لصاقات الفيتامينات، هبّة جديدة في طرق التناول [لكن هل هي فعالة وآمنة حقاً؟] – بقلم الصيدلي غسان علي بوخمسين*

في عام 1979 ظهرت أول لصاقة للجلد في الأسواق، وكانت عبارة عن لصاقة السكوبولامين (scopolamine) لعلاج دوار البحر.

منذ ذلك الحين، لاقت اللصاقات الجلدية انتشاراً واسعاً باعتبارها وسيلة لإيصال العديد من المواد إلى الجسم عبر الجلد، بما في ذلك النيكوتين (nicotine) لمن يحاول الإقلاع عن التدخين، أو الهرمونات (estrogen) لمنع الحمل أو علاج أعراض انقطاع الطمث، أو حتى مواد للمساعدة على النوم وعلاج (الصداع) وغيرها الكثير. ولكن ماذا عن الفيتامينات؟ فالأشخاص الذين لايحبون تناول الحبوب بانتظام او لايحبون وخز الإبر، فقد تبدو هذه اللصاقات بديلاً جيداً، لكن هل هي فعالة حقاً؟ والأهم من ذلك هل تعد آمنة؟

عينة من بعض الأدوية المعروفة التي تستخدم كلصاقات لعلاج أمراض وحالات صحية مختلفة.

ما هي لصاقات الفيتامينات؟ وكيف يمكن استخدامها؟

لصاقات الفيتامين، هي لصاقات يمكن وضعها على الجلد الجاف والخالي من الشعر مباشرة، مثل الجزء العلوي من الذراع أو الظهر أو البطن، بحيث تظل في مكانها فترة محددة، عادة من 12 إلى 24 ساعة، حسب التركيبة. جرى تصميم هذه اللصاقات لإيصال إمداد ثابت من الفيتامينات مباشرة إلى مجرى الدم، ما يساعد على تجنّب الارتفاع والهبوط في مستويات الفيتامينات المرافقَين لحالات الحصول على المكملات الغذائية عن طريق الفم.

لصاقات الفيتامينات، هبّة جديدة في طرق التناول. لكن هل هي فعالة وآمنة حقاً؟

كيف تعمل لصاقات الفيتامينات؟

في الحالة العادية، يستخلص الجسم معظم العناصر الغذائية من الطعام أو المكملات الغذائية من الجهاز الهضمي الذي يمررها إلى مجرى الدم، حيث تنتقل معه إلى أماكن عملها أو تخزينها. أما في حالة لصاقات الفيتامينات، فإن الفيتامينات تنتقل إلى مجرى الدم مباشرة بخاصية الانتشار.

تتكون لصاقات الفيتامينات، مثل غيرها من اللصاقات الجلدية، من عدة طبقات تعمل معاً لإيصال المكونات النشطة عبر الجلد. تتضمن هذه الطبقات:

  • طبقة اللاصق: هذه هي الطبقة التي تلتصق بالجلد مدة تصل إلى 12 ساعة، وتمنح الفيتامينات وقتاً لاختراق البشرة.
  • طبقة غشاء التحكم: تتحكم هذه الطبقة في معدل وصول الفيتامينات إلى الجلد، ما يضمن دخول الفيتامينات إلى الجسم تدريجياً.
  • طبقة الخزان: تستخدم لصاقات الفيتامينات تقنية طبقة الخزان، وهي طبقة تحتوي على العناصر الغذائية النشطة أو الفيتامينات. يجري تعليق العناصر الغذائية في هلام أو محلول داخل هذه الطبقة، ما يضمن إطلاقاً ثابتاً ومنضبطاً لها بمرور الوقت.
  • طبقة الدعم: هذه هي الطبقة الخارجية التي تحمي اللصاقة من البيئة الخارجية. غالباً ما تكون مصنوعة من مادة مرنة مثل البولي إيثيلين أو البوليستر لتوفير الدعم الهيكلي والحماية من التلف.
شكل توضيحي مبسط يوضح طبقات اللصاقات والجلد

هل لصاقات الفيتامين فعالة؟

تختلف لصاقات الفيتامينات عن اللصاقات الجلدية الأخرى، مثل لصاقة النيكوتين، في أن اختبارها لم يحدث بعد بدقة، حيث تواجه لصاقات الفيتامين عدداً من الانتقادات، ونقصاً في الأدلة الداعمة لفعاليتها، ومنها:

1- أولى الانتقادات التي تواجهها لصاقات الفيتامين، أن الجلد بطبيعته هو طبقة حماية تعمل باعتبارها حاجزاً بين البيئة الخارجية وأعضاء الجسم وأنسجته، فالجلد يؤدي وظيفة وقائية، ويمنع وصول الأجسام الغريبة والكائنات الحية الدقيقة للجسم. إلا أن بنيته الغنية بالدهون تسمح للمواد القابلة للذوبان في الدهون باختراقه أكثر من المواد القابلة للذوبان في الماء. ونظراً إلى أن الفيتامينات توجد في مجموعتين هما:

  • فيتامينات ذوابة في الدهون، وهي الفيتامينات (ADEK).
  • فيتامينات ذوابة في الماء، وهي الفيتامينات (B ,C).

فإن الجلد غالباً ما يمتص الفيتامينات الذوابة في الدهون أكثر من تلك التي تذوب في الماء, فأنها تحتاج لمزجها بمادة تذوب في الدهون ليجري امتصاصها.

2- ثانياً، كمية الفيتامينات الضئيلة الممكن تحميلها في اللصاقة، فحتى لو تمكنت الفيتامينات من اختراق الجلد، فإنها غالباً ما تكون بكميات غير كافية لتحقيق احتياجات الجسم منها.

3- ثالثاً، حجم جزيئات الفيتامين، حيث إن الجلد يتكون من 7 طبقات، لذا كلما كانت جزيئات المادة أصغر استطاعت اختراق الجلد بعمق أكثر والوصول إلى مجرى الدم، مثل سكوبولامين المضاد للدوار والغثيان ، أي ينبغي أن تكون الفيتامينات على شكل جسيمات نانوية ومغلفة بمادة قابلة للذوبان في الدهون، لتتمكن من اختراق الجلد، وهو ما لم يتم تأكيده حتى الآن.

عموماً، لم تحصل لصاقات الفيتامينات على ترخيص إدارة الغذاء والدواء الأميركية على أنها مكملات غذائية، إذ تشترط تناول المكملات الغذائية عن طريق الفم لتصنيفها على هذا النحو.

هل تصل الفيتامينات من اللصاقات إلى مجرى الدم؟

لتوضيح مدى فعالية لصاقات الفيتامين في إيصال الفيتامينات إلى مجرى الدم، أجرى باحثون في جامعة أيوا دراسة صغيرة على مجموعة من الأشخاص الذين خضعوا لجراحة تحويل مسار المعدة، لأنهم يحتاجون إلى مكملات غذائية بعد العملية، وكشفت النتائج، التي نشرتها دورية جراحة السمنة (Obesity Surgery)، عن نقص في مستوى  فيتامين (D) في الدم بعد عام واحد من استخدام لصاقات الفيتامينات.

وبالمثل، أشارت دراسة أخرى أجريت على مشاركين خضعوا لجراحة إنقاص الوزن، ونَشرت نتائجها دورية كيوريس (Cureus)، إلى أن 19% من المشاركين الذين حصلوا على الفيتامينات عن طريق اللصاقات أصيبوا بنقص فيتامين (D) وفيتامين (B6). كما أصيب مرضى آخرون بنقص فيتامين (B1) وحمض الفوليك والزنك.

ملاحظة: توجد في الأسواق أشرطة لاصقة أو حبوب فيتامين (B12) تحت اللسان (sublingual) أو أشرطة على اللسان وتوجد عليها دراسات وأبحاث حول جدواها ومقارنتها بالحبوب،  وقد تكون بديلاً جيداً عن الحبوب أو الحقن في بعض الحالات البسيطة، ولكن ينبغي التنبيه على عدم استخدامها بدون استشارة الطبيب للاستخدام العلاجي في حالة نقص الفيتامين أو عمليات جراحة السمنة، والتي تتطلب فحوصاً دورية ومتابعة طبية دورية.

هل لصاقات الفيتامينات آمنة؟

على الرغم من الانتشار الواسع الذي تلقاه هذه الفيتامينات، فإنها في الحقيقة قد تحمل بعض المخاطر ، بما فيها:

  • لا تخلو لصاقات الفيتامينات من المواد المالئة التي توجد في حبوب المكملات الغذائية، وهي مواد مستخدمة لربط الحبوب معاً، أو إضافة حجم لها، أو تحسين استقرارها ومدة صلاحيتها. غالباً لا تكون هذه المواد المالئة بكمية تُذكر، لكنها يمكن أن تسبب تهيج الجلد أو ردود الفعل التحسسية، لاحتوائها هل بعض المسوّغات والأحماض.
  • قد يعاني بعض المستخدمين تهيج الجلد أو احمراره أو ردود فعل تحسسية تجاه المادة اللاصقة أو المكونات الأخرى للرقعة، وفي إحدى الحالات أبلغ أحد المستخدمين عن إصابته بالتهاب الجلد التلامسي لدى تجربته المنتج.
  • يمكن أن تكون لصاقات الفيتامينات أكثر تكلفة من المكملات الغذائية التقليدية، خاصة إذا جرى استخدامها على المدى الطويل.
  • قد يؤدي استخدام عدة لصاقات أو دمجها مع مكملات أخرى إلى زيادة خطر تناول جرعة زائدة من بعض الفيتامينات.

ملاحظة، يجري تسويق عروض فحوص مخبرية لمجموعة الفيتامينات، معظم هذه الفحوص ليس لها داعي طبي. لذلك ينبغي عدم الاستجابة لمثل هذه العروض والاكتفاء بالفحوص الدورية المقررة من الطبيب المعالج.

في الختام، لصاقات الفيتامينات منتج جديد في الأسواق، أحببت التنبيه بشأنه رغم عدم انتشاره عندنا حتى  الآن، لكن بحكم وجوده في المتاجر الالكترونية وسهولة الحصول عليه ورواج الدعايات عن المكملات كثيراً،  رأيت أن من الضروري التوعية والتنبيه بشأن هذا النوع من الفيتامينات، خصوصاً أنه لم يجري اختباره بشكل كاف ولم ينل موافقة ادارة هيئة الغذاء والدواء على كونه مكملاً غذائياً، بل وحتى الدراسات القليلة التي أجريت لفحص مدى فعاليته كانت مخيبة للآمال، لذلك لا يُنصح باستخدام مثل هذا النوع من اللصاقات لافتقارها لبيانات الفعالية والسلامة.

*غسان علي بوخمسين ، صيدلاني أول ، مستشفى جونز هوبكنز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *