ومضات معرفية من كتاب: الدماغ الخارق [إطلاق القوة الهائلة لعقلك لتحقيق أقصى قدر من الصحة والسعادة والرفاهية الروحية] – ترجمة* عبدالله سلمان العوامي

إسم الكتاب: 
الدماغ الخارق: إطلاق القوة الهائلة لعقلك لتحقيق أقصى قدر من الصحة والسعادة والرفاهية الروحية
[Super Brain: Unleashing the Explosive Power of Your Mind to Maximize Health, Happiness, and Spiritual Well-Being]

تنصل:
هذه الترجمة لا تعكس بالضرورة تأييدًا أو رفضًا لمحتوى المادة الأصلية، بل تهدف إلى نشر المعرفة وتقديم وجهات نظر متنوعة. قد تتضمن بعض المعلومات جوانب لا تتماشى مع بعض المعتقدات أو التوجهات، ولكنها محاولة جادة لنقل الفكرة الرئيسية للنص مع الحفاظ على السياق العام، وإن لم تكن دقيقة تمامًا. تسعى الترجمة إلى توسيع آفاق التفكير عبر نقل الأبحاث والرؤى المختلفة في مجالات مثل الصحة، التقنية، والاقتصاد، وغيرها مما يتيح للأفراد الاطلاع على المعلومات بلغاتهم وتعزيز التفاهم بين الثقافات، إلى جانب فتح المجال للنقاش الموضوعي والاستفادة منها أو نقدها بوعي.

تعريف مختصر للكتاب
يقدم كتاب الدماغ الخارق، والذي صدر في عام ٢٠١٢م، نظرة رائعة على القدرات المذهلة التي يمتلكها دماغك لتغيير حياتك وحتى تعديل إدراكك للعالم. “العقل يتغلب على المادة” ليس مجرد مقولة، بل قاعدة يمكن تحقيقها؛ فمن خلال الأدوات المناسبة، يمكنك تجاوز روتين الحياة اليومية والعيش بصحة أفضل وعمر أطول بعيدًا عن الخوف وخيبات الأمل.
قام اثنان من الرواد، المؤلف والطبيب الأكثر مبيعًا لكتبه السيد ديباك شوبرا (Deepak Chopra)، وأستاذ كلية الطب بجامعة هارفارد السيد رودولف إي (Rudolph E. Tanzi). تانزي، أحد أبرز خبراء العالم في أسباب مرض الزهايمر، بدمج حكمتهما وخبرتهما من أجل فهم جديد وجريء لما يسمى بـ “عالم الثلاثة أرطال” وإمكاناته غير المستغلة.

على عكس “الدماغ الأساسي” الذي ينجز مهام الحياة اليومية، يقترح السيدان شوبرا وتانزي أنه من خلال زيادة الوعي الذاتي للشخص والنية الواعية، يمكن تعليم الدماغ تجاوز حدوده الحالية بكثير. ويتساءل السيدان: “نحن نعيش في عصر ذهبي لأبحاث الدماغ، ولكن السؤال المهم هو: هل هذا هو عصر ذهبي لدماغك؟”

دماغك يمكنه القيام بشفاء مذهل وإعادة تشكيل مستمرة. وذلك من خلال إقامة علاقة جديدة مع دماغك، يمكنك إحداث تحول في حياتك. في كتاب الدماغ الخارق، يأخذك السيدان شوبرا وتانزي في رحلة شيقة تتصور فيها قفزة في تطور الإنسان. فالدماغ ليس مجرد أعظم هدية منحها لنا الخالق، بل هو البوابة إلى مستقبل غير محدود يمكنك البدء في عيشه اليوم.

مؤلفا الكتاب [السيد ديباك شوبرا (Deepak Chopra) والسيد رودولف إي. تانزي (Rudolph E. Tanzi)]:

  • المؤلف السيد رودولف إي. تانزي (Rudolph E. Tanzi) هو أستاذ علم الأعصاب في جامعة هارفارد (Harvard University)، متخصص في علم الوراثة المرتبط بالشيخوخة والاضطرابات العصبية المصاحبة لها، مثل مرض الزهايمر. وقد حصل على العديد من الجوائز عن أبحاثه، بما في ذلك جائزة متروبوليتان لايف (Metropolitan Life Award). كما أنه شارك في تأليف كتاب الجينات الخارقة (Super Genes).
    الدكتور رودولف تانزي هو نائب رئيس قسم علم الأعصاب ومدير وحدة أبحاث علم الوراثة والشيخوخة في مستشفى ماساتشوستس العام (Massachusetts General Hospital)، كما يشغل منصب أستاذ جوزيف بي. وروز إف. كينيدي (Joseph P. and Rose F. Kennedy) لعلم الأعصاب في كلية الطب بجامعة هارفارد (Harvard Medical School).
    حصل السيد تانزي على درجة البكالوريوس في علم الأحياء الدقيقة ودرجة البكالوريوس في التاريخ من جامعة روتشستر (University of Rochester) عام ١٩٨٠م، ثم حصل على درجة الدكتوراه في علم الأعصاب من كلية الطب بجامعة هارفارد عام ١٩٩٠م. تشمل إنجازاته البحثية عمله ضمن الفريق الذي اكتشف الجينات المرتبطة بأمراض هنتنغتون (Huntington) و ويلسون (Wilson) وأمراض وراثية أخرى. كما يُعرف بمشاركته في اكتشاف الجينات الثلاثة المرتبطة بمرض الزهايمر العائلي المبكر، وهو مجال لا يزال يواصل أبحاثه الرائدة فيه حتى اليوم.
    بالإضافة إلى ذلك، نشر السيد تانزي أكثر من ٥٠٠ ورقة بحثية وحصل على أعلى الجوائز في مجاله، بما في ذلك جائزة سميثسونيان للبراعة الأمريكية (Smithsonian American Ingenuity Award)، التي تعد أرقى جائزة وطنية في مجال الاختراع والابتكار. كما أنه عضو في العديد من اللجان العلمية والاستشارية والتحريرية. وفي عام ٢٠١٥م، اختارته مجلة تايم (TIME) ضمن قائمة ١٠٠ اسم لأكثر الأشخاص تأثيرًا في العالم. وقد شارك في تأليف العديد من الكتب الأكثر مبيعًا، بما في ذلك “فك شفرة الظلام” (Decoding Darkness)، الذي أصبح من الكتب الأكثر مبيعًا حسب تقييم صحيفة نيويورك تايمز (New York Times)، بالإضافة الى كتاب “الدماغ الخارق” (Super Brain)، وكتاب الجينات الخارقة Super Genes الذي حقق شهرة عالمية.
  • المؤلف السيد ديباك شوبرا (Deepak Chopra) هو طبيب متخصص في الطب الباطني والغدد الصماء، ويُدرّس في كلية كيلوج للإدارة (Kellogg School of Management). وهو مؤسس لمؤسسة شوبرا (The Chopra Foundation) ومؤلف العديد من الكتب الأكثر مبيعًا، بما في ذلك كتاب “الجسد الخالد” (Ageless Body)، وكتاب “عقل بلا زمن”(Timeless Mind) وكتاب “المصير المتزامن” (Synchrodestiny). وهو دكتور في الطب، والحاصل على زمالة الكلية الأمريكية للأطباء (FACP)، وحاصل على شهادة البورد في الطب الباطني، وأمراض الغدد الصماء والتمثيل الغذائي. هو مؤسس مؤسسة شوبرا (The Chopra Foundation)، وهي مؤسسة غير ربحية مكرسة لأبحاث الرفاهية والعمل الإنساني، كما أسس شركة شوبرا العالمية (Chopra Global)، وهي شركة صحية حديثة تقع عند تقاطع العلم والروحانية. وهو رائد عالمي في مجال الطب التكاملي والتحول الشخصي. وهو عضو في الجمعية الأمريكية لأخصائيي الغدد الصماء الإكلينيكيين. يعمل كأستاذ سريري للطب في جامعة كاليفورنيا (University of California) ، في مدينة سان (دييغو San Diago)، ويستضيف بودكاست التنفس اليومي (Daily Breath). في استطلاع عالمي أجرته “ذا وورلد بوست” و”هافينغتون بوست (The World Post) و(The Huffington Post)، تم تصنيفه في المرتبة ١٧ ضمن أكثر المفكرين تأثيرًا في العالم، والأول في مجال الطب. إنه مؤلف لأكثر من ٩٠ كتابًا مترجمًا إلى أكثر من ثلاثة وأربعين لغة، بما في ذلك العديد من الكتب الأكثر مبيعًا حسب تصنيف صحيفة نيويورك تايمز. على مدى الثلاثين عامًا الماضية، كان السيد شوبرا في طليعة ثورة التأمل ويهدف كتابه، “التأمل الكامل” (Total Meditation)، والذي صدر بتاريخ ٢٢ سبتمبر ٢٠٢٠م لمساعدة الناس في تحقيق أبعاد جديدة من العيش الخالي من الإجهاد والتوتر والمليئة بالسعادة. وصفت مجلة تايم الدكتور شوبرا بأنه “واحد من أفضل ١٠٠ بطل وأيقونة للقرن”.

منصة الوميض** (Blinkist) قامت بتلخيص الكتاب في “ثمان ومضات” معرفية ومقدمة خاتمة، وتعتبر كل ومضة تلخيصا لفصل كامل من الكتاب وهي كالتالي:

مقدمة – ما الفائدة التي سأجنيها؟ أطلق العنان لـ “العقل الخارق” المخفي داخل عقلك:
يصف المؤلفان، السيد ديباك شوبرا (Deepak Chopra) والسيد رودولف إي. تانزي (Rudolph E. Tanzi)، في هذا الكتاب، الدماغ بأنه شبكة مترابطة وتتكون من حوالي ١٠٠ مليار خلية عصبية، ويؤكدان أن الدماغ البشري يُعدّ من أكثر الإبداعات البيولوجية تعقيدًا في الطبيعة.
يستخدم الناس قوة عقولهم يوميًا لأداء المهام البسيطة، وحل المعادلات الرياضية، واسترجاع الذكريات السابقة، ومعالجة المشاعر المرتبطة بالأحداث الجارية. ومع ذلك، فإن تعقيد الحياة اليومية بالكاد يشكل تحديًا حقيقيًا للدماغ البشري. تخيل لو كان بإمكاننا إطلاق العنان للقدرة الكاملة لتلك المليارات من الخلايا العصبية، والانتقال بها إلى ما هو أبعد من النشاط الأساسي للعقل.
تكشف لك هذه الومضات المعرفية أن هناك طريقة لتحقيق ذلك. من خلال تطوير الوعي الذاتي وتركيز الدماغ على مهام تحسين الذات، يمكنك دفع عقلك إلى ما هو أبعد مما كنت تعتقد أنه ممكن. في هذه الومضات المعرفية، ستتعلم من خلال الرؤى العلمية والحكمة الروحية كيف تجعل دماغك “عقلًا خارقًا”.

ومضة رقم ١ – بمجرد أن تفهم كيف يعمل الدماغ، يمكنك استخدام هذه المعرفة لشفاء جسدك:
العقل والجسد ليسا كيانين منفصلين، بل في الواقع، يرتبط الدماغ البشري ارتباطًا عميقًا بكل خلية من خلايا الجسم.
عندما يتواصل الدماغ مع الجسم، يمكن أن تحدث حلقات تغذية راجعة. تحدث هذه الحلقات عندما يؤدي محفز خارجي إلى سلسلة من ردود الفعل المتزامنة، وأحيانًا المتناقضة. لنفترض أنك تسير في الشارع وفجأة يقفز كلب من خلف باب، مما يفاجئك. يؤدي هذا الحدث إلى إرسال دماغك رسالة “القتال أو الهروب” إلى جسمك. استجابةً لذلك، يبدأ قلبك في الخفقان بسرعة أكبر. قد يؤدي مثل هذا الفزع إلى نوبة قلبية، ولكن عادةً ما يتم منع ذلك من خلال رسالة أخرى يرسلها الدماغ، مما يؤدي إلى تشغيل حلقة تغذية راجعة تحافظ على التوازن.

في الوقت الذي يدفع فيه الدماغ قلبك للعمل بوتيرة أسرع، فإنه يرسل أيضًا إشارات إلى الغدد الكظرية لإنتاج هرمونات تمنع القلب من الخفقان بسرعة مفرطة. تعمل هذه الهرمونات على إعادة معدل ضربات القلب إلى وضعه الطبيعي تدريجيًا. المثير في هذا الأمر هو أننا نمتلك القدرة على التحكم في حلقات التغذية الراجعة وتحديد كيفية تأثير هذه العملية على الجسم.

على سبيل المثال، يمارس الرهبان التبتيون (Tibetan monks) توازنًا متناغمًا بين العقل والجسد. ومن خلال التركيز العميق، يمكنهم التحكم في الرسائل التي يرسلها الدماغ إلى الجسم. فعندما تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون التجمد، يستطيع الراهب من خلال التأمل تحفيز دماغه لإرسال إشارات إلى جسده، مما يؤدي إلى رفع درجة حرارته إلى مستوى مريح.

وقد تم تسخير هذا النوع من التحكم العقلي أيضًا لمكافحة أمراض كانت تعتبر في السابق مزمنة وغير قابلة للعلاج. فعندما يتعرض الشخص لسكتة دماغية، يمكن أن يؤدي الضرر الناتج عنها إلى قطع المسارات العصبية التي تنقل الإشارات من الدماغ إلى أجزاء معينة من الجسم، مما قد يؤدي إلى شلل جزئي. كان الأطباء في الماضي يعتقدون أن هذا النوع من الشلل لا يمكن علاجه، ولكن اليوم أصبح المعالجون قادرين على مساعدة مرضى السكتة الدماغية في تدريب أدمغتهم عن طريق إرسال إشارات متكررة إلى المناطق المصابة في الجسم.

كجزء من العلاج، يركز المريض على مهام بسيطة مثل رفع كوب أو كتابة كلمة، ومع مرور الوقت تبدأ المسارات العصبية في إصلاح نفسها تدريجيًا، مما يسمح باستعادة الحركة الطبيعية. يوضح هذا المثال مدى قوة الدماغ وقدرته على التكيف والتجدد عندما نمنحه التركيز والاهتمام اللازمين.

ومضة رقم ٢ – يمكن للأشخاص توليد خلايا عصبية في الدماغ من خلال التحديات الفكرية والتمارين البدنية:
أحيانًا يتحدث الناس عن الأنشطة من منظور عدد الخلايا العصبية التي سيستهلكها أداء مهمة صعبة، وكأن الدماغ البشري لديه كمية محدودة من الخلايا العصبية. من الصحيح أن الدماغ البشري يحتوي على عدد هائل من الخلايا العصبية.

والأمر الأكثر إثارة هو أن الدماغ قادر على توليد المزيد من الخلايا العصبية عند الحاجة. هناك خرافة شائعة تقول إن الدماغ يشبه أي آلة أخرى، حيث يتعرض بمرور الوقت للتآكل والتلف إلى أن يصل إلى نقطة التدهور الدائم. ومع ذلك، فإن الحقيقة مختلفة؛ فالدماغ البشري يفقد يوميًا ما يقارب ٨٥،٠٠٠ خلية عصبية في المتوسط، لكن هذا الرقم في الواقع لا يُذكر مقارنة بالعدد الهائل من الخلايا العصبية الموجودة فيه. ويعتبر هذا الرقم قطرة في محيط.

توجد ٤٠ مليار خلية عصبية متاحة في القشرة الدماغية وحدها. وإذا أخذنا في الاعتبار عدد الخلايا العصبية التي نفقدها يوميًا، يمكن للإنسان أن يعيش لمئات السنين مع بقاء ما يكفي من الخلايا العصبية ليعيش حياة شخص عبقري وموهوب في الرياضيات.

من المدهش أن الدماغ البشري يقوم بتكوين خلايا دماغية جديدة طوال الوقت. في جامعة روتشستر (University of Rochester)، اكتشف عالم الأعصاب السيد بول كولمان (Paul Coleman) اكتشافًا رائعًا، حيث وجد أن دماغ شخص يبلغ من العمر ٢٠ عامًا ودماغ شخص يبلغ من العمر ٧٠ عامًا يحتويان على نفس العدد تقريبًا من الخلايا العصبية. يرجع ذلك إلى قدرة الجسم على تجديد الخلايا باستمرار. فالدماغ البشري ينمو ويتطور باستمرار، خاصة عندما يتم تحفيزه من خلال تحديات عقلية مثل تعلم لغة جديدة أو حل مسائل رياضية.

ومن المثير للاهتمام أن هذا التأثير لوحظ أيضًا لدى الطيور. عندما درس الباحثون طائر الحسون المخطط (zebra finch)، وجدوا أن دماغه ينمو بشكل ملحوظ خلال موسم التزاوج، حيث كان يتعلم أغاني جديدة لجذب الشريك. كما أن التمارين البدنية تساهم في إنتاج الخلايا العصبية في الدماغ.

ففي جامعة شيكاغو (University of Chicago)، أظهر عالم الأعصاب السيد سام سيسيديا (Sam Ciccidia) أن الخلايا العصبية التي يتم إنشاؤها من خلال التمارين الرياضية يمكن أن تساعد أيضًا في حماية الفئران من الإصابة بأمراض مثل الزهايمر. في الومضة المعرفية التالية، سنلقي نظرة أكثر تفصيلًا على الأشياء التي يمكنك القيام بها لزيادة قوة عقلك.

ومضة رقم ٣ – لزيادة وتحسين قوة دماغك، كن منفتحًا على التجارب الجديدة والعالم من حولك:
من منا لا يرغب في امتلاك عقل خارق، أو أن يصبح مثل مؤسس شركة أبل السيد ستيف جوبز (Steve Jobs) أو مثل اسطورة الاستثمار السيد وارن بافيت (Warren Buffett) ، لكن إذا كنت مهتمًا بتطوير عقلك، فعليك البحث عن نماذج مختلفة للاقتداء بها.

يُعد الأطفال خبراء في التعلم وتطوير أدمغتهم، ويمكننا أن نتعلم منهم الكثير حول كيفية زيادة قوة عقولنا. الخطوة الأولى لتنمية عقلك هي أن تكون منفتحًا على العالم والإمكانات التي يقدمها للتعلم والتطور. معظم الناس يعيشون يومهم وهم منفصلون عن العالم الخارجي، غارقون في روتينهم اليومي، دون رغبة في الخروج من منطقة الأمان الخاصة بهم. لكن إغلاق قدراتك على الملاحظة والفضول يمنع دماغك من النمو والتطور.

لتحفيز عقلك الخارق، ابقَ منفتحًا على رؤية أماكن جديدة، وراقب الطبيعة أو البيئة التي تعيش فيها. تحدث مع أشخاص جدد، وكن منتبهًا للأصوات والروائح المختلفة من حولك. لا تخف من الخروج عن المألوف. جرب أطعمة جديدة، وتذوق نكهات مختلفة. القراءة أيضًا أمر بالغ الأهمية، ولكن الكثير من الناس ينفرون من الصحف لأنها غالبًا ما تكون مليئة بأخبار محبطة أو مرهقة عاطفيًا.

هذا النوع من الاخلاقيات يؤدي إلى إغلاق الباب أمام المعلومات الجديدة، ومع عدم وجود تدفق مستمر للمعلومات، فإن عقلك سيعاني من الجوع المعرفي. لذلك، لا تخف من استيعاب أكبر قدر ممكن من الأخبار والمستجدات. فهذه المعلومات تعد موردًا ثمينًا لاكتشاف المزيد عن العالم، ومعرفة ما يحدث في الخارج، وكيف يعيش الناس في بلدان أخرى. وفي أثناء استكشافك للعالم عبر الأخبار، من المهم أيضًا أن تبقى منفتح الذهن عند الاستماع إلى آراء الآخرين.

الدماغ النامي لا ينبغي أن يكون متحيزًا أو متشبثًا بأفكار مسبقة حول الصواب والخطأ. لا ترفض رأي شخص لمجرد أنه لا يتوافق مع آرائك في السياسة أو الدين أو أي موضوع آخر. بدلًا من ذلك، استخدم النقاشات كفرصة للتعرف على جميع جوانب القضية وزيادة وعيك وفهمك لها.

ومضة رقم ٤ – استفد من حلقة التغذية الراجعة في دماغك ومن مشاعرك لإيجاد طرق لتناول كميات أقل من الطعام والعيش بصحة أفضل:
لا حدود للفوائد التي يمكن أن يوفرها العقل الخارق. فعندما تركز على تطوير دماغك، لن تعزز قدراتك العقلية فحسب، بل ستتمكن أيضًا من التحكم في بعض السلوكيات الضارة مثل الإفراط في تناول الطعام.

ندرك جميعًا مدى صعوبة الالتزام بنظام غذائي، وهناك حتى أبحاث علمية تدعم تجربة الأشخاص الذين يجدون صعوبة في فقدان الوزن الزائد. فقد اكتشف العلماء في أستراليا هرمون الجوع المعروف باسم “الغريلين (ghrelin)”. عندما تفقد الوزن، يزيد إفراز هذا الهرمون بشكل مفرط، مما يجعلك تشعر بالجوع الشديد.

لذلك، حتى لو تمكنت من التخلص من الدهون الزائدة، فإن الغريلين يضع جسمك في حالة تأهب قصوى، وقبل أن تدرك الأمر، تجد نفسك قد استعدت الوزن المفقود. في هذه الحالة، تعمل آليات جسمك ضدك. ولكن مرة أخرى، يمكنك استخدام التغذية الراجعة التي تقدمها لدماغك للعثور على حل لهذه المشكلة.

في أغلب الأحيان، نفرط في تناول الطعام لأسباب عاطفية، خاصة عندما نكون متعبين للغاية أو متوترين أو وحيدين أو قلقين. يمكن أن يساعدنا تناول الأطعمة الحلوة أو الوجبات الخفيفة الأخرى عالية السعرات الحرارية في تهدئة المشاعر غير المرغوب فيها.

الخطوة الأولى للنجاح في اتباع نظام غذائي هي التمييز بين الأكل العاطفي والجوع الحقيقي. بمجرد أن تدرك السبب الذي يدفعك لتناول الطعام، يمكنك تزويد دماغك بالتغذية الراجعة المناسبة.

عندما تقدم لدماغك تغذية راجعة واعية، وتعترف بأنك تأكل لأسباب عاطفية، سيبدأ دماغك تدريجيًا في فهم المشكلة الحقيقية وسيتوقف عن دفعك للبحث عن المزيد من الطعام. وبدلًا من إرسال إشارات تدفعك إلى المطبخ، سيبدأ دماغك في التعامل مع الرغبة الشديدة في الأكل على أنها مشكلة عاطفية، مما يحفزك على رؤية صديق أو مستشار أو مناقشة المشكلة والتوصل إلى حل مناسب.

ومضة رقم ٥ – الحدس قوة فريدة قد تساعدك على التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها:
من المحتمل أنك قد اختبرت إحساسًا قويًا بالحدس في مرحلة ما. ربما شعرت أنك بحاجة إلى الابتعاد عن شخص ما في تجمع كبير لأن هذا الشخص بدا خطيرًا إلى حد ما.

قد يكون الحدس البشري أكثر دقة مما تعتقد. تشير الدراسات الحديثة إلى أن الأحكام السريعة التي يصدرها الإنسان يمكن أن تكون أحيانًا أكثر فائدة من قضاء وقت طويل في التفكير المنطقي والتحليل.

كما أظهرت الدراسات أن الأشخاص يكونون أكثر قدرة على التعرف على الوجوه عندما يعتمدون على حدسهم بدلاً من التحليل المنطقي. ففي إحدى الدراسات، طُلب من المشاركين مشاهدة صور لوجوه ومحاولة تحديد ما إذا كان وجه معين قد ظهر بينهم. في التجربة الأولى، تم عرض الصور عليهم لجزء من الثانية فقط، بينما في التجربة الثانية، تم منحهم وقتًا أطول للنظر إليها. والمثير للدهشة أن المشاركين كانوا أكثر دقة في التعرف على الوجه المطلوب عندما لم يُمنحوا سوى لمحة سريعة عنه.

في حين يقدم لنا الحدس البشري خدمة كبيرة عند التعرف على وجه ودود، فإن هذا الحدس هو أيضًا سمة توجهنا في العديد من القرارات، بدءًا من اختيار وظيفة وصولاً إلى اختيار شريك الحياة أو اختيار مكانا للعيش والإقامة.

يمكن أن يكون الحدس قويًا لدرجة أنه قد يتمكن من التنبؤ بالأحداث قبل وقوعها. في إحدى التجارب، تم عرض صور فوتوغرافية بطريقة عشوائية على المشاركين، كان العديد منها يحتوي على مشاهد عنيفة. راقب الباحثون ردود فعل المشاركين أثناء مشاهدة الصور، من خلال قياس معدل ضربات القلب، وضغط الدم، والتعرق.

في كل مرة كان أحد المشاركين يشاهد صورة عنيفة، كما هو متوقع، كان يظهر استجابة توتر واضحة، مع ارتفاع معدل ضربات القلب وضغط الدم. لكن بعد فترة، بدأ يحدث شيء غريب في الدراسة. على الرغم من أن الصور كانت تُعرض بشكل عشوائي، إلا أن مستويات التوتر لدى المشاركين بدأت ترتفع بجزء من الثانية (ميكروثانية) قبل ظهور الصورة العنيفة. بطريقة ما، بدأ حدس المشاركين في التنبؤ باللحظة الدقيقة التي ستظهر فيها الصورة العنيفة قبل أن تُعرض أمامهم.

ومضة رقم ٦ – يعتقد الناس أن المال والشهرة يجلبان السعادة، لكن هذه الأهداف التقليدية مضللة:
تُنفق الشركات العالمية مليارات الدولارات لجعل الناس يشعرون بالراحة والسعادة. ومع ذلك، إذا أخذت لحظة واحدة فقط لنتأمل في وجوه ركاب الحافلات أو مترو الأنفاق، ستدرك بسرعة أن السعادة لا تزال هدفًا بعيد المنال للجميع.

هناك سبب بسيط لهذا الأمر. يملك الناس فكرة خاطئة عن ماهية السعادة الحقيقية. يربط معظمهم السعادة بالمال أو الشهرة أو العثور على شريك حياة أو إنجاب الأطفال. لكن بعد تحقيق هذه الأهداف، يكتشف الكثيرون أن السعادة لا تأتي تلقائيًا معها. فعلى سبيل المثال، إنجاب الأطفال يجلب معه الكثير من الضغوط، ولا يعني بالضرورة حياة أكثر سعادة.

ينطبق الأمر نفسه على النجاح المهني. عندما سُئل أفضل لاعبي التنس في العالم عن الدافع الذي يحفزهم، لم يكن الجواب هو الاستمتاع باللعب أو الشعور بالسعادة عند الفوز بالمباريات، بل قالوا إنهم يتدربون بجد لأنهم يخشون الخسارة. وهذا ليس بالضبط شعورًا إيجابيًا.

لذلك، إذا كنت ترغب في عيش حياة سعيدة، فمن المهم أن تحدد الأهداف الصحيحة. وهذا يعني استبدال الأهداف غير المُرضية بأهداف تتماشى مع قيمك الشخصية وتوفر لك نتائج طويلة الأمد. لذا، بدلًا من السعي وراء النجاح المالي فقط، ابحث عن وظيفة تحبها وتمنحك الفرصة لتحسين حياة الآخرين.

هذا ما فعله السيد بريندان غريمشو (Brendan Grimshaw). في عام ١٩٦٢م، اشترى السيد غريمشو جزيرة استوائية مهجورة في سيشيل مقابل ٨،٠٠٠ جنيه إسترليني. ثم استقال من عمله كصحفي في إنجلترا خلال السبعينيات وأصبح الحارس الدائم للجزيرة. عاش السيد غريمشو حياة سعيدة على الجزيرة لعقود، حيث قام بزراعة مئات الأشجار من خشب الماهوجني وحوّل جزيرته إلى ملاذ للحياة البرية، بما في ذلك السلاحف العملاقة. وعاش في الجزيرة قرابة ٥٠ سنة، وتوفي السيد غريمشو في عام ٢٠١٢م.

ومضة رقم ٧ – التأمل والسلوك الإيثاري يمكنهما تحفيز الدماغ والجسد بشكل إيجابي وإطالة العمر:
إذا اكتشفت أن هناك خلايا في جسمك تعرضت للتلف، فقد يكون رد فعلك الأول هو البحث عن علاج دوائي أو تدخل جراحي. لكن العلم أثبت أن هناك بدائل أكثر فعالية وأقل تدخلًا.

التأمل، على سبيل المثال، ليس مجرد وسيلة رائعة لجلب الهدوء والسلام إلى حياتك، بل يمكنه أيضًا تجديد شباب جسمك. فقد أظهرت دراسة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا (University of California)، في مدينة ديفيس (Davis)، عام ٢٠١٠م أن ممارسة التأمل المكثف يمكن أن تزيد من إمداد الجسم بإنزيم التيلوميراز (enzyme telomerase).

مع تقدمنا في العمر، تبدأ الأغطية الموجودة في نهاية سلاسل الحمض النووي (DNA strands)، والمعروفة باسم التيلوميرات (telomeres)، في التدهور، مما قد يؤدي إلى تلف الخلايا. يعمل إنزيم التيلوميراز على تقوية التيلوميرات، مما يضمن بقاء كل من الحمض النووي والخلايا في حالة صحية جيدة. لكن هذه ليست الوظيفة الوحيدة لإنزيم التيلوميراز.

كشفت نفس الدراسة أن الأشخاص الذين لديهم مستويات أعلى من إنزيم التيلوميراز يتمتعون بسعادة أكبر ومقاومة أقوى للأمراض، مما يعني أنهم لا يعيشون فقط حياة أطول وأكثر صحة، بل يشعرون أيضًا بمزيد من الرضا. بالإضافة إلى ذلك، تعد ممارسة الإيثار وسيلة أخرى للعيش حياة أطول وأكثر صحة.

فالإيثار قوي لدرجة أن مجرد مشاهدته يمكن أن يكون له فوائد صحية. قام باحثون من جامعة هارفارد (Harvard University) بمراقبة ردود فعل أشخاص شاهدوا فيلمًا وثائقيًا عن الأم تيريزا (Mother Teresa)، الراهبة الكاثوليكية التي عملت مع الفقراء، حيث أظهر الفيلم لقطات لها وهي تعتني بالأطفال المرضى في مدينة كلكتا (Calcutta) شرقي الهند. وأثناء مشاهدة المشاركين للفيلم، انخفضت معدلات ضغط الدم ونبضات القلب لديهم إلى مستويات صحية، وهي مستويات، إذا استمرت على هذا المنوال، فقد تؤدي بالفعل إلى إطالة العمر.

قدمت عالمة النفس السيدة سارة كونراث (Sarah Conrath) من جامعة ميشيغان (University of Michigan) في عام ٢٠٠٨م دليلًا آخر على التأثيرات الإيجابية للإيثار. فقد عثرت على دراسة أجريت عام ١٩٥٧م راقبت الحالة الصحية لنحو ١٠،٠٠٠ طالب وطالبة من خريجي المدارس الثانوية، وقررت تتبعهم بعد ٥٠ عامًا لمعرفة مدى تمتعهم بالصحة. ووجدت أن الأشخاص الذين مارسوا العمل التطوعي طوال حياتهم عاشوا لفترة أطول، ولكن فقط إذا كان دافعهم هو مساعدة الآخرين، وليس مجرد الهروب من مشكلاتهم الشخصية.

ومضة رقم ٨ – لا توجد حقيقة ثابتة. أدمغتنا تدرك العالم، لكن هذا الإدراك ليس سوى وهم:
ما الذي يحدد الواقع؟ هل مجرد إدراكك لشيء ما يعني أنه حقيقي؟ يمكن القول إن الدماغ البشري يتمتع بقوة تجعله يحول الأوهام إلى واقع. على سبيل المثال، عندما تتأمل عظمة الأخدود العظيم (Grand Canyon)، والذي يقع في ولاية اريزونا جنوب غرب أمريكا، يعمل دماغك على معالجة المعلومات القادمة إليه من خلال حواسك. ترى أن المنحدرات الصخرية حمراء، وتشعر بنسيم خفيف يلامس بشرتك وسط دفء الشمس، وتشتم رائحة أزهار الوادي البرية.

أنت تعتقد أن ما تراه هو الواقع، لكن ما تختبره في الحقيقة ليس سوى ترجمة دماغك للمعلومات التي تصله عبر الإلكترونات في عملية كيميائية خالية تمامًا من الألوان أو الروائح أو الإحساس بالملمس. وبالتالي، فإن الواقع هو مجرد ما ندركه. لا يوجد دليل قاطع على وجود عالم مادي خارج أدمغتنا، ولا حقيقة ثابتة، لأن كل ما نعرفه يعتمد على إدراكنا الحسي. فنحن نقول إن العشب أخضر لأن أدمغتنا تخبرنا بذلك، لكن بالنسبة لشخص مصاب بعمى الألوان، فإن الواقع يبدو له مختلفًا تمامًا. وقد طرحت دراسة فيزياء الكم (quantum physics) أيضًا أسئلة جوهرية حول طبيعة عالمنا.

في عام ١٩٢٣م، نشر الفيزيائيان السيد بروس (Bruce Rosenblum) روزنبلوم والسيد فريد كوتنر (Fred Kuttner) كتاب “لغز الكم (Quantum Enigma)”، حيث أوضحا أن العالم لا يمكن وصفه بأنه ثابت. في الواقع، تبقى بعض الجسيمات المادية في حالة سكون، بينما تتحرك أخرى في أنماط موجية ضمن نطاق معين. وباختصار، فإن المادة ليست صلبة بل متغيرة باستمرار. أو بعبارة أخرى، الواقع ليس إلا وهمًا.

مثل هذا الطرح يفتح الباب أمام العديد من الأسئلة الأخرى. ولكن إذا كان عقلك الخارق منفتحًا على جميع الاحتمالات، فإن فكرة وجود وعي أعمق، يشمل كل ما ندركه، لن تبدو مخيفة. بل على العكس، فإن الوصول إلى مثل هذا الفهم يوضح لماذا يمتلك دماغنا قدرات هائلة.

الخلاصة النهائية:
الدماغ هو عضو حي ينبض بالحياة، ينمو كلما تعلمت، ويتوسع مع التأمل، ويتواصل مع كل خلية في جسدك. وهو أيضًا قادر على أكثر مما نمنحه الفضل فيه، لذا لا تقلل من قوته. اكتشف المزيد عن إمكانيات دماغك وكيف يمكنه تحسين حياتك. لم يفت الأوان أبدًا لبدء تطوير “عقلك الخارق”، والخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي تبني “الوعي الذهني”.

الوعي الذهني هو ممارسة تعني أن تكون مدركًا بعمق لما تفكر فيه وما تفعله. فعلى سبيل المثال، عندما تعزف على الكمان، لا يعني ذلك مجرد تحريك القوس على الأوتار، بل أن تعزف بوعي، أن ترى نفسك تعزف، أن تتنفس بعمق، وأن تكون على اتصال بأفكارك ومشاعرك، لأن الموسيقى لا تصدر فقط من الآلة بل من أعماقك أيضًا. في كل ما تقوم به، اسأل نفسك بانتظام: كيف أشعر؟

*تمت الترجمة بتصرف.

**المصدر: منصة الوميض (Blinkist) وهي منصة تقوم بتلخيص الكتب ، ومكتبتها تحتوي على آلاف الكتب ويشترك في هذه المنصة الملايين من القراء.

الأستاذ عبدالله سلمان العوامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *