دواء “السكري من النوع الثاني” يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالخرف بنسبة 35 بالمائة لدى المرضى – ترجمة* محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

Type 2 Diabetes Drug Linked to 35% Lower Dementia Risk in Patients
(Steve Macfarlane – بقلم: ستيف ماكفارلي[1])

تشير دراسة كورية نُشرت مؤخرًا إلى أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني والذين يصف لهم الأطباء فئة معينة من الأدوية قد يكونون معرضين لخطر أقل بكثير للإصابة بالخرف.

مصدر الصورة: (nomadsoulphotos / Canva)

وقارن الباحثون النتائج الصحية لأكثر من 110 آلاف شخص تتراوح أعمارهم بين 40 و69 عامًا مصابين بداء السكري من النوع الثاني والذين تم وصف نوع من الأدوية يسمى مثبطات “بروتين نقل الصوديوم والجلوكوز 2” (SGLT2) مع نتائج 110 آلاف مريض آخرين يتناولون فئة مختلفة من الأدوية، مثبطات “ثنائي ببتيديل ببتيداز 4” (DPP-4). وتابعوا المشاركين لمدة 670 يومًا في المتوسط.

وقد جد الباحثون أنه بعد مراعاة العوامل المربكة المحتملة، كان أولئك الذين يتناولون مثبطات بروتين نقل الصوديوم والجلوكوز 2 أقل عرضة للإصابة بالخرف بنسبة 35٪.

ويتم التعرف على مرض السكري كعامل خطر للخرف. لذلك ليس من المستغرب تمامًا أن علاج مرض السكري يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالخرف. ولكن لماذا يقلل دواء واحد من الخطر أكثر من غيره؟ وكيف يرتبط مرض السكري والخرف على أي حال؟

مصدر الصورة: Krakenimages.com/Shutterstock

مرض السكري والخرف

الأنسولين هو هرمون ينتجه البنكرياس. وتتلخص وظيفته في نقل الجلوكوز (السكر) من مجرى الدم إلى الخلايا، حيث يعمل كمصدر للطاقة. وينشأ مرض السكري من النوع الثاني عندما يفشل البنكرياس في إنتاج ما يكفي من الأنسولين، أو عندما تتطور مقاومة الأنسولين في خلايانا.

ويحدث الخرف بسبب تغيرات في الدماغ ويشمل العديد من الحالات التي تؤثر على الذاكرة والتفكير والمزاج وقدرتنا على أداء المهام اليومية.

ولطالما تم الاعتراف بمرض السكري كعامل خطر لكل من مرض الزهايمر والخرف الوعائي[1]، وهما الشكلان الأكثر شيوعًا للخرف. ويتميز كلاهما بالتدهور المعرفي [الذهني] الناجم عن مرض الأوعية الدموية في الدماغ.

ونحن لا نفهم تمامًا سبب ارتباط مرض السكري والخرف بهذه الطريقة، ولكن هناك بعض الأسباب المحتملة. فعلى سبيل المثال، يزيد مرض السكري من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية، والتي تلحق الضرر بالقلب والأوعية الدموية. عندما تتلف الأوعية الدموية في الدماغ، فقد يساهم هذا في التدهور المعرفي. كما أن ارتفاع مستويات السكر في الدم يسبب الالتهاب، الذي قد يؤدي إلى تلف خلايا المخ ويساهم في تطور الخرف.

يحدث الخرف نتيجة لتغيرات في الدماغ. مصدر الصورة: (PeopleImages.com – Yuri A/Shutterstock)

علاج مرض السكري قد يساعد في التخفيف من المخاطر المتزايدة

إن التحكم بشكل أفضل في مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري يساعد في حماية الأوعية الدموية ويقلل الالتهاب في الدماغ. ويمكن السيطرة على مرض السكري في البداية من خلال تعديلات نمط الحياة مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة، ولكن قد تشمل الإدارة أيضًا الأدوية، مثل تلك التي تناولها المشاركون في الدراسة الكورية.

وكان لدى المرضى الذين يتناولون أي نوع من الأدوية سيطرة مماثلة على نسبة الجلوكوز في الدم. ولكن لماذا يقلل أحد النوعين من خطر إصابة الأشخاص بالخرف مقارنة بالآخر؟

تعمل مثبطات بروتين نقل الصوديوم والجلوكوز 2 على خفض نسبة الجلوكوز في الدم عن طريق زيادة إزالته بواسطة الكلى. ومن المعروف أن هذه الأدوية لها تأثيرات إيجابية على مجالات أخرى من الصحة أيضًا، بما في ذلك تحسين ضغط الدم، وتعزيز فقدان الوزن، وتقليل الالتهاب والإجهاد التأكسدي (نوع من الضرر الذي يلحق بخلايانا).

والسمنة وارتفاع ضغط الدم هما في حد ذاتهما عوامل خطر للإصابة بالخرف الوعائي والخرف من نوع الزهايمر، لذا قد يكون من الممكن أن تؤدي تأثيرات مثبطات بروتين نقل الصوديوم والجلوكوز 2 إلى خفض خطر الإصابة بالخرف بدرجة أكبر مما يمكن توقعه من خلال التحكم الأفضل في نسبة السكر في الدم وحدها.

الوقاية مقابل العلاج

من المهم التأكيد على أن فائدة الدواء في تقليل خطر الإصابة بمرض ما منفصلة تمامًا عن أي اقتراح بأن الدواء قد يكون مفيدًا في علاج هذا المرض. فأفضل طريقة لتقليل خطر الإصابة بسرطان الرئة، على سبيل المثال، هي الإقلاع عن التدخين. ومع ذلك، بمجرد إصابتك بسرطان الرئة، فإن الإقلاع عن التدخين لا يكفي لعلاجه.

ومع ذلك، نظرًا للأدلة التي تربط بين مرض السكري والخرف، فقد تم التحقيق سابقًا في بعض أدوية السكري كعلاجات لمرض الزهايمر. وقد ثبت أنها توفر درجة من الفائدة للإدراك.

غالبًا ما يحتاج مرضى السكري إلى تناول الأدوية للتحكم في مستويات السكر في الدم. مصدر الصورة: Dragana Gordic/Shutterstock

و”السيماجلوتيد”، المعروف باسمه التجاري “أوزيمبيك”، هو عضو في فئة أخرى من أدوية مرض السكري (تسمى “منبهات مستقبلات الببتيد-1 الشبيهة بالجلوكاجون” (GLP1)). وتتم دراسته حاليًا كعلاج لمرض الزهايمر المبكر في تجربتين سريريتين شملتا أكثر من 3500 مريض.

وقد تم إطلاق هذه الدراسات نفسها من خلال الملاحظات أثناء التجارب السريرية للسيماجلوتيد للأشخاص المصابين بمرض السكري، والتي أظهرت معدلات أقل من الخرف لدى أولئك الذين تناولوا الدواء مقارنة بأولئك الذين تناولوا دواءً وهميًا.

وعلى غرار أدوية مثبطات بروتين نقل الصوديوم والجلوكوز 2، من المعروف أن فئة أدوية منبهات مستقبلات الببتيد-1 الشبيهة بالجلوكاجون تعمل على تقليل الالتهاب في الدماغ. ويبدو أن أدوية منبهات مستقبلات الببتيد-1 الشبيهة بالجلوكاجون تعمل أيضًا على تقليل التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى شكل غير طبيعي من بروتين يسمى “تاو” (Tau)، وهو أحد السمات المرضية لمرض الزهايمر.

ماذا بعد؟

مع استمرار نمو معرفتنا بالآليات الكامنة وراء مرض الزهايمر وغيره من أشكال الخرف، سيستمر التقدم في العلاج. ومن غير المرجح أن يكون دواء واحد هو الحل لمرض الزهايمر. فقد تطورت علاجات السرطان إلى الحد الذي أصبح فيه استخدام “كوكتيلات الأدوية”، أو مزيج من الأدوية، أمرًا روتينيًا الآن.

وأحد احتمالات المستقبل لأدوية علاج مرض السكري هذه هو أننا قد نراها تُستخدم كجزء من مجموعة من العلاجات لمكافحة ويلات الخرف أو – في الواقع – المساعدة في منعه، حتى في الأشخاص غير المصابين بالسكري. ولكننا بحاجة إلى المزيد من البحث قبل أن نصل إلى هذه النقطة.

*تمت الترجمة بتصرف

المصدر:

https://www.sciencealert.com/type-2-diabetes-drug-linked-to-35-lower-dementia-risk-in-patients

الهوامش:

[1] ستيف ماكفارلين، رئيس الخدمات السريرية، مؤسسة دعم الخرف في أستراليا، وأستاذ مشارك في الطب النفسي، جامعة موناش، ملبورن، فيكتوريا، أستراليا

[2] الخرف الوعائي هو مصطلح عام يصف مشاكل في التفكير والتخطيط والحكم والذاكرة وغيرها من عمليات التفكير الناجمة عن تلف الدماغ بسبب ضعف تدفق الدم إلى الدماغ. ويمكن أن تصاب بالخرف الوعائي بعد أن تسد السكتة الدماغية أحد الشرايين في دماغك، ولكن السكتات الدماغية لا تسبب دائمًا الخرف الوعائي. يعتمد تأثير السكتة الدماغية على تفكيرك واستدلالك على شدة السكتة الدماغية وموقعها. يمكن أن ينتج الخرف الوعائي أيضًا عن حالات أخرى تلحق الضرر بالأوعية الدموية وتقلل من الدورة الدموية، مما يحرم دماغك من الأكسجين والعناصر الغذائية الحيوية. المصدر: Vascular dementia – Symptoms & causes – Mayo Clinic

المهندس محمد جواد آل السيد ناصر الخضراوي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *