اثناء اللقاءات أو الجولات السياحية بمحافظة القطيف ، دائما ما يُثار نقاش حول مُخرجات أساتذة البناء القدامى: هل هو بناء يستند الى تخطيط وهندسة أم هو عفوي لمجرد الإسكان.
فمن البديهي لايمكن مناقشة هكذا مواضيع بالتفصيل أثناء الجولات السياحية ، وإنما بالموجز وعادة يُنهى الحوار بطريقة بسيطة وهادئة.
فهل تفاصيل البناء التقليدي من قبل الأساتذة والمعماريون و”البنائين” قديماً حاضرة؟ ، أم أن هناك عدم ادراك وفهم واستيعاب لهذه التفاصيل؟ ، هل هم فقط يقومون بالبناء والتعمير ويشيدون بناء متوارث عفوي؟ ، أم هناك أبعاد ومقاصد أخرى لهذا التنوع من البناء؟
وللتوضيح والاستفادة سأشير لبعض النقاط التي لها علاقة مباشرة بالأساتذة (البنائين) والتخطيط وهندسة المباني ، ومن الأسباب المهمة التي جعلت من الأساتذة يمتلكون هذا التفصيل المعماري الدقيق والذي يدل على وجود وعي ومهارة وإدراك ، الرحلات التجارية القديمة التي كان لها تأثير عميق ومباشر على تطور البلدان ونقل الحضارات ، ويمكن تلخيص تأثيرها في النقاط التالية:
1. التبادل التجاري:
الرحلات التجارية سمحت بتبادل ونقل البضائع التي لم تكن متوفرة، مثل التوابل من الهند، والبخور من عمان وزنجبار واليمن، والحرير من الصين، مما ساهم في تحسين الاقتصاد المحلي للدول التي شاركت في هذه التجارة ، هذا التبادل التجاري أدى إلى ظهور طرق تجارية مشهورة مثل طريق الحرير وطريق البخور، مما ساعد على ربط مناطق بعيدة إجتماعيا ومهنياً ، وجغرافيًا واقتصاديًا.
2. نقل المعارف والتقنيات: التجار ، والطواشين ، والبحارة كانوا يحملون معهم معارفهم وتقنياتهم من مناطقهم الأصلية، مثل طرق الصيد ، والزراعة ، وأدوات الملاحة، وأساليب البناء ، مثلاً، العرب نقلوا علوم الفلك والملاحة إلى أوروبا من خلال احتكاكهم الحضاري أثناء الرحلات التجارية.
3. انتشار الثقافات والأديان:
إقامة التجار في المناطق البعيدة مثل الهند وفارس واليمن والصين ، أدى إلى تبادل العادات والتقاليد والمهن والحرف والثقافات ، كما ساهمت هذه الاحتكاكات في انتشار الأديان ، على سبيل المثال، انتشر الإسلام عبر التجار إلى مناطق جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا.
4. تطور المدن والموانئ:
المدن الساحلية والموانئ على طول الطرق التجارية أصبحت مراكز حضارية كبيرة نتيجة لازدهار التجارة ،هذه المدن جذبت فنانين وعلماء وحرفيين، مما ساهم في تطورها ثقافيًا وعمرانيًا.
5. التأثيرات الاجتماعية:
وجود التجار والبحارة في مناطق بعيدة واقامتهم فيها ،خلق مجتمعات مختلطة ومتعددة الثقافات، مما ساهم في تعزيز التفاهم بين الشعوب ونقل الأفكار ، على سبيل المثال، المدن اليمنية مثل عدن كانت محطة مهمة للبحارة والتجار من الهند وفارس، والعكس صحيح ، مما خلق بيئة حضارية مزدهرة.
6. نقل الابتكارات واللغة:
كانت اللغة واحدة من أهم الأدوات التي انتقلت بين الشعوب ، اللغة العربية، على سبيل المثال، انتشرت كلغة تجارية وعلمية بسبب الرحلات التجارية ، الابتكارات مثل تحسين أدوات الملاحة، ونقل تقنيات الزراعة والري، انتقلت عبر هذه الرحلات وأسهمت في تطور المناطق الأخرى ،،،
ومن هذه الأسباب نلخص الحديث على أن إقامة التجار والبحارة في المناطق البعيدة لم تكن مجرد إقامة عابرة بل كانت جسرًا بين الحضارات، ساهمت في بناء مجتمعات جديدة ونقل المهارات ، والأدوات ، والأفكار والمعارف والسلع، مما أدى إلى تطور الحضارات وخلق ترابط عالمي بينهم ،،،
بالتالي، يمكن القول إن إقامة التجار والبحارة في مناطق بعيدة لم تكن مجرد نشاط اقتصادي، بل كانت جسرًا حضاريًا أثرى البشرية وأسهم في تطور الحضارات وخاصة العمارة بشكل متكامل.
الاستاذ والفنان المبدع القدير أ. إسماعيل هجلس غني عن التعريف هو شمس مشرقة في سماء القطيف الحبيبة بعطائة وروحة وعفوية والصفات التي يعجز اللسان عن ذكرها والتي تجسد روح الرجل القطيفي، وهذه هو ديدنة في كل ميادينة يعمل على تثبيت هذا التراث الذي ورثناه من آبانا من الرسم التشكيلي وغيرها في كتبة القيمة التي تأصل هذه الإرث الذي كاد ان يندثر فأحياه بروحة الجميلة،،، واصل ابداعك أيها الرجل القطيفي الأصيل هده العطاء، فعمينك لن ينضب وسيتذاكرة الأجيال وسيبقى اسمك مخلد ف تلك الصفحات علم من إعلانها كانخيلها الباسقات،،، دمت موفق لكل خير.