عين ياسين – بقلم أحمد بن جواد السويكت

سميت عين ياسين بهذا الاسم نسبة إلى النخل العائد إلى عائلة آل ياسين(1) من أهالي بَلْدة الدبَّابيّة، وذلك بعد ضعف ماء “عين القشورية” الواقعة ببلدة الجارودية قامت عائلة آل ياسين بحفر عين ارتوازية في نخلها المسمى بـ “الهوميلية” فسميت العين بإسم العائلة “عين ياسين”.

(من اليمين) الحاجّ عبد الله بن ياسين بن قنبر آل ياسين “أبو ياسين” صاحب نخل الهوميلية الواقعة في سَّيحة الدبَّابيَّة (ومن اليسار) ابنه الحاجّ ياسين “أبو ميزرا” – رحمهما الله –
الوثيقة الأولى مؤرخة في 11/ 3/ 1305هـ الخاصة بالنخل المسمى (الهوميلية) ملك عائلة آل ياسين
الوثيقة الثانية مؤرخة في 22/3/1322هـ الخاصة بنخل الهوميلية ملك عائلة آل ياسين.

وتعتبر عين ياسين إحدى العيون الارتوازية القديمة في محافظة القطيف، والتي تقع في وسط منطقة زراعية في بستان نخل آل ياسين المعروف باسم “الهوميلية” من الجهة الغربية الجنوبية لمحافظة مدينة القطيف التابعة لسَّيحة الدبَّابيَّة(2) والتي تبعد كيلو متر عن عين الصَبَخَة ومسجد الهدارة والذي يعرف حاليًا باسم “مسجد الزهراء” والذي يعتبر من المساجد القديمة في تلك المنطقة الزراعية.

عين ياسين بين النخيل في منتصف الثمانينات القرن الماضي الهجري أي قبل 60 عاماً

ويكثر توافد الشباب للسباحة والاستجمام في عين ياسين خلال أيام ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف لما لها من ميزة خاصة بمائها البارد مما يزيدهم من الشعور بالنشاط والحيوية. ولذا أطلق البعض عليها باسم “العين الباردة” ، كما أن العرسان يرتادوها في أيام الزواج، حيث جرت العادة في الماضي وفي جميع أنحاء مدينة القطيف وقراها أن يقوم العريس مع مجموعة من أصدقائه وأقاربه بالاستحمام معا في إحدى العيون خارج بلدتهم في عصر يوم الزواج.

عين ياسين في أيامها الجميلة وكنا نسبح فيها منذ الصغر (من أرشيف الحاجّ عبد الله ياسين آل ياسين “أبو ياسين”)
أطفال الدَّيرَة يسبحون في عَين ياسين في مائها المتلاطم المتدفق في الماضي الجميل
سد الجعيلي الدبَّابيَّة (شارع المحيط) ، حاليًا شارع الملك فيصل بالقطيف ومقابل “محطة البنزين” والمتجه جنوبًا المؤدي الى مدخل الطريق من نخل باب برني وبستان مخزوم للوصول الى عين ياسين.
مدخل أحد النخيل بالقرب من مسجد الهدارة على الطريق عين ياسين في منتصف الثمانينات القرن الهجري الماضي.
طريق بساتين النخيل المؤدي الى عين ياسين في وقتنا الحاضر (تصوير كاتب المقال عام 1446هـ).
طريق بساتين النخيل المؤدي الى عين ياسين في وقتنا الحاضر (تصوير كاتب المقال عام 1446هـ).

وصف العين

هي عبارة عن عين ارتوازية مفتوحة معرضة للهواء الطلق “غير مسقوفة” والتي تقع في الجهة الغربية الجنوبية ومبنية من الحجارة والطين وتقع ضمن حدود نخل الهوميلية، وتم فصلها بجدار أو بالسياج المعروف بـ “الحظار” المكون من الجريد وسعف النخيل وبقي منبع العين من الداخل خلف الحظار ، وتتكون من عين رئيسية على شكل مربعة وبركة “دجه الماي”.

وقد سورت هذه العين برصيف على شكل مربع قطره لا يتجاوز المتر والنصف متر وتقدر مساحتها الإجمالية بـ (16) متر مربع تقريبًا، كما تحتوي على بركة “دجة الماي” ملاصقة للعين نفسها وتقدر مساحتها الإجمالي [2م في 1,5م] متر مربع ومنها يتكون مجرى مياهها الرئيسي الذي يخرج من العين ثم يتفرع إلى ثلاث سابات ” قنوات” وهي (الجنوبي – الشرقي – الغربي) والتي بواسطتها تسقي بستاتين النخيل والمزارع المحيطة أو القريبة منها ، وتعتبر بمثابة الأورِدةٌ والشرايين لها ، وهي في الأساس قد بنيت لهذا الغرض لري النخيل والبساتين المجاورة لها، وأيضًا يقصدها المزارعون وبعض الأهالي لغرض السباحة والاستجمام فيها.

عين ياسين مسورة بشكل مربع
الشباب يسبحون في عين ياسين في مائها المتلاطم المتدفق في الماضي الجميل.

تسوير عين ياسين بـ الواح الشينكو في أيامها الأخيرة.

أسماء النخيل التي تسقى منها عين ياسين

لقد غطت عين ياسين مياهها الكثير من بستاتين النخيل وعدداً من المزارع المجاورة لها والعائدة إلى بعض العوائل من مدينة القطيف والتي تسقي منها العين بشكل مباشرٍ(3) وهي:

من جهة الجنوب

نخل العمارة الغربية ونخل العمارة الوقف ونخل الدوارة ونخيل (الزريقانيات) ونخل باب الفيد ونخل سهم ناصر ونخيل العمارة ونخل العمارة الجنوبي ونخل الجماحي ونخل الدوارة ونخل شطيب المخزوم.

من جهة الشرق

نخل الهدارة رقم 1 ونخل الهدارة رقم 2 ونخل باب برني ونخل باب اللوز ونخل باب أوسط ونخل الصبخة ونخل أبو شليبي.

من جهة الغرب

نخل الهوميلية آل ياسين، وأما باقي النخيل التي تقع في نفس الجهة الغربية فهي تسقى من عين الصبّاغي مثل: (نخل الهوميلية العودة والصبخة والمقته والصَبَخَة الخويلدية وغيرها من النخيل)(4).

يظهر في الصورة الساب “الضلع” المجرى المائي لعين ياسين الذي يسقي بستاتين النخيل والمزارع المجاورة لها التي يعتبر بمثابة الأورِدةٌ والشرايين لها.

ردم عين ياسين

مع اختفاء معالم أغلب العيون في محافظة القطيف، وخاصةً الداخلة ضمن النطاق العمراني، ومنها عين ياسين والتي جفت مياهها ، بعدها تم ردمها بشكل نهائي في عام 1420هـ تقريبًا.

تسوير عين ياسين بألواح شينكو في أيامها الأخيرة.
موقع عين ياسين في الزاوية بين البيت الذي تحت الإنشاء والمستودع وقد محيت آثارها ولم يبقي منها شيء سوى اسمها وذكرى موقعها.

وشكر خاص الى أخينا العزيز الحاجّ /عبد الله ياسين آل ياسين “أبو ياسين” الذي زودنا بالمعلومات والوثائق عن عين ياسين.

ـــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش: –

(1) عائلة آل ياسين من العوائل العريقة والمعروفة في بلدة الدبَّابيَّة منهم: – الحاجّ ياسين عبد الله آل ياسين “أبو ميزرا” والحاجّ عبد المحسن “عبد الحسين” علي آل ياسين “أبو محمد” والحاجّ عبد الله بن عبد الله آل ياسين”أبو جهاد”.

وقد عمل الحاجّ حسن بن حبيب محمد السويكت في بستاتين النخيل مع عائلة آل ياسين، كما أن العلّامة الشيخ علي بن مكي السويكت المتوفى سنة 1352هـ له علاقة خاصة بجدهم الأكبر الحاجّ ياسين خلف ابن المرحوم قنبر آل ياسين – رحهما الله -.

(2) في الوثيقة الأولى المؤرخة في 11/ 3/ 1305هـ ومحتواها (جميع النخل المعلوم بينهما المسمى بالهوميلية الكائن بسَّيحة الدبَّابيَّة من ساير أعمال القطيف حرسها الله تعالى المحدود غربًا بهوميلية آل بيات وشمالاً كذلك وشرقًا. ببناء… يوسف منتهياً إلى هدارة بن فخر وجنوبًا ببابان بن …..).

وأما الوثيقة الثانية المؤرخة في 12/3/1322هـ ومحتواها (النخل المعلوم بينهما المسمى بالهويملية الكائن في سَّيحة الدبَّابيَّة من القطيف المحروسة المحدود غربًا بهوميلية ابن بيات وشمالا بزاملية الحاجّ إسماعيل وشرقًا بهدارة المدبرة وجنوبًا بالطريق بجميع….  الخ). وهذه الوثيقة بخط يد وختم العالم الشيخ علي بن مكي السويكت المتوفى سنة 1352هـ وبشهادة كلا من: الإمام الشيخ محمد بن ناصر آل نمر المتوفي سنة 1348هـ، والإمام الشيخ حسن علي البدر المتوفي سنة 1334هـ والعالم الشيخ حسن بن ناصر آل نمر المتوفي سنة 1327هـ والحاجّ رضوان علي آل عجيان المتوفي سنة 1352هـ.

(3) كانت هذه النخيل في السابق تسقى من “عين القشورية” الواقعة ببلدة الجارودية وبعد أن ضعف مائها، قامت عائلة آل ياسين من أهالي بلدة الدبَّابيَّة بحفر عين ارتوازية في نخلها المسمى بـ “الهوميلية” والذي سمي باسمها.

(4) المصدر: الحاج عبد الكريم أحمد علي السويكت “أبو عبد العظيم” والحاجّ علي عبدلله آل جساس “أبو عيسى” والحاجّ علي أحمد علي السويكت “أبو محمد”.

5 تعليقات

  1. السيد زكي علوي المشقاب

    جهد جميل ومشكور من اخونا أبو مصطفى، الله يوفقك إلى الأمام يا ابو مصطفى

  2. إبن العم الغالي يسعد الله مساك بكل خير وسعادة….
    معلومات تراثية من واقع الماضي الجميل
    تنقل معلوماتنا التاريخية من عنوان إلى عنوان أجمل….
    وتسرح بفكرنا إلى الحنين الماضي الجميل
    وتجعلنا بأناملك الراقية
    ننتظر العنوان القادم…
    فأنت الكريم إبن الكرام
    جد علينا بما وفقت له
    فجزاك عنا خير الجزاء وبارك على في َمدادك
    بحق محمد وال محمد الطيبين الطاهرين

  3. السيد هاشم بن السيد محمد الماجد النجار

    بارك الله فيك اي ابو مصطفى.

    رددت لي الذكريات. اذكر اننا كنا نفضل عين الصباغي على عين ياسين وخاصة وقت البرد لان الصباغي مسقوفة ودافئة.. كذلك كون الطريق الي عين ياسين مخيف بعض الشيء بينما طريق الصباغي مطروق وواسع (شرح).

    الله يرحم تلك الأيام ويديم عليك الصحة والعافية ونقرأ لك المزيد.

  4. أحسنتم كثيراً أبا مصطفى..
    جهود مباركة تضيء على ذكريات من الماضي الجميل، وتحفظه للأجيال..

  5. منصور الصلبوخ

    اليوم يتطرق باحثنا الأستاذ أحمد بن جواد السويكت لأثر تاريخي آخر ضمن سلسلة بحوثه التاريخية لمنطقة القطيف، يلقي الضوء على إحدى عيون القطيف الارتوازية، وهي عين ياسين .. العين التي لم يكتب عنها من قبل، فشكرًا للباحث أبا مصطفى لجهوده المميزة في جمع المعلومات والوثائق والصور وعرضها على القراء الأعزاء. لقد فتح لنا صفحة من صفحات ماضينا الجميل، عين ياسين من العيون الارتوازية المشهورة والتي لعبت دورًا حيويًا لسكان القطيف، حيث جذبت روادها للاستحمام ولقضاء أوقات ممتعة ولا سيما في فصل الصيف لبرودة مائها. محاطة ببساتين النخيل والمزارع من كل جانب، وسقت مساحة شاسعة من الأراضي الزراعية، لا زالت معالمها القديمة في الذاكرة. حيث تعتبر عين ياسين مع المسجد المجاور لها محطة استراحة للطلاب أيام الامتحانات، فقد اعتاد كثير من أبناء المنطقة وأنا منهم عندما كنت يافعًا ثم شابًا بالمذاكرة ومراجعة الدروس في أجواء عين ياسين، التي تتميز بالهدوء والسكينة، والهواء المنعش العليل، وتحت ظلال النخيل الباردة، والمياه الجارية، والطبيعة الفاتنة .. يعتصرني الشوق إلى تلك الأيام، لا شيء عندي يقارن بذلك الزمن، الذي تركنا ومضى !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *