الشهادات الدولية المعتمدة: بوابة الخريجين الجدد في الهندسة لدخول سوق العمل السعودي – بقلم المهندس محمد ابوفور*

يشهد السوق السعودي اليوم تحولًا هائلًا في جميع القطاعات، مدفوعًا برؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمارات في البنية التحتية والطاقة والابتكار. ومن بين أهم المشاريع الكبرى التي تعزز هذا التحول مشاريع النفط والغاز، ومشاريع نيوم، وشركة البحر الأحمر، بالإضافة إلى مشاريع كبيرة متنوعة لاستضافة كأس العالم 2034. مع توسع هذه المشاريع، يزداد الطلب على الكفاءات الهندسية المؤهلة، خاصة في تخصص الهندسة الميكانيكية، مما يجعل الشهادات الدولية المعتمدة أحد أهم العوامل التي تمنح الخريجين الجدد ميزة تنافسية لدخول سوق العمل السعودي بقوة.

{ مشاريع البنية التحتية والطاقة الكبرى في المملكة }

تشهد المملكة العربية السعودية تنفيذ مشاريع طموحة تعزز الحاجة إلى مهندسين مؤهلين بقدرات عالمية، ومن أبرزها:

  1. قطاع النفط والغاز:
  • التوسع في مشاريع أرامكو السعودية لزيادة إنتاج النفط والغاز.
  • تطوير مصافي جديدة وتعزيز البنية التحتية لنقل الطاقة، مما يتطلب مهارات هندسية متخصصة.
  1. مشروع نيوم:
  • مدينة المستقبل التي تعتمد على الطاقة المتجددة والتكنولوجيا الذكية، مما يستدعي توظيف مهندسين بمهارات متقدمة ومعايير دولية.
  1. مشروع البحر الأحمر:
  • مشروع سياحي بيئي يتطلب تقنيات هندسية متطورة في مجالات البناء المستدام والطاقة النظيفة.
  1. الاستعدادات لكأس العالم 2034:
  • تطوير الملاعب والبنية التحتية الذكية، وهو ما يتطلب توظيف مهندسين بتخصصات متنوعة في الميكانيكا والطاقة والأنظمة الذكية.

مع هذا الزخم في المشاريع، تحتاج الشركات إلى مهندسين مجهزين بمعايير دولية معترف بها، مما يعزز أهمية الحصول على الشهادات الدولية المتخصصة.

{ الشهادات الدولية المعتمدة المطلوبة في السوق السعودي }

لضمان قدرة المهندسين على العمل في المشاريع الكبرى، تتطلب الشركات شهادات دولية معتمدة تعكس خبراتهم وفقًا للمعايير العالمية. من أبرز هذه الشهادات:

  1. شهادات API” (American Petroleum Institute)” – مطلوبة في صناعة النفط والغاز لفحص المعدات وضمان الجودة.
  2. شهادات ASME” (American Society of Mechanical Engineers)” – ضرورية للهندسة الميكانيكية والتصميم الميكانيكي.
  3. شهادات AWS” (American Welding Society)” – مطلوبة في مجالات اللحام والتفتيش على التركيبات المعدنية.
  4. شهادات PMP” (Project Management Professional)” – هامة لإدارة المشاريع الهندسية الكبرى بكفاءة.
  5. شهادات ( NACE/AMPP” (National Association of Corrosion Engineers” – متعلقة بحماية الأصول من التآكل في قطاعي النفط والغاز. 
  6. شهادات الفحوصات اللاإتلافية ASNT, BINDT-PCN, ISO 9712″ (NDT)” – معترف بها عالميًا في مجالات الفحوصات اللاإتلافية واختبارات الجودة.

الحصول على هذه الشهادات يمنح المهندسين الجدد ميزة تنافسية قوية تتيح لهم فرصًا أكبر للعمل في المشاريع الكبرى. 

{ لماذا تُمنح الأولوية للمهندسين الحاصلين على الشهادات الدولية المعتمدة؟ }

تحرص الشركات المحلية والعالمية العاملة في المملكة على توظيف مهندسين يحملون شهادات دولية معتمدة للأسباب التالية:

  1. ضمان جودة الأداء: الشهادات تعكس مستوى عالٍ من المعرفة والخبرة المهنية.
  2. الامتثال للمعايير العالمية: بعض المشاريع، خاصة تلك التي تشمل شركاء عالميين، تتطلب مهندسين بشهادات معتمدة لضمان توافق العمل مع معايير السلامة والجودة.
  3. تقليل المخاطر التشغيلية: المهندسون المعتمدون أكثر دراية بالممارسات الآمنة وإجراءات التفتيش.
  4. الكفاءة والإنتاجية: المهندسون المؤهلون يساهمون في تحسين الإنتاجية وتقليل التكاليف التشغيلية.

{ دور الجامعات في دعم الخريجين الجدد وتأهيلهم لسوق العمل }

تلعب الجامعات السعودية دورًا مهمًا في إعداد المهندسين لسوق العمل من خلال:

  1. تطوير المناهج التعليمية: إدراج مفاهيم الشهادات الدولية ومتطلباتها ضمن البرامج الأكاديمية.
  2. إقامة شراكات مع المعاهد العالمية: توفير برامج تدريبية مشتركة للحصول على الشهادات المعتمدة.
  3. تنظيم دورات تحضيرية: تقديم دورات متخصصة لإعداد الطلاب لاجتياز اختبارات الشهادات الدولية.
  4. تشجيع التدريب العملي: التعاون مع الشركات لإتاحة الفرصة للطلاب لاكتساب خبرة عملية مباشرة.

{ تحديات الحصول على الشهادات الهندسية الدولية }

رغم الفوائد الكبيرة للشهادات المعتمدة، يواجه المهندسون الجدد عدة تحديات، منها:

  1. التكلفة العالية: رسوم الاختبارات والدورات التدريبية تشكل عائقًا لبعض الخريجين.
  2. ندرة مراكز التدريب المعتمدة: قلة المؤسسات المحلية التي تقدم دورات تحضيرية معتمدة.
  3. تعقيد الإجراءات ومتطلبات الخبرة: بعض الشهادات تحتاج إلى خبرة عملية قبل التقديم، مما يمثل تحديًا للخريجين الجدد.

{ الاستثمار في توطين المعاهد الدولية المعتمدة في المملكة }

لتسهيل حصول المهندسين السعوديين على الشهادات الدولية، أصبح من الضروري الاستثمار في توطين المعاهد المعتمدة، من خلال:

  1. إنشاء مراكز تدريب محلية معتمدة: تعاون بين الوزارات المعنية والقطاع الخاص لإنشاء مراكز تقدم دورات تدريبية متوافقة مع المعايير الدولية.
  2. دعم مالي من الشركات الكبرى والقابضة: تقديم منح أو برامج تمويل لدعم المهندسين الراغبين في الحصول على الشهادات.
  3. التعاون مع الجهات المانحة للشهادات: إنشاء فروع محلية للمنظمات الدولية المانحة للشهادات الهندسية.

 

{ المردود الاقتصادي والمالي لتوطين المعاهد الدولية في المملكة }

يؤدي توطين المعاهد الدولية في السعودية إلى فوائد اقتصادية كبيرة، منها:

  1. خفض التكاليف على المهندسين والشركات: تقليل الحاجة إلى السفر للخارج للحصول على التدريب والشهادات.
  2. تحفيز الاقتصاد المحلي: استثمار الشركات في مراكز التدريب يعزز الاقتصاد المحلي.
  3. زيادة معدلات التوظيف: رفع مستوى المهندسين السعوديين وتأهيلهم للمنافسة على وظائف كبرى.
  4. تعزيز مكانة المملكة كمركز إقليمي للتدريب المهني: جعل المملكة العربية السعودية وجهة للمهندسين من الدول المجاورة للحصول على الشهادات المعتمدة.

