تشير أبحاث التوحد الجديدة على خلايا عصبية مفردة إلى وجود مشاكل في دوائر الدماغ
New autism research on single neurons suggests signaling problems in brain circuits
بقلم ديمتري فيلميشيف ، جامعة كاليفورنيا ، سان فرانسيسكو
ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
مراجعة: الدكتورة أمل حسين العوامي ، إستشارية طب نمو وسلوك الأطفال
يؤثر التوحد على ٢٪ على الأقل من الأطفال في الولايات المتحدة – أي حوالي ١ في ٥٩ طفلاً (١). وهذا يمثل تحديا لكل من لديهم هذا الإضطراب وأولياء أمورهم أو مقدمي الرعاية لهم. والأسوأ من ذلك هو أنه لا توجد اليوم أدوية تعالج الأعراض الرئيسية لإضطراب التوحد. هذا إلى حد كبير لأننا ما زلنا لا نعرف تمامًا كيف يتطور التوحد ويغير وظائف الدماغ الطبيعية. أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل من الصعب فك رموز العمليات التي تسبب الإضطراب هو أنه متغير بدرجة كبيرة. فكيف نفهم كيف يغير التوحد الدماغ؟
باستخدام تقنية جديدة تسمى تسلسل الحمض النووي الريبوزي أحادي النواة ، قمنا بتحليل الكيمياء داخل خلايا دماغية محددة من أشخاص أصحاء واخرين لديهم توحد وحددنا إختلافات مثيرة قد تسبب هذا الإضطراب (٢). يمكن أن توفر هذه الإختلافات الخاصة بالتوحد أهدافًا جديدة قيّمة لتطوير دواء له.
أنا باحث أعصاب في مختبر أرنولد كريغشتاين ، باحث في تطور الدماغ البشري بجامعة كاليفورنيا ، سان فرانسيسكو (٣). منذ أن كنت مراهقاً ، كنت مفتونًا بالدماغ البشري وأجهزة الكمبيوتر وأوجه التشابه بين الاثنين. يعمل الكمبيوتر عن طريق توجيه تدفق المعلومات من خلال عناصر إلكترونية مترابطة تسمى الترانزستورات. إن ربط العديد من هذه العناصر الصغيرة معًا يؤدي إلى إنشاء جهاز معقد قادر على القيام بوظائف من القيام بعملية دفع بطاقة الإئتمان إلى توجيه سفينة صواريخ تلقائيًا. على الرغم من أنه إفراط في التبسيط ، إلا أن الدماغ البشري ، في كثير من النواحي ، مثل الكمبيوتر، لديه خلايا مترابطة تسمى الخلايا العصبية التي تقوم بتدفق للمعلومات بشكل مباشر – وهي عملية تسمى الإرسال المشبكي transmission synaptic أي خلية عصبية ترسل إشارة إلى الأخرى.
عندما بدأت في ممارسة العلوم مهنياً ، أدركت أن العديد من أمراض الدماغ البشري ترجع إلى أنواع معينة من خلل في الخلايا العصبية ، تمامًا مثلما يحدث عطل في الترانزستور الموجود على اللوحة الإكترونية إما لأنها لم تصنع بشكل صحيح أو بسبب التلف والإستهلاك.
رسائل الحمض النووي لريبوزي في الخلية تقوم بالوظيفة
تتكون كل خلية في أي كائن حي من نفس أنواع الجزيئات البيولوجية. جزيئات تسمى بالبروتينات تقوم بتخليق الهياكل الخليوية ، وتحفز التفاعلات الكيميائية وتؤدي وظائف أخرى داخل الخلية.
يتكون نوعان من الجزيئات ذات الصلة – الحمض النووي والحمض النووي الريبوزي (RNA) – من سلاسل مكونة من أربعة عناصر أساسية فقط وتستخدمها الخلية لتخزين المعلومات. يستخدم الحمض النووي لتخزين المعلومات الوراثية على المدى الطويل. الحمض النووي الريبوزي (RNA) عبارة عن رسالة قصيرة العمر تشير إلى مدى نشاط الجين وكمية البروتين الذي تحتاج الخلية إلى إنتاجه. عن طريق حساب عدد جزيئات الحمض النووي الريبوزي التي تحمل نفس الرسالة ، يمكن للباحثين الحصول على نظرة ثاقبة في العمليات التي تحدث داخل الخلية.
عندما يتعلق الأمر بالدماغ ، يستطيع الباحثون قياس الحمض النووي لريبوزي داخل الخلايا الفردية ، وتحديد نوع خلية الدماغ وتحليل الصيرورات المنهجية processes التي تحدث داخلها – على سبيل المثال ، الإنتقال المشبكي synaptic transmission. عند مقارنة تحليلات الحمض النووي الريبوزي لخلايا الدماغ من أشخاص أصحاء لم يشخصوا بأي مرض في الدماغ مع تلك التي أجريت مع من لديهم توحد ، يمكن للباحثين مثلي معرفة أي العمليات processes المختلفة التي تجري في أي من الخلايا.
حتى وقت قريب ، لم يكن من الممكن قياس جميع جزيئات الحمض النووي الريبوزي في نفس الوقت وفي خلية واحدة. يتمكن* الباحثون الآن من إجراء هذه التحليلات من مجرد جزء من نسيج الدماغ التي تحتوي على ملايين الخلايا المختلفة. ومما يزيد هذه التجارب تعقيدا أن هذه العينات لا يمكن جمعها إلا بعد موت الأشخاص.
تقنية جديدة تحدد الخلايا العصبية المتأثرة بالتوحد
ومع ذلك ، فإن التطورات الحديثة في التكنولوجيا سمحت لفريقنا بقياس الحمض النووي الريبوزي الموجود في نواة خلية دماغية واحدة. تحتوي نواة الخلية على الجينوم ، وكذلك جزيئات الحمض النووي الريبوزي التي تم تخليقها حديثًا. تبقى هذه البنية سليمة بعد موت الخلية ، وبالتالي يمكن عزلها عن أنسجة الدماغ الميتة (وتسمى أيضًا بعد الوفاة – تشريح). من خلال تحليل نواة خلوية مفردة من دماغ ما بعد الوفاة من أشخاص لديهم توحد ومن ليس لديهم توحد ، قمنا بتوصيف الحمض النووي الريبوزي (RNA) ضمن مائة ألف خلية دماغية مفردة للعديد من هؤلاء الأشخاص.
بمقارنة الحمض النووي الريبوزي في أنواع معينة من خلايا الدماغ بين أشخاص لديهم توحد و بين من ليس لديهم توحد ، وجدنا أن بعض أنواع الخلايا المحددة altered متغيرة أكثر من غيرها في أشخاص التوحد.
على وجه الخصوص ، وجدنا أن بعض الخلايا العصبية (٢) التي تسمى الخلايا العصبية القشرية ذات الطبقة العليا upper-layer cortical neurons التي تتبادل المعلومات بين مناطق مختلفة من القشرة المخية لها عدد غير طبيعي من بروتينات الـ RNA المشفرة الموجودة عند المشبك – وهي نقاط تماس بين الخلايا العصبية حيث تنتقل الإشارات من عصب خلية واحدة إلى أخرى. هذه التغييرات تم اكتشافها في مناطق القشرة والتي هي حيوية للوظائف الإدراكية العليا ، كالتفاعلات الإجتماعية
يشير هذا إلى أن المشابك العصبية في هذه الخلايا العصبية في الطبقة العليا تعاني من خلل ، مما يؤدي إلى تغييرات في وظائف الدماغ. في دراستنا ، بينا أن خلايا الطبقة العليا العصبية لديها كميات مختلفة جدا من الحمض النووي الريبوزي المعين بالمقارنة مع الخلايا نفسها في الأشخاص الأصحاء. إن هذا صحيح بشكل خاص في الأشخاص ذوي التوحد الذين لديهم أعراض شديدة ، كعدم القدرة على الكلام.
الخلايا الدبقية Glia تتأثر أيضًا في التوحد
بالإضافة إلى الخلايا العصبية المسؤولة مباشرةً عن التواصل المشبكي synaptic communication ، فقد رأينا أيضًا تغييرات في الحمض النووي الريبوزي للخلايا غير العصبية الأخرى – والتي تسمى الخلايا الدبقية. تلعب الخلايا العصبية الدبقية أدوارًا مهمة في تنظيم سلوك الخلايا العصبية ، بما في ذلك كيف ترسل وتستقبل الرسائل عبر المشبك. وهذه الخلايا الدبقية قد تلعب أيضا دورا هاما في التسبب في التوحد.
إذن ماذا تعني هذه النتائج للعلاج الطبي للتوحد ؟
من هذه النتائج ، أدركت أنا وزملائي أن الأجزاء من الخلايا العصبية من الطبقة العليا في الدماغ و المسؤولة عن آلية التشابك والتي تعتبر ضرورية لإرسال الإشارات ونقل المعلومات بين خلايا الدماغ قد تكون معطلة في العديد من الأشخاص الذين لديهم توحد ، مما يؤدي إلى وظائف غير طبيعية في الدماغ.
إذا استطعنا إصلاح هذه الأجزاء ، أو الضبط الدقيق لوظيفة الخلايا العصبية إلى حالة شبه طبيعية ، فقد يؤدي ذلك الى تخفيف كبير لأعراض من لديهم توحد. هناك دراسات جارية لتقديم الأدوية والعلاج الجيني لأنواع محددة من الخلايا في الدماغ ، ويعتقد كثير من الباحثين ومن بينهم أنا أن مثل هذه الأساليب ستكون ضرورية في علاج التوحد في المستقبل.
مصادر من داخل النص:
١-https://www.cdc.gov/mmwr/volumes/67/ss/ss6706a1.htm?s_cid=ss6706a1_w
٢-https://science.sciencemag.org/content/364/6441/685
٣-https://kriegsteinlab.ucsf.edu/
المصذر الرئيسي:
https://theconversation.com/new-autism-research-on-single-neurons-suggests-signaling-problems-in-brain-circuits-117074?utm_medium=email&utm_campaign=Latest%20from%20The%20Conversation%20for%20May%2020%202019%20-%201314412270&utm_content=Latest%20from%20The%20Conversation%20for%20May%2020%202019%20-%201314412270+Version+A+CID_91af5ae99ed345cbccd0a5a2c64e1735&utm_source=campaign_monitor_us&utm_term=New%20autism%20research%20on%20single%20neurons%20suggests%20signaling%20problem