برج ابو الليف بالقطيف وبرج بندر سيهات – بقلم عبد الرسول الغريافي*

برجان أثريان على سواحل محافظة القطيف أحدهما في وسط بحر القطيف إلى الجنوب من فرضة القطيف الحالية وإلى الغرب من دارين وجنوب سوق السمك قبالة حي المجيدية. إنه برج يتوسط جزيرة صغيرة جداً أحيانا تدعى محلياً “حالة” وهي بقعة ترتفع عن مستوى الماء في البحر.

ويختلف بناء سورها عن الأسوار المعتادة فقد بنيت بمكعبات نحتت من حجر الفروش البحرية بحجم (الطابوقة) المعروفة في البناء الحديث ولكنها أكثر سماكة وقد استعمل الجص كملاط لربطها ببعضها وهو مقاوم للمياه ويدوم متماسكاً لمئات بل وآلاف السنين.

أما البرج الثاني فهو يأخذ شكل أبراج القلاع وقد بني في بندر سيهات (فرضتها) من الحجارة البحرية أيضاً والمعروفة بالفروش وكذلك الجص المقاوم للحرارة والرطوبة وهو ممسوح بالجص. ويطلق عليه أهالي سيهات الكرام “البرِي” حيث يقلبون الجيم ياء في لهجتهم الدارجة. يقع هذا البرج على شاطيء سيهات على جانب بندر (مرسى) سيهات الصغير وتحيط به سفن الأهالي للصيد وهو قديم البناء وله ارتفاع شاهق ويشبه ابراج القلاع لذلك فإن الكثير يعتقد أنه ينتمي إلى قلعة حوله.

أما وظيفة كل منهما ففيها بعض الإختلاف! حيث أن الأول (برج أبو الليف) يشبه تنورا له فوهة عالية وهي نهاية البرج العلوية وأما من الأسفل ففيه كوة تسمح لمرور ليف النخيل والذي يزود به هذا البرج يومياً وعندما يُقْبِل الليل فإن النار تُشعل في داخل حجرة فيه أعدت لإضرام النار فيتصاعد دخان الليف لمدة طويله رغم أن الليف سريع الاشتعال وسريع التحول للرماد غير أن دخانه الذي يدوم تصاعده طويلاً منطلقاً لعنان السماء من فوهته العلوية تشكل إشارة بارزة المعلم تشهدها جميع السفن التي تمخر ليلاً فتهتدي به فهو بمثابة ال (light house) تتجه السفن الى منطقة موقعه.
أما برج سيهات فهو برج لمراقبة السفن ومعرفة السفن القادمة والمارة منه.

إن الإندثار هو مصير كل منهما فبرج أبو الليف قد تعرض إلى قذيفة من مدفعية انجليزية وذلك في يوم ٢ فبراير عام ١٨٦٦م حين ارسل الإنجليز خطاباً لأمير الرياض وقد توقعوا الرد من ممثليه في القطيف، فبعد ١٧ يوم من استلامه دون الرد دخلت سفينة بريطانية بقيادة فلايرز في ميناء القطيف ودمرت هذا البرج كإنذار وذلك بأمر من القبطان باسي إذ تناثرت أحجاره من حوله فلم يتبقى منه إلا أثر بسيط يشبه العنق.

أما مصير برج سيهات فقد تمت إزالته بقصد التوسعة حين دفن جزء من البحر وذلك عام ١٤٠٨هـ تقريباً الموافق عام ١٩٨٠م.
يظن البعض أن البرتغاليين هم من بنوا هذه القلاع والأبراج في منطقة القطيف ولكن العكس هو الصحيح فقد قاموا بدك معظم قلاعها أثناء غاراتهم رغم أنهم اشتهروا ببناء القلاع.

وجهة نظر: لاتزال قاعدة برج أبو الليف صامدة وإن كانت آيلة للإندثار فحجارتها آخذة في التناثر يوما تلو الآخر وهي تتكوم حول أطلاله فماذا لو سمح لتوجه مجموعة من الشباب أصحاب الإستعدادات التطوعية لإعادة تشييد ذلك البرج فقط بإعادة ماوجدت من أحجار حوله فهي لاتكلف سوى مبلغ زهيد جداً لشراء مادة أسمنتية مقاومة لرطوبة الماء لتذب في ذلك المعلم روح الحياة من جديد ولو في جزء منه ونكون قد حافظنا على معلم أثري وانتشلناه من عالم الإندثار؟

*الأستاذ عبد الرسول الغريافي باحث في التراث ومؤرخ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *