التطوير الذاتي للمهندسين: استثمار استراتيجي في النمو المستقبلي – بقلم المهندس محمد ابوفور*

{ مقدمة }
يشهد سوق العمل السعودي تطورًا متسارعًا في مختلف القطاعات، مما يجعل استيعاب الأعداد الكبيرة من المهندسين تحديا يتطلب استراتيجيات فعالة وحلولًا مبتكرة. كل عام، ينضم آلاف المهندسين الجدد، خاصة في المجالات الهندسية والتقنية، إلى سوق العمل، حيث يسعون لتحقيق طموحاتهم والمساهمة في تحقيق رؤية المملكة 2030. ومع ذلك، فإن النجاح في بيئة تنافسية لا يعتمد فقط على الحصول على شهادة جامعية، بل يتطلب تطويرًا مستمرًا للمهارات والمعرفة لضمان التميز المهني والاندماج السلس في سوق العمل.

في ظل التحولات السريعة والتطورات التكنولوجية المتلاحقة، أصبح التطوير الذاتي عاملًا أساسيًا في تمكين المهندسين من تحقيق النجاح، إذ لا يقتصر دوره على تعزيز فرص التوظيف فحسب، بل يسهم أيضًا في بناء مسار مهني مستدام، يُمكِّن المهندسين من تحقيق الابتكار والمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية.

{ المهندسون: مفتاح النمو والتميز المهني }
يشكل المهندسون قوة حيوية تدفع عجلة التنمية والابتكار، حيث يقدمون أفكارًا إبداعية وحلولًا جديدة لمختلف التحديات التي تواجه القطاعات المختلفة. ومع ذلك، فإن التميز في سوق العمل لا يتحقق فقط من خلال المعرفة الأكاديمية، بل يعتمد على مدى قدرة المهندسين على تطوير مهاراتهم التطبيقية، والتكيف مع المستجدات، والبحث عن فرص التعلم المستمر.

{ استراتيجيات التطوير الذاتي للمهندسين السعوديين }
1. الاستثمار في الشهادات المهنية المعتمدة
يُعزِّز الحصول على الشهادات المهنية المتخصصة فرص المهندسين في التوظيف، ويرفع من مستوى كفاءتهم الفنية، ويضمن مواكبتهم لأحدث المعايير الهندسية والصناعية. ومن أبرز الشهادات المهنية التي تدعم المسار المهني للمهندسين السعوديين:
شهادات الفحص الهندسي والتفتيش:
• API 510 (مفتش أوعية الضغط المعتمد)
• API 570 (مفتش أنظمة الأنابيب المعتمد)
• AWS-CWI (مفتش اللحام المعتمد)
• CSWIP (شهادة الفحص والتفتيش الهندسي)
• NACE/AMPP (متخصص التآكل وحماية الأصول الصناعية)
• ASNT/PCN Level III (المستوى الثالث في الفحوصات اللاإتلافية)
شهادة مفتش معتمد من أرامكو (Aramco CBT):
يُعد الحصول على شهادات معتمدة من وكالات الاعتماد الدولية وخاصة
على شهادة مفتش معتمد من أرامكو نقطة تحول رئيسية في مجال العمل في قطاع النفط والغاز، حيث يفتح الأبواب أمام فرص وظيفية عالية الأجر، ويمنح الاعتراف المهني كخبير في الجودة. كما يتيح للمفتشين المؤهلين فرصًا كبيرة للنمو والتطور الوظيفي، مما يجعل هذه الشهادات ميزة تنافسية للمهندسين السعوديين الباحثين عن فرص العمل والتطور المهني في مختلف القطاعات الصناعية.

2. الانضمام إلى الجمعيات المهنية المحلية والعالمية
يُعد الانضمام إلى الجمعيات المهنية من أهم وسائل التعلم المستمر، حيث يوفر فرصًا للتواصل، والتدريب، والمشاركة في الفعاليات التقنية. ومن أبرز الجمعيات التي يمكن للمهندسين السعوديين الانضمام إليها:
• الهيئة السعودية للمهندسين (The Saudi Council of Engineers)
• ASNT (الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافية) – لمهندسي الفحص والتقييم الفني
• ASME (الجمعية الأمريكية للمهندسين الميكانيكيين) – لمهندسي الميكانيكا والصناعات التحويلية
• SPE (جمعية مهندسي البترول) – لمهندسي النفط والغاز
• AMPP (جمعية إدارة وحماية الأصول) – لمهندسي التآكل والمواد

3. حضور الدورات التدريبية وورش العمل
يسهم التعلم المستمر في تعزيز مهارات المهندسين وتمكينهم من مواجهة التحديات التقنية المتجددة. ومن بين المجالات التي يُنصح بالتركيز عليها:
• التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي في الهندسة الصناعية
• تحليل البيانات الضخمة وتطبيقاتها في الهندسة
• تطبيقات إنترنت الأشياء (IoT) في التصنيع والصيانة
• تقنيات اللحام والتفتيش المتقدمة

4. توسيع شبكة العلاقات المهنية
يُعد التواصل مع الخبراء والمهنيين عبر المنصات الرقمية وسيلة لتعزيز فرص التعلم المستمر والتطور المهني. كما أن المشاركة في المنتديات التقنية والمؤتمرات تمنح المهندسين فرصة الاطلاع على أحدث الأبحاث والابتكارات في مجالاتهم.

5. المشاركة في الأبحاث والدراسات العلمية
المهندسون السعوديون مدعوون للمشاركة في الأبحاث الهندسية والتقنية التي تساهم في تطوير المجالات الصناعية وتعزيز تنافسية المملكة عالميًا. ومن أبرز المجالات البحثية:
• الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة
• تقنيات الفحوصات اللاإتلافية وتحليل المواد
• أنظمة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاتها في الهندسة
• التحول الرقمي في قطاع النفط والغاز والصناعات الثقيلة

6. دعم المجتمع الهندسي والاستثمار في المستقبل
يمكن للمهندسين السعوديين المساهمة في بناء مستقبل أكثر إشراقًا من خلال دعم المبادرات الهندسية الوطنية، مثل برامج الهيئة السعودية للمهندسين للشباب، التي تهدف إلى تنمية العقول الشابة وتوجيهها نحو المسارات المهنية الصحيحة، مما يعزز قدراتهم لمواكبة التطورات العالمية.

{ كيف نساهم في بناء مستقبل واعد للمهندسين السعوديين؟ }
يتطلب بناء مستقبل مستدام للمهندسين السعوديين تعاونًا بين المؤسسات الأكاديمية، والجهات المختصة، والقطاع الخاص، وذلك من خلال:
• تعزيز برامج التدريب التعاوني والمهني بين الجامعات والشركات الهندسية
• إطلاق مبادرات لدعم الابتكار وريادة الأعمال في الهندسة
• تشجيع المهندسين على المشاركة في المؤتمرات الهندسية المحلية والإقليمية والدولية
• توفير فرص للتطوير القيادي للمهندسين الشباب لتمكينهم من تولي مناصب قيادية مستقبلًا.
{ كلمة أخيرة }

التطوير الذاتي هو حجر الأساس في بناء مستقبل مشرق للمهندسين السعوديين. فمن خلال الاستثمار في المعرفة، والانخراط في المجتمعات الهندسية، والمشاركة في الأبحاث العلمية، يمكن للمهندسين أن يصبحوا روادًا في مجالاتهم ويساهموا في ازدهار المملكة.

كما يُعد الحصول على الشهادات المهنية المعتمدة أحد أهم وسائل التقدم الوظيفي، خاصة للمهندسين العاملين في قطاع النفط والغاز، حيث يرتفع الطلب على المهندسين المعتمدين. وتُسهم هذه الشهادات، لا سيما المعتمدة من أرامكو، في تحسين الدخل وزيادة الأجور، مما يمنح المهندسين ميزة تنافسية قوية ويفتح لهم آفاقًا واسعة للنمو الوظيفي في مختلف القطاعات الصناعية والهندسية.

[لذا، لم يعد التطوير الذاتي خيارًا، بل أصبح استثمارًا استراتيجيًا في المستقبل وضرورة حتمية لضمان الاستمرارية والتميز في سوق العمل سريع التطور، وتحقيق النمو الشخصي والمهني، والمساهمة في بناء اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار].

*المهندس محمد عبد الله أبو فور مستشار متخصص في مجال الفحوصات اللاإتلافية، وله باع طويل في تطوير تقنيات التفتيش الهندسي في قطاع النفط والغاز. كما له مساهمات كبيرة في دعم برنامج الفحوصات اللاإتلافية في معهد إتقان وكلية الجبيل الصناعية.

يشغل حاليًا منصب المدير الإقليمي للجمعية الأمريكية للاختبارات اللاإتلافية لمنطقة 19، التي تضم المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الهند، الكويت، عُمان، والعراق. وهو أيضًا عضو مؤسس في الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافية – قسم المملكة العربية السعودية. حصل المهندس محمد على العديد من الجوائز المميزة في هذا المجال على الصعيدين المحلي والعالمي، كما تم تكريمه في مناسبات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية واوروبا.

قام بتطوير وتحسين العديد من تقنيات الفحوصات اللاإتلافيه، ومراجعة الإجراءات، واعتماد وتأهيل فنيي الشركة والمقاولين. بالإضافة إلى ذلك، قدم وأدار خدمات التفتيش المتقدمة وفقًا لمعايير الدولية للصناعة.
شغل المهندس محمد أبوفور عضوية مجلس إدارة الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافيه بالولايات المتحدة الامريكية لفترة انتهت في عام 2018،
وفي مشواره العلمي قدم أكثر من 200 منشور، بما في ذلك التقارير الفنية، والمقالات العلمية، والعروض التقديمية الفنية في المؤتمرات والمنتديات والاجتماعات المحلية والدولية. بالإضافة إلى ذلك، ساهم في وضع معايير الفحوصات اللاإتلافيه المتقدمة، وراجع واعتمد العديد من تقنيات وإجراءات تقنيات الفحوصات اللاإتلافيه التقليدية والمتقدمة.