مختبرات ذاتية القيادة وعلاجات مناعية متقدمة وخمس تقنيات أخرى ينبغي مراقبتها في عام 2025 – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Self-driving laboratories, advanced immunotherapies and five more technologies to watch in 2025
(Michael Eisenstein – بقلم: مايكل آيزنشتاين)

تهيمن الاستدامة والذكاء الاصطناعي على جولتنا [جولة مجلة الطبيعة (Nature) السنوية السابعة من الابتكارات المثيرة.

من الهندسة المعمارية المستدامة وعلاجات السرطان والمعالجة البيولوجية إلى الحوسبة الفوتونية[1]، إليك تقنيات ستراقبها مجلة “الطبيعة” (Nature) هذا العام [2025].

مختبرات “ذاتية القيادة”
في العام الماضي [2024]، أعلن فريق دولي عن مجموعة من المواد الواعدة لاستخدامها في الليزر العضوي ذي الحالة الصلبة(1). وهذه خطوة مهمة نحو إلكترونيات أقل تكلفة وكفاءة في استخدام الطاقة – وقد تم تنفيذ الكثير من العمل بواسطة شبكة من خمسة مختبرات روبوتية موجهة بالذكاء الاصطناعي تمتد عبر ثلاث قارات.

ويقول البروفيسور آلان أسبورو جوزيك، الكيميائي الحاسوبي في جامعة تورنتو في كندا وأحد المؤلفين الرئيسيين للدراسة، إن المشروع صُمم لإظهار قوة المختبرات “ذاتية القيادة” في معالجة فئة مفيدة ولكنها صعبة من المواد. ويقول: “في الوقت الذي بدأنا فيه في عام 2017، كان هناك حوالي عشرة مركبات ليزر عضوية منشورة فقط. وفي النهاية، وجدنا 21 مادة من أفضل المواد في فئتها”.

تستخدم المختبرات ذاتية القيادة، مثل هذا المختبر في “اتحاد التسريع” (Acceleration Consortium) في تورنتو بكندا، الخوارزميات والروبوتات لتطوير علم المواد. حقوق النشر: جوني غواتو / جامعة تورنتو

ويعود مفهوم الكيمياء الآلية المغلقة، حيث تقوم أجهزة الكمبيوتر بتوجيه “المجرب” الروبوتي مع التكيف مع نتائج التجارب، إلى سبعينيات القرن العشرين على الأقل. ولكن مختبرات القيادة الذاتية اليوم أكثر تطوراً بكثير، حيث تجمع بين الروبوتات الحديثة وخوارزميات الذكاء الاصطناعي القادرة على التخطيط وتفسير تدفقات العمل المعقدة عالية الإنتاجية (معدل الإنتاج).
وتقول الدكتورة جيه شو[2]، عالمة المواد في مختبر أرغون الوطني في ليمونت بولاية إلينوي [الولايات المتحدة الأمريكية]، إن مثل هذه الأدوات يمكن أن توسع آفاق أبحاث الكيمياء والمواد بشكل كبير. وتوضح: “الفضاء الكيميائي يشبه الكون تمامًا، لكننا ننظر إلى مجرة واحدة فقط. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعدنا في استكشاف مناطق أخرى غير المنطقة التي نشعر بالراحة معها”.

خذ أداة “بوليبوت”[3] (Polybot)، التي أطلقتها الدكتورة شو وزملاؤها في عام 2021 لتقديم خدمات تطوير المواد في مختبر أرغون. في التجارب التجريبية [الأولية]، استخدمها الباحثون لتوليف ووصف البوليمرات الموصلة القابلة للتمدد والمواد التي تتغير خصائصها البصرية عند تطبيق مجال كهربائي.

وقد تكتسب المختبرات ذاتية القيادة من الجيل التالي قدرات أكثر إثارة للإعجاب. ففي نوفمبر 2024، وصفت ورقة علمية منشورة من قِبَل باحثين في اتحاد تسريع (Acceleration Consortium)، ومقره جامعة تورنتو، نظام “أورغانا” (ORGANA)، الذي يسمح للعلماء بتوجيه عمل المختبرات الروبوتية باستخدام تعليمات اللغة الطبيعية(2). كما يستكشف البروفيسور أسبورو جوزيك، الذي يقود الاتحاد، الروبوتات المتحركة، والرؤية الحاسوبية، وغير ذلك من الابتكارات التي من شأنها توسيع نطاق الأنشطة المعملية التي يمكن أتمتتها ــ رغم أنه يؤكد أنه في المستقبل المنظور، “سيكون الإنسان دائما في الحلقة”.

والواقع أن منصات البحث الآلية قد تصبح مكملة قوية للعلماء ــ ومع التحديات مثل تغير المناخ والأوبئة، قد توفر المختبرات ذاتية القيادة قدرة علمية عالمية ميسورة التكلفة في وقت تحتاج إليه البشرية أكثر من أي وقت مضى. ويقول البروفيسور أسبورو جوزيك: “نحن بحاجة إلى تمكين كل واحد من علمائنا ليكون أكثر إنتاجية بعشرة أو مائة مرة، لأن الأشياء التي تنتظرنا لا يمكن تصورها”.

فرص كبيرة لخلايا مستقبلات المستضدات الخيمرية
تشكل الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية (Chimeric antigen receptor (CAR) T) علاجًا قياسيًا للعديد من سرطانات الدم. في السنوات السبع منذ دخول العلاج إلى العيادات، تلقى عشرات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم هذا العلاج. ولإنتاج العلاج، تتم إعادة برمجة خلايا تائية لدى الشخص وراثيًا للتعبير عن بروتين مُهندس يتعرف على الخلايا السرطانية ويثير استجابة مناعية قوية ضدها. وبالنسبة لأنواع معينة من سرطان الدم والورم الليمفاوي والورم النقوي (ورم خبيث يصيب نخاع العظم)، يمكن أن تكون الفوائد السريرية عميقة: بالنسبة لبعض أنواع السرطان، يحقق أكثر من 50٪ من المتلقين شفاءً كاملاً.

وجميع مستقبلات المستضدات الخيمرية المعتمدة تستهدف البروتينات التي تعبر عنها الخلايا البائية المفرزة للأجسام المضادة، والتي تعد المحرك الرئيسي للعديد من سرطانات الدم، ولكن السنوات القليلة الماضية شهدت تقدمًا كبيرًا في مستقبلات المستضدات الكيمرية الموجهة للأورام الصلبة أيضًا. فعلى سبيل المثال، قام باحثون بقيادة الدكتورة مارسيل ماوس، أخصائية الأورام في مستشفى ماساتشوستس العام في بوسطن، بهندسة الخلايا التائية التي تستهدف أورامًا معينة في المخ. وفي العام الماضي، أظهر الفريق أن هذه الخلايا قادرة على تقليص حجم أورام الدماغ المتكررة بسرعة، على الرغم من تفاوت متانة الاستجابة(3).

وقد أظهرت دراسات أخرى نتائج واعدة في علاج سرطانات الدماغ لدى الأطفال وأورام الجهاز الهضمي، وتعتقد الدكتورة ماوس أن هذا النهج قد يكون قابلاً للتطبيق على نطاق واسع إذا تمكن الباحثون من تحديد أهداف مناسبة خاصة بالأورام.

الآن يتم توجيه علاجات الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية نحو الأورام الصلبة في الأنسجة (الخلايا التائية باللون الأرجواني). حقوق النشر: Steve Gschmeissner/Science Photo Library

وأظهرت مجموعات أخرى أن الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية التي تستهدف الخلايا البائية يمكنها أيضًا أن توقف بعض الأمراض المناعية الذاتية. وغالبًا ما تنجم هذه الحالات عن الخلايا البائية المعيبة التي تنتج “أجسامًا مضادة ذاتية” ضارة تستهدف الأنسجة السليمة. وفي عام 2021، اختبر باحثون بقيادة طبيب الروماتيزم الدكتور جورج شيت في جامعة إرلانجن نورمبرج في ألمانيا ما إذا كان علاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية قد يساعد امرأة شابة مصابة بمرض الذئبة المنهك (4).

ويتذكر الدكتور شيت: “لقد تخلصت هذه المريضة من مرض الذئبة بشكل أساسي. لقد أوقفنا جميع أدويتها”. ومنذ ذلك الحين، أوقف فريق الدكتور شيت المرض لدى حوالي عشرين شخصًا مصابين بالذئبة واضطرابات المناعة الذاتية الأخرى، مع انتكاسة واحدة فقط حتى الآن. ويقول إن هذا النهج يمكن أن يحسن التشخيص لحالات أخرى مرتبطة بالخلايا البائية، بما في ذلك التصلب المتعدد.

إن إنتاج خلايا الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية وعلاجها مكلفان – ناهيك عن المتطلبين جسديًا للمتلقين. ولكن حتى النظام العلاجي الحالي قد يكون حلاً اقتصادياً وفعّالاً للأشخاص الذين يعانون من العلاجات الحالية، كما يقول الدكتور شيت. ويوضح: “التكاليف بمرور الوقت في مثل هؤلاء المرضى ضخمة. ويُظهِر هذا التطور أنه من الممكن، من حيث المبدأ، التخلص من مرض المناعة الذاتية لسنوات دون مزيد من العلاج”.

تقنيات التطهير البيولوجي
“إن الحياة تجد طريقها”، لاحظ الممثل جيف جولد بلوم في فيلم الخيال العلمي “الحديقة الجوراسية” (Jurassic Park) عام 1993. وهذا صحيح بالتأكيد في العالم الميكروبي، حيث تزدهر الكائنات الحية في أكثر البيئات غير المضيافة وتستهلك الأطعمة الأقل احتمالاً – بما في ذلك البلاستيك.

ويتحلل البلاستيك بمرور الوقت إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة ضارة بالبيئة وسامة – وتتكيف بعض البكتيريا ليس فقط لتحمل هذه المواد، ولكن لاستخدامها، كما يقول البروفيسور رونان مكارثي، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة برونيل في لندن. ويعد فريقه واحد من العديد من الفرق التي تتطلع إلى استخدام هذه الكائنات الحية الدقيقة لوقف تلوث البلاستيك الدقيق في المستقبل.

إنها فكرة جذابة: يقدر أحد التقارير أن الاستثمار في مثل هذه الاستراتيجيات “المعالجة البيولوجية” الميكروبية يمكن أن ينمو بأكثر من 8 مليارات دولار أمريكي بين عامي 2023 و2028 (راجع ما جاء في الرابط: go.nature.com/42cweuj).

ويمكن للعديد من الإنزيمات الطبيعية أن تحلل البلاستيك، وإن كان ذلك بشكل غير فعال. وتعدد قاعدة بيانات الإنزيمات النشطة في البلاستيك أكثر من 230 إنزيمًا من هذا القبيل، ويعمل الباحثون على تطوير استراتيجيات لتعزيز أداء هذه المحفزات. فعلى سبيل المثال، يعمل فريق البروفيسور مكارثي على حث البكتيريا المحللة للبلاستيك على تكوين أغشية حيوية كثيفة على سطح شظايا البلاستيك(5).

ويقول البروفيسور مكارثي إن هذه الأغشية تسمح للبكتيريا بإفراز الإنزيم مباشرة على الركيزة المستهدفة ومنع الإنزيمات من الانجراف بعيدًا.

وتدرس البروفيسور سوزي داي، وهي كيميائية في جامعة ميسوري في كولومبيا، القدرة الطبيعية لفطر العفن الأبيض على تحلل “المواد الكيميائية الأبدية” المسرطنة، أو مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل، والمعروفة باسم بـ”بيفاسس” (per- and polyfluoroalkyl substances – PFASs). وقد طورت مجموعتها منصة تسمى “رابيمير” (RAPIMER)، حيث يتم زراعة الفطر في سقالة اصطناعية تشبه النبات مجمعة من الألياف الطبيعية(6).

وتوضح أن هذه الألياف “يمكن أن تعمل كمواد ماصة لإثراء جميع الملوثات من البيئة، ومن ثم يمكننا أن نطلب من الفطر القيام بهذه المهمة”. وتقترح أن يتم استخدام النظام في مرافق معالجة مياه الصرف الصحي أو معالجة الحمأة.

منشأة بحثية للتطهير البيولوجي في جامعة كرانفيلد بالمملكة المتحدة. حقوق النشر: جامعة كرانفيلد

ويسعى باحثون آخرون إلى هندسة البروتينات والأساليب التطورية القائمة على المختبرات لتحسين الإنزيمات الموجودة وتقديم الميكروبات ذات القدرة المحسنة على معالجة الملوثات. ولكن القيود التنظيمية والمخاوف العامة المحيطة بالكائنات المعدلة وراثيًا يمكن أن تحد من حالات الاستخدام المحتملة.

ويأمل البروفيسور مكارثي أن يرى المزيد من المناقشات حول كيفية نشر أنظمة المعالجة البيولوجية المصممة بذكاء وأمان. ويعد مختبره جزء من مركز ابتكار التكنولوجيا الحيوية البيئية في المملكة المتحدة بجامعة كرانفيلد، والذي تم إطلاقه العام الماضي [2024]، والذي سيستكشف مثل هذه القضايا أثناء تطوير التقنيات اللازمة لمعالجة مجموعة من الملوثات البيئية، من المعادن الثقيلة إلى المضادات الحيوية إلى الهرمونات. ويقول: “أعتقد أنه لا يوجد الكثير مما لا يمكن [للمعالجة البيولوجية] معالجته حقًا إذا كانت هناك قدرة إنزيمية على تحليلها داخل المجال الميكروبي”.

نماذج أساسية لعلم الأحياء
سواء كان ذلك للأفضل أو الأسوأ، فقد منحت المنصات القائمة على نماذج اللغة الكبيرة، مثل روبوت الدردشة “تشات جي بي تي” (ChatGPT)، مئات الملايين من المستخدمين في جميع أنحاء العالم “متجرًا لوقفة واحدة” لعدد لا يحصى من المهام، من الحصول على المعلومات إلى صياغة المقالات والهايكو[4] وشفرات [أكواد] البرمجيات. وقد تختلف جودة هذه المخرجات، ولكن لا شك أن نماذج اللغة الكبيرة تمثل خطوة ملحوظة في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي ذات الأغراض العامة.

وليس من المستغرب إذن أن يصبح علماء الأحياء متحمسين بشكل متزايد لتسخير قدرات مماثلة في أبحاثهم. ومشكلتهم ليست نقص الأدوات، بل الوفرة. ويقول البروفيسور بو وانج، عالم الأحياء الحاسوبية في جامعة تورنتو: “هناك الآلاف من النماذج للمهام الصغيرة فقط، والكثير من الأساليب الحسابية متناثرة ومنعزلة تمامًا”.

والبروفيسور وانج هو واحد من عدد متزايد من العلماء الذين يرون “نماذج الأساس” كحل قوي. ويصف المصطلح خوارزميات الذكاء الاصطناعي التي تمر بعملية تدريب مسبقة يتم فيها تغذيتها بكميات هائلة من البيانات غير المصنفة. وقد تم تدريب “تشات جي بي تي” على مجموعة كبيرة من النصوص من الإنترنت، ولكن يمكن أيضًا القيام بذلك باستخدام تسلسلات الجينوم أو بيانات التعبير الجيني أو أنماط تعديل الحمض النووي.

وتولد الخوارزمية نموذجًا عامًا على أساس الأنماط المعقدة والدقيقة في تلك البيانات؛ يمكن بعد ذلك استخدام هذا النموذج لأداء مهام متنوعة، من تفسير البيانات المكتسبة حديثًا إلى تصميم البروتينات أو المسارات المخصصة. وتتنبأ البروفيسور شارلوت بون [استاذ مساعد]، عالمة الكمبيوتر في المعهد الفيدرالي السويسري للتقنية في لوزان، أنه مع نضوج هذه النماذج، يمكنها تقديم رؤى حول العمليات والمبادئ البيولوجية الأساسية.

وأسفر العمل المبكر عن إثبات قوي للمفهوم. ففي عام 2024، وصفت الدكتورة وانج[5] وزملاؤها “جي بي تي الخلية الواحدة” (single cell GPT – scGPT)، وهو نموذج أساسي تم تدريبه على النسخ الجيني أحادي الخلية لنحو 33 مليون خلية بشرية تم إنشاؤها بواسطة باحثين في مبادرة “تشان زوكربيرج” (Chan Zuckerberg Initiative (CZI)) في ريدوود سيتي، كاليفورنيا(7).

ويمكن لهذا النموذج تصنيف أنواع الخلايا بدقة في الأنسجة المتنوعة، وتحديد شبكات الجينات التي تتعاون لدفع العمليات البيولوجية المختلفة والتنبؤ بتأثير الطفرات التخريبية على أنماط التعبير الجيني – وهي قدرة قيمة لاكتشاف الأدوية. وتقول الدكتورة وانج “لقد تلقيت الكثير من التعليقات الجيدة من شركات الأدوية”.

وتكمن فرص أعظم في دمج العديد من النماذج. فعلى سبيل المثال، اقترح فريق من الباحثين في مبادرة “تشان زوكربيرج” وزملاؤهم، بما في ذلك البروفيسور بون والدكتورة وانج، في الشهر الماضي [ديسمبر 2024] خريطة طريق لتطوير “خلية افتراضية” ــ وهي في الأساس نموذج متطور مبني على نماذج أساسية متعددة تستند إلى الحمض النووي الريبي والبروتين والحمض النووي وطبقات بيانات أخرى(8).

ويمكن أن يتفوق هذا النموذج إلى حد كبير على أدوات الجيل الأول، مثل “”جي بي تي الخلية الواحدة”، من خلال التقاط طيف أكثر اكتمالاً من النشاط البيولوجي في الخلايا أو الأنسجة، مما يوفر مورداً قوياً لبحوث الأمراض البشرية والبيولوجيا الاصطناعية وغيرها من التخصصات.

تبريد مستدام للمناطق الحضرية
تزداد حرارة الأرض، ولا تبذل أغنى دول العالم ما يكفي من الجهود لإبطاء هذه العملية أو عكسها. وهذا الواقع القاسي يعني أن هناك حاجة إلى حلول للتخفيف من ارتفاع درجات الحرارة – والبؤس والفوضى التي تجلبها الحرارة الشديدة.

وستكون هذه الحلول ضرورية للمدن، حيث يمكن لـ “جزر الحرارة الحضرية” المحلية أن تزيد من درجات الحرارة المحيطة بمقدار 5-10 درجات مئوية فوق المناطق المحيطة. “معظم ارتفاع درجة الحرارة في العديد من المدن يرجع إلى الامتصاص العالي جدًا للإشعاع الشمسي بواسطة المواد” المستخدمة في الهندسة المعمارية الحضرية، كما يوضح البروفيسور ماثيوس سانتاموريس، وهو باحث في الهندسة المعمارية بجامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، أستراليا.

ويعمل البروفيسور سانتاموريس وآخرون على تطوير “مواد فائقة البرودة” يمكنها خفض الحرارة الناتجة عن الجدران والأسقف وغيرها من الأسطح في المناطق الحضرية. ويشير البروفيسور سانتاموريس إلى أن مواد “التبريد الإشعاعي” من الجيل الأول، التي تعكس الإشعاع الشمسي وتنفث الإشعاع الحراري بأطوال موجية يمكنها أن تمر بسهولة عبر الغلاف الجوي وتعود إلى الفضاء، هي مستخدمة على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم؛ كما يجري تطوير حلول جديدة أكثر كفاءة.

نموذج أولي لنظام تبريد الهواء الموفر للطاقة في جامعة ماريلاند، كوليدج بارك. حقوق النشر: مركز الهندسة الكهربائية والإلكترونية، جامعة ماريلاند

وفي اختبار ميداني في الرياض، المملكة العربية السعودية، العام الماضي [2024]، على سبيل المثال، أظهر البروفيسور سانتاموريس وزملاؤه أن “المواد الفوتونية الفائقة البرودة” يمكن دمجها مع تدابير أخرى لخفض درجات الحرارة المحيطة بنحو 5 درجات مئوية، مما يقلل بشكل كبير من حمل الطاقة اللازم لتبريد المدينة(9).

ولن تؤدي هذه الحلول إلى إهدار الميزانيات أيضًا – يقدر البروفيسور سانتاموريس أن الأسطح الفائقة البرودة تكلف حوالي 10٪ أكثر من مواد الواجهة والسقف القياسية. وبالمقارنة، يضيف: “تكلفة ارتفاع درجة حرارة المناطق الحضرية في العالم تقترب من 450 مليار دولار سنويًا”.

وحتى مع هذه التدابير، سيحتاج الناس إلى مزيد من التبريد لجعل منازلهم وأعمالهم مريحة – وتساهم التقنيات الحالية في مشكلة تغير المناخ. ويقول البروفيسور إيتشيرو تاكيوتشي، عالم المواد في جامعة ماريلاند في كوليدج بارك: “سيتم نشر المزيد والمزيد من مكيفات الهواء. ومن المؤسف أنها ستُنشر في البلدان الأكثر فقراً، حيث لا يستطيع [الناس] الوصول إلى المعدات المتطورة”. وهذا يعني أنه سيتم استهلاك المزيد من الكهرباء، وسوف يزداد إطلاق سوائل تبريد الهيدروفلوروكربون ــ وهي فئة قوية من الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://www.nature.com/articles/d41586-025-00075-6

المراجع:
1. Strieth-Kalthoff, F. et al. Science 384, eadk9227 (2024).
2. Darvish, K. et al. Matter https://doi.org/10.1016/j.matt.2024.10.015 (2024).
3. Choi, B. D. et al. N. Engl. J. Med. 390, 1290–1298 (2024).
4. Mougiakakos, D. et al. N. Engl. J. Med. 385, 567–569 (2021).
5. Howard, S. A. & McCarthy, R. R. npj Biofilms Microbiomes 9, 72 (2023).
6. Li, J. et al. Nature Commun. 13, 4368 (2022).
7. Cui, H. et al. Nature Methods 21, 1470–1480 (2024).
8. Bunne, C. et al. Cell 187, 7045–7063 (2024).
9. Haddad, S. et al. Nature Cities 1, 62–72 (2024).
10. Qian, S. et al. Science 380, 722–727 (2023).
11. Homberger, C., Hayward, R. J., Barquist, L. & Vogel, J. mBio 14, 03557-22 (2023).
12. Wang, B. et al. Nature Microbiol. 8, 1846–1862 (2023).
13. Lan, F. et al. Nature Methods 21, 228–235 (2024).
14. Dong, B. et al. Nature 632, 55–62 (2024).
15. Xu, Z. et al. Science 384, 202–209 (2024).
الهوامش:
[1] تستخدم الحوسبة الضوئية أو الحوسبة الفوتونية موجات ضوئية تنتجها أشعة الليزر أو مصادر غير متماسكة لمعالجة البيانات أو تخزين البيانات أو الاتصال بالبيانات من أجل الحوسبة. على مدى عقود من الزمان، أظهرت الفوتونات وعدًا بتمكين عرض نطاق ترددي أعلى من الإلكترونات المستخدمة في أجهزة الكمبيوتر التقليدية. تركز معظم مشاريع البحث على استبدال مكونات الكمبيوتر الحالية بمكافئات ضوئية، مما يؤدي إلى نظام كمبيوتر رقمي بصري يعالج البيانات الثنائية. يبدو أن هذا النهج يقدم أفضل الآفاق القصيرة الأجل للحوسبة الضوئية التجارية، حيث يمكن دمج المكونات الضوئية في أجهزة الكمبيوتر التقليدية لإنتاج هجين ضوئي إلكتروني. ومع ذلك، تستهلك الأجهزة الضوئية الإلكترونية 30٪ من طاقتها في تحويل الطاقة الإلكترونية إلى فوتونات والعكس؛ يؤدي هذا التحويل أيضًا إلى إبطاء نقل الرسائل. تلغي أجهزة الكمبيوتر الضوئية بالكامل الحاجة إلى التحويلات الضوئية الكهربائية الضوئية (OEO)، وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة الكهربائية. المصدر: ويكيبيديا
[2] حصلت على درجة الدكتوراه في الكيمياء من جامعة نانجينغ، وركزت أبحاثها على فهم هياكل التعبئة الجزيئية والسلوك الديناميكي في المادة اللينة المحصورة بالنانو.
[3] “بوليبوت” (Polybot) عبارة عن منصة روبوتية معيارية متكاملة مع التعلم الآلي لمعالجة/توصيف المواد. وتتكون من خمسة مكونات متكاملة بشكل وثيق: أتمتة المختبر المعيارية، وأدوات استخراج البيانات، وقاعدة البيانات والخدمات السحابية، وبرامج التدريب، ومكتبة التعلم النشط. المكونات الرئيسية لـ “بوليبوت” هي كما يلي: منصة معالجة الحلول الروبوتية، منصة روبوت التخليق “كيمسبيد” Chemspeed، روبوت متحرك، أدوات توصيف آلية (برنامج تشغيل يتم التحكم فيه بواسطة “بايثون” Python يشمل نظام التصوير، مطيافية الأشعة فوق البنفسجية/الفلورية، نظام توصيف كهربائي، توصيف ميكانيكي، و نظام توصيف كهروكيميائي) المصدر: https://cnm.anl.gov/pages/polybot
[4] الهايكو في اللغة الإنجليزية هو قصيدة باللغة الإنجليزية مكتوبة بشكل أو أسلوب مستوحى من الهايكو الياباني.
[5] حصلت على درجة الدكتوراه في السرطان والجهاز المناعي من جامعة كارديف بالتعاون مع جامعة بريستول.

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

تعليق واحد

  1. عماد آل عبيدان

    تسلط المقالة الضوء على سبع تقنيات بارزة لعام 2025، من بينها المختبرات ذاتية القيادة التي تستخدم الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتسريع الاكتشافات العلمية، وعلاجات مناعية مبتكرة تعتمد على خلايا CAR-T لاستهداف السرطانات والأمراض المناعية، وتقنيات التطهير البيولوجي التي توظف الكائنات الدقيقة لتحليل البلاستيك والملوثات البيئية. هذه الابتكارات تعكس تقدمًا ملحوظًا في مجالات الاستدامة والطب ومعالجة التلوث.

    كل الشكر والتقدير للأستاذ محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي على جهده القيّم في ترجمة هذه المقالة الغنية التي تضعنا في قلب التطورات العلمية الواعدة لعام 2025

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *