هناك ما لا يقل عن عشرة معاقل بين قلاع وأبراج وقصور في محافظة القطيف وما جاورها ولكن ولا واحدة منها قام ببنائها البرتغاليون -كما يعتقد الكثير- بل على العكس أنهم دمروا أغلبها ودكت مدفعياتهم بعضها أثناء الغزو البرتغالي وقد أعيد بناؤها بعد ذلك، فهي من بناء أيدٍ وطنية بدليل أن نمط بناء تلك القلاع يتسق مع نمط بناء المنازل المحلية التقليدية، فهذه القلاع قديمة جداً وقبل الغزو البرتغالي وبعضها قد أعيد بناؤه عدة مرات منذ زمن يسبق مجيئهم والبعض منها قد تم تجديدها بترميمها فهي شامخة فوق أرض القطيف منذ مئات السنين.
واحدة منها هي قلعة دارين والتي كانت مهملة لسنين عديدة أيام كانت دارين خاوية من وجود السكان بسبب اسطورة مفادها أن دارين قد تعرضت للخسف مرتين وسوف تنخسف مرة ثالثة ولكنه بالفعل قد أثبت التنقيب عن الآثار الذي بدأ يوم الأربعاء ٢٤ ربيع الأول عام ١٤٣١ هج الموافق ١٠ مارس ٢٠١٠م (كما وثقته جريدة الرياض) أنها احتوت على طبقتين تشكل عصرين مختلفين كان في احداهما وهي العلوية آثار كنيسة وأما الثانية وهي السفلية فقد احتوت على آثار معبد قديم، وهذا يتماشى مع ذلك الاعتقاد القديم في انخسافها أي أنها بالفعل قد تعرضت لزلزال قد طمر القرية في باطنها مرتين! أما عن قولهم أنها ستنخسف ثالثة فلعل ذلك خاضع لإستنباطهم لذلك أو لعلها نتيجة تنبؤات قديمة ليس إلا.
وعلى إثر هذا فقد بقيت دارين بندر يتلقى السفن دون وجود أي سكان بها وكذلك مركز التقاء تجار وغواصي اللؤلؤ من جميع أنحاء الخليج العربي لذلك فقد باتت مهجورة حتى العام الذي قدم فيه محمد بن عبد الوهاب الفيحاني ومن كان معه ليعمروا دارين من جديد فبنى داخل قلعة دارين قصراً له وذلك في الثالث من صفر سنة 1303هـ فعرفت بعدها بقلعة محمد بن عبدالوهاب الفيحاني.
لقد ظلت آثار تلك القلعة صامدة حتى منتصف ثمانينات قرن العشرين وقد كان يفصل بينها وبين البحر ممر ضيق جداً وهو مائل ميول شديد إلى البحر وذلك من الجهة الشرقية والجنوبية بالأخص ولقد كان بالكاد يسمح لمرور سيارة واحدة.
وبعده يأتي جرف بحري منحدر وإلى الغرب منه شاطئ رملي يجلس فيه البحارة أصحاب السفن والقوارب يتسامرون فيه منتظرون ساعات الصيد للإنطلاق، كما ويأتي الناس لقضاء أوقات ممتعة في تلك البقعة إلى أن تم تمديد أراضي دارين إلى داخل البحر من جهتين: جهتها الجنوبية الشرقية لتكون ميناء لصيد الأسماك ، وجهتها الجنوبية لتصبح (كرنيشاً) جميلا فيه يقضي الناس أوقاتا جميلة وكان ذلك بعد منتصف ثمانينات قرن العشرين.
*الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ.