أعادت سفرتي الأخيرة إلى جنوب أفريقيا ذكرياتي الجميلة حول طائر البطريق الفريد من نوعه والذي يتميز بعدة صفات فريدة من بينها أنه يعيش نصف حياته في مياه البحر الباردة وبالتحديد في منطقة القطب المتجمد الجنوبي في قارة أنتاركتيكا وما جاورها من قارات وكذلك أنه ربما الطائر الوحيد الذي يمشي واقفا كالإنسان. في هذا المقال اسلط الضوء على طائر البطريق واختم ببعض المعلومات عن رأس الرجاء الصالح.
كان أول لقاء لي مع طائر البطريق في مواقع عيشه الطبيعية في استراليا في عام 2002م وبالتحديد في مدينة ملبورن الجنوب شرقية حيث كنت في جولة سياحية، مع بعض الأعزاء وإخوة الطفولة إلى مدينتي سدني وملبورن في استراليا ومدينتي دنيدن وكرايتشجيرج في نيوزيلندا.
وضمن جولاتنا السياحية في ملبورن كان أول لقاء مع البطاريق عند غروب الشمس وهو موعد عودة البطاريق من مياه المحيط المتجمد الجنوبي حيث تقضي البطاريق أسابيع فيها قبل عودتها إلى اليابسة. وأتذكر أن هذا اللقاء كان فيه الكثير من المشقة فقد كان الجو غائما وممطرا والرياح كانت افقية باردة وشديدة وقد عانينا فترة من الإنتظار الصعب والطويل مع حشد كبير من السائحين إلى أن ظهرت البطاريق وهي تتمختر في مشيتها من شاطئ المحيط المتجمد الجنوبي إلى مواقع عيشها على اليابسة.
اللقاء الثاني مع البطاريق في مواقع عيشها الطبيعية في اوتاقو بننسولا (Otago Peninsula) حيث كنت في زيارة لإبني الدكتور محمود وكان حينها للتو قد ابتعث لدراسة الطب في جامعة اوتاقو (Otago University) بمدينة دنيدن (Dunedin) النيوزيلندية. وكان اللقاء مختلفا حيث ادخلونا في انفاق رملية سطحية بها فتحات متفرقة تسمح برؤية البطاريق بدون أن نتسبب في إزعاجها.
ولقائي الثالث والأخير مع البطاريق في مواقع عيشها الطبيعية هذا العام (2024م) أثناء جولتنا السياحية في مدينتي جوهانسبرغ وكيب تاون بجنوب أفريقيا بصحبة مجموعة من الأحبة وكان اللقاء مع البطاريق على شواطئ المحيط الاطلسي في مدينة كيب تاون (Cape Town).
البطريق هو طائر بحري غير قادر على الطيران كما هو حال طائر النعام البري، يعيش في نصف الكرة الجنوبي، في القارة القطبية الجنوبية أنتاركتيكا وجنوب استراليا وجنوب نيوزيلندا وجنوب القارة الأفريقية والقارة الامريكية الجنوبية. تتكيف البطاريق مع الحياة في الماء، حيث أن ريشها الأبيض والأسود يساعدها على التمويه بينما تحوَّلت أجنحتها إلى زعانف لتساعدها على السباحة. غداء مُعظم أنواع البطاريق الكريل والحبار والسمك وأشكال الحياة البحريَّة الأخرى التي تصطادها أثناء الغطس، حيث تقضي نصفَ حياتها تقريباً على اليابسة والنصف الآخر في الماء.
وجود البطاريق في العالم يكاد يكون منحصرا بالنِّصف الجنوبي من الكرة الأرضية وتقطن العديد منها منطقة المناخ المعتدل على سواحل أستراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. يعد بطريق الإمبراطور الأضخم حجما من بينها والبطريق القزم هو الأصغر حجما. تميل البطاريق الأكبر حجماً إلى العيش في البيئات الأكثر برودة، بينما تعيش البطاريق الأصغر حجما في البيئات المعتدلة أو المدارية.
أنواع البطاريق:
البِطْرِيقُ الإِمْبَرَاطُور: أطول وأثقل أنواع البطاريق الباقية على وجه الأرض، وموجود فقط في القارَّة المتجمدة الجنوبيَّة، يصلُ طوله إلى 122 سم، ويتراوح وزنه بين 22 و 45 كلغم. ريشُ الرأس والظهر أسود اللون، وهو مُحددٌ تحديدًا واضحًا يفصلهُ عن ريش البطن الأبيض، وريش الصدر الأصفر الباهت. جسد البطريقُ الإمبراطور انسيابيّ، وأجنحته متينةٌ قويَّةٌ تلعب دور الزعانف لِتُساعده على خوض البحر. وهو قادر على البقاء تحت الماء مدة 18 دقيقة خِلال الصيد، ويغوص حتَّى عمق 535 م بحثًا عن طرائده.
البطريق الأفريقي: يعرف أيضاً باسم البطريق أسود الرجلين أو البطريق الحماري ويعيش في مستوطنات ضخمة على الشواطئ الجنوبية الشرقية من أفريقيا.
البطريق القزم: أو البطريق الصغير، يبلغ طوله بين 30 و 35 سم ووزنه كلغم واحد فقط، وتسمى أحياناً البطاريق الجنية، وتوجد فقط في جزر تشاتام، وكذلك في جنوب ولاية تسمانيا وأستراليا ونيوزيلندا الجديدة. لونه أبيض رمادي على مستوى البطن وأبيض مزرق على الصدر أما الظهر والجناحين والذيل فلونهما أزرق غامق.
بطريق جنتو: ويتميز بأن لديه شريط أبيض واسع يمر عبر قمة رأسه من عين إلى الأخرى، ولديه منقار برتقالي مشرق للغاية. يعيش على العديد من الجزر في المنطقة القطبية الجنوبية ولكن مستعمرته الرئيسية على جزر فولكلاند. طوله من 75 إلى 95 سم.
البطريق الملكي: يعيش في شبه جزيرة ماكواري القريبة من القطب المتجمد الجنوبي والجزر القريبة منها. البعض يعتبر هذا النوع من فصيلة بطاريق المكرونة.
بطريق آديلي: من أكثر أنواع البطاريق شيوعاً في القطب المتجمد الجنوبي. سمي بهذا الاسم نسبة إلى زوجة المستكشف الفرنسي الأدميرال دورمونت دي أورفيل.
أحد أماكن عيش البطاريق الطبيعية هو منطقة رأس الرجاء الصالح “Cape of Good Hope” الواقع على الساحل الأطلسي في جنوب غرب القارة الأفريقية وبالتحديد في جنوب أفريقيا. وهو رأس صخري يقع في الركن الجنوبي الشرقي لشبه جزيرة كيب، وقريبا منه تقع كيب بوينت “Cape Point” وهي عبارة عن منتزه جبلي مرتفع ورائع في نهاية شبه جزيرة كيب.
ومن المفاهيم الشائعة والخاطئة أن رأس الرجاء الصالح هو الطرف الجنوبي لقارة أفريقيا والحد الفاصل بين المحيطين الهندي والأطلسي. وفي الواقع أن رأس أجولاس “Cape Agulhas” الواقع على بعد حوالي 150 كلم جنوب شرق راس الرجاء الصالح هو أقصى نقطة في جنوب افريقيا، وهي النقطة التي يلتقي فيها تيار أجولاس ذو المياه الدافئة القادم من المحيط الهندي مع تيار بنغويلا ذو المياه الباردة القادم من المحيط الاطلسي.
رأس أقولاس تعني رأس الأبر. ويقع الرأس في أقصى القارة الأفريقية جنوبًا. وكان للرأس أهمية ملاحية مهمة للبحارين وذلك لموقعة المتميز ولكثرة العواصف في تلك المنطقة. وأقولاس قرية ساحلية تقع في محافظة كيب الغربية في جنوب أفريقيا.
عند تتبع الساحل الأفريقي من الجانب الغربي لخط الاستواء، فإن رأس الرجاء الصالح هو النقطة التي يتحول فيها مسار السفينة من الجنوب في الغالب إلى الشرق. وقد حقق المستكشف البرتغالي بارتولوميو دياز إنجازًا بالغ الأهمية في عام 1487 م كونه أول ملاح في العصر الحديث يبحر حول الرأس. وقد أطلق دياز على الرأس إسم “Cabo das Tormentas” ويعني (رأس العواصف) ولكن تم تغيير الاسم لاحقا إلى رأس الرجاء الصالح.
*عبد العظيم حسن مهدي الخاطر مهندس معماري وعضو المجلس البلدي سابقا. له عدة مقالات هندسية وإجتماعية جمع بعضها عام 1432هـ في كتاب ” التخطيط العمراني …. آراء وأفكار “.
جميل ورائع
سلمت اناملك
جدد الله سفرك ابو محمود ولتكن تحفة أسفارك المزيد من المعلومات الأستطلاعية…
بحث جميل ..أحسنت عزيزي أبا محمود
ماشاء الله أن عندنا مهندسين تهتم بالحياة الفطريه حتى لو كان الحيوان بعيد عن اجوائنا……
عادل ال عباس