{ الخلاصة }

مع تزايد المشاريع الكبرى في المملكة، أصبحت الحاجة إلى مهندسين مؤهلين أكثر إلحاحًا. تعد الشهادات الدولية المعتمدة جواز سفر للمهندسين الجدد لدخول سوق العمل السعودي بقوة، حيث تمنحهم ميزة تنافسية وتعزز فرص توظيفهم في قطاعات النفط والغاز، والبنية التحتية، والطاقة المتجددة. من هنا، يتحتم على الجامعات والشركات والجهات الحكومية العمل على تسهيل حصول الخريجين على هذه الشهادات عبر دعم البرامج التعليمية، وإنشاء مراكز تدريب معتمدة، وتوفير الدعم المالي.

[إن الاستثمار في تأهيل المهندسين السعوديين وفق المعايير الدولية ليس مجرد خطوة نحو التوظيف، بل هو استثمار استراتيجي في مستقبل الاقتصاد السعودي]

*المهندس محمد عبد الله أبو فور مستشار متخصص في مجال الفحوصات اللاإتلافية، وله باع طويل في تطوير تقنيات التفتيش الهندسي في قطاع النفط والغاز. كما له مساهمات كبيرة في دعم برنامج الفحوصات اللاإتلافية في معهد إتقان وكلية الجبيل الصناعية. يشغل حاليًا منصب المدير الإقليمي للجمعية الأمريكية للاختبارات اللاإتلافية لمنطقة 19، التي تضم المملكة العربية السعودية، الإمارات العربية المتحدة، الهند، الكويت، عُمان، والعراق. وهو أيضًا عضو مؤسس في الجمعية الأمريكية للفحوصات اللاإتلافية – قسم المملكة العربية السعودية. حصل المهندس محمد على العديد من الجوائز المميزة في هذا المجال على الصعيدين المحلي والعالمي، كما تم تكريمه في مناسبات عديدة في الولايات المتحدة الأمريكية واوروبا.

6 تعليقات

  1. إبراهيم احمد بزرون

    شرح وافي وكافي لمساعدة الخريجين المهندسين الجدد انخراطهم في سوق العمل خصوصا في قطاع النفط والغاز حفظك الله ابن خالي العزيز واتمنى لك المزيد من التقدم والنجاح ان شاء الله

  2. ام جواهر المشهد

    اجدت الطرح بطريقه مميزة وبسلاسة مهنية ، وشرحك وافي موضحا طريقة انخراط المهندسين الجدد وارشادهم في القطاعات المختلفه ،،، الله يحفظك ويسلمك يارب والى الامام دائما وبالتوفيق ان شاء الله…..

  3. احسنتم ووفقكم الله،. لفتة رائعة و توجيه عالي لأولادنا و بناتنا المهندسين و المهندسات.

  4. دراسة جدوى مع رؤية المملكة 2030 و الهدف منها توضيح و تركيزها على متطلبات سوق العمل قد أجاد فيه المهندس محمد أبو فور و هو تسهيل و تبسيط على الخريجين في اختيار المهنه المطلوبة في الأسواق العالمية و هذا دليل على خبرة في مجال العمل و باعه الطويل في هذا المجال المميز و المهم للمهندسين الجدد و قد أحسنت الاختيار و أحسنت الطرح و الاسهاب بسلاسة مهنيه رائعة جدا وشكرا عزيزي أبو جاسم ….
    فأنت فخر بلادي و منار شامخ
    بعلومك أوصلك أرقى المحافل

  5. ماشاء الله تبارك الله ، ارشاد اكاديمي يستحق الشكر والاشادة ، بالفعل في طور التسارع التي تشهده البلاد من تطور ، بلا شك يحتاج البلد من ابنائها من يساعدوها لنهوض ..

    ومثل ماتفضلتم من طرق إرشاد ونصائح كفيلة بأن يلقى هذا الجيل المتعلم ضالته.

    شكرًا جزيلاً للمهندس الفاضل محمد عبدالله ابوفور

  6. احمد سعيد آل ليث

    ما شاء الله تبارك الرحمن
    أحسنت أخونا العزيز المهندس محمد أبو جاسم فقد أجدت و أفدت في الشرح الوافي والاهتمام البالغ الأهمية لهذه المهنة التي يستحق أن نشيد و نهتم بها لما لها أهمية في البناء في جميع الجوانب والمشاريع، فليحسن ابنائنا الأختيار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *