي موثق وجهد كبير من الباحث أبا مصطفى، قد لا يبقى بعضها حاضرًا في خزانة الذاكرة، وبعضها الآخر .. يذوب في لجة النسيان، وأزعم أن يبقى مكتوبًا مادام لدينا أناس كثروا من رحلاتهم من أجل أمتعانا بذلك الزمن الذي تركنا ومضى.