Diet-related diseases are the No. 1 cause of death in the US – yet many doctors receive little to no nutrition education in med school
(بقلم: ناثانيال جونسون، أستاذ مساعد في التغذية وعلم التغذية، ومادلين كومو. طالبة طب، جامعة داكوتا الشمالية)
مقدمة غسان علي بوخمسين (للترجمة)، صيدلاني أول، مستشفى جونز هوبكنز
التغذية هي شأن حيوي لجميع الكائنات الحية، فلا يمكن لأي كائن الحي البقاء على قيد الحياة بدون مصدر للغذاء او الطاقة. لذلك تعتبر العلوم التغذوية أمر ضروري وحيوي في العلوم الطبية والعلاجية، ولذلك ينبغي لأي ممارس لمهنة الطب ان يكون ملماً بأساسيات التغذية في الوقاية من المرض، وهذه الأهمية الكبرى للتغذية ترجع، الى كون الكثير من الأمراض المزمنة والقاتلة مثل أمراض القلب والشرايين والسكري والسمنة لها ارتباط وثيق ومثبت علمياً بالتغذية.
لذلك المتوقع من الطبيب خلال دراسته ان يكون لديه تحصيلاً كافياً في علوم التغذية، ما يؤهله للكشف عن الأمراض الناتجة عن التغذية وإعطاء نصائح تغذوية واضحة مفيدة في الوقاية والعلاج من الأمراض.
لكن للأسف، هذا لايحصل في الواقع، نظراً لازدحام المنهج الدراسي لطالب الطب بمواد متعددة مثل التشريح والفسيولوجيا والكيمياء الحيوية وعلم الأمراض والأشعة الطبية والميكروبات والأدوية والباطنية ومهارات التشخيص والجراحة ومقابلة المرضى وغيرها من المواد، تجعل من منهج التغذية في حدها الأدنى، بل أقل من المطلوب.
لكن الأطباء من جهتهم قد يحتجون بالقول، بأن لديهم الأسس العلمية لعلم التغذية من كيمياء حيوية وفسيولوجيا وعلوم أخرى، وكذلك بعض المعلومات المتعلقة بالتغذية وعلاقتها بالمرض خلال دراستهم الإكلينيكية، كما ان تخصص التغذية العلاجية أصبح تخصصاً قائماً بذاته يقوم بأدوار توعوية وعلاجية ضمن الكادر الطبي، وبذلك يكون دوره مكملاً بل واساسياً في خطة العلاج للمريض عند الحاجة.
أمر آخر، علوم التغذية لم تصبح علمًا متكاملاً ومنضبطًا ومناسباً للممارسة الإكلينيكية، الا في العقدين الأخيرين فقط، وهذا جعل من التغذية علماً متأخراً عن باقي العلوم في الاندماج مع العلوم الاكلينيكية القابلة للممارسة الإكلينيكية.
في الختام، التغذية جزء حيوي ومحوري في الممارسة الطبية للوقاية والعلاج، وينبغي للطبيب الإلمام بأسس التغذية السليمة ومعرفة النصائح التغذوية حسب التوجيهات الإرشادية المقررة، ولاننسى وجود تخصص قائم بذاته يقوم بهذه المهمة من تثقيف صحي واعطاء نصائح تغذوية والاشراف على خطة العلاج التغذوي للمرضى عند الحاجة.
( نص الدراسة )
كاتبا هذا المقال هما ناذنيال جونسون (Nathaniel Johnson)، الأستاذ المساعد في التغذية وعلم التغذية. وطالبة الطب الحاصلة على درجة الماجستير في التغذية ومادلين كومو (Madeline Comeau). كلاهما يعرف الدور القوي للطعام في الصحة وفي طول العمر [طول العمر هو متوسط عدد السنوات التي يعيشها الشخص].
قد يؤدي الغذاء غير الصحي إلى أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة(1) وحتى الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب(2) والقلق(3). الأمراض المرتبطة بالغذاء هي من بين الأسباب الرئيسة للوفيات في الولايات المتحدة(4)، والغذاء غير الصحي مسؤول عن الوفيات بشكل أكثر من التدخين(5).
هذه المشكلات الصحية ليست فقط مألوفة ومنهكة، بل إنها مكلفة أيضًا. يكلف علاج ارتفاع ضغط الدم والسكري وارتفاع نسبة الكولسترول حوالي 400 مليار دولار أمريكي سنويا. وفي غضون 25 عاما، من المتوقع أن تتضاعف هذه التكاليف إلى ثلاث أضعاف، لتصل إلى 1.3 تريليون دولار(6).
هذه الحقائق تدعو إلى حاجة الأطباء إلى تقديم نصائح دقيقة عن الغذاء لمرضاهم لمساعدتهم على الوقاية من هذه الأمراض. ولكن ما مدى معرفة أي طبيب عن التغذية؟
شاهد مقطع الفيديو: هناك أوجه قصور في التعليم الغذائي على جميع مستويات التعليم الطبي:
ما لا يعرفه الأطباء
وفي دراسة استقصائية أجريت عام 2023 شملت أكثر من 1000 طالب طب أمريكي، قال حوالي 58% منهم إنهم لم يتلقوا أي تعليم رسمي في مجال التغذية أثناء دراستهم في كليات الطب طوال أربع سنوات(7). أولئك الذين حصلوا وإن تلقوا بعض التعليم في مجال التغذية لم يحصلوا إلّا على حوالي ثلاث ساعات من التثقيف الغذائي في السنة الدراسية الواحدة. وهذا للأسف يعتبر أقل من الأهداف(8) التي وضعتها اللجنة الأميركية للتغذية في التعليم الطبي في عام 1985: وهي أن طلاب الطب يجب أن يحصلوا على ما مجموعه 25 ساعة من التعليم الغذائي أثناء مدة دراستهم في كلية الطب(9) – وهي عبارة عن أكثر قليلًا من ست ساعات في السنة الواحدة.
لكن دراسة أجريت عام 2015 بينت أن 29% فقط من كليات الطب حققت هذا الهدف(10)، وتشير دراسة أجريت عام 2023 إلى أن المشكلة أصبحت أسوأ – حيث أفاد 7.8% (حوالي 8%) فقط من طلاب الطب أنهم حصلوا على 20 ساعة أو أكثر من التثقيف الغذائي في كلية الطب خلال هذه السنوات الأربع(11). وإذا كان هذا ممثلًا لكليات الطب في جميع أنحاء البلاد، فقد حدث ذلك على الرغم من الجهود المبذولة لتعزيز التعليم الغذائي من خلال العديد من المبادرات الحكومية(7).
وليس من المستغرب أن يكون لقصور التعليم في هذا المجال تأثير سلبي مباشر في معرفة الأطباء بالتغذية. في دراسة أجريت على 257 من طلاب الطب التقويمي في السنة الأولى والثانية الذين خضعوا لاختبار المعرفة الغذائية(12)، رسب أكثر من نصفهم في هذا الاختبار(13). وقبل هذا الاختبار قد شعر أكثر من نصف هؤلاء الطلاب – 55٪ – براحة البال في تقديم نصائح التغذية للمرضى (للمراجعين).
ولسوء الحظ، لا تقتصر هذه المشكلة على كليات الطب في الولايات المتحدة. فقد خلصت دراسة أجريت عام 2018 إلى أنه بغض النظر عن الدولة، فإن التعليم الغذائي لطلاب الطب غير كافٍ في جميع أنحاء العالم(14).
إعادة طرح التثقيف الغذائي
بالرغم من أن الأدلة تشير إلى أن التعليم الغذائي يمكن أن يكون فعالا(15)، إلا أن هناك العديد من الأسباب وراء عدم وجوده(16). يعد طلاب الطب والأطباء من أكثر الأشخاص انشغالًا في المجتمع. كثيرا ما توصف كمية المعلومات التي تُذرس في المناهج الطبية بأنها هائلة بشكل عارم ــ أي بمثابة محاولة استيعاب طالب الطب كمٍ هائل من المعلومات المكثفة في وقت قصير.
يركز طلاب الطب في العامين الأول والثاني على موضوعات مكثفة، بما فيها الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية والوراثيات، بينما يتعلمون المهارات السريرية مثل إجراء المقابلات مع المرضى وفحصهم بسماعة الأذن الطبية لمعرفة طبيعة الأصوات الصادرة من القلب والرئة. طلاب السنة الثالثة والرابعة يبدأون بالممارسة في العيادات والمستشفيات ليتعلموا من كل من الأطباء والمرضى هناك.
ونتيجة لذلك، أصبحت جداولهم مزدحمة بالفعل. ليس هناك مجال لمناهج التغذية. وبمجرد أن يصبحوا أطباء، فإن الأمر لن يتحسن، بل يزداد زحمة. توفير الرعاية الوقائية، بما تشتمل عليه من ارشادات عن التغذية للمرضى، من شأنه أن يأخذ منهم أكثر من سبع ساعات في الأسبوع(17) – وهذا دون احتساب الوقت الذي عليهم صرفه على التعليم المستمر لمواكبة المعلومات الجديدة في علوم التغذية.
علاوة على ذلك، يُعزى نقص التعليم الغذائي في كليات الطب إلى ندرة المدربين المؤهلين لتدريس مناهج التغذية، حيث أن معظم الأطباء لا يفهمون التغذية بشكلٍ كافٍ ليقوموا بتدريسها(18).
ومن المفارقات أن الكثير من كليات الطب هي عبارة عن كليات داخل جامعات لديها أقسام تغذية فيها أساتذة حاصلين على درجة الدكتوراه. يمكن لهؤلاء الأكاديميين سد هذه الفجوة وذلك بتدريس، ناهج التغذية لطلاب الطب. ولكن تُدرس هذه المواد غالبا من قبل أطباء ربما لم يتسنَّ لهم الحصول على التدريب الكافي في مجال التغذية ــ وهو ما يعني أن المعلمين المؤهلين جدًا، والمتوفرين في معظم كليات الطب، لا يُستغلون في هذه العملية.
شاهد مقطع فيديو: هذا الطبيب يقول إنه لم يتعلم شيئًا تقريبًا عن التغذية في كلية الطب:
البحث عن النصائح الغذائية المناسبة
أفضل مصدر لمعلومات التغذية، سواء لطلاب الطب أو لعامة الناس، هو اختصاصي تغذية مسجل رسميًا أو أخصائي تغذية معتمد أو أي نوع آخر من متخصصي التغذية الحاصلين على درجات وشهادات متعددة(19). درسوا لسنوات وأخذوا العديد من ساعات التدريب حتى يتمكنوا من تقديم الارشادات الغذائية اللازمة للناس.
على الرغم من أنه يمكن لأي شخص تحديد موعد مع أخصائي التغذية للحصول على ارشادات غذائية، إلا أنه عادةً ما تكون هناك حاجة إلى إحالة من مقدم الرعاية الصحية، مثل الطبيب، حتى يمكن تغطية هذه الإحالة من قبل التأمين الصحي. لذا فإن مراجعة الطبيب أو أي مقدم رعاية أولية آخر غالبًا ما تكون خطوة قبل مقابلة أخصائي التغذية.
قد تكون هذه الخطوة الإضافية أحد الأسباب التي تجعل الكثير من الناس يبحثون عن نصائح غذائية في مكان آخر، مثل هواتفهم الذكية، للحصول على تلك النصائح. بيد أن أسوأ مصادر البحث عن معلومات غذائية دقيقة هي وسائل التواصل الاجتماعي. حيث أن نحو 94% من المنشورات المتعلقة بالتغذية والغذاء تعتبر ذات قيمة غذائية منخفضة ــ إما غير دقيقة أو تفتقر إلى معلومات كافية لدعم هذا الادعاء(20).
تذكر أنه يمكن لأي كان أن بنشر نصائح غذائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بغض النظر عن مؤهلاته. النصائح الغذائية الجيدة تُعطى بشكل شخصي وتأخذ في الاعتبار سن الشخص وجنسه ووزن جسمه وأهدافه وتفضيلاته الشخصية. من الصعب اختزال هذا التعقيد في منشور قصير على وسائل التواصل الاجتماعي.
والخبر السار هو أن التعليم الغذائي، عندما يحدث، من شأنه أن يكون فعالا(15)، ويعترف معظم طلاب الطب والأطباء بالدور الحاسم الذي تلعبه التغذية في الصحة(21). في الواقع، يقول ما يقرب من 90% من طلاب الطب أن التثقيف الغذائي يجب أن يكون جزءً إلزاميًا من مناهج كلية الطب(7).
ونأمل أن يصبح التثقيف الغذائي، بعد التقليل من قيمته أو تجاهله لعقود من الزمن، قريبًا جزءً لا يتجزأ من المناهج الدراسية في كل كلية الطب. ولكن نظرا لتاريخها ووضعها الحالي، يبدو من غير المرجح أن يحدث هذا في أي وقت قريب.