مقدمة:
في ظل التطور العلمي وتقدم التكنولوجيا الحديثة أصبحت الدقة في القياسات والسرعة في نقل البيانات محط إهتمام الكثير من العلماء والباحثين، وقد أثمرت الأبحاث في اكتشاف تقنية مهمة ساهمت في تسهيل عملية إيصال المعلومات بسرعة فائقة، هذه التقنية تعرف بـالألياف الضوئية (Fiber Optic).
الألياف الضوئية هي عبارة عن شعيرات مصنوعة من الزجاج النقي، وتكون طويلة، ودقيقة بحيث لا يتعدى سمكها سمك الشعرة. تصطف هذه الشعيرات معاً في حزمة تسمى (الحبل الضوئي)، كما أنها تستخدم في نقل الإشارات الضوئية. لا تزال الأبحاث حتى الآن جارية لتطوير إستخدامات الألياف الضوئية وتتركز هذه الأبحاث في مجالي الإتصالات والحساسات. وسيوضح هذا المقال فكرة عامة عن حساسات الألياف الضوئية.
تمتلك حساسات الألياف الضوئية العديد من الخصائص الإيجابية ومنها: (1) إمكانية تخفيف وزنها وتصغير حجمها. (2) قلة إستهلاكها للطاقة. (3) مقاومتها للتدخل الكهرومغناطيسي. (4) حساسيتها العالية.
بالرغم من ذلك فإن لها بعض السلبيات منها: (1) تكلفتها الباهظة. (2) عدم إعتياد المستخدمين عليها.
النظريات الرئيسية:
تنقسم حساسات الألياف الضوئية إلى قسمين رئيسيين:
(1) خارجي التوليد (Extrinsic).
(2) ذاتي التوليد (Intrinsic).
القسم الأول (خارجي التوليد): تتوصل فيه الألياف البصرية إلى صندوق يسمى بالصندوق الأسود (Black Box) الذي يتم فيه إدخال البيانات على شكل ضوء إستجابةً للتأثيرات البيئية مثل الحرارة والضغط. كما أنه يمكن إدخال البيانات الى الضوء على شكل إهتزاز، أو كثافة، أو طور أو غيرها من الطرق.
القسم الثاني (ذاتي التوليد): في هذا النوع يتم إدخال بيانات التأثيرات البيئية إلى الضوء في نفس الوقت الذي يعبر فيه الضوء داخل الألياف الضوئية.
الأمثلة:
ومن الأمثلة على حساسات الألياف الضوئية :
- حساس الإغلاق والإهتزاز (Closure and Vibration Fiber Optic Sensor) : يحتوي هذا الحساس على ليفين ضوئيين تكون نهايتهما متقابلتين ومتقاربتين، بحيث يدخل الضوء في أحد الليفين وعندما يخرج في نهايته يتوسع الضوء على شكل مخروطي، و بناءً على كمية و زاوية الضوء الملتقطة في بداية الليف الثاني تقاس المسافة بين نهايتي الليفين. يستخدم هذا الحساس عادةً للتأكد من إغلاق الباب أو فتحه، و قياس الإهتزازت أيضاً.
- الحساس المعتمد على الكثافة (intensity-based Fiber Optic Sensor) : يحتوي هذا الحساس على ليف ضوئي ينتقل فيه الضوء حتى يصل إلى نهايته المتمثلة على شكل زاوية منحرفة مرفقة بمرآة، إذا كان الوسط المحيط بالنهاية المنحرفة ذو كثافة منخفضة بشكل كافٍ فإن الضوء سينعكس كلياً إلى الخلف، أما إذا كانت كثافة الوسط المحيط عالية فإن جزءاً من الضوء سينفذ إلى خارج الليف واعتماداً على نسبة نفاذ او إنعكاس الضوء يتم قياس الكثافة. قد يستخدم هذا الحساس لقياس مستوى ارتفاع السوائل.
- الحساس المعتمد على الطيف (Spectrally Based Fiber Optic Sensor) :
- حساس الجسم الأسود (Blackbody): يوضع الجسم الأسود في نهاية الليف الضوئي، وعندما ترتفع درجة حرارة الجسم الأسود يبدأ بالتوهج ويتحول إلى مصدر ضوئي فيدخل الضوء في طرف الليف حتى يصل إلى جهاز الكشف عند الطرف الآخر ليقيس درجة الحرارة بناءً على كمية الضوء. علماً أن نسبة التوهج تزداد بازدياد درجة الحرارة، ويكون الحساس أكثر دقة عندما تكون درجة الحرارة أكثر من 300 درجة مئوية.
- حساس الغاليوم (Gallium Arsenide): يستخدم هذا الحساس خاصية إمتصاص الضوء. يحتوي الحساس على ليفين ضوئيين مع مادة GaAs في نهاية أحدهما وبداية الآخر، وتعمد مادة GaAs على إمتصاص الضوء بحيث يكون الضغط أو الحرارة أحد العوامل المؤثرة على كمية الضوء الممتصة، حيث تمتص مادة GaAs الضوء من الليف الأول (الضوء الداخل) وبناءً على كمية الضوء الخارجة في الليف الثاني يتم قياس كمية الحرارة أو الضغط.
- الحساسات المعتمدة على التداخل (Interferometeric Fiber Optic):
- حساس (Sagnac): يُستخدم هذا الحساس أحياناً لقياس الإهتزاز الصوتي، والضغط السطحي ولكن أهمها هو قياس زاوية الدوران والذي يُستخدم في البوصلة الكهربية، حيث تحتوي هذه البوصلة على مصدر ضوئي يزود الألياف الضوئية بالضوء فيبعثه إلى المستقطب (Polarizer) الذي يقوم بدوره على تنظيم إرسال و استقبال الضوء، ثم يُبعث الضوء من المستقطب إلى الألياف اللولبية (Coil) التي تحتوي على جهاز التعديل والذي يقوم بتوليد ثغرات زمنية بين الموجات، ثم تعود إلى المستقطب الذي يرسلها لجهاز الكشف والذي بدوره يقيس زاوية الدوران. في حال دوران الألياف الضوئية باتجاه عقارب الساعة تزداد سرعة إنتقال الضوء داخل الألياف اللولبية، وتقل السرعة في حال الدوران عكس عقارب الساعة.
- حساس: (Mach-Zehnder) يحتوي على مصدر ضوئي والذي يقوم بدوره بإرسال الضوء إلى ليفين ضوئيين متصلين بمحولي طاقة، حيث يكون أحدهما معزولاً عن التأثيرات الخارجية والآخر يكون مهيئاً لإستقبال التأثيرات المحيطة، ثم يتجه الضوء الخارج من المحولين إلى جهاز الكشف الذي يتم فيه مقارنة خصائص الضوئين لقياس الكمية الفيزيائية المطلوبة ( حرارة، ضغط، إلخ.. ).
- حساس (Michelson): هذا الحساس مشابه إلى حد كبير للحساس السابق، إنما يختلف في إحتوائه على مرآة في نهاية كلٍ من محولي الطاقة، والتي تعمل على إرجاع الضوء إلى جهاز الكشف.
- حساس (Sagnac): يُستخدم هذا الحساس أحياناً لقياس الإهتزاز الصوتي، والضغط السطحي ولكن أهمها هو قياس زاوية الدوران والذي يُستخدم في البوصلة الكهربية، حيث تحتوي هذه البوصلة على مصدر ضوئي يزود الألياف الضوئية بالضوء فيبعثه إلى المستقطب (Polarizer) الذي يقوم بدوره على تنظيم إرسال و استقبال الضوء، ثم يُبعث الضوء من المستقطب إلى الألياف اللولبية (Coil) التي تحتوي على جهاز التعديل والذي يقوم بتوليد ثغرات زمنية بين الموجات، ثم تعود إلى المستقطب الذي يرسلها لجهاز الكشف والذي بدوره يقيس زاوية الدوران. في حال دوران الألياف الضوئية باتجاه عقارب الساعة تزداد سرعة إنتقال الضوء داخل الألياف اللولبية، وتقل السرعة في حال الدوران عكس عقارب الساعة.
بالرغم من تعدد الحساسات وكثرتها إلا أننا نستطيع دعمها بليف ضوئي واحد باستخدام طريقة تقسيم الوقت (Time division)، حيث يتم توظيف مصدر النبض الضوئي (Pulsed Light) لتوليد نبضات ضوئية داخل الألياف، ويتم تحليل مدة التأخير في تلقي الضوء للتمييز بين الحساسات المختلفة. عادةً ما تستخدم هذه التقنية لتوزيع عدد مختلف من الحساسات لقياس عدد مختلف من الخصائص الفيزيائية كالحرارة والضغط وغيرها. كما أن هنالك طرق أخرى مثل تقسيم الإهتزاز، والطول الموجي، والإستقطاب.
الخاتمة:
لحساسات الألياف الضوئية العديد من التطبيقات المتنوعة التي تهدف إما (1) لإستبدال الحساسات التقليدية ومن أكثر الأمثلة شيوعاً هو إستبدال البوصلة الميكانيكية بالبوصلة الكهربية (المذكورة سابقاً)، (2) أو لإبتكار تقنيات جديدة تلائم إحتياجات السوق.
عادةً ما تستبدل الحساسات التقليدية بحساسات الألياف الضوئية في الأماكن التي يكون فيها الشحن الكهربائي خطير، وبالرغم من إتساع أفق إستخدام الألياف الضوئية في العديد من المجالات إلا أنها لا تستخدم في بعض المجالات بسبب غلاء سعرها.
لا تزال الأبحاث مستمرة لتطوير الألياف الضوئية ، وتوسيع مدار الحساسات ، وابتكار أنواع وتقنيات جديدة تلبي إحتياجات المستخدمين. وسنتعرف على بعض التطبيقات العملية في مقالات قادمة.
المراجع:
-
Francis T.S.Yu, Shizhuo Yin, Fiber Optic sensors, New York 2002.
-
Udd, ed., Fiber Optic Sensors: An Introduction for Engineers and Scientists, Wiley, New York, 1991.
-
K. Yao and C. K. Asawa, Fiber optical intensity sensors, IEEE J. Sel. Areas in Communication, SAC-1,3, 1983
-
F. Li and J. W. Lit, Temperature effects of a multimode biconical fiber coupler, Appl. Opt., 25, p. 1765, 1986.
-
Udd and P. M. Turek, Single mode fiber optic vibration sensor, Proc. SPIE,566, p. 135, 1985.