إنارتنا بالفوانيس ولكن نشاهد الأفلام التلفزيونية – بقلم عبد الرسول الغريافي*

هكذا كان يقول كل من عاصر الفترة بين منتصفي عقدي الخمسينات والستينات لقرن العشرين!
الطريقة التقليدية لإنارة المنازل والأزقة والسوابيط والطرقات المظلمة حتى مابعد نهاية ستينات قرن العشرين بثلاث سنين أو أكثر كانت بأنوار الفوانيس الباهتة والسراجة (اللمبة) وأحيانا بالتريك، أما بالنسبة للطرقات فكان هناك متعهد لكل حي مثلا أو لكل سوق من الأسواق ينير طرقاتها بتعليق الفوانيس مقابل مبلغ معين يتقاضاه من أهالي الحي -هذا ماكان في البداية- أما فيما بعد فقد أخذت البلدية على عاتقها تلك المسؤولية فوضعت عمال لهذه المهمة ويترأسهم ما يعرف (بالتنديل) وهي لفظة من أصل انجليزي (attendant).

كانت الطرق المتبعة في تعليق الفوانيس أن يحمل شخص على كتفه مجموعة من الفوانيس قد ملئت خزاناتها بالكيروسي (الگاز) وأما على الكتف الآخر فكان يحمل سلم خشبي أو خطاف فيمر عند بعض الطرقات وخصوصا التي يكون فيها الظلام حالكاً لينيرها بإشعال الفوانيس وعادة ماتكون هناك سلاسل أو حلقات قد ثبتت على الجداران الخارجية للمنازل والمحلات لتتلقى تعليق الفانوس عليها قبل (سلوم الشمس) أي قبل الغروب وفي الصباح الباكر بعد أذان الفجر يقوم المتعهد نفسه بإزالة تلك الفوانيس ولاشك أنه ينظفها وينظف (شيشها) بقماش اعده لذلك ثم يشعل فتيلتها بالكبريت.


كان من ضمن أفراد الفريق الذين يقومون بتعليق الفوانيس في فترة ستينات قرن العشرين -مثلاً لاحصراً- ابو حسن الاسكافي وحسن البزرون من مياس وعبدالله القطري من القلعة وكان التنديل
المشرف هو علوي التتان من الكويكب، وبعدها قد تحولوا جميعهم إلى موظفين في البلدية.

الغريب في الأمر أنه رغم عدم وجود الكهرباء إلا أن أهالي المنطقة يستمتعون بمشاهدة الأفلام التلفزيونية الهوليودية العالمية وبعض الأفلام والمسلسلات العربية وبالأخص المصرية،

وبمناسبة ذكر الأفلام المصرية هناك معادلة مذهلة يكتنفها الغموض تحتاج لحل وتوضيح! كيف أن المصري الذي يستمتع بوجود الكهرباء في بيته والتي دخلت مصر عام 1893 لايستطيع مشاهدة أفلامه التي ينتجها منذ عام 1927 إلا في دور السينما بينما المجتمع الخليجي يستطيعون مشاهدتها في بعض بيوتهم وفي المقاهي والأندية رغم عدم وجود الكهرباء، فكيف يتم ذلك؟
بالمقارنة يتضح لنا أن إفتتاح ثاني محطة تلفزيون على نطاق الشرق الأوسط أطلقتها شركة أرامكو في 22 صفر 1377هـ/17 سبتمبر 1957م.


فكان الفضل في تمكن المجتمع الخليجي من الإستمتاع بمشاهدة التلفزيون يرجع لهذه القناة. بينما أول بث تلفزيوني مصري كان في 21 يوليو عام 1960 وكان سبب تأخر افتتاح التلفزيون المصري هو انشغال مصر بمجابهة العدوان الثلاثي.
أما سر مقدرتنا محليا لمشاهدة الأفلام العالمية والمصرية رغم عدم وجود الكهرباء فهو استعمال المولدات الكهربائية البسيطة في بعض منازل الاشخاص الميسوري الحال وكذلك في بعض الأندية الرياضية والمقاهي التي تحصل على التيارات الكهربائية البسيطة.

*الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ.

تعليق واحد

  1. جميل يا تخي العزيز عبد الرسول و ارجو ان تجمع كل هذة المقالات الجميلة في كتاب للاجيال القادمة و التاريخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *