للعقل البشري قابلية المعرفة والاطلاع والدراية والوصول الى حيث وقف الآخرون، وكأنه عندما يصل الى حافة المجهول، يهبط على كوكبٍ جديدٍ من الإبداع والأفكار والمعارف التي لم يتطرق لها أحد قبله. حينها تلمع في ذهنه شرارة الإبداع بفكرةٍ جديدة او مخترعٍ جديد، علمي او صناعي او اجتماعي او ديني، وما يصاحبها من جمال التوقعات وجاذبية الأهداف المرجوة، فيتفاعل قلبه بالحب والشغف والهيام بهذه الفكرة الجديدة. هذا الحب الشديد يتحول الى إرادةٍ حديدية وعزيمةٍ راسخةٍ لتحقيق الهدف، فيسهر بعدها الليالي ويقضي الساعات الطويلة وربما الشهور والسنين حتى يتحقق الحلم العظيم باختراعٍ او مشروعٍ اجتماعي او استثمارٍ اقتصادي يؤسّس الشركات التي توفر الوظائف الكريمة لآلاف البشر، وتصنع المنتج وتبيعه وتجني الثروات منه.
لذلك قال فلوريدا: (الإبداع البشري هو المصدر الاقتصادي المطلق). هكذا تتراكم الابداعات والاختراعات والشركات مع الزمن لتؤسس الحضارة والرقي والتطور، والفضل يرجع الى أفرادٍ مبدعين ومتميزين. لذلك فالإبداع جمالٌ انساني خاص ليس مؤقتًا بزمنٍ معين ثم يتجعد ويزول، بل هو جمالٌ يتعاظم ويترقى على مر السنين. هذا الإبداع والجمال يُولِّد في النفس البشرية باعثًا للحركة وإرادةً وعزيمةً على تحقيق التميز ودفع عجلة التنمية.
إبداعٌ من الغرب:
رُوِي في سيرة هذا المبدع أنه عندما بلغ عمره سبعة أعوام، عانت عائلته من وضعٍ اقتصادي صعب، وسجلته والدته في مدرسةٍ محلية. لكن نتيجة ضعف سمعه في طفولته فقد كان يشعر بالملل أثناء الحصص الدراسية، حتى ظنه أساتذته بليدًا ومتخلفًا عقليًا. فتم فصله من المدرسة بعد ثلاثة شهور فقط، نتيجة شكوى معلميه أنه بطيء الاستيعاب وغير مؤهل للتعليم المدرسي.
عندما تسلمت والدته رسالة المدرسة، قرأتها، فقررت أن تروي له الرسالة بطريقة مختلفة، فقالت له أن المدرسة تقول: “ابنك عبقري، هذه المدرسة متواضعة جدا بالنسبة له، من فضلك، علَّميه في المنزل”. علمته امه في المنزل وخصّص له والده مكافأة مالية عن كل كتاب يقرؤه. هكذا أصبح هذا الابن شغوفًا بالقراءة والتجارب وقبل أن يبلغ عمره عشر سنوات أسّس اوّل مختبرٍ له في قبو منزلهم.
لقد كانت حياته حافلةً بالتحديات التي قابلها بعزيمةٍ جبارة، فعمل في عدة مجالات كان منها التلغراف وغيره. سهر الليالي وقضى السنوات في تجارب لا يمل ولا يكل حتى حصل على أكثر من ألف براءة اختراع منها المصباح الكهربائي المتوهج. ثم طوّر اوّل مولد كهربائي وأسّس اوّل شركة توليد وتوزيع طاقة كهربائية في نيويورك، والتي تطورت فيما بعد واندمجت مع شركات أخرى لتصبح شركة (GE) جنرال الكتريك التي تشغل مئات الآلاف من الموظفين وتبلغ قيمتها مئات البلايين من الدولارات.
إنه توماس أديسون، عملاق الكهرباء. لم يكتشف أديسون حقيقة رسالة المدرسة إلا بعد وفاة أمه، فبعد أن وجدها، قرأها وبكى، فقد كان مضمونها الحقيقي “ابنك مريض عقليا ولا يمكننا السماح له بالذهاب إلى المدرسة بعد الآن”. وقد كتب أديسون في مذكراته: “توماس ألفا أديسون كان طفلًا مريضًا عقليًا، ولكن بفضل أمه البطلة أصبح عبقري القرن”.
إبداعٌ من الوطن:
دعونا نستعرض حياة أحد أعلام الإبداع في وطننا العزيز الذي رفعه عطاءه حتى أصبح نجمًا لامعًا في عنان السماء:
- ولد عام 1343هجرية في بيت متواضع وأسرة فقيرة (قبل مائة عام تقريبا)،
- عمل في الغوص وهو شاب صغير وكان نصيبه روبية واحدة بعد أن حصلت المجموعة على لؤلؤة في رحلة الغوص هذه.
- تقدم للوظيفة في أرامكو في الاربعينات الميلادية مع أقرانه من مدينته، فتم رفضه نظرا لوجود مشكلة بأحد عينيه، (وعسى ان تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم)،
- أضطر للعمل في أحد المغاسل اليدوية في الظهران وكان يملكها رجلٌ من جنسيةٍ أسيوية براتبٍ شهري قدره خمس ريالات (يعني 20 هللة يوميًا). أراد أن يحضر الى مدينته في مناسبةٍ مهمةٍ فلما عاد الى العمل في اليوم التالي، أخبره مالك المغسلة أنه مفصول، (وعسى ان تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم)،
- أصر على أن يواصل عمله لكن لحسابه الخاص هذه المرة، رأس ماله طشت ومكواة، يغسل ويكوي مدة عامين حتى كسب سمعة رائعة نتيجة اخلاصه وتفانيه، فأسّس مغسلةً صغيرةً في سعودي كامب بالظهران بمساعدة بعض الطيبين، يغسل ويكوي باليد في أحواضٍ اسمنتيةٍ كبيرة. عمل بجدٍ وأخلص فأحبه الناس من شتى الجنسيات فزاد عمله وتوسع نشاطه، وفي عام 1959 لمعت شرارة الإبداع في عقل هذا المبدع، فأسّس المغسلة الوطنية في الخبر وهي أوّل مغسلةٍ حديثةٍ بالمنطقة، فكانت فاتحة خير لمشاريع عديدة تسيّد فيها الريادة دون منازع،
- أسس عام 1965 اوّل مصنع ألبان ومشتقاته في المملكة وكان في مدينة الخبر، وأستورد الأبقار من الخارج وأسّس اوّل مزرعة أعلاف في المملكة،
- أسّس عام 1976 المخابز الوطنية كأوّل مصنعٍ للخبز ومشتقاته على مستوى المملكة،
- أسّس مع ثلةٍ طيبةٍ صندوق البر في سيهات عام 1962 ثم أصبحت الجمعية الخيرية الأولى في المملكة وأعترف بها رسميًا عام 1965، وفي نفس العام تمّ تأسيس أوّل مشروعٍ لخدمة كبار السن ورعاية المعوقين وكان المستفيدون من جميع مناطق ومدن المملكة، بل ومن الدول المجاورة. وفي عام 1970 تمّ تأسيس بيت الطفولة السعيدة لرياض الأطفال،
- إنه الحاج المرحوم عبدالله بن سلمان المطرود أبُ الصناعة والعمل الخيري في زمانه،
- الحديث عن الحاج جميلٌ ومحبوبٌ فله في كل خيرٍ نصيب وفي كل مشروعٍ اجتماعي يدٌ بيضاء، وفي كل حديثٍ ثناءٌ من المجتمع القريب والبعيد، كان معه أخوه الحاج إبراهيم بن سلمان المطرود رحمه الله وفريقٌ رائعٌ من اقرانه وزملائه وأبنائه والمخلصين من محبيه،
- كيف إستطاع الحاج رحمه الله أن يحقق كل هذه الإنجازات، هل هو الحظ؟ لا طبعًا،
يقول تعالى (أنزل من السماء ماءً فسالت أوديةٌ بقدرها)، لقد كان الحاج كفؤًا مؤهلًا جريئًا كريمًا محبًا للخير فأستحق هذا العطاء العظيم، وكما يقول لويس باستور: (الحظ يحابي العقل المستعد). لقد سكن الإبداع قلب الحاج عبدالله المطرود و عقله فتفجر مشاريع وشركات وعطاء لا ينضب، فرحمك الله يا حاج وأسكنك فسيح جناته.
موقف الأفراد والمجتمعات من الإبداع:
رغم جمال الإبداع وما ينتجه من سرورٍ وسعادةٍ، فإن موقف الأفراد والمجتمعات من الإبداع على ثلاثة أنواع:
- الفريق الأوّل يحب الراحة، أهدافه متواضعة، يدع الأمور تجري على عواهنها،
- الفريق الثاني أفضل قليلًا، فهو يتحمس ويتحفز أحيانًا في ظروفٍ معينة، لكن إرادته سرعان ما تتراجع وتذبل،
- الفريق الثالث يعشق ويحب الإبداع، فهو يعيشه ليلًا ونهارًا ويكد ويثابر حتى يصل الى مبتغاه ويحقق هدفه، فهو ربما يخترع دواء لمرض او ينجز مشروعًا اجتماعيًا او ينتج منتجًا يجلب الراحة والرفاهية. هذا الفريق يسعى الى الكمال ويحبه مجتمعه لأن الإبداع عطاءٌ تعشقه النفس البشرية بفطرتها ويجلب لها السرور والسعادة (جبلت النفوس على حبّ من أحسن اليها). الغريب أنّ نسبة المتميزين والمبدعين في المجتمعات لا تتعدى 6-10%.
يعين أنه يوجد حوالي 90% من الطاقات البشرية التي يمكن الاستفادة من ابداعها لو انتقلت من حالة الخمول الى حالة النشاط. ومن الجميل، أن يراجع الفرد منا نفسه ليرى الى أي فريقٍ ينتسب، فإن كان من المبدعين فعليه المواصلة والتميز، وإن كان من غير المبدعين فليشحذ همّته ويركب قطار الإبداع.
المعرفة أساس التميز والإبداع:
لا إبداع بلا معرفة. والمعرفة البشرية في هذا الزمن تتضاعف كل خمسة عشر عاما. هذا يعني أن المعرفة في أي علم تتضاعف ثماني مرات خلال عمر الفرد. هذا التطور المذهل والقفزات السريعة تتطلب المواكبة والتعلم الذاتي والتميز للحفاظ على المستوى المعرفي حتى لا يصبح الفرد أميًا معرفيًا. هذا ينطبق على الطبيب والمهندس والمدرس والفنان وعالم الاجتماع، بل كل انسانٍ في تخصصه. هذا الانفجار المعرفي له أمثلةٌ كثيرةٌ في علوم الحاسب الآلي والاتصالات والذكاء الاصطناعي والطب والهندسة والفن والأدب وغيرهم.
هل يمثل هذا التوسع العلمي تحديًا يُعوِّق الإبداع؟ لا أعتقد ذلك، فالعلم والإبداع لهما ميزةٌ خاصة، وهي أن كل اكتشافٍ وابداعٍ يقود الى مساحةٍ واسعةٍ جديدة من فرص العلم والإبداع، فالعلم يتسع مع التطور ولا يضيق.
هل يتأثر الإبداع بالثقافة والهوية:
لكل فعلٍ انساني ميزانٌ يمكن التأكد به من سلامة الفعل وعظمته. فما هو ميزان الإبداع الذي يقيس به المبدع انتاجه، وهل يختلف هذا الميزان من ثقافةٍ الى أخرى؟ بمعنى آخر، هل يختلف ميزان الإبداع في الغرب عن ميزان الإبداع في ثقافتنا؟
صفات الفعل الإنساني: أي فعلٍ انساني كالإبداع يحتاج الى:
- دافع او نية او طموح يسعى الفرد الى تحقيقه،
- وسيلة او أسلوب او طريقة يعمل بها لتحقيق الهدف،
- ثم في النهاية تتحقق النتيجة.
(إذن الإبداع له ثلاثة جوانب: نية ووسيلة ونتيجة).
ميزان الإبداع في الغرب:
قبل القرن الخامس عشر، كان الإنسان الغربي في الغالب ينظر الى الأمور بمقياس الدنيا والآخرة نتيجة اعتقاده بالدين حيث الخالق والآخرة، فقد يتصدق بماله ويؤثر على نفسه مثلًا ويعتبره زادًا عظيمًا له في الآخرة، لكن هذا المقياس تعرض الى هزةٍ شديدةٍ في الغرب في القرون الأخيرة. فحين حاربت الكنيسة العلم في أوروبا تولدت ردة فعل في الغرب ضد الكنيسة. وفاز العلماء في هذه المعركة وحققوا طفرات علمية رهيبة مثل كوبر نيكوس الذي أثبت مركزية الشمس وليس الأرض كما تراه الكنيسة، وهكذا تحققت الطفرات العلمية في مجالات العلوم والطب والفن وغيرهم.
ومع الانبهار بهذه الطفرة العلمية، قرّر الغرب أن ينفي الدين عن واقع الحياة ويجعله حبيس الكنيسة يوم الأحد. وحين غاب الإطار الديني، حاول الغرب أن يضع ميزانًا يزن به الأعمال بدلًا عن النظرة الغيبية. فما هو هذا الميزان الغربي الجديد؟
من ضمن الأفكار الوضعية والفلسفة المادية، جاءت فكرة الرأسمالية التي تبنت حرية الفرد في التملك والاستثمار والاستهلاك فأطلقت عنان الفرد وجعلت الملكية المادية الفردية غايته الأسمى وفتحت له الطريق للغنى والثروة. فأصبحت النية والدافع لعمل الفرد وإبداعه هو تحقيق الثروة المادية.
لكن بأي وسيلة؟ الجواب بالعلم والمعرفة والكفاءة التي سخّر الغربي بها الطبيعة وأستفاد من ثرواتها. لكن ماذا عن التعامل مع بقية البشر؟ ماذا عن الأخلاق والمبادئ والقيم، واحترام حقوق الآخرين؟ جاءت البراغماتية في الغرب لتقول أنّ المبادئ والقيم المطلقة لا مكان لها، فكل عمل يحقق نتيجةً عمليةً هو صحيحٌ، إذن الوسيلة والأسلوب هو كل ما يحقق ربحًا ونتيجةً عملية بغض النظر عن الشرعية والأخلاقية.
لقد وضع الغرب قوانين تحمي حقوق الأفراد ظاهريًا في المجتمعات الغربية، أما خارج المجتمعات الغربية فقد شجّع على التوسع واستغلال الفرص المتاحة مما أوجد صراعًا على النفوذ، تطوّر الى حروبٍ طاحنةٍ أكلت الأخضر واليابس ومنها الحروب العالمية الأولى والثانية.
إذن أصبح دافع الإبداع في الغرب هو تحقيق الثروة المادية الفردية والوسيلة هي تحصيل المعرفة والعلم والكفاءة بغض النظر عن الاستقامة الأخلاقية، والنتيجة كانت تطورًا علميًا وتقنيًا وغنى وثروةً في العالم الغربي. لكن مع الأسف أصبحت التقنية والعلم كالفرس الهائج الذي يضرب يمنةً ويسرةً دون توازن، فاستخدمت التقنية النووية مثلًا في الحرب العالمية الثانية.
لقد نجح الإبداع الغربي في تسخير الطبيعة وتنمية الثروة لكنه فشل في اسعاد البشرية، فالغرب مع الأسف آتاه الله الإبداع وهو أعظم آية لكنه أخلد الى المادة ونزواتها، فالغرب مصداقٌ عملي للآية الكريمة: (وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱلَّذِي ۤ ءَاتَيْنَاهُ ءَايَاتِنَا فَٱنْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ ٱلشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ ٱلْغَاوِينَ ﴿﴾ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَـٰكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى ٱلأَرْضِ وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ ٱلْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَٱقْصُصِ ٱلْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الأعراف: 175 – 176.
ميزان الإبداع في ثقافتنا:
قلنا أنّ (الإبداع له ثلاثة جوانب: نية ووسيلة ونتيجة). فكيف تحقق ثقافتنا حسن النية، وشرعية الوسيلة، وجمال النتيجة؟
توازن النية بين الأهداف الحياتية المادية والسعادة الأخروية ضروريٌ جدًا: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا وأعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا)، فالإبداع الذي يهدف الى تحقيق الثروة والمنصب رائعٌ وجميلٌ شريطة ألا يخل بالأهداف الأخروية. وكلما أخلص الإنسان في نيته ترقى عمله مهما كان بسيطًا في النظرة المادية، فالتصدق بخاتمٍ جعله الله قرآنًا يرتله الناس مدى الدهر. هذه النية لا تقبل الرهبانية بل تدعو الى التلذذ بزينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق.
أما وسيلة الإبداع فهي الكفاءة والعلم والتقنية التي أثبت الغرب نجاحها في تسخير الطبيعة ودفع عجلة التطور، لكن معها وبنفس الضرورة، شرعية الوسيلة فالغاية لا تبرر الوسيلة، فالصدق والأمانة وأن يحب الفرد للآخرين ما يحب لنفسه قيمٌ ذهبيةٌ مطلقة، فلا يحق للمبدع والمتميز أن يحتكر او يعتدي على حقوق الآخرين او أن يكون أنانيًا مفرطًا على حساب مجتمعه. وحتى نضمن شرعية الوسيلة، تبرز أهمية الاستقامة الخلقية والإدارية والمالية والسلوكية.
لذا فالوسيلة في إبداعنا تتحقق بمحورين مهمين جدا، هما محور الكفاءة ومحور الاستقامة، وكأن الاستقامة لجامٌ يمسك بفرس الكفاءة حتى لا يرمي المبدع في وادي الأنانية والهلاك.
وجمال النتيجة هو أيضا ضرورة فلا ينفع حسن النية وشرعية الوسيلة إذا كانت النتيجة كارثية، فمن المؤكد أننا نريد تحقيق الراحة والغنى والثروة والتطور وبناء الحضارة ومعها سعادة الآخرة.
صناعة المبدعين: كيف يتم بناء الإنسان المبدع المتميز؟
صفتان ضروريتان للإنسان المبدع هما الكفاءة والاستقامة. فالكفاءة هي الخبرة والمعرفة والتقنية وهي ضروريةٌ جدًا، لكن يجب أن يكون معها استقامةٌ تضمن حسن الدافع وشرعية الوسيلة وإلا ستنقلب سلاحًا فتاكًا يهدم القيم والمبادئ. ولأجل ذلك يجب أن تنصب كل الجهود في البيت والمدرسة والمجتمع على بناء الجيل الجديد الذي يتحلى بالكفاءة واستقامة الطريقة التي تحفظه من الانحراف وتشحذ همته للجد والنشاط.
وهذا ينطبق على الشركات، فلا إبداع إلا بالكفاءة والاستقامة، وهذا ما يجب أن تعمل عليه مجالس الإدارات في الشركات واداراتها التنفيذية، فالكفاءة تضمن نجاح الشركة ماديًا وتقنيًا والاستقامة تضمن محاربة التسيب والانحراف الإداري والمالي فيها.
الكفاءة صورةٌ جميلةٌ رائعةٌ لابد أن نحفظها في إطارٍ جميلٍ وهو الاستقامة. فمن أراد ان يتميز ويبدع ويصبح جميلًا وحضاريًا ويحقق الفوز والسعادة دنيًا وآخرةً، فعليه أن يتحلى بالكفاءة والاستقامة، ولا حدود للكفاءة والاستقامة فهما ينطلقان في آفاقٍ لا نهاية له، والحمد لله ربّ العالمين.
مقال ولا اروع . أسلوب ساحر ومحتوى ثري بالمعلومات ومناقشة ناهضة جدًا استمتعنا بقراءته واستفدنا من محتواه وصنع يومنا. يبقى القول : هل يعد الابداع ابداعًا إذا كان سيء النية وسوء الوسيلة ومراده الفتك وتسخير الناس بغير وجه حق – اياً كان المبدع أكان في الشرق ام في الغرب أم عير مكان؟ ربما لو استوحينا ذلك من قوله تعالى ؛ “أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا. “فهما وصل مما يطلق عليه ابداعًا، فسيظل ما نطلق عليه مبدعًا كالأنغام بل اضل بغض النظر عن اين ولد واين نشأ وترعرع