أول مطار سعودي وثاني مطار في الخليج – بقلم عبد الرسول الغريافي*

عندما تنطلق بسيارتك من أقصى الغرب باتجاه الشرق حيث ترى عن شمالك من الجهة الشمالية النهاية الجنوبية للخويلدية، وعن يمينك نهاية الجارودية الشمالية فهذا يعني انك في شارع الرياض وحين تستمر في المضي فيه نحو الشرق فسينتهي بك بتقاطع أمام بلدية جزيرة تاروت وعن يمينك دارين جنوباً وعن شمالك تاروت شمالا، وهذا الشارع كان في يوم ما خور بحري يسمى الغليل تنطلق منه سفن للغوض، أما اليوم فقد أصبح شارع الرياض الفاصل بين دارين وتاروت تقريباً.

فعلى أية حال أنت لاتزال مستقبلاً بسيارتك بلدية تاروت نحو الشرق وخلفها البحر الذي يبعد ٥٠٠ متر تقريباً، فإذا نظرت إلى يسارك من جهة الشمال فإنك سترى غرفة بنيت بالطريقة التقليدية التي يتبعها أهالى المنطقة لبناء منازلهم فجميع موادها من البيئة المحلية حيث بنيت بالنظام المعروف بالسافات المكون من طبقة من الجص وطبقة من الحجارة البحرية المعروفة بالفروش وقد تم مسحها بالجص كما وقد سُقِفت بجذوع الاشجار المحلية وفوقها جريد النخل.

حين تدقق النظر ربما تصاب بنوع من الدهشة أو الاستغراب إذ تجد غرفة بنظام البناء القديم وقد أحاطتها مبانٍ حديثة من جهتي الشمال والغرب وهي بيوت حي الرفيعة المتصلة بالربيعية إلى الشمال منها. ومايثير دهشتك أكثر أنك ستجدها محاطة بمساحة من الأرض الفارغة قد نبت فيها شجر الطرفة وقد سُيِّجَت بسياج (شبك) حديدي فربما وجدت لوحة ارشادية أو مربع (QR) فعند مسحك إياه فإنك ستتفاجأ مرة أخرى حين تقرأ ما كتب من معلومات عن هذه الغرفة الصغيرة! فربما قرأت عبارة (أول مطار في السعودية وثاني مطار في الخليج بعد مطار البحرين).

وربما استطردت الكتابة لتضيف لك معلومات أخرى متى أنشئ هذا المطار وكيف ولماذا بني ومتى الغيَ وغيرها من المعلومات فحين يُذكَر أنه افتتح عام ١٣٢٩ هجري الموافق ١٩١٢م فستدرك حتماً أنه قد تم إنشائه خلال فترة الحرب العالمية الأولى.

وهو في الأصل مطار تهبط فيه كل اسبوع طائرة قادمة من مطار البحرين وهي طائرة عسكرية. لقد كانت أهداف انشائه هي التنقيب عن الزيت وكذلك للتنقيب عن الآثار وأما نوع الطائرة فهي طائرة حربية ولكنها كانت تستعمل لأغراض متعددة كنقل الخبراء وبعض المعدات للمنطقة وكذلك للتصوير الجوي وغيرها.

لقد توقفت خدمات هذا المطار في عام ١٩٣٢م أي بعد قرابة العشرين عاماً من العمل ولكن لم يغادر العاملين فيه مغادرة نهائية الإ بعد سبع سنين تقريباً أي في عام ١٩٣٩ حسبما ذكرته الوثائق الخاصة به.

كان المطار عبارة عن مدرج صغير وغرفتين إحداهما للمعدات والوقود والأخرى استخدمت كمكتب للمطار وربما أحياناً كفندق يبات فيه القادمون وقد كانت واحدة من الغرفتين إلى عهد قريب (ربما إلى بداية ثمانينات قرن العشرين) قد احتوت على بعض البراميل المعدة للوقود.

وكانت هناك بنديرة بين الغرفتين وهي سارية أو عمود خشبي عالي جدا يرفع فوقه فانوسا يشعل كل ليلة وهو يرفع وينزل بواسطة حبل قابل للحركة عبر حلقات حديدية قد ثبتت على تلك البنديرة.

*الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *